التراث العالمي... حضارات على اعتاب الاندثار مجددا

 

شبكة النبأ: تواصل الكثير من الدول والمنظمات العالمية اهتمامها الخاص بمواقع التراث العالمي لكونها مواقع ذات قيمة عالمية تهم جميع شعوب العالم بغض النظر عن المنطقة التي توجد فيها كما يقول بعض اصحاب الاختصاص، وفي العام 1972 تبنت منظمة اليونيسكو المعاهدة المتعلقة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي وتشمل قائمة التراث العالمي 890 ممتلكا تراثيا والذي تعتبره لجنة التراث العالمي ممتلكا ذا قيمة عالمية استثنائية . وفي أبريل 2009، كان عدد الممتلكات 689 ممتلكا ثقافيا، 176 ممتلكا طبيعيا و 25 ممتلكا مزدوج منها ذا طابع ثقافي وطبيعي معا، موزعة على 148 بلدا عضوا .

وقد صادقت 186 دولة على اتفاقية التراث العالمي، ولجنة التراث العالمي هي المسؤولة عن تنفيذ اتفاقية التراث العالمي حيث أنها تحدد استخدام صندوق التراث العالمي وتخصص مساعدات مالية بناء على الطلبات المقدمة من طرف الدول الأعضاء.

وللجنة أيضا القول الفصل في ما إذا كان ينبغي إدراج أي ممتلك تراثي على قائمة التراث العالمي كما يمكن لها تأجيل قرارها وطلب المزيد من المعلومات بخصوص ممتلك ما صادر من دولة عضو . و تدرس اللجنة كذلك التقارير المتعلقة بحالة الحفاظ على الممتلكات المسجلة وتطلب من الدول الأعضاء اتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة عدم تدبير جيد للممتلكات التراثية .

ويعود أيضا للجنة قرار تسجيل أو سحب الممتلكات التراثية من قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، وعلى الرغم من التزام الكثير من الدول بهذه الاتفاقية نجد ان هناك الكثير من المواقع في حالة خطر او معرضة للتهديد بسبب الحروب او النزاعات الداخلية او بسبب الاهمال الحكومي وغيرها من الاسباب الاخرى. وفي هذا الشأن فقد أبدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أسفها للأضرار التي لحقت بالتراث الثقافي المصري في الأيام الماضية وخصوصا المساجد والكنائس الأثرية ومتحف ملوي في محافظة المنيا الجنوبية والذي سرقت أغلب محتوياته.

وكانت وزارة الدولة لشؤون الآثار في مصر قالت إنها استعادت تمثالين يمثلان أحد آلهة مصر الفرعونية من بين نحو 1040 قطعة أثرية فقدت من المتحف بعد اقتحامه من قبل "مؤيدي الرئيس السابق (محمد مرسي).. والاعتداء على أفراد الحراسة المكلفة بتأمينه" ووفاة أحد العاملين بطلق ناري. واندلعت اعمال عنف في القاهرة ومحافظات مصرية اخرى عقب فض الاعتصامين احرق خلالها العديد من المنشآت.

وقال محمد إبراهيم وزير الدولة لشؤون الآثار في وقت سابق إن أنصار مرسي اعتدوا على أفراد حراسة المتحف وكسروا البوابة الداخلية وأتلفوا كاميرات المراقبة وأحدثوا تخريبا لمحتوياته وسرقوا بعض القطع الأثرية. وأعربت إيرينا بوكوفا المدير العام لليونسكو في بيان عن "بالغ قلقها بشأن التراث الثقافي في مصر" والذي شمل تدمير وحرق بعض الكنائس الأثرية ومتحف ملوي بعد أن أفادت التقارير بأعمال النهب التي تعرض لها المتحف الذي وضعت مسروقاته على القائمة الحمراء التي تهدف إلى مساعدة رجال الجمارك والشرطة على التعرف على القطع المسروقة كما تمنع المتاحف وقاعات المزادات وتجار وجامعي القطع الفنية من حيازة أي قطعة أثرية مسروقة. بحسب رويترز.

