تركيا... احتجاجات متحركة وانتفاضة كامنة

 

شبكة النبأ: لا تزال تداعيات الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها تركيا قبل أشهر قليلة، تلقي بظلالها على المشهد السياسي في البلاد التركية المضطربة حاليا، فتبدو منقسمة بشكل متزايد إلى جماعات سياسية مختلفة تماماً وأن الحكومة نفسها تسهم في تعزيز هذا الاستقطاب داخل المجتمع، فبعد صراع حامي الوطيس بين الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان والمعارضة الشعبية خلال الاونة الماضية أفرزت اضطرابات كبرى زعزعة الهيبة التركية داخليا وخارجيا، ووضعت رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمام تحديات جمة نتيجة التسلط الداخلي للحكومته وسياسة التخبط  المتبعة في تدخلاتها الخارجية وذلك بهدف لعب دور اقيلمي، مما ألهب غضب الأتراك على حكومة تحتكر كل السلطات منذ عشر سنوات وعبر الجميع عن الغضب المتراكم على سياسة الحكومة المنبثقة من التيار الاسلامي المحافظ الذي اججه العنف والقمع البوليسي.

فعلى الرغم من الهدوء النسبي في تركيا حاليا، الا أن قادة المتظاهرين يصرون على أن الحراك سيستأنف في الاونة المقبلة، وكما يبدو ان المتظاهرين مصممون على مواصلة تحركهم ضد رئيس الوزراء التركي فقد ترجمة تظاهرات تركيا الاخيرة عن غضب شعبي عارم على انحراف استبدادي لاردوغان، والسعي الى أسلمة تركيا العلمانية.

إذ يرى الكثير من المحللين إن أسلوب اردوغان في السنوات القليلة الماضية أصبح استبداديا،  حيث تتعرض وسائل الاعلام لضغوط وكذلك أثار القبض على شخصيات عسكرية ومدنية في مؤامرات انقلاب مزعومة وخطوات أخرى مثل القيود على بعض الحريات والحقوق قلق الطبقة المتوسطة العلمانية التي تخشى من أي اقحام للدين في حياتها اليومية، فقد عينت تركيا مؤخرا قادة جددا للجيش في اطار تغييرات شاملة في القيادات الكبرى فيما يؤكد سيطرة الحكومة على القوات المسلحة التي هيمنت في وقت من الأوقات على الحياة السياسية في البلاد.

لكن في الوقت نفسه لم يخف اردوغان طموحه لخوض انتخابات الرئاسة بعد أن تنتهي فترة ولايته الثالثة كرئيس للوزراء رغم أن حزب العدالة والتنمية قد يغير أيضا اللائحة الداخلية للحزب بما يسمح لاردوغان بالسعي للترشح لفترة رابعة كرئيس للوزراء.

لكن شعبية اردوغان في الداخل والخارج تراجعت بعد الحملة الضارية التي شنها على محتجين معارضين للحكومة في الاونة الاخيرة، كما أثرت التحركات الإقليمية للنظام الاستبدادي في تركيا والذي يحكم منذ عقد تقربيا، في تدويل الأزمات داخل سوريا ومصر وبلدان أخرى.

في الوقت نفسه تتهم تركيا دولا غربية وعربية بالكيل بمكيالين لعدم استنكارها الاطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين، والواقع انها تتبع سياسية تكيل بمكيالين، فهي تناشد بالحرية وتطالب بالحقوق الإنسانية والمساواة والعدالة الاجتماعية من جهة للدول الخارجية، ومن جهة أخرى تستخدم هذه الدول كل وسائل ضد شعبها.

