الاطفال... شريحة تتفاقم حولها الاخطار!

 

شبكة النبأ: الاهتمام بالطفولة وتوفير الرعاية الصحية والتربوية هي اليوم من اهم الضروريات لدى الكثير من الدول والمنظمات العالمية المهتمة بطفولة و التي تسعى الى توفير الرعاية الكاملة لهذه الشريحة في سبيل بناء مجتمع متكامل قادر على العيش والانتاج، وذلك من اعتماد بعض الدراسات والابحاث العلمية الحديثة يضاف الى ذلك الاعتماد على بعض التقارير المهمة لأجل معالجة المشاكل وتحسين الاداء. وبحسب بعض المتخصصين فانه وعلى الرغم من المناشدات المستمرة الداعية الى رعاية وتحسين حياة الاطفال، لايزال الكثير منهم يواجهون الكثير من المشاكل الاجتماعية والصحية، ومن اهمها مشكلة عمالة الأطفال التي تعد من اخطر واكثر المشاكل انتشار في العديد من دول العالم، وبحسب بعض المتخصصين فان هذه المشكلة هي اساس المشاكل الاخرى، وبحسب بعض التقارير فان هناك أكثر من 15 مليون طفل في العالم تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و17 عاماً يعملون خدماً في المنازل وهم معرضون للعنف الجسدي والمعنوي وأحياناً الجنسي، على ما أعلن مكتب العمل الدولي في جنيف.

وقالت كونستانس توماس، مديرة برنامج مكتب العمل الدولي للقضاء على عمالة الأطفال إن هؤلاء الأطفال بعيدون عن عائلاتهم ومنعزلون ويعتمدون على الغير إلى درجة كبيرة. وأضافت يعملون لساعات طويلة ولا يتمتعون بأي حرية شخصية، وغالباً ما يكون عملهم سرياً. وأوضحت أن هؤلاء الأطفال يقومون بالأعمال المنزلية والطبخ والغسيل والكي وهم يعانون سوء تغذية وغالباً ما يتعرضون للإهانة.

ويمثل الأطفال الذي يعملون خدماً في المنازل والذين يبلغ عددهم 15,5 مليون طفل 5 في المئة من مجموع الأطفال العاملين، أي 305 ملايين شاب بين الخامسة والسابعة عشر من العمر. و73 في المئة منهم هن فتيات، و7,4 ملايين طفل منهم يعملون خدماً في المنازل بين سن الخامسة والرابعة عشر.

وأكدت كونستانس توماس أن عمل الأطفال في المنازل موجود في كل أنحاء العالم، مشيرة إلى أنه منتشر في بعض البلدان الأفريقية مثل بوركينا فاسو وساحل العاج وغانا ومالي. وجاء في تقرير نشره مكتب العمل الدولي أن بعض العائلات الريفية في باكستان والنيبال تضطر إلى إرسال أولادها للعمل كخدم في المنازل كي تتمكن من تسديد ديونها. وفي هايتي، يتم استغلال مئات آلاف الأطفال في أعمال قسرية. وكل عام، يتم نقل آلاف الفتيات من إثيوبيا للعمل كخادمات منازل في الشرق الأوسط.

في السياق ذاته اظهرت تقديرات للسلطات في البيرو ان طفلا واحدا من أصل اربعة في هذا البلد، يعمل بطريقة غير قانونية، اي ما يقدر بمليون و600 الف قاصر، ما يجعل من البيرو ثاني بلد من حيث عمالة الاطفال في اميركا اللاتينية. وقالت وزيرة المرأة والفئات المهمشة أنا جارا في مؤتمر صحافي "من بين سبعة ملايين قاصر، هناك مليون و600 الف ممن لم يتجاوزا سن الرابعة عشرة لا يتابعون تحصيلهم الدراسي بل يذهبون الى العمل". وبموجب القوانين المعمول بها في البيرو، حددت السن الدنيا لتشغيل القاصرين باربعة عشر عاما، مع امكانية وجود استثناءات تتيح البدء بتشغيل الطفل عند سن الثانية عشرة، ولكن بموجب موافقة خاصة من السلطات. بحسب فرانس برس.

وفي شباط/فبراير الماضي، اشارت منظمة العمل الدولية الى ان البرازيل تحتل قائمة الدول المشغلة للأطفال في اميركا اللاتينية، وهي ايضا اكبر بلد من حيث عدد السكان البالغ 194 مليونا، تليها البيرو ذات الثلاثين مليون نسمة، فيما تحل المسكيك، ذات المئة والعشرين مليونا، في المرتبة الثالثة. وقالت منظمة العمل الدولية ان عمالة الاطفال تتركز بشكل كبير في المناطق النائية وفي مناطق السكان الاصليين وفي كل من البيرو وبوليفيا. وتتركز عمالة الاطفال في قطاعات الاعمال التجارية العائلية، والاعمال المنزلية، والزراعة، والبيع في الشارع.

