التمييز العنصري... بين ثقافة كراهية وجهل مركب

 

شبكة النبأ: رغم ان جميع الاتفاقية الدولية تنص على احترام الحقوق والحريات الأساسية لجميع البشر، ومن دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الأصل أو اللغة أو الدين، لاتزال أشكال التمييز العنصري والتعصب والإقصاء قائمة في العديد من دول العالم وخصوصا بعض الدول المتقدمة التي تدعو الى الحرية والمساواة وهو ما يعتبر مخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة الذي يقوم علي مبدأي الكرامة والتساوي بين جميع الناس فالجميع متساوون أمام القانون.

وبحسب بعض المتخصصين فان مشكلة التمييز العنصري هي حدث يومي ومستمر تعيق تقدم الملايين من الناس في كافة أنحاء العالم. بدءا من حرمان الأفراد من مبادئ المساواة وعدم التمييز الأساسية إلى تغذية الكراهية التي قد تؤدي إلى الإبادة الجماعية، وتعمل العنصرية والتعصب على تدمير المجتمعات. ويعتبر النضال ضد العنصرية مسألة تتصف بالأولوية للمجتمع الدولي، ومبدأ المساواة يتطلب من الدول أن تعتمد تدابير خاصة للقضاء على الظروف التي تسبب التمييز العنصري أو تساعد على استدامته.

وفي هذا الشأن فقد شارك آلاف بينهم النجمة الاميركية بيونسيه وزوجها جاي زي في تظاهرات في عدد من المدن الاميركية من اجل المطالبة "باحقاق العدل" بعد تبرئة قاتل الشاب الاسود تريفون مارتن.وفي ميامي، قال تراسي مارتن والد الشاب البالغ من العمر 17 عاما وقتل في شباط/فبراير 2012 ان "موت ابني يجب ان يجلب تغييرات لمجتمعنا ويساهم في الغاء القوانين التي تسمح بتقل شخص لمجرد انه يعتبر مشبوها".

واكد جورج زيمرمان الذي قتل مارتن، ان عمله هذا جرى في اطار الدفاع الشرعي عن النفس. وقد برأته هيئة للمحلفين في ولاية فلوريدا (جنوب شرق).لكن عددا كبيرا من المتظاهرين في ميامي عبروا عن خيبة امل لضعف المشاركة في التظاهرات. كما تأخر الحدث حوالى نصف الساعة بسبب امطار غزيرة.وفي نيويورك طالب آلاف في اجواء من الحر الشديد، باحقاق العدل.وقالت والدة الشاب الاسود سيبرينا فولتون، ان ابنها كان سيشعر "بالفخر" بتصميم المتظاهرين.

وحضرت النجمة الاميركية بيونسيه وزوجها جاي زي الى التظاهرة. واكد آل شاربتن المناضل في الدفاع عن الحقوق المدنية الذي دعا الى التظاهر، ان المغنيين "لم يأتيا لالتقاط الصور بل للتضامن مع عائلة" تريفون مارتن.واضاف "كما قال لي جاي زي انه اب وبيونسيه ام. كلنا لدينا اولاد وناخف. القوانين يجب ان تحمي الجميع".

وعلى موقفعها الالكتروني ذكرت بيونسيه بمقتل ايميت تيل وهو شاب اميركي افريقي كان في الرابعة عشرة من عمره في 1955. وقالت "علينا ان نناضل من اجل تريفون باطريقة نفسها التي قاتل فيها الجيل السابق من اجل ايميت تيل".وقالت لورناتيرنر (54 عاما) انها جاءت لان ابنها البالغ من العمر 17 عاما وقع ضحية تمييز من قبل شرطة بروكلين.وروت "لم اشارك يوما في حدث من هذا النوع لكن لدي شعر بانني يجب ان اكون هنا".

