يتلخص دور رجل الامن، بالحفاظ على القانون الذي يكفل حقوق المواطن،
ويمنع أي حالة اعتداء عليه بصفته مواطنا، وعلى حقوق القانون بصفته
ناظما للعلاقات بين أفراد المجتمع، وتسعى الدول لتحسين سمعة مؤسساتها
الأمنية وتحافظ على تطبيق المعايير الدولية بالتعامل مع المواطن،
وتحاول جاهدة في طي صفحة الاساءة باستعمال السلطة بتكوين جيل جديد من
رجال الأمن يدرك حقوقه جيدا كما يدرك مسؤولياته، لإثبات أن المواطنة
الحقيقية تتمثل في توفير الأمن لا قمع الحريات الفردية.
لكن في العراق تضخم وتعدد الاجهزة التي تنفذ القانون بين الجيش
وقوى الامن الداخلي واتساعها بطرق عشوائية حتى أصبح بعبعا وامست
قياداته متهمة بانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان كما حصل (انتهاكات كبيرة
وعديدة الحويجة والفلوجة واخرها مافعلته قوات سوات بملعب كربلاء)،
فمشكلة اطلاق عنان االقوات المتنمرة (سوات واخواتها) بدون معايير عمل
واضحة واساءتها باستخدام السلطة، وانا مؤمن بان كلما تنتفخ الاجهزة
كلما يصعب السيطرة على ضبط سلوكها
إن إدراك أية مشكلة ومدى خطورتها، هو الوعي في محاولة إيجاد حل لتلك
المشكلة، وتعد البداية الأولى لمعرفتها، اما دفن المشكلات والمعضلات
الامنية في العراق (تطمطم)، والتظاهر بتصغيرها عبر استخدام مختلف وسائل
التضليل والتسويف، بسبب تداخل وتراكب وتجذر شبكات المصالح والمنافع
وتبادل الأدوار والمواقع النفعية الشخصية والعلاقات المصلحية في تلك
الاجهزة مع سياسيين متنفذين على حساب مستقبل ومصالح الناس والمجتمع ككل،
فلن تقوم لدولة القانون والمؤسسات ان وجدت والعدالة والمدنية قائمة بأي
صورة من الصور، ولن يكون لوجودها أي معنى بالبعد المؤسساتي الحقيقي،
وتجعل كثيراً ممن هم في مواقع المسؤولية والقرار الأعلى في حالة من
الخدر والسكر الشديد تفقدهم صوابهم وقدرتهم على اتخاذ القرارات الصائبة.
ان تورط رجال الأمن في قضايا (انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان سواء
بمراحل التحقيق وانتزاع الاعتراف بالقوة او في حالات فض الشغب او
الاجراءات اليومية بنقاط التفتيش) يخلق إعاقات سيكولوجية للناس ويسبب
فقدان الأمان والاستقرار النفسي في حضن المجتمع، مما يجعلهم معرضين
لأمراض نفسية عصابية كالاكتئاب والفوبيا والقلق.
أما الانعكاسات الاجتماعية، ففي الغالب يؤدي إلى الخوف من رجال
الامن وعدم الثقة بهم، وهذه الفوبيا الاجتماعية ستؤدي بالناس إلى عدم
الاندماج في المجتمع بشكل سليم، وبالتالي السخط على النظام السياسي
القائم، وبنظره سريعة ان اغلب المتمركزين حاليا براس السلطة كانوا
هاربين خارج العراق وكان احدى الاسباب الأساسية لهروبهم مضايقات رجال
الامن لهم آنذاك، وخشية على حياتهم من البطش اضطروا للهرب، واصبحوا
اعداء للنظام السياسي، اذن لماذا؟ نسمح ان يمارس نفس الاسلوب بذات
الادوات بانتهاك حقوق ابرياء نجعلهم في صف الاعداء للنظام السياسي
الجديد؟ لمصلحة من؟ لاسيما ان المنظمات الدولية بحكم التطور التقني
تراقب الأداء الامني اليومي ومدى توائمه مع معايير العصر من عدمه.
هناك اسئلة مشروعه من المستفيد من تنفيذ هذه الجرائم؟ تحتاج الى
اجابات جريئة، باختصار الرابح الاول والاخير مقتنصو الفرصة والمنتفعين
والوصوليين والدخلاء والاشرار والعصابات المنظمة، والخاسر الاول النظام
السياسي الجديد.
الخلاصة
1ـ افرزت الانتهاكات المتكررة لزاما على الحكومة والبرلمان بوضع
الاسس لإصلاح الامن العراقي والقيام بدور أساسي في تطوير الإطار
التشريعي في المجال الأمني على ضوء التحولات التي يعرفها العالم التي
تمنع الانتهاكات، التي تعزز ثقة المواطن في الأمن.
2ـ ان الحكومة مدعوة إلى تحصين أجهزتها المختصة بتنفيذ القانون من
السلوكات الشاذة واللاقانونية بمجموعة من الإجراءات والآليات، مثل
اعادة النظر بتشكيلات هذه الأجهزة (في مجال التحقيق والجهات المكلفة
بالقبض)، فالاختيار يجب أن يتم بشكل انتقائي ويخضع لاختبارات نفسية
واجتماعية وأخلاقية، فهذه الأجهزة هي الأساس الأول الذي تقوم عليه
سلامة وأمن الدولة والمجتمع
3ـ أن وزارة الداخلية لم تقر باعتماد معايير متوفقة مع الدستور
تؤمنها من الانزلاقات للقوات المنفذة للقانون، خصوصا في مجال حقوق
الإنسان، وإن لم يظهر لهذه النوايا أي أثر على أرض الواقع والتدبير
اليومي.
riadhbahar@yahoo.com |