ويرجع موقف تركيا جزئيا إلى تاريخها الذي شهدت فيه ثلاثة انقلابات منذ عام 1960 والاطاحة بأول حكومة اسلامية فيها في 1997 وهي احداث اشار اليها اردوغان في خطابه، وقد أثرت الاحتجاجات التي دارت في تركيا مؤخرا على سياستها وعلاقتها الخارجية مع العديد من الدول الإقليمية كمصر وسوريا، بينما يواجه الاقتصاد التركي الذي قدم على انه نموذج سليم بين الدول الناشئة، عواقب التباطؤ الاقتصادي العالمي، ويشير المراقبون ايضا الى ان اقتصاد تركيا سجل ضعفا بسبب وضعها الجغرافي في منطقة تشهد اضطرابات كبرى تهز الدول المجاورة لها، اي سوريا والعراق وايران ومصر، وخلافا لكل الدول الناشئة الاخرى، مثل الهند والصين او البرازيل، تملك تركيا القليل من الموارد. وبالتالي فان الاستثمارات الاجنبية تشكل حاجة لا مفر منها لتمويل النمو، حيث اعرب العديد من المحللين عن الخشية من هروب الاستثمارات الاجنبية من تركيا بسبب الحركة الاحتجاجية الاخيرة المناهضة لرئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، مما وضعه في موقف لايحسد عليه.

وعليه يرى معظم المحللين السياسيين إن الحكومة تركية واردوغان في حالة ترقب وخشية من عودة ساخنة للحركة الاحتجاجية المناهضة للحكومة في الاونة المقلبة، في ظل انعدام الثقة وتخفيف حدة الصراع بين الحكومة الإسلامية والمعارضة اللبرالية، فمن المرجح أن تضفي تداعيات الاحتجاجات بواعث خطيرة على الاقتصاد والحقوق وبالأخص على المسار السياسي مستقبلا، التي وضعت البلاد في حالة من عدم الاستقرار في المجالات كافة.

عودة ساخنة من العطلة الصيفية في تركيا

في سياق متصل، "في كل مرة يتكلم فيها اردوغان، تتجدد التعبئة" هذا ما قاله الشاب التركي الذي قدمته وسائل الاعلام على انه رمز الحركة الاحتجاجية المناهضة للحكومة في حزيران/يونيو، والذي يتوقع استئناف الحركة مع العودة من العطلة الصيفية قبل استحقاقات انتخابية، وقال اردم غوندوز الذي عرف في وسائل الاعلام ب"الرجل الواقف" في مقابلة مع وكالة فرانس برس "ان نقطة لاعودة تم اجتيازها" وانه في كل مرة يخرج فيها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عن صمته، "تتصاعد حدة التوتر وتتجدد التعبئة".

ففي حزيران/يونيو الماضي ادى مشروع اعادة تهيئة عمرانية يشمل خصوصا ازالة حديقة جيزي مع اشجارها الى موجة احتجاجات تحولت الى تعبئة ضد الحكومة الاسلامية المحافظة برئاسة حزب العدالة والتنمية، وتسببت اعمال العنف بمقتل خمسة اشخاص واصابة نحو ثمانية الاف اخرين بجروح بحسب المنظمات. كما تم توقيف مئات المتظاهرين.

وقال غوندوز ان التصريحات المدوية لرئيس الحكومة التي "تحث النساء التركيات على الانجاب ثلاثة اولاد لزيادة الولادات في البلاد، ودعوته للحد من استخدام حبوب منع الحمل غداة ذلك، ثم القيود التي تم التصويت عليها بشأن بيع الكحول" هي التي دفعت مصمم الرقص الشاب (34 عاما) الى القيام بتحركه، واعتبر "ان هذه السياسات تنال من الحريات الفردية (...) ولا يملك اي زعيم القدرة على التدخل في ما اعتبره من خصوصيات المواطنين".

وبعد سخطه على هذه القرارات وايضا على غياب التغطية من قبل محطات التلفزة الوطنية في اوج الحركة الاحتجاجية، وقف اردم غوندوز في وسط ساحة تقسيم في 17 حزيران/يونيو جامدا في مكانه على بعد بضعة امتار من حديقة جيزي معقل الاحتجاج مركزا نظره على صورة اتاتورك الاب المؤسس لتركيا الحديثة، وقال "كنت اعلم ان وكالة انباء تركية تملك مكاتب في الساحة ففكرت ان تحركي سيمنع الصحافيين من القول ان +لا شيء يحدث في تقسيم+. فوجود رجل واقف خلال ساعات مسمرا في مكانه لم يكن بدون قيمة"، و"الرجل الواقف" ظل جامدا بدون حراك في مكانه خلال ساعات محاطا بمارة جاؤوا لدعمه او تقليده وكذلك عناصر شرطة فضوليين. بحسب فرانس برس.

