الهجرة الى اوروبا... مفترق طرق احدهما يؤدي الى الهلاك

 

شبكة النبأ: مشكلة الهجرة غير الشرعية كانت ولاتزال إحدى أهم المشاكل العالمية للكثير من الحكومات والدول التي تعتبر وجهة مهمة للكثير من المهاجرين ولأسباب مختلفة، هذا بالإضافة لكونها قضية مهمة لدى العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية، وقد قدر الخبراء حجم الهجرة الدولية بنحو 200مليون شخص نصفهم مهاجرون من أجل العمل ، بينما الباحثين عن اللجوء السياسي نسبة 7% ،أما النسبة المتبقية تمثل عائلات المهاجرين. وتتفاوت التقديرات بشأن الهجرة غير المنظمة ، فنظمة العمل الدولية تقدر حجم الهجرة السرية ما بين 10-15% من عدد مهاجرين العالم البالغ حسب التقديرات الأخيرة للأمم المتحدة حوالي 180 مليون شخص وحسب منظمة الهجرة الدولية فإن حجم الهجرة غير القانونية في دول الاتحاد الأوروبي يصل لنحو 1,5 مليون شخص . كما أن الأمم المتحدة تقدر أعداد المهاجرين غير الشرعيين إلى دول العالم المتقدم خلال السنوات العشر الأخيرة بنحو 155 مليون شخص، وفى أسوأ الظروف فإن العمال المهاجرين غير النظاميين يعملون بشكل أشبه بالعمل العبودى وهم نادراً ما يلجأون للقضاء خشية التعرض للطرد أو الإبعاد، وفى العديد من الدول لا يملكون حق الطعن على القرارات الإدارية التي تؤثر عليهم.

 وفي هذا الشأن فقد اعلنت منظمة العفو الدولية في تقرير ان على السلطات الليبية ان تضع حدا "للاعتقال لفترة غير محددة" لالاف المهاجرين بمن فيهم لاجئون وطالبو لجوء يخضع بعضهم للتعذيب. ونددت المنظمة الدولية التي تدافع عن حقوق الانسان ومقرها لندن، في نفس الوقت بقيام الاتحاد الاوروبي بمساعدة الحكومة الليبية على "تعزيز الامن على الحدود من اجل كبح حركة الهجرة غير الشرعية الى اوروبا على حساب حقوق الانسان".

ونددت ايضا ب"المعاملة غير المقبولة لالاف الاجانب ومعظمهم من افريقيا جنوب الصحراء الذين يتعرضون للاعتقال الاعتباطي ويحتجزون لفترات طويلة في شروط مزرية". واكدت المنظمة انها زارت سبعة "مراكز احتجاز" كما تسميها السلطات الليبية، وتحدثت عن "ادلة عن سوء معاملة يمكن اعتبارها تعذيبا في بعض الحالات".

وجاء في تقرير منظمة العفو الدولية ايضا ان "عددا كبيرا من المعتقلين بمن فيهن نساء، تعرضوا للضرب المبرح بخراطيم المياه او بالاسلاك الكهربائية" مؤكدة انها حصلت بالاضافة الى ذلك على شهادات لمعتقلين اصيبوا بالرصاص خلال مصادمات. وقالت حسيبة حاج صحراوي، مساعدة مدير برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المنظمة، ان "التعذيب وسوء المعاملة التي اكتشفناها في مراكز الاحتجاز غير مقبولة".

وبالنسبة للمساعدة التي يقدمها الاتحاد الاوروبي لكبح حركة المهاجرين غير الشرعيين، اعتبرت انه "من المقلق جدا ان نكتشف ان اموال الاتحاد الاوروبي استخدمت على ما يبدو من اجل تمويل مراكز احتجاز يعتقل فيها الاف الاجانب بشكل غير شرعي". وحضت منظمة العفو الدولية الاتحاد الاوروبي على عدم توقيع اتفاقات جديدة مع ليبيا في هذا المجال حتى "تثبت احترامها لحقوق اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين".

واشارت الى انه منذ ايار/مايو 2012 رحلت السلطات الليبية 25 الف شخص دخلوا "بشكل غير شرعي" الى ليبيا. وتم ابقاء الاف المهاجرين قيد الاعتقال لاشهر قبل طردهم بدون تمكينهم من الوصول الى محام، لاعتبارهم يشكلون "خطرا على الامن الوطني". واضافت حاج صحراوي "يجب ان تراجع السلطات الليبية تشريعاتها بتحديد مهلة قصوى لتوقيف المهاجرين بانتظار طردهم". بحسب فرانس برس.