وكان اوباما اول رئيس اسود للولايات المتحدة، قال "كان يمكن ان يكون تريفون مارتن قبل 35 عاما".لكن الرئيس الاميركي تجنب انتقاد حكم هيئة المحلفين الذين اعتبروا ان زيمرمان قام بالدفاع المشروع عن النفس. وقال "لقد اصدرت هيئة المحلفين حكمها، وبهذه الطريقة يسير نظامنا".واكد انه "يتفهم مسألة تنظيم تظاهرات وسهرات ما دامت بقيت غير عنيفة". واضاف "اذا وقعت اعمال عنف، سأذكر عندئذ بأنها لا تليق بما حصل مع تريفون مارتن ومع عائلته".

وفي نيويورك قالت والدة الشاب انها تصر على ان تبقى التظاهرات "سلمية"، مؤكدة ان "عائلتي متألمة اكثر من اي اسرة اخرى، لذلك ارجو ضبط النفس".وفي واشنطن، تجمع مئات الاشخاص امام محكمة فدرالية تبعد مئات الامتار عن الكونغرس.وفي اجواء عائلية، ارتدى عدد من المتظاهرين قمصانا تحمل صورة تريفون مارتن بينما رفع آخرون لافتات كتب عليها "حرية وعدالة للجميع" و"جئنا من اجل ترفون مارتن".وقال ميرلينباوي رب العائلة الاسود الذي جاء مع زوجته وولديه "نريد احقاق العدل والعدالة". واضاف "لا يمكن اطلاق النار على شخص ثم الادعاء بانها حالة دفاع عن النفس".بحسب فرانس برس.

وفي شيكاغو تجمع مئات الاشخاص في وسط المدينة وهم يهتفون "لا عدالة لا سلام".واكدت دوروثس ملاي (66 عاما) "جئت لدعم عائلة تريفون مارتن والانضمام الى هذه الحركة التي آمل ان يجعل الجميع يعون ان العنصرية ما زالت حية".وقد اعلنت وزارة العدل الاميركية انها تدرس امكان توجيه تهم الى زيمرمان اذا تبين لها انه انتهك الحقوق المدنية للشاب الاسود.

إنسان الغاب

في السياق ذاته شبه عضو بارز في البرلمان الإيطالي من حزب رابطة الشمال المناهض للمهاجرين أول وزيرة سوداء في إيطاليا بإنسان الغاب لكنه اعتذر بعد تعرضه لسيل من الانتقادات.ومنذ تعيين سيسيليكيينجي وهي إيطالية تنحدر من الكونغو الديمقراطية وزيرة للاندماج وهي تتعرض لسلسلة من الإهانات العنصرية.وقال روبرتو كالديرولي نائب رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي في تجمع سياسي ببلدة تريفيجليو بشمال البلاد “أنا أحب الحيوانات.. الدببة والذئاب.. كما يعرف الجميع.. لكن عندما أرى صورا لكيينجي لا يسعني إلا أن أفكر في إنسان الغاب ولكني لا أقول انها كذلك”.وأضاف أن نجاح كيينجي شجع المهاجرين بشكل غير مشروع علىالمجيءإلىإيطالياومنالواجبأنتكونوزيرةفيبلدهاكماوردفيتقاريرصحفية.

ووجه عدد من الساسة منهم اعضاء من حزبه انتقادات لكالديرولي وطالب بعضهم باستقالته من منصب نائب رئيس مجلس الشيوخ. وقال رئيس الوزراء الإيطالي انريكو ليتا في تصريح رسمي وعلى حسابه على موقع تويتر ان تصريحات كالديرولي غير مقبولة.وأضاف ليتا انها تصريحات كالديرولي تتجاوز كل الحدود. نتضامن مع سيسيلي وندعمها تماما. امض قدما في عملك وفي عملنا.

و قال كالديرولي انه لا ينوي الاستقالة من منصبه ولم يقدم سوى اعتذار لائق.وقال لم أكن أقصد الإهانة وإذا كانت الوزيرة كيينجي شعرت بالإهانة فأنا آسف.. لكن تصريحاتي جاءت خلال كلمة سياسية أوسع نطاقا انتقدت الوزيرة وسياساتها.ولكن بعد ادانات شبه عالمية استمرت لساعات وتغطية موسعة لوسائل الاعلام العالمية اتصل كالديروليبكيينجي ليعتذر لها بشكل مباشر.