ومع بدء العطلة الصيفية وشهر رمضان لم تعد التظاهرات تجذب الجمهور كما كانت من قبل، واضاف اردم غوندوز الذي يتابع اكثر من 30 الف مستخدم حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، "في الوقت الحاضر يبدو كل شيء هادئا لكن ذلك ليس الا في الظاهر. ففي كل مكان في سائر ارجاء تركيا وعلى شبكات التواصل الاجتماعي يتحدث الجميع عن تحرك"، لكنه لن يشارك فعلا في التحرك بعد ان كان هدفا لهجمات عديدة وشائعات كاذبة. وروى في هذا الخصوص "وصفوني بانني عميل لسي آي ايه" و"قالوا انني ضد الحجاب واعيش مع رجل، كما انني لجأت الى القنصلية الالمانية..."، واذا كانت التجمعات اقل عددا واقل جذبا للناس، فانه في كل حدث ثقافي او رياضي تتكاثر شعارات جيزي. والحشد الذي جاء البعض منه حاملا اقنعة واقية من الغاز الى اسطنبول لمناسبة حفلة موسيقية لفرقة آيرون ميدن البريطانية كان يهتف ل"المقاومة"، وفيما من المقرر اجراء انتخابات بلدية ورئاسية في 2014، يبدو اردم غوندوز "مقتنعا بان الحراك سيستأنف مع العودة من العطلة في ايلول/سبتمبر بطريقة او باخرى"، وقال "ان الامر اشبه بلعبة الشطرنج، بامكانهم كسب شوط لكننا سنتمكن من كسب الثاني ثم وضع افضل البيادق وربما سنتمكن في النهاية من قلب الملك والصياح +الملك مات+".

تعين قادة جددا للجيش مع تعزيز الحكومة سيطرتها

فيما عينت تركيا قادة جددا للجيش في اطار تغييرات شاملة في القيادات الكبرى فيما يؤكد سيطرة الحكومة على القوات المسلحة التي هيمنت في وقت من الأوقات على الحياة السياسية في البلاد، ويواجه ثاني أكبر جيش في حلف شمال الاطلسي تحديات متعددة مع امتداد الصراع في سوريا المجاورة عبر الحدود اضافة الى ان العملية السلمية مع المتشدين الأكراد تبدو هشة بدرجة متزايدة.

وقوض رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي رأس اجتماعا للمجلس العسكري الأعلى نفوذ الجيش منذ ان تولي حزبه العدالة والتنمية السلطة أول مرة في عام 2002. وقام الجيش العلماني بثلاثة انقلابات في الفترة بين 1960 و1980 وأطاح بأول حكومة يقودها اسلاميون من السلطة في عام 1997، ويتخذ المجلس القرارات الخاصة بالترقيات والإحالة الى التقاعد لكبار الضباط في كل عام في اجتماعه الذي يعقد في الثالث من اغسطس اب وكان من المتوقع ان يجري تغييرات كبرى في اجتماعه، وكان قرار التقاعد الإجباري لقائد قوات الأمن الجنرال بكير كاليونجو الذي كان في مقدمة المرشحين لتولي قيادة القوات البرية هو أكثر قرارات المجلس مفاجأة، وذكرت تقارير اعلامية ان أنقرة كانت تعارض تولي كاليونجو قيادة القوات البرية لانه يعتبر منتقدا للحكومة وظهر اسمه في الأقوال التي ادلى بها في محاكمة ما أطلق عليه مؤامرة ارجينيكون المزعومة على حكومة أردوغان. بحسب رويترز.