واحصت المنظمة خلال زياراتها خمسة الاف لاجىء وطالب لجوء ومهاجر معتقلون في 17 "مركز احتجاز" تابعة لوزارة الداخلية "بالاضافة الى عدد غير معروف من الاشخاص المعتقلين لدى الميليشيات". واعربت المنظمة عن اسفها ايضا "للظروف الصحية السيئة جدا" ما يعرض المعقتلين لخطر الامراض بما في ذلك التهابات الجهاز التنفسي والاسهال المزمن.

من جانب اخر اعلن رئيس وزراء مالطا جوزف موسكات الذي هدد بإبعاد مهاجرين وصلوا الى بلاده من ليبيا، ان مالطا "ستطبق" قرارات المفوضية الاوروبية في مجال الهجرة. وقال رئيس الوزراء العمالي امام البرلمان "سنحترم القرار. لقد رفعنا الصوت لكي نؤخذ بالاعتبار. الوضع لم يعد يمكن التساهل حياله". وكانت المفوضية الاوروبية حذرت في وقت سابق الحكومة في مالطا تحت طائلة التعرض لعقوبات، من مغبة ابعاد مئات المهاجرين الذين اوقفوا قبالة الجزيرة الى ليبيا.

ووجهت المفوضة الاوروبية المكلفة الشؤون الداخلية سيسيليا مالمستروم تحذيرا ضمنيا الى رئيس وزراء مالطا جوزف موسكات لتذكيره "بمنع الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي من القيام بعمليات ابعاد". وقالت في بيان تلاه مكتبها "انني قلقة للمواقف المؤيدة لابعاد اشخاص قدموا الى مالطا واؤكد انه طبقا للقانون الاوروبي والتعهدات الدولية يحق لكل الاشخاص الذين اتوا الى اراضي الاتحاد الاوروبي تقديم طلب لجوء والحصول على تعامل فردي".

واضافت "ستستخدم المفوضية الاوروبية كل الوسائل المتاحة للتحقق من ان الدول الاعضاء تحترم تعهداتها". ويمكن للمفوضية ان ترفع شكوى الى محكمة العدل الاوروبية اذا لم يحترم موسكات هذا الالتزام. واغاثت السلطات المالطية ثلاثة زوارق ابحرت من ليبيا على متنها 303 اشخاص اعلن رئيس وزراء مالطا عزمه على اعادتهم جوا الى ليبيا. واثار هذا الاعلان غداة موقف حازم للبابا فرنسيس الذي دان لا مبالاة العالم حيال مأساة المهاجرين خلال زيارة لجزيرة لامبيدوزا الايطالية، صدمة مالمستروم التي دعتها منظمات انسانية مالطية الى التحرك.

النوم في العراء

الى جانب ذلك قالت منظمة انقذوا الاطفال ان عشرات من الاطفال الافارقة يضطرون للنوم على الارض في العراء امام مركز للاستقبال في لامبدوسا الايطالية بعد زيادة كبيرة في عدد القوارب التي تصل إلى الجزيرة الصغيرة. وتواجه لامبدوسا موجة كبيرة من الاطفال الذين لا يصحبهم احد من ذويهم البالغين لأن السلطات الايطالية توقفت عن اعتبار دول شمال افريقيا في حالة طارئة قبل بضعة اشهر وهو ما يعني انه ليست هناك منظمة ايطالية تعمل على اعاشتهم.

وقالت المنظمة ان اكثر من 800 مهاجر الآن يعيشون في الجزيرة التي تقع على الطرف الجنوبي لإيطاليا وان المركز الذي يستضيفهم لا يسع اكثر من 250 شخصا وهو ما يضعه في موقف حرج. وقالت رافائيلا ميلانا من منظمة انقذوا الاطفال "نحن نتحدث عن اطفال يصلون إلى ايطاليا وحدهم بعد رحلات في العادة تكون طويلة ومأساوية وهم يحتاجون إلى الحماية الفورية والدعم ويجب الا يقعوا ضحية الخمول المؤسسي."