بين الموت والسرطان

على صعيد متصل يموت أكثر من 300 ألف رضيع كل سنة في الهند في غضون الساعات الاربع والعشرين التي تلي ولادتهم، إثر أمراض يمكن تفاديها، وفق دراسة نشرت منظمة غير حكومية نتائجها، منددة فيها بنقص التمويل والارادة السياسية. وتسجل في الهند 29 % من إجمالي وفيات المواليد الجدد في العالم، بحسب ما ذكرت المنظمة غير الحكومية "سايف ذي تشليدرن" في تقريرها السنوي عن أوضاع الأمهات في 186 بلدا. وجاء في هذا التقرير أن منطقة جنوب آسيا التي تضم 24% من سكان العالم سجلت 40 % من الوفيات عند الولادة.

وترتفع حالات وفاة المواليد أيضا في بنغلادش وباكستان مع 28 ألف و60 ألف حالة في السنة الواحدة على التوالي، ويعزى ذلك خصوصا إلى نقص التغذية الذي تعانيه الأمهات في البلدين. وقال مايك نوفل المدير الإقليمي لمنظمة "سايف ذي تشليدرن"، "لا شك أنه تم إحراز تقدم، لكن ألف مولود يموت كل يوم في غضون ساعات على ولادته إثر أسباب يمكن تفاديها في الهند وباكستان وبنغلادش".

وتعزى هذه الوفيات إلى ثلاثة أسباب رئيسية هي المضاعفات عند الولادة والولادات السابقة لأوانها والأمراض. واعتبرت المنظمة غير الحكومية أنه من شأن العمليات الجراحية المنخفضة الكلفة أن تخفض هذه الوفيات بنسبة 75%. وجاء في التقرير أن البلاد بحاجة إلى "الارادة السياسية والتمويل لتقديم الحلول اللازمة للأمهات والمواليد". بحسب فرانس برس.

فقد تمكنت الهند بعد 10 سنوات من النمو من زيادة النفقات العامة المخصصة للفئات المحرومة، لكن المنظمة لفتت إلى أن غالبية البرامج المعتمدة لم تعد بالنفع على الفئات التي كانت بأشد الحاجة إليها. فنصف النساء الهنديات يلدن أطفالهن في منازلهن، من دون مساعدة اختصائيين في مجال الصحة، ما يتسبب بمضاعفات وأمراض. وقليلة هي المستشفيات المتواجدة في المناطق الريفية النائية، وحتى في المدن الكبيرة، تفضل النساء إنجاب الاطفال في منازلهن.

الى جانب ذلك قال علماء من الولايات المتحدة إن هناك نحو خمسة آلاف إصابة بالأورام السرطانية سنويا بين الأطفال بسبب الأشعة المقطعية "سي تي" التي يجري العالم منها نحو أربعة ملايين أشعة في العام. وقال الباحثون تحت إشراف ديانا ميليوريتي من جامعة كالفورنيا في دراستهم التي نشرت نتائجها في مجلة "غاما بيدياتركس" المعنية بطب الأطفال إن الممكن خفض عدد هذه الإصابات السرطانية بواقع الثلثين إذا خفض الأطباء كمية الأشعة التي يتعرض لها الأطفال أثناء هذه الأشعة وذلك من خلال الاستغناء عن إجراء الأشعة غير الضرورية.

وقال خبير ألماني إنه على الرغم من أن أعداد الأشعة المقطعية التي تجرى للأطفال في ألمانيا ليست بهذه الكثرة إلا أنه لا تزال هناك أيضا فرص لخفض عدد الإصابات السرطانية بين الأطفال. وتقدم الأشعة المقطعية معلومات قيمة للأطباء بالنسبة لتشخيص الجروح الباطنية ولكن جرعة الإشعاع التي يتعرض لها المريض عند خضوعه لهذه الأشعة تبلغ مئة إلى خمسمئة مثل الأشعة السينية العادية. وزاد عدد هذه الأشعة التي تجرى للأطفال تحت سن 14 عاما في الولايات المتحدة من العام 2005 عن ضعف ما كان عليه عام 1996.

