التلوث البيئي... أخطار وكوارث من صنع الإنسان

 

شبكة النبأ: تعتبر مشكلة التلوث البيئي أكثر المشاكل خطورة على حياة الناس وباقي أشكال الحياة الأخرى خصوصا مع تعدد انواع التلوث، التي تشمل تلوث الهواء و الماء و التربة وغيره من انواع التلوث الاخرى والتي أخذت تحدث تغييرًا في المناخ بسبب استخدام التقنيات الحديثة واستهلاك كميات كبيرة من الوقود والطاقة التي اسهمت بحدوث كوارث بيئية وصحية خطيرة يصعب السيطرة خصوصا مع استمرار انبعاثات تلك النفايات الضارة كما يقول بعض الخبراء، وفي هذا الخصوص أظهرت دراسة ألمانية أن مفاعلات الطاقة العاملة بالفحم في البلاد تتسبب في نفقات صحية تصل إلى 6.4 مليار يورو سنويا.

وقال معدو الدراسة من اتحاد هيال الألماني للصحة والبيئة في برلين إن المواد السامة الصادرة عن هذه المفاعلات تصيب البشر بأمراض خاصة بالجهاز التنفسي والقلب والدورة الدموية ونزلات الربو وإن الدولة تتكبد سنويا ما يتراوح بين 2.3 إلى 6.4 مليار يورو بسبب علاج هذه الأمراض التي تسبب قصر الأعمار.

وقال الباحثون إن تقديراتهم الحسابية أظهرت أن مفاعلات الفحم الألمانية تسببت عام 2009 في أكثر من 2700 حالة وفاة مبكرة عام 2009 مما يعني ضياع حوالي 29 ألف و 300 سنة من أعمار المواطنين في ألمانيا. غير أن هذه الطريقة في حساب تقلص الأعمار وأثره السلبي على الأداء الاقتصادي محل خلاف بين العلماء المعنيين.

الى جانب ذلك اظهر التقرير السنوي الاخير للوكالة الاميركية للمحيطات والاجواء (نوا) ان العام 2012 كان من بين السنوات العشر الاكثر حرا في العالم مع ذوبان قياسي للجليد القطبي وانبعاثات لا سابق لها لثاني اكسيد الكربون. وقالت كاثرين اوساليفان مديرة وكالة نوا بالوكالة خلال تقديمها التقرير "حرارة كوكبنا تستمر بالارتفاع" مضيفة ان "عددا كبيرا من عمليات الرصد في العام 2012 تؤكد الميل على المدى الطويل مثل الزيادة المقلقة في انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة وارتفاع مستوى المحيطات وذوبان الجليد القطبي".

واظهرت قياسات مختلفة ان العام 2012 كان ثامن او تاسع عام في تصنيف اكثر السنوات حرا في العالم منذ العام 1850. واوضح التقرير "العام الماضي كانت الحرارة اعلى 0,14 الى 0,17 درجة من معدل درجات الحرارة المسجلة خلال الفترة الممتدة من 1981 الى 2010". والسنوات العشر الاكثر حرارة تقع كلها بعد العام 1998 وهي السنة التي كانت فيها ظاهرة ال نينيو قوية كثيرا على ما اوضح العلماء.

هذا الاحترار المتواصل في العالم ادى الى ذوبان غير مسبوق في الجليد القطب الشمالي العام الماضي. فمساحات الجليد في محيط القطب الشمالي المتجمد تراجعت الى مستوى غير مسبوق خلال الصيف منذ بدء عمليات المراقبة عبر الاقمار الاصطناعية قبل 34 عاما. وهي تراجعت الى 3,41 ملايين كيلومتر مربع اي اقل بنسبة 18 % عن التراجع القياسي السابق في العام 2007. وفي غرينلاند تراجع الغطاء الجليدي الى مستوى قياسي في تموز/يوليو 2012 في حين ان 97 % من مساحة الجليد اظهرت مؤشرات ذوبان.

وقالت جاكي ريتشر مينغي المهندسة المدنية في الجيش الاميركي التي شاركت في وضع التقرير "ان الحرارة العامة في القطب الشمالي تزيد مرتين اسرع من بقية العالم". والغطاء الثلجي في النصف الشمالي من الكرة الارضية سجل ايضا مستويات دنيا غير مسبوقة. وبلغ مستوى المحيطات ايضا حدا قياسيا العام 2012 بعدما سجل انخفاضا كبيرا في الاشهر الستة الاولى من 2011 بفعل ظاهرة التيار البارد في المحيط الهادئ "لا نينيا".