وقالت بوكوفا في البيان "أدين بشدة الاعتداءات التي تعرضت لها المؤسسات الثقافية للبلاد ونهب ممتلكاتها الثقافية. إن هذه الاعتداءات تؤدي لا محالة إلى أضرار لا يمكن تداركها لتاريخ الشعب المصري وهويته" وحثت السلطات المصرية على ضمان حماية المتاحف والمواقع والأبنية التاريخية. وأضافت أن "التراث الثقافي الاستثنائي في مصر لا يمثل إرثا من الماضي فحسب بل يعكس أيضا تاريخ هذا البلد الذي يتسم بالثراء والتنوع. إن تدمير هذا التراث إنما يقوض بشكل خطير دعائم المجتمع المصري." ومحافظة المنيا كانت مقرا لعاصمة الدولة في عصر الملك اخناتون الملقب بفرعون التوحيد والذي تولى الحكم بين عامي 1379 و1362 قبل الميلاد وغير ديانة آمون إلى ديانة آتون وانتهى حكمه نهاية غامضة.

الانهيارات تهدد

في السياق ذاته تعاني قصبة الجزائر احدى اجمل المدن العتيقة الغنية بتاريخها في حوض البحر المتوسط،، من خطر انهيار مبانيها المصنفة ضمن التراث العالمي من قبل منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو). وهذه المدينة داخل المدينة بقلعتها المشيدة في القرن السادس عشر من طرف الاخوة خير الدين وبابا عروج بربروس وقصورها العثمانية وازقتها الضيقة، تعرضت للزلازل والفيضانات والحرائق ما اثر على مبانيها ودمر البعض منها.

وادرجت اليونسكو قصبة الجزائر على لائحة التراث العالمي للبشرية منذ 1992، ل"قيمتها الاستثنائية" و"شهادة على تناسق العديد من التوجهات في فنون العمارة في نظام معقد وفريد عرف كيف يتأقلم مع ارضية صعبة" تقع في الهضبة المطلة على البحر. لكن اجراء اليونسكو لم يسهم في الحفاظ على المدينة العثمانية بمساحتها البالغة 105 هكتارات وبيوتها التي فاقت الالف بيت ما زال صامدا امام الانهيارات، بحسب التقديرات.

هذا ما اكده مدير الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية عبد الوهاب زكاغ موضحا ان مخطط انقاذ القصبة انطلق في العام 2007 فقط، اما "الدراسات فدامت ثلاث سنوات ولم تنته سوى في ايار/مايو 2010". واضاف ان "اكثر من 80 % من البنايات هي ملكية خاصة تم هجرها خلال التسعينيات من القرن الماضي بسبب احداث العنف، ما سمح للإسلاميين المسلحين باستغلال ازقتها الضيقة والملتوية، تماما كما فعل الثوار خلال حرب استقلال الجزائر في الخمسينيات".

ونتيجة الاهمال وجد الناس حرية في "فعل ما يريدون" فبنوا ما شاؤوا كيفما شاؤوا، على ما قال زكاغ. لكن يمكن للمتجول في اعالي القصبة ان يكتشف بيوتا رائعة وقصورا ومساجد تم ترميها بشكل جيد، بينما اوكل لمعماريين بولنديين مهمة اعادة ترميم القلعة. وفي مقابل ذلك، تعاني غالبية احياء القصبة من كثافة سكانية كبيرة ومن ظروف غير صحية ومن تداع كبير في مبانيها، وما بقي منها صامدا يتم تدعيمه بالالواح الخشبية والمعدنية.

واوضح عبد الوهاب زكاغ ان موقع القصبة وطبيعة بنائها "يجعل كل بيت يتكئ على البيت الآخر وعندما يتهدم بيت يمكن ان تنهار كل البيوت من خلفه". ويستفيد السكان المهددة منازلهم بالانهيار من اجراءات اعادة الاسكان لكن سرعان ما يأتي جار لهم او ابن عم او صديق لاحتلال المكان مجددا مطالبا بدوره الاستفادة من اعادة الاسكان، على ما قال المهندس المعماري المتخصص في القصبة حليم فايدي الذي تحدث عن "تجارة غير شرعية" حقيقية للاستفادة من المساكن. وتأسف فايدي الفائز بالجائزة الوطنية للهندسة المعمارية لحال القصبة وقال "انها تنهار اليوم".

