إسبانيا... الفساد يفاقم من سوء الأزمة الاقتصادية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تسجل إسبانيا حالة اضطراب غير مسبوقة في الشؤون السياسية والاقتصادية والحقوقية خاصة في الآونة الأخيرة، على الرغم من امتلاكها بنية سياسية رصينة وإرث اقتصادي واجتماعي متمدنة تضعها ضمن أهم المجتمعات المتطورة حول العالم.

ولعل أبرز الاضطراب التي تعاني منها هذه الدولة الأوربية هي الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن سلسلة من الفضائح الفساد السياسية الى جانب الأزمة الاقتصادية المستمرة في اسبانيا منذ خمس سنوات بسبب اعتمادها على إجراءات تقشفية صارمة ألقت بظلالها على الاقتصاد المرهق على نحو خطير، في الوقت الذي تتعرض فيه الحكومة الإسبانية على المزيد من الضغوط بسبب فضيحة فساد تتعلق بتهمة الاحتيال الضريبي وتبييض الاموال وبسبب لويس بارثيناس الذي كان يمسك بحسابات الحزب طيلة عشرين سنة والذي يشتبه بانه دفع رواتب غير قانونية لقادة الحزب بمن فيهم رئيس الوزراء شخصيا، مما اثار ضجة كبرى من لدى المعارضة التي طالبت باستقالة رئيس الحكومة.

لكن البعض يعوز أن هذا الامر يتعلق بوضع حد لتلطيخ سمعة اسبانيا في الوقت الذي تكاد تخرج أن تخرج البلاد من الركود، وان عودة الثقة تقوم في الاساس على ضمان الاستقرار الذي وفرته الحكومة بوضعها خارطة طريق تجمع بين التقشف والاصلاحات.

لكن يبدو ان استراتيجية الحكومة تغيرت بفعل استمرار الشبهات واستياء قسم من الرأي العام والضغوط السياسية، غير ان الحزب الاشتراكي الذي دعا رئيس الوزراء الى الاستقالة وتقديم تفسيرات معمقة حول الفضيحة، ندد بهذه الاستراتيجية، وقد تراكمت المعلومات التي كشفت مؤخرا حول شخص رئيس الحكومة بشكل خطير خلال الاونة الأخيرة.

في حين رأى بعض المراقبين أن هذه الازمة وساعات العمل الطويلة وقلة المساعدات تسهم كلها في تدني نسبة الخصوبة في اسبانيا، كما تدفع عائلات اسبانيا الى سكن منازل غير جاهزة، فضلا مهاجرة أخريين إلى المغرب بحثا عن فرص عمل، بعد أن كانت اسبانيا أرض الأحلام للمهاجرين من بلدان العالم كافة، وملاذاً لأولئك الذين هربوا من المغرب، فإنها أصبحت على ما يبدو طاردة لسكانها، حيث يتوافد على المغرب عدد من المواطنين الإسبان فرارا من جحيم البطالة التي تنخر اقتصاد بلادهم. ويعمل هؤلاء عموما في قطاع البناء من خلال شركات صغيرة أسسوها في بلد الإقامة أو في مراكز الاتصال، إلا أن المغرب يعرف أيضا بطالة في أوساط الشباب تتجاوز 20 بالمئة، ورغم ذلك يرى الوافدون الإسبان الجدد البيئة مناسبة لتحسين أوضاعهم.

وعليه فان أهم المعطيات انفة الذكر المتعلقة بمختلف النواحي الحياتية للأسبانيين، تشير الى ان بريطانيا اليوم تعاني من تدهور سياسي اقتصادي بشكل غير مسبوق خاصة خلال الفترة الأخيرة.

فضيحة فساد كبرى

في سياق متصل اعترف رئيس الحكومة الاسبانية اليمينية ماريانو راخوي بأنه "أخطأ عندما وثق" بمحاسب حزبه السابق لويس بارثيناس وذلك في كلمة القاها امام النواب مقدما تفسيرات حول فضيحة فساد ورد اسمه فيها، وقال راخوي "أقف امام النواب لتقديم التوضيحات الضرورية حول الوضع الذي نعيشه" مضيفا انه ينوي نفي "الاكاذيب والتلاعبات والادعاءات التي شجعها بعض القادة السياسيين" مستبعدا تماما الاستقالة.

