اسئلة كثيرة طرحتها الاحداث المصرية الاخيرة منها:
هل سقط حكم الاخوان في مصر؟ هل انتهى الانقلاب العسكري وخرج الجيش
من ميدان السياسة والتأثير !! ام هي فاتحة لعهد جديد يتحكم فيه
جنرالاته بالحكم والسياسة متى شاءوا وكيفما شاءوا؟ وهل ستسير الامور
مثلما رسمتها خارطة الطريق التي اعلنها القائد العام للقوات المسلحة
ووزير الدفاع عبد الفتاح السيسي قبل ايام، ام ان للطرف الآخر في رابعة
العدوية حديثا آخر؟ وهل خلت العملية برمتها التي لم تستمر الا ايام
معدودة من الايدي الخارجية الخفية؟ ام ان تمرد حركة تلقائية من شعب
اصيل وقف بالضد من افعال الاخوان وسياستهم بالإقصاء والتهميش ضد
الآخرين؟
اسئلة بحاجة الى اجابات شافية، الا ان رؤية فاحصة لأحداث الساحة
المصرية تدفع بثلاثة مواضيع اكثر اهمية وحساسية الى الواجهة ومحك
النقاش، وهي:
1. فشل تجربة الاخوان السريعة
رغم الفترة البسيطة للاخوان في سدة الحكم والرئاسة بمصر الا انهم
عكسوا صورة مشوهة عن الاسلام والاسلاميين بانتهاجهم الاستئثار والاقصاء
والتهميش للآخرين وبمحاولاتهم المتعددة للالتفاف والاستحواذ على مؤسسات
الدولة الدستورية وتجييرها لمصالحهم الخاصة، بالاعلان الدستوري مثار
الجدل في حينها تارة او التدخل غير المبرر في عمل السلطة القضائية وحتى
المؤسسة العسكرية ذاتها تارة اخرى.
وان كان حكم الاخوان قد انتهى في مصر فذلك لانهم لم يستطيعوا الخروج
من حالة العزلة عن المجتمع (بسبب طابع التنظيم السري) والرغبة
بالانتقام منه التي حملوها من فترات ستينيات القرن الماضي وعهود القمع
التي مارستها الانظمة الديكتاتوية ضدهم وضد قياداتهم والتي طبعت
تجربتهم في السياسة والحكم، مثلما انهم لم يتمكنوا من توظيف مبادئ
الاسلام العظيم وتعاليمه السامية في التعامل مع المجتمع الداخلي وحتى
الخارجي.. فالإسلام نقي ومتسامح وبريء؛ من تجربتهم ومن كل التجارب
الفاشلة باسمه؛ امثال طالبان وقوى الظلام والتكفير.
2. ازمة الشرعية
تفهم الشرعية بانها الديمقراطية والاستحقاق الانتخابي الغالب عبر
صناديق الاقتراع، وهو ما تمسك به في مصر الاخوان والرئيس المخلوع محمد
مرسي بمواجهة معارضيهم ومنتقديهم على حد سواء باعتبار انهم حصلوا على
50 + 1.73 على حساب احمد شفيق في الانتخابات التي جرت قبل عام..
واذا كانت الشرعية تعني تفويض الشعب للحاكم عبر صناديق الاقتراع،
فان هذا التفويض لا يرتبط بمدة زمنية معينة او دورة انتخابية بقدر
ارتباطه بوعود الرئيس مرسي الانتخابية نفسها وامكانية تحقيقها لرغبات
الجمهور الذي لم يجد لها اي اثر يذكر او تنفيذ على الارض، وبالتالي عجل
النزول الى الشارع بالاستجابة لدعوة حركة تمرد؛ ليعلن سحب التخويل الذي
منحه قبل عام الى مجلس الشورى والرئيس؛ ليعيد الكرة مرة اخرى الى
صناديق الاقتراع، وذلك ما لم يفهمه الرئيس المخلوع كما لم تفهمه جماعة
الاخوان في مصر الان او في غيرها من البلدان قريبا، لتكون النتيجة
انقلابا من الجيش لصالح الشعب.
3. دور الجيش في الحياة العامة
كان لتدخل الجيش في تطورات الساحة المصرية مفتاحا مهما لحل ازمة
انقسام المجتمع بين مؤيد لمحمد مرسي ومعارض له من جانب، ومن جانب آخر
بابا لرأب الصدع الذي احدثته اخطاء تجربة الحكم الفاشلة التي قادتها
جماعة الاخوان باسم الاسلام.
لكن انحياز الجيش الى الشعب لا يبرر باي شكل من الاشكال اتخاذه
اجراءات قسرية وتعسفية بحق قيادات الاخوان قد تدفعها الى انتهاج العنف
او التصادم والعداء مع الشرطة والجيش او حتى تكفير المجتمع والانقلاب
على الجميع.
وبالرغم من ان "مرشد الجماعة العام" دعا من ميدان رابعة العدوية الى
التظاهر السلمي، الا ان تأهب وتحذيرات القوات المسلحة وقوى الشرطة مع
معيار القوة والغلبة والاجراءات القضائية القسرية بحق الرئيس المخلوع
وقيادات من حزب الحرية والعدالة وجماعة الاخوان وقنواتهم الاعلامية
وشحن الشارع المستمر، كل ذلك قد يسير بالامور الى ما لا يمكن التكهن
بنتائجه على استقرار مصر مستقبلا.. ان لم يتولى العقلاء في هذا البلد
الشقيق لجمع كافة الفرقاء الى طاولة حوار واحدة اولا؛ بعيدا عن الشوارع
والميادين ثانيا؛ والدعوة الى انتخاب لجنة محايدة لمعالجة الاختلافات
حول الدستور ثالثا؛ تمهيدا لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية عاجلة
يشارك فيها الجميع.. بدون استثناء.
http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/jwadalatar.htm |