إسالة الدم... طريقة تداوي الأمراض في الهند

 

شبكة النبأ: على أحد أرصفة وسط المدينة القديم في نيودلهي، تشق ليلافاتي ديفي أحد أوعيتها الدموية بشفرة حلاقة في إطار ممارسة جد شائعة في الهند تخرج عن سيطرة الطب الحديث وتتم انطلاقا من معتقدات دينية في بعض الأحيان، وبداعي الفقر في أغلبها.

وتوكل ليلافاتي وهي أم لثلاثة أطفال "طبيبها" محمد غياس إسالة الدم غير النقي من عروقها، ظنا منها أنه سبب لها إلتهابا في المفاصل. وأكدت ليلافاتي أن "العلم والطب الحديث فشلا معي". وقام أحد مساعدي هذا الطبيب التقليدي بصب المياه الباردة على يديها النازفتين ودهنهما بمسحوق من الأعشاب رمادي اللون.

وهي شددت قائلة إن إسالة الدماء عمدا من الشرايين المعروفة علميا بمصطلح الفصد "هي الطريقة الوحيدة لتسكين آلام المفاصل التي أعانيها"، معربة عن امتنانها للطبيب الثمانيني.

ويستخدم هذا العلاج منذ آلاف السنوات لمداواة الأمراض على أنواعها، لكن أغلبية بلدان العالم قد تخلت عنه على ضوء تقدم الطب الحديث.

وهو لا يزال معتمدا في المناطق الفقيرة في الهند وتلك النائية التي تعد الخدمات الطبية فيها جد مكلفة. وطوابير الانتظار تزداد طولا أمام عيادات الأطباء المشكوك في شهاداتهم.

ويعاين الطبيب محمد غياس نحو خمسين مريضا في اليوم الواحد في مسجد جاما الأكبر في البلاد. بحسب فرانس برس.

من الشلل إلى السكري، في وسع الفصد معالجة الامراض جميعها، حتى سرطان الرحم، على حد قول الطبيب. وأكد محمد غياس أن "المبدأ الأساسي لهذا العلاج يقضي بأن الدم غير النقي هو سبب العلل جميعها. ويؤدي التخلص منه إلى حل المشاكل الصحية جميعها".

وقد نقل له والده تقنية الفصد وهو يزاول مهنة الطبابة منذ 40 عاما. وشرح قائلا أن "اول معيار هو تحديد مسار الدم غير النقي، وينبغي التحقق من حال كل شريان قبل شقه".

وقبل الزيارة، يطلب الطبيب من المرضى الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة لمدة 40 دقيقة مع تضميد الأذرع والأرجل لدفع الدم إلى سطح البشرة.

ولفت الطبيب إلى أنه لا يتقاضى أجرا من المرضى في أغلب الأحيان، لكنهم يدفعون 40 روبية (50 سنتيما من اليورو) لمساعديه.

وقال الطبيب الذي يعيش على نفقة أحد أبنائه الذي يعمل في مجال التجارة إن "المرضى الذين يلجأون إلى خدماتي لا يملكون أموالا كثيرة، فماذا عساني آخذ منهم؟". وأكد طبيب آخر يدعى محمد إقبال أن "ممارساتنا لا تختلف كثيرا عن وصفات الطب التقليدي. ونحن لا نبغى الربح، فجل ما يهمنا هو رفاه المريض".

وتضم الهند مستشفيات نظيفة وحديثة، لكنه يتعذر على الكثير من السكان تكبد تكاليف خدماتها. فقد سمح النمو السريع الوتيرة بدفع عجلة مبادرات مكافحة الفقر في البلاد. لكن نظام الصحة العامة لا يزال مقصرا في حق 1,2 مليار مواطن، وفق ما جاء في تقرير صادر عن منظمة "أوكسفام" غير الحكومية.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، تسجل الهند مستويات هي من الأكثر تدنيا في العالم على صعيد الاستثمارات العامة في مجال الصحة. وليس الفقر السبب الوحيد الذي يدفع السكان إلى اللجوء إلى هذا النوع من العلاجات. فبعضهم مقتنع بمنافع الفصد.

وقد أكد جايانت كومار البالغ من العمر 42 عاما أنه استعاد قدرته على المشى بفضل هذا العلاج.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 14/آب/2013 - 6/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م