من قتل الشيخ شحاتة؟!

عبد الواحد ناصر البحراني

من جريمة إلى أخرى يمضي أتباع الفكر التكفيري في ظلمهم وعدوانهم على المسلمين الشيعة. آخر ضحاياهم العلامة الشيخ حسن شحاتة ورفاقه الشهداء. كل ذنبهم أنهم أرادوا إحياء ليلة النصف من شعبان المباركة بالدعاء والصلاة.

وإذا كان الشيخ الشهيد تقرب إلى الله في تلك الليلة بالدعاء فمن قتلوه قد تقربوا إلى جهنم بدمه ودماء رفاقه الطاهرة الزكية. الأمر والأفظع أن هذه الجريمة النكراء والتي تم تصويرها للعيان عبر اليوتيوب استغرقت ساعات طويلة منذ الحصار الذي تعرضت له شقة الشيخ وحتى استشهاده دون تدخل قوات الأمن المصري. فهل هذه الدولة التي تسيطر فيها الجماعات التكفيرية هي التي أرادها المصريون بعد الثورة؟ أم أن جريمة قتل الشيخ شحاتة هي لإثارة الفتنة بين المصريين وإلهائهم عن هدفهم في الثلاثين من هذا الشهر في إسقاط مرسي وحزبه؟

إن جريمة قتل الشيخ شحاتة ورفاقه لن تمر مرور الكرام بالتأكيد. لكن هيهات يتصور من حرض على هذا العمل أن يكون رد الفعل من نفس نوع الفعل الأخرق والإجرامي. بل إن الحكمة تقتضي أن لا يستفزنا هؤلاء الشياطين لما يريدون. والحرب التي يريدون إشعالها سوف تحرقهم هم أولاً.

لقد بدا للعالم أجمع أي نوع من التكفيريين هؤلاء المدعين للدين. بل إن العالم اليوم صار يميز بين نوعين من الإسلام. الأول أموي تكفيري يستخدم التدليس والكذب والتضليل ويمتهن القتل والجريمة. والثاني إسلام محمدي أصيل يستخدم الحوار والعقلانية واللاعنف في إيصال الفكر والنهج بالمنطق والحكمة. وكلما زادت جرائم التكفيريين في هذا العالم قلت فرص بقائهم على خارطة الإنسانية التي ترفض منطق الهمجية والقتل والتكفير.

لقد سقطت ورقة التوت عن نظام محمد مرسي. بل إن جريمة قتل الشيخ شحاتة عرت الإعلام العربي الذي أصابه الذهول من هول ما رأى من وحشية باسم الدين. الغريب أن الآلاف من البشر اشتركوا في جريمة القتل هذه. والأغرب أنهم من الأطفال والشبان الصغار في العمر. وهذا إن دل على شيء فيدل على جيل مغرر به. هذا الجيل يحتاج أن يتعلم منهج أن الاختلاف لا يعني الخلاف. فالإسلام مذاهب متعددة. وفي مذهب أهل السنة وحدها أربعة مذاهب هي (الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية). شيوخ هذه المذاهب الأربعة درسوا في مدرسة الإمام جعفر الصادق حفيد رسول الله (ص). والإمام الصادق هو إمام المذهب الجعفري الذي ينتمي له الشيخ المغدور شحاتة رحمه الله. ولا داعي لنثبت إسلام الشيعة واتباعهم لرسول الله (ص) وصلاتهم لنفس القبلة في المسجد الحرام وقراءتهم نفس القرآن وصومهم وحجهم وزكاتهم. الشيعة مسلمون وليس جرماً أن تكون شيعياً. الأزهر يعرف هذا وعلماء السنة الكبار يعرفون هذا لكن علماء السلاطين والأنظمة ينكرونه لغايات سياسية ودوافع لإثارة الفتنة.

اليوم يجب أن يستفيد المسلمون من هذه الحوادث المروعة. وقتل رجال الدين الشيعة يلقي مسؤولية على الشيعة أنفسهم في توضيح مذهبهم للعامة. عليهم أن يخاطبوا عقول الشباب المغيبة وأن يفهموهم أن قول الشيعة (علي ولي الله) لا يعني الكفر وإنما يعني أن علي ولي من أولياء الله. وأن صلاتهم على التربة ليس عبادة للحجر وإنما للسجود على موضع طاهر والسجود لدى الشيعة لا يكون إلا لله عز وجل. وأن زيارة قبور الأولياء من الأئمة لا شرك فيه لأن الصلاة والدعاء لا تكون لهم بل لله تعالى وإنما هي أماكن مباركة لأنها تضم رفاتهم. فكما أن دماء الشهداء طاهرة فالبقع التي تضم دماء أهل البيت من الأئمة الأطهار هي أكثر طهراً وبركة. ولا أجد في إحياء ليلة النصف من شعبان بدعة فهي ليلة مباركة عند جميع المسلمين. ولن تجد شيعياً واحداً يقول بالزنا وممارسة الرذيلة بحجة الدين لأن الفطرة الإنسانية والشريعة الإسلامية ترفض ذلك.

الشيعة باختصار مسلمون قبل أن يقيّمهم أصحاب النهج التكفيري. وكل من شارك في قتل الشيخ شحاتة ورفاقه هو قاتل يستحق العقوبة في الدين والقضاء. وهنا أتساءل عن القضاء المصري الذي أدان أحدهم لسبه الفنانة إلهام شاهيم بالسجن خمس سنوات في حين لم يمارس أي رد فعل ضد من قتل خمسة من المسلمين فقط لأنهم من المذهب الجعفري.

وأخيراً أوجه كلامي لشيوخ الأزهر الشريف. هذه المدرسة التي لطالما خرجت العلماء. أن تمارس دورها الحقيقي في التعريف بالمذهب الجعفري وتوضيح حقيقة إسلام أتباعه وشهادتهم بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. لأن سكوت الأزهر على التضليل الإعلامي الذي يمارسه التكفيريون يعني مشاركة علماء الأزهر في هذه الجريمة. على الأزهر أن يطالب وزارة التربية والتعليم المصرية بتوضيح المذهب الجعفري وحقيقة انتمائه المحمدي وأن أتباعه من المسلمين. لأن الوضع في مصر اليوم بات غير مطمئن. فالذي يقول بأنه مسلم شيعي يبدو وكأنه كفر بالله في حين أن أصحاب هذا المذهب أكثر التزاماً بالشرع ممن يكفرهم.

وأسأل من يدعون الإسلام هل دخلوا يوماً إلى حسينية أو مسجد شيعي؟ هل قرأوا كتاباً شيعياً؟ هل رافقوا أصدقاء شيعة؟ هل قرأوا قرآناً عند الشيعة مختلفاً عن الذي يقرأونه؟ نحن اليوم في عصر الانفتاح والعولمة فلماذا لا يكلف البعض عناء البحث عن الحقيقة.

إن دم الشهيد الشيخ شحاتة في رقبة كل مسلم فالشيعي ملزم برسالة إعلامية أشد قوة والسني ملزم بالبحث من عدة مصادر. لكن من يريد أن يختصر على نفسه عليه أن يدرك أني كشيعي أفتخر بهذا وأفتخر بانتمائي لرسول الله محمد (ص) خاتم النبيين وأني سوف أعيش وأموت على قول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأني أحب آل بيت النبي وأقول اللهم صل على محمد وآل محمد. فهل يحق لأي مسلم بعد هذا قتلي كما تجرأ البعض على قتل الشيخ شحاتة. إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العي العظيم والعاقبة للمتقين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/حزيران/2013 - 16/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م