واكد ماريانو راخوي ذاكرا اسم لويس بارثيناس الذي كان يمسك بحسابات الحزب طيلة عشرين سنة والذي يشتبه بانه دفع رواتب غير قانونية لقادة الحزب بمن فيهم رئيس الوزراء شخصيا "لقد اخطأت عندما وثقت بشخص لم يكن يستأهل ذلك"، واعتقل بارثيناس الذي كان لمدة طويلة مقربا من ماريانو راخوي، في 27 حزيران/يونيو بتهمة الاحتيال الضريبي وتبييض الاموال في اطار تحقيق حول قضية فساد، واكتشف القضاء انه كان يملك حسابين في سويسرا أودع فيهما 47 مليون يورو، وتلبية لطلبات اليسار الملحة وما كشفته الصحف وقف ماريانو راخوي بالنهاية امام البرلمان ليقدم روايته عن الفضيحة.

وكانت المهمة دقيقة بالنسبة لرئيس الحكومة الذي رغم تمتعه بغالبية مطلقة في البرلمان، وجد نفسه في موقف حرج يواجه في اوج ازمة اقتصادية، شبهات فساد هزت مصداقيته، واندلعت الفضيحة التي تحمل اسم لويس بارثيناس الذي كان منذ 1990 الى 2009 محاسب الحزب الشعبي الذي يرأسه راخوي منذ 2004، في كانون الثاني/يناير مع نشر الصحافة وثائق تكشف حسابات موازية سرية لحزبه.

وظهر اسم راخوي لاول مرة في مذكرات نشرتها صحيفة "ال باييس" في 31 كانون الثاني/يناير عرفت باسم "ملاحظات بارثيناس"، وافادت تلك الوثائق ان رئيس الحكومة الذي تولى الحكم منذ نهاية 2011، قد يكون تقاضى بين 1997 و2008 "رواتب قيمتها الاجمالية 25 الف و200 ورو" في شكل هبات من مدراء شركات خاصة، وتوقعت صحيفة "ال موندو" ان تكون تلك الاموال بلغت "343700 يورو" دفعها على ما يبدو المحاسب السابق لماريانو راخوي على مدى عشرين سنة، واعترف راخوي بان الحزب دفع "رواتب اضافية" الى بعض القياديين مقابل "عملهم"، واضاف ان تلك الاموال "سددت مقابل عمل وادخلت في المحاسبة، ان اعلان كل شخص موارده لمصلحة الضرائب مسؤولية شخصية"، ولم يقدم رئيس الحكومة منذ اندلعت الفضيحة، توضيحات امام البلاد حتى انه نفى منذ شباط/فبراير ان يكون تقاضى اموالا. بحسب فرانس برس.

وخلال جلسة المساءلة استند راخوي الى بداية تحسن الوضع الاقتصادي الاسباني الذي سجل تراجع نسبة البطالة في الربع الاخير من 27,16% الى 26,26% وتباطؤ ركود الاقتصاد، ونشرت صحيفة ال موندو في 14 تموز/يوليو معلومات جديدة حول تبادل رسائل الكترونية قصيرة نسبت الى ماريانو راخوي ولويس بارثيناس الذي يعتبر مقربا جدا منه منذ زمن طويل، وقالت ان "ماريانو راخوي حافظ على اتصالات مباشرة ومستمرة" مع لويس بارثيناس حتى اذار/مارس 2013 على الاقل، بينما كانت الفضيحة اندلعت قبل شهرين، وفي اليوم التالي مثل بارثيناس امام القاضي بابلو روث واكد وجود حسابات موازية لافتا الى ان راخوي من بين المستفيدين منها، وفي المرحلة المقبلة تمثل الشخصية الثانية في الحزب الشعبي ماريا دولوريس كوسبيدال امام القضاء بصفة شاهدة.