ومن جهته تحدث مدير ديوان تسيير الممتلكات الثقافية المحمية عن الزيادة الكبيرة في عدد السكان الذي انتقل من 25 الى 30 الفا في القرن التاسع عشر الى اكثر من 51 الفا اليوم. يضاف الى ذلك ان الاحتلال الفرنسي (1830-1962) قسم القصبة عدة اجزاء كما هدم الجزء السفلي منها الذي كان يصلها بالبحر. وبعض سكان المدينة محظوظون كما هي الحال بالنسبة لنصر الدين مزيان الذي استفاد من اعانة الدولة لاعادة ترميم مسكن والديه. فهو كان ليعجز على القيام بذلك من دون هذه المساعدة لانه عامل بسيط يتقاضى 18 الف دينار (180 يورو) شهريا بينما الترميم يكلف 60 الف يورو.

ويفتخر نصر الدين بمنزله المرمم ولا يتوانى في فتحه للزوار بعد ستة اشهر من العمل " تم خلالها تغيير الاسقف والارضيات والمجاري، كما تم تقشير الجدران". وتساعد الوكالة الوطنية للقطاعات المحمية اصحاب البيوت القديمة على اعداد الملفات لترميمها او شراء الاراضي الشاغرة بعد انهيار البنايات، لكن ذلك لا يمنع من تدخل هيئات اخرى مثل الولاية ووزارة الثقافة وحتى جمعيات الاحياء للتنافس على الصلاحيات والاولويات. بحسب فرانس برس.

وتمنى زكاغ ان "نستعيد بعد عشر سنوات بعضا من جمال القصبة" المدينة الاسلامية التي يعيش فيها الناس قريبين جدا من بعضهم البعض مؤكدا ان " القصبة لا تزال حية لكنها مريضة جدا". وتسعى السلطات الى اعادة احياء المهن والحرف القديمة في المدينة مثل النجارة وصناعة الجلود والاواني النحاسية وكذلك انتاج البلاط التقليدي لترميم البيوت وفق بنائها الاصلي. وبالنسبة للمهندس المعماري فايدي فان القصبة "مدينة ويجب ان يجد الحلول لمشاكلها معماريون" بمعنى "يجب اعادتها الى مكانتها" من خلال ترميم المساكن والبنايات كما كانت في الاصل ولكن ايضا التفكير في طبيعة السكان الذين سيعيشون فيها بعد 20 سنة.

منزل و حديقة حيوانات

الى جانب ذلك استنكرت منظمة للدفاع عن التراث الهندسي مشروع اعادة اعمار قد يؤدي الى "تشويه" "منزل فولكونسكي" في موسكو الذي يعود الى القرن الثامن عشر والذي ذكره الكاتب ليون تولستوي في روايته "حرب وسلم". ويقع هذا المبنى الضخم في قلب موسكو على مرمى حجر من الكرملين وهو مؤلف من طابق واحد ومزين بقبة كبيرة، وكان ملكا لجد ليون تولستوي، الامير نيكولاي فولكونسكي.

وقد زاره الكاتب الروسي الشهير مرات عدة وذكره في روايته "حرب وسلم" على انه منزل بيار بيزوخوف، احد ابطال الرواية. وقال مسؤول في منظمة "ارخنادزور" الروسية غير الحكومية يدعى روستام راخماتولين ان "منزل فولكونسكي هو جزء من صورة موسكو، تماما كما ان منزل شيرلوك هولمز جزء من صورة لندن، ومنزل جولييت جزء من فيرونا".

وفي رسالة موجهة الى رئيس بلدية موسكو، استنكر اكثر من مئتي شخصية ثقافية روسية مشروع اعادة اعمار منزل فولكونسكي باعتبار انه قد "يشوه" شكل المبنى التاريخي. ويتضمن المشروع الذي اقترحه مركز تنمية العلاقات البشرية وهو منظمة ثقافية مقربة من الكرملين بناء طابقين اضافيين. واوضح راخماتولين ان مناضلي منظمة "ارخنادزور" "يقبعون في المكان ليل نهار" للسيطرة على الوضع، وقد صعد ثلاثة منهم الى القبة كي يمنعوا العمال من هدمها. ويذكر ان المدافعين عن التراث الهندسي استنكروا في السنوات الاخيرة خلال الطفرة العقارية تدمير مبان تاريخية في موسكو تدميرا كليا او جزئيا تحت غطاء اعادة الاعمار.

من جانب اخر قررت حديقة الحيوانات في قلعة بوزانسون التخلي عن القردة الكبيرة من نوع بابون غينيا التي تفسد جدران هذا المعلم المدرج في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). وقال جيرار غاليو مدير متحف التاريخ الطبيعي "لا تقوم القردة بأي عمل غير معتاد بالنسبة إلى حيوانات، فهي تسرح في الطبيعة وتنزع الأعشاب. لكنها بدأت تنزع أحجارا صغيرة، وتحف الجدران في مبنى يندرج في قائمة التراث العالمي". بحسب فرانس برس.