ومن المقرر صدور حكم في قضية مؤامرة ارجينيكون، وعين الجنرال هولوسي أكار بدلا من كاليونجو قائدا للقوات البرية ووفقا للاعراف يتوقع ان يحل محل الجنرال نجدت اوزيل قائدا عاما للقوات المسلحة في عام 2015، وأعلنت الاركان العامة على موقعها على الانترنت تعيين نائب الاميرال بولنت بستان أوغلو قائدا للقوات البحرية واللفتنانت جنرال اكين أوزترك قائدا للقوت الجوية والجنرال ثروت يوروك قائدا لقوات الامن، وأعلنت قرارات المجلس بعد ان صدق عليها الرئيس عبد الله جول.

شجب التوقيعات الدولية على رسالة مفتوحة

كما ندد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بالموقعين على رسالة مفتوحة نشرت في صحيفة التايمز البريطانية وتنتقد صراحة قمع حكومته للتظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها تركيا في حزيران/يونيو الماضي، وقال اردوغان لعدد من الصحافيين في اسطنبول ان "وصف حكومتنا ب+الديكاتورية+ لا ينم سوى عن وقاحة منقطعة النظير".

واعتبر اردوغان ان الموقعين على هذه الرسالة "اشخاص يؤجرون اقلامهم، انهم سفهاء"، واكد ان حكومته ستباشر "اجراءات قانونية" ضد التايمز التي اتهمها ب"قلة الاخلاق" وب"تأجير صفحاتها مقابل المال"، وكانت هذه الصحيفة نشرت على صفحة كاملة هذه الرسالة المفتوحة لاردوغان، ونددت الشخصيات الثلاثون الموقعة على هذه الرسالة بتعامل السلطات الذي اعتبرته وحشيا مع حشود المحتجين في حزيران/يونيو الماضي. بحسب فرانس برس.

وقال هؤلاء، ومن بينهم عازف البيانو التركي فاضل ساي والممثل الاميركي شون بن والمخرج ديفيد لينش والممثلة سوزان ساراندون والمؤرخ البريطاني ديفيد ستاركي، "نحن ... نكتب هذه الرسالة لادانة القمع العنيف الذي استخدمته قوات شرطتك لتظاهرات سلمية"، واضافة الى تدخل الشرطة نددت هذه الشخصيات المشهورة عالميا بالوضع الاعلامي في البلاد حيث "يزيد عدد الصحافيين القابعين في السجون عنه في الصين او في ايران"، وذهب الموقعون الى حد مقارنة التجمعات الضخمة المؤيدة لحزب العدالة والتنمية الحاكم التي نظمت الشهر الماضي ردا على التظاهرات الاحتجاجية، بالتجمعات التي كانت تنظم في المانيا النازية تاييدا لادولف هتلر ووصفت نظام اردوغان ب"الديكاتوري"، وخلفت حركة الاحتجاج على النظام التركي، المتهم بالاستبداد وبالرغبة في اسلامة المجتمع، خمسة قتلى ونحو ثمانية الاف جريح.

اردوغان ينتقد ما يجري في مصر

من جهته اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان دولا غربية وعربية "بالكيل بمكيالين" لعدم استنكارها الاطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين، كانت تركيا أحد أشد المنتقدين في الخارج لما وصفته بأنه "انقلاب غير مقبول" بعد ان عزل الجيش المصري القوي الرئيس المنتخب من منصبه في وقت سابق من هذا الشهر.