أزمة اقتصادية خطيرة

على صعيد ذو صلة لا تتوفر مقومات العيش في هذا المنزل، فصنبور المياه الجديد ليس موصولا بالتمديدات، ولا مصابيح تتدلى من السقف... وعلى الرغم من ذلك، لم يعد امام خوانا حل سوى الانتقال للسكن هنا، وهي ليست الوحيدة التي تفعل ذلك، فقد دفع العجز عن تسديد ايجارات المنازل نحو سبعين عائلة مهددة بالطرد الى الاقامة في مبنى سكني قيد الانشاء في ضواحي مدينة بولوس بار ديل كوندادو في جنوب اسبانيا.

وتعاني هذه المنطقة الزراعية من ارتدادات الازمة الاقتصادية وارتفاع معدل البطالة الى حدود 37%، وهي اكثر المناطق اكتظاظا في اسبانيا اذ ان عدد سكانها يبلغ ثمانية ملايين نسمة، وهي تضرب رقما قياسيا في عدد الاشخاص غير القادرين على تأمين مسكن مع نسبة 27,1%، وتقول خوانا، وهي ممرضة سابقة عاطلة عن العمل حاليا تبلغ من العمر 53 عاما "لا استطيع ان ادفع بدل الايجار، انه مستحيل"، وتضيف ببساطة "هذه المنازل التي نقيم فيها الآن كانت مفتوحة الابواب، فدخلناها".

عثرت خوانا وجيرانها على هذه المساكن الخالية قرب مرج تسرح فيه الخيول، ويبدو ان جدرانها قد طليت حديثا بالابيض والاصفر، وقد انتهى العمل من بنائها الا انها ما زالت من دون مياه وكهرباء، وقد نهبت اجزاء من مطابخها، وتقول خوانا "آمل ان تتحرك السلطات المحلية قليلا، وان تمدنا بالماء والكهرباء، ونحن مستعدون لدفع ايجار معتدل القيمة"، مشيرة الى انهم ينتظرون ردا من السلطات حول هذا الامر، وتضيف "هذا كل من نطلبه، نحن بشر ولسنا كلابا"، وهذا المبنى السكني واحد من مبان عدة توقف العمل فيها بسبب الفقاعة العقارية التي ضربت اسبانيا في العام 2008، واصبحت هذه المباني مساكن أشباح تجذب المشردين من ضحايا الازمة الاقتصادية.

وتقول توني غارسيا وهي جالسة على كرسي امام منزلها الجديد ومنهمكة في تحضير الطعام لرضيعها "لقد جئنا الى هنا لاننا لا نملك خيارا آخر"، وتضيف هذه السيدة ذات الثلاثة والعشرين عاما والتي كانت تعمل في بساتين الزيتون قبل ان تخسر عملها قبل اشهر "لا يهمني ان انام على مقعد، لكنني لا اريد ان يعيش اولادي في الشارع".

وتتابع قائلة "كنا ندفع 225 يورو بدل ايجار شهري، وهذا ارخص ما يكون، لكني وزوجي لم نعد نعمل.. فكنا على وشك الطرد من بيتنا"، وازاء هذا الواقع، اتخذت الحكومة المحلية للاندلس جنوب اسبانيا، ذات التوجهات اليسارية، قرارا في نيسان/ابريل الماضي يقضي بعدم جواز طرد احد من منزله بسبب عجزه عن تسديد الايجار، وذلك في مخالفة لتوجهات الحكومة المركزية المحافظة، وقررت ايضا ان تفرض على اصحاب المساكن الذين يفضلون ابقاءها فارغة على تأجيرها غرامة تراوح بين الف يورو وتسعة الاف. وبحسب حكومة الاندلس فان عدد المساكن الخالية من المستأجرين يصل الى 700 الف في المنطقة. بحسب فرانس برس.