ويضطر الأطفال إلى النوم في العراء دون اسرة إلى جانب بالغين ويجدون صعوبة في دخول المراحيض المحدودة في المركز واماكن الاستحمام. واصغر هؤلاء الاطفال صومالي يبلغ من العمر 11 عاما. ويتولى مسؤولان ايطاليان فقط التعامل مع الصغار الذين لا يصحبهم ذووهم ويواجه المسؤولان مشاكل بسبب عدم وجود قاعدة بيانات وطنية بالاماكن التي يمكن ان يقيم فيها هؤلاء الاطفال. وحثت ميلانو وزارة الرعاية الاجتماعية الايطالية على ترتيب النقل السريع لهؤلاء الاطفال.

اختطاف لاجئ

من جانب أخر أعلنت مصادر امنية ان الشرطة اليونانية فتحت تحقيقا في بلاغ تقدمت به منظمة غير حكومية بشأن تعرض شاب من اكراد تركيا لاجئ في اليونان للاختطاف بينما كان يسير في شارع بوسط اثينا. وابلغ محامون من "الشبكة اليونانية للدفاع عن اللاجئين" الشرطة بان اللاجئ بولوت يايلا وهو طالب تعرض للتعذيب في تركيا ووصل منذ شهرين الى اثينا حيث يحاول الحصول على وضع لاجئ، تم اختطافه.

وقالت الشبكة في بيان مشترك مع "المجلس اليوناني للاجئين" التابع لمكتب مفوضية الامم المتحدة للاجئين في اليونان، انه "بينما كان الشاب يجتاز طريقا في حي ايكزارخيا بأثينا توقفت سيارة خرج منها خمسة رجال هاجموه ووضعوه في السيارة".

واكدت المنظمتان في بيانهما ان اعادة الشاب بالقوة الى تركيا يشكل "انتهاكا للمعاهدة الاوروبية لحقوق الانسان". واضافتا انهما تعتبران ان حياة الشاب الكردي "في خطر"، معربتين عن "قلقهما لان السلطات التركية تمارس بانتظام ضغوطا على اليونان من اجل (اعتقال) اللاجئين الاتراك وتسليمها اياهم". واكدت المنظمتان ان الشرطة اليونانية نفت ان يكون الشاب موقوفا لديها. بحسب فرانس برس.

وكانت اثينا طرفا في عملية القاء انقرة القبض على عبد الله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني في 1999 بعدما اختبأ ليومين في اثينا قبل ان تساعده الاستخبارات اليونانية في الوصول الى السفارة اليونانية في كينيا حيث اعتقله في النهاية عملاء من الاستخبارات التركية بمساعدة من الاستخبارات الأميركية.

مخاطر البحر

على صعيد متصل ذكرت الصحف الايطالية ان 31 مهاجرا افريقيا، بينهم تسع نساء، غرقوا قبالة السواحل الليبية فيما كانوا يعبرون البحر المتوسط للوصول الى ايطاليا. ونقلت الصحف عن شهادات ناجين ان قاربا كان ينقل 53 مهاجرا سريا جنح ووقع منه 31 مهاجرا في المياه وغرقوا اثناء الحادث. وتمكنت سفينة تجارية كانت تمر على مسافة قريبة من مكان الحادث، من انقاذ 22 شخصا قامت بنقلهم الى جزيرة لامبيدوزا الايطالية.

وهؤلاء الناجون الاتين كما قالوا من نيجيريا وغامبيا وبنين والسنغال اوضحوا ان قاربهم جنح بعد ان امضوا ثلاثة ايام في البحر. وفي وقت سابق انتشلت فرق الانقاذ 450 مهاجرا كانوا يسعون للوصول الى ايطاليا مغتنمين حالة الطقس الجيدة. وهذا التدفق للمهاجرين ادى الى تزايد التوترات في مركز اللاجئين في جزيرة لامبيدوزا. من جهة اخرى تم انقاذ مجموعة اخرى من 92 مهاجرا واجه مركبهم مصاعب في قناة صقلية الممر البحري بين تونس وصقلية.

ومنذ 1999 وصل اكثر من مئتي الف شخص الى جزيرة لامبيدوزا الايطالية القريبة من سواحل افريقيا الشمالية، ما يجعل منها مع الحدود التركية اليونانية احدى نقاط العبور الرئيسية للمهاجرين غير الشرعيين الذين يسعون للجوء الى بلدان الاتحاد الاوروبي.

