لم تتأخر عدالة السماء بالانتقام للشهيد السعيد حسن شحاتة، فكان
الرد سريعا بإسدال الستار لمسرحية لا تعرف مشاهدها سوى نشر الفتنة من
شحن مذهبي واحتقان طائفي وقتل الآخر.
في المشهد الأخير ما توقف بطل المسرحية الدموي من الهلوسة والهجر
بلفظة:" شرعية "!!!.
شدة الهذيان بـ" شرعية "، دفعنا للبحث عن مدلولها ومصداقها، هل "
شرعية " اسم علم؟!، فتذكرنا بحكاية "فؤادة وعتريس"، فتكون شرعية فتاة
تعلق بها قلب زعيم الأوهام، وشرعية ما أقرت له بذاك، فجن جنونه، وثارت
ثائرته، فثار الشعب وهاج وماج عليه فأحرق سلطانه وأنهى أوهامه.
شرعية ليست اسم علم إنها رمزية القدسية، القدسية التي جعلت من
الإمبراطور نيرون يقول أنا روما وروما أنا، فأحرق روما، القدسية التي
جعلت لويس الرابع عشر يقول أنا الدولة!، فكانت الديكتاتورية المستبدة
التي هيأت الطريق للثورة، القدسية التي جعلت ابن هند يقول حكمناكم
قضاءًا وقدرًا، فكانت حرب الإبادة لآل محمد (ص)، القدسية التي جعلت ابن
عفان يقول الشرعية قميص قمصني إياه الله فلا أنزعه!! فكانت الثورة.
شرعية الحاكمية في عقيدة الإخوان تبدأ بوراثة، بانقلاب، بانتخاب....
ثم تحل روح القداسة بالحاكم فيصبح الحاكم والآمر بالله، أي خليفة الله
في أرضه ووكيله!، ومصدر التشريعات وصاحب كل السلطات، فها هو كما يزعمون
جبرائيل (ع) ينزل ومعه الآلف من الملائكة إلى ساحة رابعة العدوية لنصرة
الإخوان بتكثير أعدادهم في أعين مخالفيهم الكفار!!!!، ومشاركتهم في
التنكيل بأعدائهم!!!، الذنب الوحيد للأعداء أنهم قالوا: لا لشرعية
الإخوان.
الشرعية عند الإخوان قد تبدأ بالصندوق، وأن الشعب من يعطي الحاكم
الشرعية، ثم تسقط آليا الشرعية الشعبية لأن الشرعية الإلهية تحل محلها،
فالإخوان لا يؤمنون بالديمقراطية، ببساطة الديمقراطية تجديف وكفر!!.
يعتبر شمال مصر ثغرة تهدد أمنها القومي، الهكسوس من أسقط الفراعنة
جاؤوا من الشمال، سليم الأول ما دخل مصر إلا لما قضى على المماليك في
حلب، وشارون لم يقلب الموازين في (حرب73) إلا لما قام بثغرة الدفرسوار،
ولما يقطع حاكم الأوهام العلاقات مع ظهير مصر الشمالي سوريا والحليف
الاستراتيجي ويعلن الحرب عليها!!، ويرفع علم الانتداب الفرنسي لسوريا
بدل علم الوحدة، الوحدة بين الشقيقتين، فتحصيل الحاصل أن دولة إسرائيل
لا تشكل تهديدا لدولة الإخوان!! فهي الصديق وسوريا هي الشيطان!!، ولما
يصبح الإخوان جزء من مشروع تقسيم الخارطة العربية، ونهب خيرات الأمة،
أليس هذا خطأ جيوستراتيجي فادح يستوجب إسقاط الشرعية.
إشاعة الفتنة في المجتمع المصري، ودفعه إلى الاستقطاب الدموي وتحويل
فئات منه إلى وحوش بشرية لا تعرف سوى الإفساد وسفك الدماء ألا يستوجب
هذا إسقاط الشرعية.
لما يقول الشعب كلمته " زواج عتريس من فؤادة باطل " ألا يسقط هذا
حكم الإخوان، لما يقول الشعب شرعية لم تأت برغيف ولا حلت أزمة، والحاكم
بأمر الله وعد بحل الأزمة في مئة يوم، وانقضت المئة يوم، ودار لقمان
على حالها، ورحلة جول فيرن- روائي فرنسي - حول العالم في 80 يوم تصبح
حقيقة، ورحلة الإخوان تبقى سجينة في الأوهام، بل السوء ازداد سوءًا،
والشريحة الواسعة من الشعب تعيش تحت خط الفقر، ألا يسقط هذا حكم
الإخوان.
رأسمالية فاحشة، مديونية في تفاقم مع إملاءات الصندوق الدولي المذلة
والمخربة، تزلف وتقرب للأمريكان يبسط الأرضية للشرق الأوسط الجديد "
سايكس بيكو2 "، ألا يسقط هذا حكم الظلامية.
إن ما أجملك فيك يا حسن شحاتة أنك أدخلت روح الدعابة وخفة الدم
المصرية في الدعوة إلى الحق، فابشر لأنهم قتلوك كما قتلوا الأولياء،
وقر عينًا فدمك لم يذهب هدرًا. |