ويرتفع مستوى المحيطات 3,2 ميلمترات سنويا منذ عشرين عاما على ما شدد العلماء. ومع ارتفعاع درجات الحرارة التي تؤدي الى تبخر اقوى تزيد الملوحة في مياه المحيطات في ظاهرة بدأت العام 2004 على ما جاء في التقرير. وتزامن الاحترار المتاصل في العالم في 2012 مع ارتفاع جديد في انبعاثات ثاني اكسيد الكربون من مصادر الطاقة الاحفورية وانتاج الاسمنت. وقد بلغت مستوى قياسيا العام الماضي مع 9,7مليارات طن. وقد انعكس ذلك ارتفاعا في تركز ثاني اكسيد الكربون في الجو وقد تجاوز في ربيع العام 2012 للمرة الاولى العتبة الخطرة ل400 جزء في المليون في سبعة من المراصد القطبية الشمالية ال13. بحسب فرانس برس.

وكشف الرئيس باراك اوباما نهاية حزيران/يونيو مبادرة واسعة لمكافحة الاحترار المناخي واعدا بخفض انبعاثات ثاني اكسيد الكربون الصدارة خصوصا من محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم في الولايات المتحدة ثاني اكبر ملوث في العالم بعد الصين. وفي نتائج مشجعة، بقي المناخ مستقرا في القطب الجنوبي خلال العام 2012. فمساحة الجليد بلغت مستوى قياسيا في ايلول/سبتمبر 2012 منذ العام 1978 على ما جاء في تقرير وكالة نوا الذي شارك في اعداده 380 عالما من 52 دولة. ولم يشهد العام 2012 زيادة في العاصف الاستوائية مع 84 عاصفة بالاجمال اي اقل من المعدل السنوي البالغ 89 بين عامي 1981 و2010.

التلوث في الصين

في السياق ذاته قالت الوكالة الدولية للطاقة إن الصين تصدرت زيادة على مستوى العالم في انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون وصلت الى رقم قياسي ، وطبقا لتقديرات الوكالة التي تتخذ من باريس مقرا لها زادت انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون بنسبة 1.4 في المئة لتصل الى 31.6 مليار طن.

وساهمت الصين بأكبر حصة من زيادة الانبعاثات اذ أضافت 300 مليون طن على مستوى العالم. لكن هذه الزيادة هي الاقل بالنسبة للصين منذ عقود وهو ما يعكس جهودا لتبني مصادر متجددة وتحسين كفاءة الطاقة. وفي الولايات المتحدة ساعد الانتقال من الفحم الى الغاز في توليد الطاقة في خفض الانبعاثات بما وصل الى 200 مليون طن وهو ما أعادها الى مستويات منتصف التسعينات.

وذكرت الوكالة انه على الرغم من زيادة استخدام الفحم في بعض الدول الاوروبية العام الماضي نظرا لرخص الاسعار انخفضت الانبعاثات في اوروبا بمقدار 50 مليون طن نظرا للتباطوء الاقتصادي وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة ووضع سقف للانبعاثات تتقيد به الشركات الصناعية وشركات الطاقة. ويقول خبراء ان متوسط الزيادة في درجة الحرارة على مستوى العالم يجب ان يبقى أقل من درجتين مئويتين هذا القرن للحيلولة دون حدوث آثار مناخية مدمرة مثل هلاك

على صعيد متصل تراجع عدد السياح الذي يزورون بكين باكثر من 14 % في النصف الاول من السنة الحالية مقارنة بعددهم العام 2012 على ما ذكرت وسائل اعلام مع تحميل التلوث مسؤولية في هذا الامر. وانخفض العدد الاجمالي للسياح الذين زاروا بكين خلال النصف الاول من العام 2013 بنسبة 14,3 % مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي على ما اوضحت صحيفة "ديلي تشاينا" نقلا عن ارقام رسمية.