ورغم ان الولايات المتحدة عبرت عن قلقها تجاه عزل مرسي ودعت إلى سرعة العودة للديمقراطية مثلما فعل الاتحاد الاوروبي الا ان واشنطن او بروكسل لم تصفا ما جرى في مصر بانه انقلاب عسكري وهو ما كان يمكن ان يؤدي إلى فرض عقوبات، واحتفلت دول عربية خليجية تعتبر مصر حليفا استراتيجيا امام اي تهديد من ايران برحيل مرسي واعربت عن ارتياح ملحوظ، وقال اردوغان امام سفراء غربيين وعرب مساء يوم الخميس "الدول التي تدعو للديمقراطية وتحرص عليها يجب الا تكيل بمكيالين تجاه هذا النوع من الاحداث ويجب عليهم ان يقولوا ان شيئا ما خطأ عندما يكون هناك شيء ما خطأ"، وقال اردوغان لضيوفه في دعوة افطار رمضانية "نريد ان نرى موقف هؤلاء الذين يتشدقون بالديمقراطية عندما يلتقون بنا قائلين ان على المرء الا يتنازل عن الديمقراطية"، وتساءل اردوغان عن سبب صمت العالم عن 99 شخصا على الاقل قتلوا منذ الاطاحة بمرسي.

وقال للدبلوماسيين الذين جلسوا في قاعة في مقر حزب في انقرة "لماذا لا تتكلمون؟ هيا تكلموا ضد ذلك. ليس هناك معنى لأن تترددوا، "اذا لم تتكلموا في هذا الموقف ففي أي موقف تتكلمون؟"، وكان اردوغان نجما يحظى بترحيب الجماهير في العالم العربي قبل عامين فقط عندما بدا ان تركيا ستوسع نفوذها وعلاقاتها التجارية في المنطقة بدافع من دعمه لانتفاضات الربيع العربي، وهتف المصريون للزعيم التركي هتاف الابطال في ميدان التحرير عام 2011 عندما كان بين اول قادة عالميين يطلبون من مبارك التنحي.

وحذرت الحكومة الانتقالية الجديدة في القاهرة انقرة من التدخل في الشؤون الداخلية المصرية واستدعت السفير التركي في القاهرة. ولم يكن السفير المصري في انقرة حاضرا للافطار الذي استضافة اردوغان.

جامعة حلب تسحب الدكتوراه الفخرية من اردوغان

على صعيد ذو صلة قررت جامعة حلب سحب شهادة الدكتوراه الفخرية التي منحتها في العام 2009 لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، وذلك "بسبب تأمره على الشعب السوري" و"ممارساته التعسفية" بحق المحتجين الأتراك، بحسب ما افادت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا)، وقالت الوكالة ان مجلس الجامعة "قرر سحب شهادة الدكتوراه الفخرية في العلاقات الدولية التي منحها عام 2009 لرئيس حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا رجب طيب أردوغان وذلك بسبب تآمره على الشعب السوري وممارساته التعسفية بحق المحتجين الأتراك".

ونقلت الوكالة عن رئيس جامعة حلب خضر الأورفلي ان قرار سحب الشهادة يعد "رسالة تضامن قوية مع الشعب التركي الصديق الرافض لسياسات أردوغان العدائية"، معتبرا ان هذا الشعب هو من يستحق التقدير لأنه "يواصل التعبير عن تطلعه لتعزيز أواصر الصداقة والأخوة بين الشعبين الجارين". بحسب فرانس برس.

وكانت كلية الاقتصاد في الجامعة منحت اردوغان الدكتوراه الفخرية في العلاقات الدولية تقديرا "لمواقفه المشرفة وخاصة موقفه من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة" في العام 2008، والذي تسبب بأزمة سياسية ودبلوماسية بين اسرائيل وتركيا، وشجب أعضاء مجلس الجامعة "الممارسات اللاأخلاقية واللاإنسانية لأردوغان تجاه الشعب السوري وتعمده تمزيق الروابط التاريخية الوثيقة التي تربط بين البلدين والشعبين الجارين" بحسب الوكالة.

الاقتصاد التركي يظهر مؤشرات ضعف

على صعي مختلف اعلن محمد سيمسك ان "قرارات الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الاميركي) والظروف الاقتصادية العالمية اوجدت مخاطر دفعت الى اعادة النظر بخفض التوقعات"، مؤكدا في الوقت نفسه ان بلاده ستواصل انتهاج سياسة الانضباط المالي الصارم، وقال ان قرار التاكيد في هذا الشان سيتخذ في الاسابيع المقبلة، معربا عن الاسف للانكماش في منطقة اليورو، ابرز شريكة اقتصادية لتركيا المرتبطة جدا بها.

