لفت انتباهي ذات مرة عندما دخلت مبنى البلدية في مدينة من المدن
لوحة كبيرة كُتب عليها اسماء رؤساء البلديات الذين تعاقبوا على المنصب،
فعلمت بان هذه الاسماء قد دخلت التاريخ سواء قدمت شيئا ام لم تقدم،
والتاريخ سيذكرهم اما بخير او بشر، وكذلك الحال بالنسبة للمحافظ او
المتصرف او الوالي او الحاكم، اذ انه سيكون عرضة للمدح او الذم حسبما
يقدم طيلة فترة توليه المنصب، والمنصب لا يدوم بحال من الاحوال ولكن
الانجازات تظل تتحدث عن نفسها على مرّ السنين.
وبالنسبة لكربلاء كمدينة لها خصوصية استثنائية كونها واحدة من اهم
المدن المقدسة في العالم علما بان كل المدن مقدسة بجوامعها وكنائسها
وناسها، ولكن كربلاء لها ميزة التفوق مما يجعلها جديرة بالاهتمام، وقد
اكتسبت هذه المدينة اهمية استثنائية بعد التغيير الذي حصل في العراق
سنة 2003، فصارت مدينة مليونية يفد اليها ملايين من الناس عدة مرات في
العام ومن عدة جهات في العالم وبذلك تحتاج الى خدمات خاصة وعناية خاصة،
لا سيما الطرق الخاصة بالمشي اثناء الزيارات حتى لا تتعطل سير المركبات
وغيرها من الامور التي لا داعي لذكرها في هذه العجالة.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو : هل يعني تغيير المحافظ او الوالي او
الحاكم شيئا للمدينة وهل يعني تعيين رجل الامن المعروف عقيل الطريحي
محافظا جديدا لكربلاء شيئا للمدينة، علما بان المحافظ في العراق لم يكن
يعني شيئا كبيرا في السابق وكأنه مجرد منصب شرفي فخري فقط لا تترتب
عليه مسئوليات تاريخية.
الاستاذ عقيل الطريحي رجل قريب من الامن في بلد كان ومازال يعيش
الهاجس الامني والاضطراب المستمر مما اكسبه خبرة كبيرة في هذا المجال
وليس المطلوب منه ان يلبس بدلة العمال كما فعل محافظون اخرون وينزل الى
الشوارع، لان البناء والتنظيف لا يجلب الامن والعكس صحيح اذ ان الامن
يجلب البناء والازدهار والنظافة والمشاريع والاستثمارات وكل ما هو خير،
اذن فعلى المحافظ الجديد ان يرتدي بدلة رجل الامن ويعيد الامن والامان
للمدينة المقدسة باقل عدد من نقاط التفتيش وله في مدينة اربيل اسوة
حسنة، اذ لا يوجد فيها سوى نقطة تفتيش واحدة خارج المدينة، واربيل او
دهوك او السليمانية هي مدن عراقية وليست اوربية وما امكن عمله هناك
يمكن عمله في النجف او كربلاء او البصرة، فالأمن اساس كل شيء واساس كل
ازدهار فان انعدم انعدم ماسواه.
واما مدة الولاية الجديدة للمحافظ الجديد ستنتهي لا محالة وقد يضعه
الشعب في خانة المحافظين الذين جاءوا وذهبوا دون ان يتركوا اثرا يذكر
او تذكره الاجيال بخير بسبب التغييرات الجذرية التي قد يحدثها في هذه
المدينة ويرتفع بها الى مصاف المدن المقدسة الاخرى مثل مكة والمدينة
ومشهد وقم، فالرجل منتخب من قبل الشعب وعنده خبرة كافية في الادارة وفي
مجال الامن وما يضره لو دخل التاريخ كمغير لمسار المدينة نحو الاحسن
وما ينفعه لو تم تصنيفه ضمن قائمة المحافظين التقليديين الذي جاءوا
وذهبوا ولم يشعر بهم احد.
واهمس مخلصا في اذن المحافظ الجديد واقول بان التغيير يجب ان لا
يقتصر على المناطق المحيطة بالحرمين وانما يجب ان يشمل جميع مناطق
المدينة ولا باس بالاستعانة باستشاريين اجانب او رؤساء بلديات سابقين
لمدن جميلة مثل مشهد او بيروت او حتى اسطنبول، وكربلاء كمدينة سياحية
دينية تستحق ذلك.
المهمة صعبة والوقت قصير، فهل سيعني محافظ جديد، كربلاء جديدة؟
سؤال لن يجيب عنه سوى الاستاذ عقيل الطريحي.
aabbcde@msn.com |