وهي المرة الاولى التي تسجل فيها العاصمة الصينية تراجعا في عدد السياح في النصف الاول من السنة منذ العام 2008 على ما جاء في تقرير الصحيفة الذي اضاف ان العدد الاجمالي للسياح في تتلك الفترة وصل الى 2,14 مليون. ونقلت الصحيفة عن لو يونغ مدير هيئة تطوير السياحة في بكين قوله ان "تلوث الجو المنتظم" ساهم في تراجع عدد الزوار فضلا عن وضع اقتصادي عالمي ضعيف.

واتى التراجع رغم اعتماد سياسة جديدة في كانون الثاني/يناير الماضي تسمح لمواطني 45 دولة بالتوقف في بكين لمدة 72 ساعة من دون الحصول على تأشيرة دخول. وتسجل بكين بانتظام تلوثا كبيرا مع ارتفاع مستويات الجزئيات في الجو الى 40 مرة اكثر من المستوى المحدد من قبل منظمة الصحة العالمية بعدما غطت سحابة سميكة من الغبار والضباب المدينة في كانون الثاني/يناير.

من جهة اخرى أفادت دراسة نشرت بأن سياسة توفير التدفئة بحرق الفحم في فصل الشتاء مجانا لسكان شمال الصين تسبب تلوثا للهواء يسبب في تقليل متوسط عمر الفرد بنحو 5.5 أعوام وذكر باحثون صينيون وأميركيون وإسرائيليون في دورية "بروسيدنغز" التابعة للأكاديمية الأميركية الوطنية للعلوم أن إجمالي الجسيمات العالقة في المنطقة شمال نهر هواي زادت بنسبة 55 في المئة في المتوسط، عنها في المناطق الجنوبية.

ويعيش حوالي 500 مليون نسمة شمال نهر هواي، الذي استخدمته الحكومة كخط فاصل بين المنطقة التي طبقت فيها سياسة التدفئة الشتوية منذ العام 1950 إلى العام 1980 وبين المناطق التي لم تطبق فيها هذه السياسة. وحلل العلماء تلوث الهواء وحالات الوفاة في 90 مدينة صينية في الفترة من العام 1981 إلى العام 2000.

وقالوا إن "متوسط الأعمار انخفض بحوالي 5.5 أعوام في الشمال بسبب ارتفاع معدل الوفيات بالأمراض القلبية والتنفسية". وخلص العلماء إلى أن كل 100 ميكروغرام من الجزيئات العالقة في المتر المكعب من الهواء تقلل على ما يبدو متوسط العمر المتوقع عند الولادة بحوالي 3 أعوام.

على صعيد متصل وافق مجلس الوزراء الصيني على اتخاذ اجراءات جديدة لمكافحة تلوث الجو في احدث خطوة للقيادة الصينية الجديدة لمعالجة المشكلات البيئية الخانقة التي تواجه البلاد. ووعدت الحكومة ايضا بدعم صناعة الطاقة الشمسية المتعثرة على الرغم من مشاكل ونزاعات تجارية بين بكين من جهة والولايات المتحدة واوروبا من جهة اخرى.

ووافقت الحكومة على عشرة اجراءات لمكافحة التلوث منها تسريع معدلات تركيب معدات التحكم في التلوث في محطات التكرير التي تعمل بالفحم والحد من الصناعات كثيفة الطاقة مثل مصانع الصلب والاسمنت والالومنيوم والزجاج فضلا عن تقليل الانبعاثات الغازية بنسبة 30 في المئة بحلول نهاية عام 2017. بحسب رويترز.

ووافقت الحكومة ايضا على تحسين المؤشرات المستخدمة في تقييم الآثار البيئية للمشروعات الجديدة ومحاسبة المشروعات التي لاتلتزم بالمعايير ودعم أنشطة انفاذ القانون وتحصيل العائدات واللجوء الى الاجراءات القانونية لاجبار قطاعات الصناعة على تحسين ضوابط التلوث مع وضع معايير جديدة للانبعاثات الصناعية.

وكانت بكين قد كشفت النقاب عن لوائح جديدة غير مسبوقة تلخص رد فعل العاصمة الصينية على المستوى الخطير الذي وصل اليه تلوث الجو فيما يهدد تدهور درجة جودة الهواء بان يصبح مسألة مرتبطة باستياء سياسي اوسع نطاقا.