وقالت وكالة الانباء الإيطالية الرسمية (انسا) تحدثت للتو مع الوزيرة كيينجي واعتذرت.وتقوم كيينجي بحملة لتسهيل حصول المهاجرين على الجنسية وتدعم قانونا يتيح لاي شخص ولد على الاراضي الإيطالية الحصول على الجنسية بشكل تلقائي.ووجهت إهانات للوزيرة من جماعات يمينية متطرفة قالت عنها إنها قردة الكونجو وزولو و”السوداء الكارهة لإيطاليا.وفي وقت سابق طرد عضو من رابطة الشمال في البرلمان الأوروبي لتوجيه إهانات للوزيرة.وكثيرا ما يتسم أسلوب كالديرولي بالعدوانية وهو سياسي معارض شغل مرتين منصبا وزاريا خلال عهد رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني.بحسب فرانس برس.

وفي عام 2006 اجبر على الاستقالة من منصب وزير الإصلاح بعد ارتدائه قميصا يسخر من النبي محمد خلال نشرة إخبارية في قناة حكومية. وفي وقت لاحق من العام ذاته بعد أن فازت إيطاليا بكأس العالم لكرة القدم ادلى بتصريحات عنصرية عن الفريق الفرنسي.وقبل اعتذار كالديرولي قالت كيينجي لوكالة إيه.جي.آي إنه يجب أن يفكر في مسؤوليته كعضو كبير في مجلس الشيوخ.وأضافت لا أريد أن أخاطب كالديرولي كشخص بل باعتباره ممثلا لمؤسسة فكر فيما تقول.

لوبان تفقد الحصانة

على صعيد متصل أصبح بإمكان السلطات الفرنسية تحريك دعوى قضائية، بالتحريض على العنصرية، ضد زعيمة حزب اليمين المتطرف، مارين لوبان، بعد رفع الحصانة البرلمانية عنها.وكانت السلطات الفرنسية رفعت دعوى قضائية، في 2011 ضد مارين لوبان بتهمة التحريض على العنصرية، لتشبيهها مشهد صلاة المسلمين في شوارع باريس بالاحتلال النازي لفرنسا.وقد أفلتت من المحاكمة وقتها بفضل الحصانة البرلمانية، التي تتمتع بها بوصفها نائبة في البرلمان الأوروبي.ولكن لجنة برلمانية أوروبية رفعت عن لوبان هذه الحصانة، في تصويت سري.

وعندما شرعت اللجنة البرلمانية، أول مرة، في النظر في قضية رفع الحصانة، اختفت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، عن الأنظار. وقد أرسلت نائبا في البرلمان الأوروبي ليمثلها.ويفتح هذا الإجراء الطريق أمام السلطات الفرنسية لتحريك القضية من جديد ضد زعيمة اليمن المتطرف، الذي حصد 18 في المئة من الأصوات في الدور الأول من انتخابات الرئاسة الأخيرة.وقد أدلت لوبان بتصريحاتها في تجمع لحزبها في مدينة ليون، جنوبي فرنسا عام 2010، حيث قالت: "إن استخدام المسلمين الشوارع للصلاة، لأن المساجد لا تسعهم، هو بمثابة احتلال للتراب الفرنسي".بحسب بي بي سي.

وقد منعت السلطات الفرنسية صلاة المسلمين في شوارع باريس عام 2010 بسبب احتجاجات اليمين المتطرف المتزايدة.وتقدر الإحصاءات عدد المسلمين في فرنسا بنحو 6 ملايين، أي أقل من 10 في المئة من عدد السكان، وينحدر غالبيتهم من مستعمرات فرنسا السابقة في شمال إفريقيا.وبات اندماجهم في المجتمع الفرنسي يثير جدلا في السنين الأخيرة، كما أصبحت فرنسا أول بلد أوروبي يحظر على النساء ارتداء النقاب في الأماكن العامة.