وقرر البنك المركزي التركي زيادة 75 نقطة اساسية على معدل الفائدة على المدى القصير والذي انتقل من 6,50 بالمئة الى 7,25 بالمئة. والهدف هو استقرار الليرة التركية التي فقدت 8,5 بالمئة من قيمتها مقارنة بالدولار منذ شهر ايار/مايو، وباعت السلطات النقدية 6,4 مليارات دولار في محاولة لاعادة رفع سعر صرف العملة الوطنية منذ بداية حزيران/يونيو، لكن هذا التدخل لم يعط سوى مفاعيل محدودة جدا.

وقال معمر كومورجو اوغلو الخبير الاقتصادي في بنك "آي ان جي"، ان "الوزير اعلن ما كان الجميع يخشاه. وهو ان التوقعات بتحقيق 4 بالمئة (من النمو) لهذه السنة تصبح اقل ترجيحا"، وبحسب هذا المحلل، فان البنك المركزي قد يقرر في الاشهر المقبلة زيادة معدلات فوائده مرة اخرى وببضع مئات النقاط بالتاكيد بهدف جذب الرساميل الاجنبية التي تشكل عنصرا اساسيا لسلامة الاقتصاد التركي ونموه، ويوافق على هذا الراي المحللون في بنك باركليز الذين يعتبرون ان البنك المركزي التركي قد يجد نفسه مدفوعا الى زيادة معدلات فوائده مرة جديدة اذا بدأ الاحتياطي الفدرالي الاميركي في الخريف سحب دعمه اللاقتصاد الاميركي.

وبضخه عشرات مليارات الدولارات كل شهر في البنيات المالية، اسهم البنك المركزي الاميركي في اغراق الاسواق الناشئة بالسيولة. وسحب هذا الدعم هو الذي يخيف اليوم تركيا حيث اسهم احتمال تراجع هذه الرساميل الاجنبية مصحوبا بالاضطرابات الاجتماعية الاخيرة، في خفض قيمة الليرة التركية. بحسب فرانس برس.

واعتبر خبراء مكتب الاستشارات في "كابيتال ايكونوميكس" ان الليرة والسندات التركية المسعرة بالدولار، الاكثر اداء في المنطقة الاوروبية الناشئة في بداية العام، اصبحت الاقل اداء، وقال مكتب "كابيتال ايكونوميكس": "نعتبر ان حاجات التمويل الخارجي ستبقي الليرة تحت الضغط التي ستفقد من سعر صرفها ليصبح سعر الدولار 2,05 ليرة تركية من الان وحتى نهاية 2014، كما قال مكتب كابيتال ايكونوميكس.

والليرة التركية التي سجلت رقما قياسيا من 1,98 (مقابل الدولار) في بداية الشهر، جرى التداول بها الجمعة بسعر 1,92 للدولار الواحد مقابل 1,80 في ايار/مايو الماضي، وفضل رئيس الحكومة الاسلامية المحافظة رجب طيب اردوغان حتى الان انتهاج سياسة معدل فائدة متدن لكي لا يبطىء النمو مع اقتراب الانتخابات البلدية والرئاسية المتوقعة في 2014، لكن يتعين على الحكومة التركية من الان فصاعدا ان تاخذ في الحسبان زيادة الاسعار التي تفاقمت بفعل تدهور سعر صرف الليرة في بلد يسجل فيه الميزان التجاري عجزا، وبعد ازمة مالية خطيرة في 2001، دخل الاقتصاد التركي في فترة من النمو القوي بعد وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة في 2002 (منبثق من التيار الاسلامي) مع ارقايم قياسية من 8 بالمئة في 2010 و2011، لكن القفزة التركية التي اثارت غيرة الشركاء الاوروبيين عادت وتراجعت مع نمو من 2,2 بالمئة في 2012 وتضخم تسارعت وتيرته الى 8 بالمئة وفق وتيرة تراجعه السنوية في حزيران/يونيو. وتوقعت الحكومة تضخما من 5 بالمئة في نهاية العام.