مياه ملوثة

من جهة اخرى قدرت الشركة المشغلة لمحطة فوكوشيما النووية المتضررة بثلاثين الف مليار بيكيريل كمية مادتي السيزيون والسرونتيوم التي تسربت الى المحيط الهادىء منذ ايار/مايو الماضي مع المياه الجوفية الملوثة تحت المفاعلات. ولا يشمل هذا الرقم سوى العناصر المشعة التي نقلت بتسرب المياه المخزنة تحت الارض. وقبل الحادث وفي الحالات الطبيعية، كان لا يسمح للمحطة بألقاء اكثر من 220 مليار بيكيريل سنويا.

وكانت شركة كهرباء طوكيو تبكو اعترفت بان هذه المياه التي تجمعت تحت المفاعلات بعد الكارثة التي نجمت عن تسونامي في 11 آذر/مارس 2011 ليست راكدة كما ادعت من قبل، بل تتسرب الى المحيط بمعدل 300 طن يوميا. وكشفت حسابات منذ ذلك الحين ان كمية العناصر المشعة التي وصلت الى البحر يفترض ان تكون عشرة آلاف مليار بيكيريل من السترونتيوم 90 وعشرين الف مليار من السيزيوم المشع. واضافة الى ذلك، ما زال التسرب مستمرا.

من جهة اخرى، تقوم تبكو باقامة منظومة قادرة على ضخ مئة طن من المياه الملوثة المتجمعة تحت الارض يوميا. وهذه المياه سيتم تكرارها ومعالجتها لتبريد مفاعلات المحطة المتضررة. ومشكلة تسرب المياه الجوفية الى البحر هذه مختلفة عن تلك التي وقعت في الايام الماضية وتتعلق بتسرب 300 طن من المياه المشعة التي خزنت من قبل في خزان يتسع لالف طن وتالف على ما يبدو.

وكانت سلطات مراقبة القطاع النووي اعتبرت هذه المشكلة "حادثا خطيرا". واكدت شركة كهرباء طوكيو انها تتحقق من سلامة حوالى 300 خزان للمياه الملوثة بعد هذا الحادث. وقال ناطق باسم تبكو "نسرع في مراقبة الخزانات من هذا النوع". ويحوي كل من 300 خزان مماثل للخزان المتضرر حوالى الف طن من المياه الملوثة بينما يحوي نحو خمسين خزانا آخر مياها ملوثة جزئيا.

على صعيد متصل قالت وسائل اعلام محلية إن نحو 5400 طن من الوقود تسرب من ناقلة نفط مملوكة لشركة برتامينا الإندونيسية للنفط والغاز في بحر الملوك. وكانت السفينة تحمل سبعة آلاف طن من الوقود من بابوا وكانت متوقفة في ميناء تيرناتي بشرق إندونيسيا عندما أدى ارتفاع الأمواج إلى اصطدام الناقلة بالميناء وغرقها في نهاية الأمر. ونقلت صحيفة جاكرتا جلوب عن باجوس هاندوكو مدير توزيع الوقود في برتامينا قوله "نحاول حاليا احتواء بقعة الزيت والحيلولة دون امتدادها في الوقت الذي نحاول فيه تحييد الزيت الذي تسرب بالفعل في البحر."

من جانب اخر تعيش بعض الجراثيم والبكتيريا في مياه حمامات السباحة والبحار، فيتعرض من يتواجد فيها إلى الإصابة بأمراض عديدة، فالسباحة في مياه ملوثة قد تسبب الإصابة بالأمراض المعوية والجلدية. ويعتقد البعض أن مياه حمامات السباحة آمنة ونظيفة كونها معقّمة بماء الكلورين، إلا أن هناك بعض الجراثيم والبكتيريا التي لا تتأثر بتلك المادة بسرعة منها بكتيريا الإيكولاي، والتواجد داخل تلك المياه أو الشرب منها كفيلة بنقل تلك البكتيريا.

كما أن السباحة في مياه ملوثة قد تسبب الإصابة بالأمراض المعوية، وقد تؤدي إلى ظهور حساسية وفطريات على الجلد، كما أن تلك المياه قد تسبب التهاباً في الأذن وتهيجاً في العينين، لذلك يجب الامتناع عن الشرب من مياه أحواض السباحة أو من مياه البحر. ويشدد الخبراء على الاستحمام قبل وبعد النزول إلى حوض السباحة، وعدم ارتياد المسبح في حال الإصابة بالإسهال أو بمرض جلدي معد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/آب/2013 - 18/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م