لكن خوانا ومن معها يعتبرون ان هذه الاجراءات من طرف الحكومة المحلية اتت متأخرة بعض الشيء، ويأملون ان يصدر المزيد من القرارات التي تراعي حالتهم، وقد وضعت خوانا وجيرانها خزانا مشتركا للمياه، وتعمل منظمات خيرية على تأمين وجبات غذائية لهم، ويقول خوسيه مانويل رودريعز البالغ من العمر 34 عاما "لقد أقمنا هنا من دون ان نسبب أي ضرر للمكان"ن ويقيم هذا الشاب البالغ من العمر 34 عاما مع زوجته وابنته ذات الاحد عشر عاما في ممر البيت، ويضيف هذا المزارع السابق العاطل عن العمل "كل ما نريده هو التوصل الى حلول تحفظ لنا كرامتنا".

جريمة قتل غير متعمدة

على صعيد مختلف اعلن وزير الداخلية الاسباني خورخي فرنانديث دياث ان سائق القطار الذي خرج عن سكته في سنتياغو دي كومبوستيلا ما اسفر عن مصرع 78 شخصا والمحتجز على ذمة التحقيق ، اتهم بارتكاب "جريمة قتل غير متعمدة"، وقبل ذلك اعلن الوزير للصحافيين في مكان الحادث ان "هناك قرائن معقولة تسمح بالاعتبار ان (السائق) يتحمل مسؤولية محتملة في ما جرى، وهو ما يجب ان يحدده على كل حال القاضي والتحقيق"، ويشتبه في ان السائق فرانثيسكو غرثون آمو (52 سنة) وصل الى المنعطف عند دخول سنتياغو دي كومبوستيلا مفرطا في السرعة ما ادى الى خروج القطار عن سكته، واقتيد الى مركز الشرطة بعد خروجه من المستشفى حيث تلقى علاجا لجروحه الطفيفة، وظهر الرجل في صورة التقطت بعد لحظات من الحادث ونشرتها الصحف الجمعة وهو مصدوم والدم يغطي وجهه، ورفض الرجل الذي يعمل منذ ثلاثين سنة في شركة السكك الحديد الاسبانية "رينفي"، الجمعة الرد على اسئلة المحققين، واوضح الوزير ان "ساعات (الاحتجاز على ذمة التحقيق) ال72 تنتهي في الساعة 19,40 (الاحد) وسيحال حينها على القاضي"، واعلنت المحكمة من الان ان احالته "ليست متوقعة اليوم" السبت. بحسب فرانس برس.

وفتح تحقيقان، واحد قضائي والاخر اداري، لتفسير هذه الكارثة وهي الاسوأ في تاريخ السكك الحديد الاسبانية منذ نحو سبعين سنة، فيما اتهمت السلطات السائق، واكدت شبكة "اديف" التي تشرف على التسيير ان السائق تلقى انذارات في الطريق تحثه على خفض السرعة بينما شدد رئيس "رينفي" على ان السائق يعرف هذه السكة جيدا.

تدني نسبة الخصوبة في اسبانيا

من جانب آخر يقول خوان خيمينيث بسخرية "لا اعرف كيف يتدبر الناس امرهم لانجاب طفلين" وهو في طريقه لاصطحاب ابنه من دار حضانة خاصة في مدريد في اجراء شبه الزامي في اسبانيا التي تعاني انتكاسة في الولادات وحيث دور الحضانة العامة قليلة جدا.

وقد استغل الخبير المعلوماتي هذا البالغ 32 عاما، يوم عطلة له من العمل ليرافق صديقته نادين رودريغيث العاملة في مجال التأمين التي تصطحب يوميا ابنهما الصغير بابلو البالغ عاما واحدا من دار الحضانة، وييلغ دخل هذا الثنائي الشهري 2300 يورو. ورغم وضعهما الذي يكاد يكون مميزا في هذا البلد حيث تبلغ نسبة البطالة 27 %، الا انهما بالكاد يتمكنان "من الصمود الى نهاية الشهر مع هذا الدخل" على ما يؤكد خوان.

ونظرا الى ساعات العمل الطويلة في الشركات حيث غالبا ما ينتهي يوم العمل بعد الساعة السابعة مساء، والاماكن لنادرة جدا في دور الحضانة العامة، فان كلفة وضع بابلو الصغير في دار حضانة خاصة بدوام كامل كان ليكلفهما ثروة فعلية.

