مليارات.. ذهبت مع الريح!

زاهر الزبيدي

 

سؤال يقضّ مضاجع الكثير من شرفاء الوطن من الفقراء والبسطاء ممن يتوضئوا احياناً بدمائهم وأحبتهم وفلذات أكباده.. بفعل العمليات الإرهابية.. وذات السؤال يؤرق مقل الكثير من أرباب الأسر العراقية التي تجاهد، أشرف الجهاد، ولساعات طويلة في اليوم من أجل لقمة العيش الشريفة لهم ولإبناءهم.. أين تذهب المليارات من الدولارات والتريليونات من الدنانير العراقية السائبة من أموال الموازنة السنوية للبلد؟

 أي أن لنا في عام 2012 وحده، كأقرب سنة مالية منتهية، من المفترض أن لها حسابات ختامية منجزة بعد 6 أشهر ونصف، مايقارب الـ 37 ترليون دينار كموازنة إستثمارية لحساب المشاريع التي من المفترض أن تقوم بها الوزارات والمؤسسات الحكومية لهذا العام والمستمرة منها من العام السابق حسب فترة تنفيذها.

حديثنا هناك ليس عن النفقات التشغيلة البالغة 80 تريلون دينار عراقي التي امتصتها الرواتب التي شملت ما يقارب الثلاثة ملايين موظف حكومي والنفقات الأخرى.. الحديث يتركز على 37 مليارات كنفقات إستثمارية للمشاريع التي تقيمها الوزارات.. أين ذهبت تلك المشاريع ونحن لغاية اليوم لم نرى شيئاً مميزاً واضح المعالم يصلح أن يصبح شعاراً لفخرنا وإعتزانا للإنفاق الصحيح لتلك الإيرادات!

حتى اللحظة على أحد أن يخبرنا عن مشروع ارتفع عن الأرض من الممكن أن نزوره لنطلع عن كثب عن الخط الحقيقي لسير تلك المبالغ الهائلة التي تنفق للمشاريع.. وهي زيادة مضطردة فلنا في عام 2013 ما مقداره 55 ترليون دينار لذات الباب، ولا أعتقد أن رؤيانا واضحة لطبيعة صرف تلك المليارات فهي تُجزء لتذهب لتجار المنفيست من خلال عقود ومقاولات ولجان مشتريات تتضاعف معها أرباحهم وكل يوم يزداد نهمهم وشَبقهم المالي لتلك الموازنة والمال السحت.

 الآلاف من عقود ومشاريع لازالت مستمرة على الرغم من إنتهاء فترات تنفيذها وبحجج واهية وبرشاوى كبيرة تدفع المؤسسات بمواعيد إنتهاءها الى الفترة التي تطلبها، أو حتى تحصل على تقارير مطابقة المواصفات وهي دون أدنى المواصفات المطلوبة ومثال ذلك أرصفة من مئات الكيلومترات تحطمت وتهدمت ولم يمض على إنشاءها أكثر من سنة واحدة هي أكثر دليل واضح وملموس على فداحة الخسائر التي تتكبدها الدولة من جراء محاولة الشركات العراقية، من القطاع الخاص، التي تأسست بعد 2003 الإستحواذ على المال العام بأي طريقة.

نحن بحاجة اليوم الى فتح ملفات كل المشاريع التي قامت بها المؤسسات الحكومية لمعرفة أي المشاريع انتهت مدته ولازال يعمل بلا غرامات جزائية ومحاسبات قانونية وتلك التي هرب مقاولوها الى خارج الوطن مصطحبين معهم المليارات من أموالنا، وبحاجة اليوم الى أن نناقش تلك المشاريع، كل على حدة، من قبل لجان قانونية وفنية، محصنه ضد الرشى، أمينة على المال العام مقدرة لحجم ما تعانيه المحافظات من آلام قاسية بسبب ضعف الخدمات التي رُهنت بتلك المشاريع التي أضحت وباءاً ينهش بموارد العراق المالية ولا نرى مبرراً لإحالة مشاريع لها مساس تام بحياة أبناء الشعب الى تلك الشركات التي ضاعفت تكاليف المشاريع بشكل مهول مع إخلالها بتنفيذها مشاريعها.

أمام العراق فرص كثيرة ليحيل، حتى مشاريعه الصغيرة، الى شركات عالمية.. فاليونان، على سبيل المثال، تعاني اليوم من مشاكل إقتصادية كبيرة وشركاتها بأمس الحاجة لأية إيرادات تساعدها على تجاوز محنها الإقتصادية، ومع قرب خروج العراق من طائلة البند السابع؛ فإن الأمل يبقى كبيراً بإنتعاش الإقتصاد العراقي وتوفر فرص واسعة المدى لنمو إقتصاده نمواً صحيحاً بعيداً عن مكابدات الشركات المحلية البائسة الى العالمية التي تتقن عملها وبتوقيتاته المطلوبة، فلا داعي لشركاتنا المحلية، الوباء، في تلك المشاريع التي أصبحت مرتعاً لمختلف أنواع الفساد وملاذاً آمناً له.. حفظ الله... مليارات العراق.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/حزيران/2013 - 20/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م