وهذه الرئيسيات متواجدة في القلعة منذ حوالى أربعين عاما، وهي تعيش في مجموعات كبيرة، لكن إدارة حديقة الحيوانات قررت تخفيض عددها ونقلها إلى حظيرة تتلاصق جدرانها بجدران القلعة. وأوضح جيرار غاليو أن دعائم القلعة لا تزال صامدة، وذلك منذ قرون عدة، لكن العيش داخلها لا يناسب هذه الحيوانات. وقد أرسلت بعض القردة إلى الجزائر، في حين قدمت قردة أخرى إلى حديقة حيوانات في جنوب غرب فرنسا، غير أنه لا يزال ينبغي التخلص من 13 قردا، ولن يكون الأمر ممكنا إلا في حال التزمت الحديقة التي ستستقبلها ببرنامج لحماية هذه الرئيسيات. ويذكر أن سيباستيان لو برستر ماركيز فوبان شيد هذه القلعة في القرن السابع عشر، مع أسوار وتتراوح سماكتها بين خمسة وستة أمتار، ويمتد علوها بين 15 و 20 مترا. وقد أدرجتها اليونسكو في قائمة التراث العالمي سنة 2008.

على لائحة اليونسكو

من جهة اخرى لطالما اعتبر متنزه بيرغبارك فيليلمشوه في ألمانيا الذي يتميز بتمثال لهرقل وشلال ضخم وحدائقه الورمنسية قصره موقعا خلابا يخطف الانفاس بتفاصيله الهندسية الباروكية، وفي وقت قريب ادرجته اليونسكو في لائحة التراث العالمي. ويشعر السكان المحليون بسعادة كبيرة لأن المتنزه الأكبر في أوروبا والذي يضم شلالات أقرب الى الخيال وبركا معزولة وجسورا مخبأة أدرج في قائمة المواقع الثقافية الأولى في العالم، ويستعدون لتدفق عدد كبير من السياح في الصيف.

وأبصر المتنزه الذي يعتبر رمز مدينة كاسل قبل أكثر من 300 سنة بمبادرة من الأمير كارل في وقت كان الأمراء المحليون يتنافسون فيه على بناء قصور ومتنزهات فاخرة. ويعتبر متنزه بيرغبارك فيليلمشوه جوهرة عائدة الى حقبة الاستبداد ودليلا على سيطرة الانسان على الطبيعة وتحفة هندسية مائية تدور شلالاتها كل أربعاء وأحد من أيار/مايو الى تشرين الاول/اكتوبر. وعندما يبدأ العرض، ينزل 750 ألف لتر من الماء في الشلال الكبير الذي يمتد على 350 مترا ويعبر مجموعة من القنوات والمنحدرات النهرية والشلالات ويصب أخيرا في بحيرة يطل عليها قصر. وتزين الوسط نافورة كبيرة يبلغ ارتفاعها 50 مترا وكانت، عند بنائها، النافورة الأعلى في العالم. ويقول مدير متنزهات ومتاحف كاسل، بيرند كويستر، ان "هذه النافورة لا تعتمد على أي آلة، ودفق المياه يتم طبيعيا من خلال الضغط المائي".

وقد انتظرت المدينة منذ مدة طويلة هذه اللحظة التي عادت بالنفع عليها بسرعة. فيقول سونيا توبور التي تعمل في مكتب المعلومات السياحية في كاسل "تلقينا عددا أكبر من الاتصالات بهدف الاستعلام عن المتنزه، ويريد عدد أكبر من الناس تمضية الليلة هنا لاكتشاف بيرغبارك". وبدأ العمل بالمتنزه الذي يمتد على 550 هكتارا سنة 1689 بفضل مجهود الأمير كارل وورثته الذين أضافوا المتنزه السفلي وبنوا قصر فيليلمشوه في القرن الثامن عشر. بحسب فرانس برس.