وكان بامكانهما مثل الكثير من الاسبان الاعتماد على العائلة للاقتصاد في مصروفهما. فقد اظهرت دراسة تعود للعام 2011 ان نصف الاجداد الاسبان يؤكدون انهم يهتمون يوميا باحفادهم. الا انهما لا يريدان الاستعانة بذويهما كثيرا.

لكن هذا الخيار ذو كلفة عالية، فقد خفضت نادين ساعات عملها فخسرت 300 يورو من معاشها. الثنائي الذي لديه ديون تمتد اقساطها على اربعين عاما منذ العام 2006 بعد شراء شقة صغيرة، يدفع اكثر من 500 يورو شهريا لترك بابلو في الحضانة من الساعة 07,30 الى الساعة 16,40، وبما انهما عالقان في الشقة الصغيرة بسبب قطاع العقارات المنكوب فلا يفكر خوان ونادين راهنا بانجاب طفل اخر. وتقول نادين "اذا تم ذلك سيكون على الارجح من الافضل الا اعمل"، وحالتهما ترمز الى الحالة العامة في اسبانيا حيث نسبة الخصوبة هي من الادنى في اوروبا منذ الثمانينات. وكانت هذه النسبة في حدود 1,32 طفل لكل امرأة في 2012 مع متوسط عمر متأخر بالنسبة للطفل الاول وهو 31,6 عاما.

وتقول سالومي ادروهير مديرة دائرة العائلة والطفولة في وزارة الصحة ان تقدم السكان في السن ونسبة الخصوبة المتدنية "تضع على المحك استمرارية دولة الرفاه"ن ومع الديموقراطية التي تلت ديكتاتورية فرانكو المتوفى في العام 1975، دخلت النساء سريعا سوق العمل. وتوضح المسؤولة "الا ان اقتحام النساء باعداد كبيرة لمعترك العمل لم يترافق مع تغييرات ضرورية في المجتمع"، ويضيف خوليو بيريث عالم الديموغرافيا في مركز الابحاث "سي اس اي سي"، "نفتقر الى الاجراءات التي تسهل حياة النساء. فهي تقوم بالادوار التقليدية وبالادوار الجديدة معا. المسار الذي يقودنا الى مساواة اكبر لم يتحقق بعد". بحسب فرانس برس.

تتقاضى نادين مئة يورو شهريا من الدولة لان لديها طفلا صغيرا وهي ام عاملة. وتأمل هي وشريكها الاستفادة في ايلول/سبتمبر من مساعدة شهرية قدرها مئة يورو من اجل الحضانة من الحكومة الاقليمية، لكن خوليو بيريز يعتبر ان المساعدات الاقتصادية ليست المفتاح لكل شيء "في مرحلة الازمة تبذل الدولة قصارى جهدها لكن ان اراد الشخص ان ينجب طفلا في ظروف جديدة فمن الطبيعي ان يرجئ مشروعه هذا"، ويضيف ان الدول المتطورة التي "تسجل نسبة خصوبة افضل بقليل ليست تلك التي تهتم بنسبة الخصوبة بل تلك التي تهتم بتحقيق المساواة بين الرجال والنساء"، محاربة الازمة امر اساسي لمساعدة العائلات على ما تقول سالومي ادروهير "لكن الخطوة التالية الضرورية يجب ان تكون المساعدة على التوفيق بين الحياة المهنية والعائلية"، لذا تعمل الحكومة المحافظة على وضع خطة لدعم العائلات يفترض ان تناقش مطلع العام 2014.

إسبانيون يهاجرون إلى المغرب بحثا عن فرص عمل

الى ذلك يقول اميليو رودريغث الذي يدير شركة بناء صغيرة في طنجة شمال المغرب، حيث استقر مؤخرا على غرار اسبان اخرين بحثا عن آفاق مهنية ان "في اسبانيا في هذه الفترة، الامور تسير بشكل سيء"، ويقوم العاهل الاسباني الملك خوان كارلوس بزيارة رسمية الى المغرب من الاثنين الى الاربعاء، يخصه خلالها نظيره المغربي الملك محمد السادس باستقبال حافل يليق برئيس دولة مهم لا سيما وان اسبانيا تعتبر، مع فرنسا، اكبر شريك اقتصادي للبلاد.