وقال العلماء إن هناك إجراءين يمكن بواسطتهما خفض أعداد الإصابة بالأمراض السرطانية بواقع 62 في المئة أحدهما خفض نسبة 25 في المئة الأعلى من الإشعاع إلى جرعة الإشعاع الطبيعية ما يخفض نسبة الإصابة بالسرطان بواقع 43 في المئة، والثاني الاستغناء عن إجراء هذه الأشعة في الحالات التي لا تستوجب إجراءها مع استخدام أشعة بديلة مثل أشعة الموجات فوق الصوتية أو أشعة الرنين المغناطيسي "وهي وسائل ممكنة التطبيق فورا" حسبما أوضح الباحثون.

ويعتقد الباحثون أن إجراء 300 إلى 390 أشعة تصوير مقطعي محوسب على البطن والحوض لدى الفتيات في الولايات المتحدة يؤدي إلى الإصابة بورم خبيث وأن إجراء 330 إلى 480 أشعة على الثدي يؤدي للإصابة بورم سرطاني في حين تسفر 270 إلى 800 أشعة مقطعية على العمود الفقري عن الإصابة بورم خبيث.

نقص التغذية

في السياق ذاته أظهرت دراسة طبية أن نقص التغذية هو السبب في حدوث نصف حالات الوفيات بين الأطفال تحت سن خمس سنوات على مستوى العالم. وقال فريق من الباحثين باشراف روبرت بلاك من كلية جونز هوبكينس بلومبرج للصحة العامة في مدينة بالتيمور في دراستهم التي تنشر في مجلة لانسيت البريطانية ، إن نحو 1ر3 مليون طفل يموتون سنويا قبل بلوغ عامهم الخامس بسبب عدم حصولهم على غذاء كاف ومتوازن.

وحسب الباحثين فإن نقص الفيتامينات والمعادن مثل الزنك والحديد هو أكثر ظواهر نقص التغذية بين الأطفال وأمهاتهم على السواء شيوعا بالإضافة إلى ممارسات الرضاعة السيئة. وركز الباحثون خلال الدراسة على آثار نقص التغذيةعلى التشوه الجسماني فيما يتعلق بالنسبة بين وزن الأطفال واطوالهم وأعمارهم حيث تبين للباحثين أن نحو 165 مليون طفل كانوا عام 2011 أصغر كثيرا بالنسبة لاعمارهم وأن وزن نحو 50 مليون طفل في العالم وخاصة في أفريقيا كان أقل بكثير مقارنة باطوالهم.

غير أن العلماء أوضحوا أن نقص التغذية لا يؤثر فقط على التطور الجسماني للأطفال واشاروا الى أن آثار هذا النقص تتراوح بين سوء أدائهم المدرسي وتزايد احتمالات اصابتهم بالأمراض المعدية. وناشد الباحثون الدول الثماني الصناعية الكبرى اتخاذ المزيد من الإجراءات لمواجهة نقص التغذية خلال قمتهم القريبة في أيرلندا. وفي الوقت ذاته حذر الباحثون من احتمال تعرض الدول الصناعية الكبرى نفسها مستقبلا لمخاطر جديدة بسبب تزايد البدانة لدى الفتيات المقبلات على الحمل ولدى الأطفال في هذه الدول.

من جانب اخر حذرت منظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية من أن نحو ربع الأطفال في العالم قد يتأخر تحصيلهم الدراسي وقالت المنظمة إن عدم اتباع نظام غذائي جيد قد يؤثر بصورة بالغة على قدرة الطفل على القراءة والكتابة. ووجدت الدراسة ان الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية قد يتأخر نموهم ويصبحون أكثر ضعفا، وربما لا تنمو أدمغتهم بصورة كاملة. واعتمد تقرير المنظمة على دراسة الآلاف من الأطفال في إثيوبيا والهند وبيرو وفيتنام.

وأشارت الدراسة إلى 19 في المئة الأطفال الذين بلغوا الثامنة ويعانون من تأخر في النمو بسبب سوء التغذية قد يقعون في أخطاء عند قراءة جمل بسيطة. وقالت جاسمين ويتبريد، الرئيسة التنفيذية الدولية بالمنظمة: "سوء التغذية سبب في أزمة الأمية وضعف القدرات الحسابية بالدول النامية، كما تمثل حاجزا ضخما للتقدم في التعامل مع معدلات الوفيات بين الأطفال." وأضافت: "يعاني نحو ربع أطفال العالم من أثار سوء التغذية، وهو ما يجعل الملايين من الصغار في حالة خطر."