ويقول زائر ألماني يبلغ من العمر 43 عاما "هذا العرض محفور في ذاكرتي، ولقد أردت العودة مع ابنتي كي تشاهده بدورها". ويقول رئيس بلدية كاسل ان ادراج اليونسكو المتنزه في لائحتها هو "الاعتراف المطلق" بقيمته. ونشرت ملصقات في المدينة احتفالا بهذا الحدث الذي تأمل كاسل أن يؤمن لها مكانا على لائحة عجائب الدنيا. ويستضيف المتنزه عددا كبيرا من السياح، خصوصا من آسيا، وقد زاره 800 الف شخص سنة 2012. ويتوقع رئيس البلدية ان يرتفع عدد الزائرين السنوي بنسبة 10 % بفضل اعتراف اليونسكو بالمتنزه. ويقول بيرند كويستر ان "المتنزه بات يلقى احتراما أكبر وتغيرت نظرة الناس إليه"، مضيفا بابتسامة أنه "أصبح أشبه بمكان مقدس".

الخبازون الألمان

في السياق ذاته يقول كبير الخبازين كارل ديتمار بلنتس وهو يغمس يديه في وعاء من الطحين إن الخبز "جزء من الهوية الألمانية"، مشيرا الى مشروع الذي يهدف إلى إدراج الأنواع المختلفة من الخبز الالماني في قائمة التراث غير المادي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). ويخبز الخباز 26 نوعا من الخبز في أفران مؤسسته العائلية التي أنشئت قبل 136 عاما في بلدة شفانته الواقعة في ضواحي برلين والتي توظف نحو مئة عامل. ويحضر العامل خلفه عجينة خبز بطعم البطاطاس يعد من الأنواع التي يشتهر بها هذا المخبز ويحضر على الطريقة القديمة.

ويفتخر الخبازون الألمان بمئات الانواع من الخبر التي يحضرونها، وهم يرغبون في إدارجها في قائمة التراث غير المادي التابعة لليونسكو، على غرار رقصة التانغو الأرجنتينية وصناعة السجاد في إيران وفن الطهي في فرنسا. وفي مخبز كارل ديتمار بلنتس المزين بزينة تقليدية، تحمل الأصناف المختلفة أسماء غريبة يصعب على الخباز نفسه في بعض الأحيان تفسيرها، مثل خبز الكافيار الذي لا صلة له ببيض سمك الحفش. ويعتبر كارل ديتمار بلنتس البالغ من العمر 46 عاما وهو من أبناء جيل رابع من الخبازين ترعرع في عهد الستار الحديدي أنه "لا بد من الدفاع عن التنوع" في فن إعداد الخبز.

وليس هذا التحدي بالسهل في ظل تغير أنماط العيش الذي يبعد الألمان عن الخبز التقليدي. وتواجه المخابز التقليدية منافسة محتدمة من المتاجر الكبيرة وسلسلات التوزيع التي باتت تبيع علب الخبز الجاهزة الاقل كلفة. كما أن تراجع التقليد المعروف ب "آبندبروت" وهو عشاء تقليدي يقدم فيه الخبز واللحوم الباردة ينعكس سلبا على القطاع. وقد أغلق حوالى 500 مخبز تقليدي أبوابه العام الماضي في ألمانيا، بحسب اتحاد المخابز في البلاد. ومنذ بداية التسعينيات، تراجع عددها إلى النصف لينخفض اليوم إلى ما دون 14 ألف مخزن. ومن الصعب جدا لهذا القطاع الذي لا يتمتع بسمعة جيدة أن يستقطب اليد العاملة في بلد تنخفض فيه نسبة الشباب.

وبحسب بيتر بيكر رئيس الاتحاد، إن تعدد أنواع الخبز هو الميزة الأولى التي ينبغي التشديد عليها في المشروع الذي يعده الاتحاد لتقديمه إلى اليونسكو. والمسألة بالنسبة إليه هي مسألة الافتخار بالمنتجات التي تنقل وصفاتها عبر الأجيال وتعكس الثقافات المحلية. و يشرح "لفرنسا خبزها الخاص، ولإيطاليا أيضا، لكن ألمانيا وحدها تتمتع بأنواع جد متنوعة من الخبز". بحسب فرانس برس.

وقد نظم اتحاد الخبازين "يوم الخبز العالمي"، في مبادرة هي الأولى من نوعها، وعين "سفيرين للخبز" ليدافعا عن قضيته. وقام أيضا بإعداد سجل للخبز، داعيا السكان إلى رصد جميع الأنواع المختلفة من الخبز، في خطوة تمهيدية للتقدم بطلب إدراج الخبز في قائمة التراث غير المادي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 25/آب/2013 - 17/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م