وبعد اكثر من نصف قرن على الاستقلال ما زالت العلاقات بين المملكتين وثيقة وتعد اسبانيا ثاني جالية مغربية في العالم بينما يستقر المقاولون الاسبان في المغرب منذ زمن طويل، لكن يبدو ان الازمة الحادة التي يعاني منها الاقتصاد الاسباني اوجدت فرصا جديدة.

واوضح اميليو المستقر منذ سنة ونصف في طنجة من حيث يمكنه رؤية السواحل الاسبانية عبر مضيق جبل طارق على مسافة 15 كلم، متحدثا لفرانس برس "هناك (في اسبانيا) صفيت كل شيء، ليس هناك عمل، ولا تمويل من المصارف"، وشاطره الراي خوسيه مانويل فرناندث الموظف في شركة اسبانية متخصصة في انجاز ميادين غولف في مراكش (جنوب) بالقول "اتيت لارى كيف تسير الامور هنا ورأيت ان هناك تسهيلات عديدة ووسائل لانجاز اشياء من اجل تنمية البلاد وخصوصا في البناء".

غير ان الوضع في المغرب وبالرغم من نسبة نمو تتراوح بين 2,5 و5% حسب المواسم الزراعية، ليس على ما يرام لا سيما في ظل بطالة تطاول اكثر من 20% من الشبان ورغم ذلك يرى الوافدون الاسبان الجدد البيئة مناسبة لتحسين اوضاعهم.

من جانبها قالت ماريا غاياندي "وصلت الى طنجة مع ابنتي قبل ثلاثة اشهر، ابحث عن وظيفة، في اسبانيا كنت اتقاضى الف يورو شهريا لكن مستوى المعيشة غال جدا هناك"، واوضحت المرأة الاربعينية جالسة في مقهى قرب ميناء طنجة القديم تتناول شايا بالنعناع وتتأمل السفن المبحرة الى اسبانيا، انه بالنسبة لها ايضا اصبحت الحياة في اسبانيا "صعبة"، واضافت "افضل لي ان اكون في طنجة، اسبانيا بلادي، هذا واضح (...) لكنني هنا على ما يرام اذ ان المجتمع ليس منغلقا، خلافا للافكار المسبقة"، واكد ناشط في الجمعيات المدنية ان بعض الاسبان يعملون في مراكز اتصالات برواتب تتراوح بين 400 و500 يورو في الشهر بينما يقوم اخرون باعداد اكبر بتأسيس شركات صغيرة وخصوصا في قطاع البناء الاكثر تضررا من الازمة في اسبانيا. بحسب فرانس برس.

وتبحث غاياندي عن وظيفة سكريتيرة او في ادارة شركة خاصة وقالت "لا اريد العمل مع مركز اتصالات، انه عمل صعب وقليل المردود"، ويبقى من الصعب تقييم حجم الظاهرة اذ ان الارقام الرسمية لا تفيد سوى عن زيادة طفيفة في عدد الاسبان العاملين في المغرب والمسجلين في الضمان الاجتماعي من 2507 في 2011 الى 2660 في 2013، بينما تفيد الجمعيات المحلية عن بضع مئات الاشخاص.

وقالت اسبانية شابة تتدرب لدى منظمة محلية غير حكومية ان "العديد منهم يعملون بشكل غير شرعي ويعودون بانتظام الى اسبانيا لتقاضي علاوة البطالة وتفاديا للوقوع في وضع غير قانوني" بالنسبة للقانون المغربي الذي يحد اقامة السياح بثلاثة اشهر، وتفاديا لمثل تلك الاوضاع نشرت وزارة الداخلية المغربية مؤخرا بيانا دعت فيه القادمين الجدد الى التوجه الى الدوائر المعنية "لاستكمال الاجراءات الخاصة باقامتهم واوضاعهم المهنية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6/آب/2013 - 28/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م