ذكرى الاحتجاجات تحرك ركود مبيعات التجار في تركيا

الى ذلك بات امام التجار الاتراك الذين اشتكوا من ركود اعمالهم في شهر حزيران/يونيو الماضي طريقة جديدة لزيادة مبيعاتهم، وهي عرض المنتجات التي تخلد الاحتجاجات الشعبية ضد الاشغال الحكومية في حديقة جيزي في اسطنبول.

وتقول بينار باد وهي بائعة في جادة استقلال في الثلاثين من عمرها "لم يعد لدي الكثير من القمصان"، فإلى جانب الملابس التي تبيعها هذه الشابة، مجموعة من القمصان تحمل شعارات المتظاهرين، وتقول ان هذه القمصان المكتوب عليها "اصمدي جيزي" الى جانب العصفور الازرق الذي يرمز الى موقع تويتر، او "انا مدمن على الكحول" في رد على اتهامات رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان للمتظاهرين، تنفد بسرعة كبيرة، وتضيف "لم يكن أحد يتوقع ان تلاقي هذه القمصان اقبالا كهذا".

يقول روي، وهو بائع في الرابعة والعشرين من عمره تكسو الاوشام جسمه، "صاحب العمل اشتراكي، في بداية الاحتجاجات كنا نوزع مجانا كل هذه المقتنيات المتعلقة بحديقة جيزي، لكننا الان بحاجة الى تعويض الخسائر"، ويبيع روي للشباب المهتمين منتجات متصلة بالحركة الاحتجاجية، منها اكواب قيمة الواحد منها 12 ليرة تركية (ستة دولارات)، وقمصان سعر الواحد منها 15 ليرة (سبعة دولارات)، ويقول وهو يعرض بضاعته على الزبائن "نحن كنا مع المتظاهرين.. من كل قلبنا".

والزبائن هم اما من السياح الراغبين في الحصول على تذكارات، أو من الاتراك الذين ينوون ارتداء هذه الملابس في التجمعات في ساحة تقسيم، وهي طريقة للتعبير عن الموقف السياسي، بحسب روي، وبالاضافة الى هذه المنتجات التي يبيعها التجار لتعويض خسائرهم، تباع ايضا مقتنيات ابتكرت خصيصا لمساندة المسجونين على خلفية الاحتجاجات.

فقد اطلق مصمم تركي حقيبة تكسوها صور شهيرة من الاحتجاجات، ويعود ريع هذه المبيعات الى النساء المسجونات، وتستفيد الصحافة الساخرة ايضا من هذا الجو، ويقول ارغول (50 عاما) وهو بائع صحف في ساحة تقسيم "المجلات الشهرية التي غطت احداث تقسيم والتي ساندت الحركة الاحتجاجية بيعت اكثر من غيرها بكثير... بعنا منها المئات والمئات. انه أمر لا يصدق"، وفي المكتبات، تشهد الكتب الاولى الصادرة عن موضوع احتجاجات تقسيم اقبالا واسعا منقطع النظير، وقد طبع كتاب "الايام الثلاثون التي هزت تركيا- مقاومة حديقة جيزي" احدى عشرة مرة، ويقول ناشره دار جمهوريات كتابلاري "الكتاب يباع في كل مكان في تركيا وليس فقط في المدن الكبرى". بحسب فرانس برس.

ويدرس هذا الكتاب خفايا الحركة الاحتجاجية الى جانب سرده لوقائعها. ويشير الى ان 60% من المتظاهرين التحقوا بالاحتجاجات شعورا منهم بأن "حرياتهم تتقلص يوما بعد يوم"، و69% منهم حركتهم مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة في التظاهرات، وقد شملت هذه الدراسة 4411 شخصا واجريت بين السادس والسابع من حزيران/يونيو، وتؤكد دار النشر انها عاجزة عن تلبية كل طلبات الشراء التي تردها من المتاجر بسبب كثرتها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/آب/2013 - 7/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م