على صعيد متصل وجدت دراسة بريطانية أن الأطفال الذين يتناولون الطعام عينه الذي يتناوله أهلهم يتمتعون بصحة أفضل من نظرائهم الذين يتناولون الوجبات المخصصة للأطفال. وقالت فاليريا سكافيدا، الباحثة في مركز أبحاث العائلة والعلاقات، في جامعة إدينبرغ، بالدراسة التي نشرت في دورية (Sociology  of Health and Illness) أن تقديم طعام خاص للأطفال خلال وجبة رئيسية غالباً ما يؤدي إلى فقدان الأطفال للمواد الغذائية الضرورية. وأوضحت سكافيدا أنه في حال تناول الأطفال لأطعمة مختلفة، يرجح أن تكون وجبتهم أقل تغذية. وقالت إنه يمكن للأهالي المنشغلين تناول وجباتهم في أوقات مختلفة عن أطفالهم، شرط أن يتناولوا الوجبات عينها، مؤكدة أن تناول الطعام عينه أهم من تناوله سوياً. وتابعت لا يجب أن تحضّر وجبات مختلفة للوالد، والشقيقة الكبرى، والوالدة، داعيةً إلى تحضير الوجبة عينها للجميع.

ومن جانبه، حذّر الطبيب كولين ميتشي، رئيس المعهد الملكي لطب الأطفال وغذائهم، من وجود رابط بين تقديم طعام مختلف للأطفال، ومعاناتهم من مشاكل صحية، مثل نقص الفيتامين «د»، والزنك، والحديد، الذي قد يؤدي إلى مشاكل في التعلم. وأضاف ميتشي أنه لو كان الأطفال يتناولون ما يتناوله أهلهم، ويجلسون كالفرنسيين حول المائدة، ما كنّا لنعاني من مشكلة نقص الحديد الشائعة. وتابع أن جلوس الأطفال وأهلهم سوياً إلى المائدة يخفّض قدرة الأطفال على التلاعب بأهلهم بشأن الطعام. بحسب يونايتد برس.

وقام الباحثون في دراسة على العادات الغذائية لـ 2200 طفل في الـ5 من العمر، فوجدوا أنه عند تلبية طلبات الأطفال، غالباً ما يتناولون أطعمة مثل البيتزا ورقائق البطاطا، الغنية بالسعرات الحرارية والفقيرة بالمواد الغذائية. كما استنتجوا أن الأطفال البكر لديهم، على الأرجح، أنظمة غذائية أفضل من أشقائهم الأصغر سناً، الذين يكون أهلهم عادة أكثر تساهلاً معهم.

سوء المعاملة

من جهة اخرى أظهرت دراسة ألمانية كندية مشتركة "أن النساء اللواتي تعرضن لعنف وسوء معاملة خلال فترة الطفولة، يعانين تغيرات في قشرة الدماغ، قد تكون السبب وراء المشاكل السلوكية والنفسية والجنسية التي يعانين منها في فترات لاحقة من حياتهن". وشملت الدراسة التي نُشرت في دورية "علوم النفس الأميركية" 51 امرأة تعرضن لأنواع مختلفة من العنف خلال مرحلة الطفولة وبينت صور الرنين المغناطيسي التي أجريت لأدمغتهن، تغيرات نوعية في قشرة الدماغ، بحسب نوع سوء المعاملة والعنف الذي تعرّضن له.

ففي حالات العنف الجنسي، لوحظ نقص في سماكة قشرة الدماغ في المنطقة التي تصل إليها النهايات الحسية للمنطقة التناسلية عند المرأة، ونفس المظهر كان لدى النساء اللواتي تعرضن لسوء المعاملة العاطفية والنفسية حيث كانت قشرة الدماغ المسؤولة عن تقدير الذات وضبط العواطف ناقصة السماكة. وتعقيبا على نتائج تلك الدراسة، قال الدكتور شارلز نمروف مدير مركز الشيخوخة في برلين إن هذه الدراسة هي الأولى التي توثق وجود تغيرات طويلة الأمد في مناطق خاصة في الدماغ كنتيجة لسوء المعاملة والإهمال، وإن هذه الخطوة التي أدت لتحديد تغيرات واضحة في بنية الدماغ يمكن أن تغير من طرق العلاج الهادفة لتعديل التأثرات النفسية السلبية التي يمكن أن تستمر مدى الحياة كنتيجة لهذا الأذى النفسي"

من جهتهم، فسر الباحثون هذا التراجع في سماكة قشرة الدماغ للمناطق الحسية بأنه وسيلة دفاعية يسعى إليها الجسم لإيقاف الإحساس بالألم والأذى العاطفي والآثار النفسية التي يسببها هذا العنف الجسدي أو العاطفي، لكن عدم التطور الحاصل في قشرة الدماغ يؤدي فيما بعد لاضطرابات سلوكية تتجلى عند النضج وفي مراحل لاحقة من الحياة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 27/حزيران/2013 - 17/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م