قانون ضد العنصرية

في السياق ذاته أخفقت أحزاب الائتلاف الحكومي الثلاثة في التفاهم على مشروع قانون يحد من الأعمال المعادية للمهاجرين في البلاد، ويقوض نشاطات حزب اليمين المتطرف، الفجر الذهبي.فقد عرض الحزب الثاني في الائتلاف، باسوك، مشروع القانون على الحكومة، لكن الحزب الأكبر، الديمقراطية الجديدة، رفضه بحجة أن القوانين الموجودة كافية لمعاجلة الوضع.وحذرت منظمات حقوق الإنسان من تزايد الاعتداءات على الأقليات العرقية في اليونان.

وقال زعيم حزب باسوك الاشتراكي، إيفنجيلوسفينيزيلوس، فيما يبدو أنه تلميح إلى حزب الفجر الذهبي: "علينا واجب دولي أن نضع تشريعات مضادة للنازية الجديدة ومضادة للسلوك العنصري العنيف"، مضيفا أن "اليونان بها مجموعات نازية صريحة وتمارس أعمالا مخالفة للقانون".واكتسب حزب الفجر الذهبي شعبية خلال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها اليونان، وفاز بـ18 مقعدا في البرلمان في الانتخابات الأخيرة.

ويستخدم الحزب لهجة قوية ضد المهاجرين، ويشبه شعاره الصليب المعقوف، لكنه ينفي أن يكون حزبا نازيا، أو أن تكون له علاقة بأعمال العنف.وقال فينيزيلزوس إنه كان يريد أن يمرر مشروع القانون في البرلمان بدعم من أكبر حزبين في الائتلاف الحكومي ومساندة حزب ثالث هو اليسار الديمقراطي، ولكن مفاوضات لم تفض إلى اتفاق.ولكنه أوضح أن مشروع القانون سيعرض على البرلمان، على الرغم من رفض حزب الديمقراطية الجديدة دعمه، وقد يتم التصديق عليه بدعم من حزب اليسار الديمقراطي، وحزب اليساري المعارض، سيريزا.

إسرائيل عنصرية

من جانب اخر تناولت الصحف البريطانية عدة موضوعات متعلقة بالمنطقة العربية، ومنها صحيفة الديلي تليغراف التى نشرت موضوعا تحت عنوان "سفير جنوب إفريقيا السابق في تل أبيب يصف تعامل إسرائيل مع البدو الفلسطينيين بالتفرقة العنصرية".وتتناول الجريدة بالتحليل تصريحات الدبلوماسي السابق إسماعيل كوفادياالتى أثارت غضبا في الأوساط السياسية الإسرائيلية.

ونقلت الصحيفة عن كوفاديا قوله "لقد رفضت هدية قدمتها الخارجية الإسرائيلية إلى عند رحيلي عام 2012 إذ أرادوا زراعة عشرات الأشجار وتسميتها باسمي، لكني رفضت لأن هذه الأشجار كانت ستزرع في أرض مسروقة".وقال كوفاديا إنه شارك في مواجهة نظام التفرقة العنصرية في بلاده، ولم يكن بإمكانه أبدا أن يوافق على ما رآه في إسرائيل من إعادة إنتاج نفس النظام العنصري. بحسببي بي سي.

وكانت الخارجية الإسرائيلية قد عرضت على كوفاديا زراعة عشرات الأشجار باسمه في أراض تابعة لما يعرف بـ"حديقة الدبلوماسيين" في صحراء النقب التى تمتد على مساحات صودرت من البدو الفلسطينيين في قرية العراقيب عام 2010.وانتقد إيغال بالمور المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية تصريحات كوفادياالتى وصفها "بالفظة".وقال بالمور "إن تصريحات السيد كوفاديا مختلفة تماما عما كان يصرح به طوال فترة عمله التى امتدت ثلاث سنوات في إسرائيل".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 13/آب/2013 - 5/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م