الى جانب ذلك قتل عسكري من البحرية ومهاجر غير شرعي على ساحل عنابة بشرق الجزائر اثناء مطاردة البحرية الاحد لقاربين كان على متنهما 23 مهاجرا جزائريا متجهين نحو جزيرة سردينيا الايطالية، بحسب ما افادت الصحف. وذكرت صحيفة الخبر ان اصطداما عنيفا وقع بين قارب على متنه ستة مهاجرين غير شرعيين، وزورق للقوات البحرية ادى الى مقتل عسكري برتبة عريف ومهاجر.

واكدت صحيفة الوطن نسبة الى مصدر من مستشفى عنابة ان المهاجر واسمه حمزة قربي (25 سنة) "قتل برصاصة في الصدر" اما العسكري فهو محمد مكاوي (23 سنة) فقتل "نتيجة اصابة في الدماغ" بعد الاصطدام. كما اشارت الصحيفة الى اصابة ثلاثة عسكريين ومهاجرين اثنين بجروح.

واوضحت الخبر نسبة الى قيادة المجموعة الاقليمية لحرس السواحل بعنابة ان "حرس السواحل وجدوا صعوبات كبيرة في توقيف واجلاء 23 شخصا معظمهم من مدينة عنابة كانوا على متن قاربين لرفضهم الامتثال لأوامر التوقف الصادرة عن قيادة القوات البحرية، التي سخرت زورقين نصف صلبين و3 عوامات ومروحية". بحسب فرانس برس.

واضافت الصحيفة ان توقيف 17 شخصا كانوا على القارب الاول "لم تكن خطيرة" بينما رفض ستة اشخاص في القارب الثاني "الامتثال للاوامر، على الرغم من المحاولات العديدة لأفراد حرس السواحل لاقناعهم بإنهاء رحلتهم البحرية نحو سيردينيا". وتكثر محاولات الهجرة غير الشرعية من سواحل عنابة القريبة من السواحل الايطالية. وعقوبة الهجرة غير الشرعية بالجزائر السجن ستة اشهر بموجب قانون تم التصويت عليه في العام 2009 ويعاقب المهربون ايضا بالسجن حتى عشرين عاما.

على صعيد متصل انقذ خفر السواحل الايطالي 159 مهاجرا سوريا وافغانيا ومصريا في البحر قبالة جزيرة كالابريا بينهم رضيعة وسبعة اطفال حسب ما ذكرت وسائل الاعلام. واعطي الانذار بعد ان واجه الزورق الذي كان ينقلهم مشاكل قبالة روتشيلا يونيكا في هذه المنطقة الواقعة في اقصى جنوب ايطاليا. وقال رئيس البلدية جوزيبي تشرتوما ان اربعة من المهاجرين نقلوا الى المستشفى لاصابتهم بالجفاف في حين نقل الاخرون وبينهم 14 امرأة موقتا الى مدرسة في المنطقة.

واضاف ان البلدية تقترح تبني الرضيعة التي ولدت في البحر"كما لو انها ابنتنا". واوضح "علينا التحقق ما اذا ولدت في المياه الدولية او الايطالية وان ولدت في المياه الاقليمية الايطالية فسنسجلها في دوائرنا. المهم ان تكون في صحة جيدة". وتخشى السلطات من ان تزيد الظروف المناخية الجيدة حاليا من تدفق المهاجرين السريين الى السواحل الايطالية.

من جهة اخرى اعلن خفر السواحل الروماني ان عناصرهم اوقفوا في البحر الاسود 33 سوريا بينهم نساء واطفال كانوا يحاولون الوصول الى اوروبا على متن سفينة شراعية. وكان مهربان تركيان على متن السفينة التي لم تكن ترفع علما ورصدت على بعد حوالى سبعة اميال من السواحل الرومانية. وتم مواكبة السفينة الشراعية حتى السواحل الرومانية.

وقال خفر السواحل في بيان "سمحت التحقيقات بكشف وجود 20 رجلا على متن السفينة وثماني نساء وسبعة اطفال اي 33 مواطنا سوريا اضافة الى المهربين التركيين". واضاف البيان ان "السوريين قالوا انهم طلبوا من التركيين المساعدة لدخول بلد عضو في فضاء شنغن". ورومانيا ليست عضوا في فضاء شنغن لكن لها حدود مع المجر التي هي دولة عضو. ويخضع المهاجرون السوريون لتحقيق "لدخولهم بصورة غير مشروعة" الاراضي الرومانية، والمهربان التركيان لجذبهما زبائن ومساعدتهم على عبور حدود بشكل غير شرعي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/آب/2013 - 14/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م