اصدارات جديدة: ملامح العلاقة بين الدولة والشعب

 

 

 

 

الكتاب: ملامح العلاقة بين الدولة والشعب

الكاتب: اية الله السيد مرتضى الشيرازي

الناشر: مؤسسة دار العلوم

عرض: موقع الإمام الشيرازي

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: صدر حديثا كتاب (ملامح العلاقة بين الدولة والشعب) لمؤلفه سماحة آية الله السيد مرتضى الحسيني الشيرازي، ويأتي هذا الجهد العلمي تواصلاً مع اهتمامات سماحته في مقاربة موضوعات حيوية، تلامس حياة الفرد والمجتمع، وفقاً للأطر القانونية والشرعية بموضوعية وعقلانية علمية متجردة، مستمدة من الفكر والشارع الإسلامي، ومستجيبة لحاجة ملحة في الثقافة العربية الإسلامية.

يتناول الكتاب بالبحث والدراسة موضوعاً غاية في الأهمية، كونه يرتبط بالحقوق المشروعة للشعب، ومبادئ المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية، والأطر السيادية للدولة، والحكم الرشيد، خاصة في ظل المتغيرات المتسارعة على الساحة السياسية والمجتمعية في المنطقة العربية والإقليمية، وتطلعات شعوبها لإرساء العلاقة الحقوقية الشرعية مع أنظمة الحكم فيها.

إن مادة الكتاب من الموضوعات الحيوية المهمّة، ذات الأفق الإستراتيجي التي تخلص لإستقراء المصادر الشرعية للحكم والسلطة، وطبيعة العقد الإجتماعي والسياسي الذي يحكم ممارسة هذه السلطة على الشعب، وفق الأطر القانونية والشرعية لها.

وللمسؤولية التي ينهض بها المؤلف وموقعه وإهتمامته، وإيمانه بضرورة تبيان مسؤوليات الدولة، وحدود سلطتها، وأصول شرعيتها، وإن تفقّه الشعب بهذه المسؤولية، هو واجب وحق مشروع، فقد نهض سماحته في نشر هذه المفاهيم والرؤى ضمن محاضرات متسلسلة، ولأهميتها الراهنة والمستقبلية، فقد جرى تضمينها في كتاب، بعد إعادة تحريرها ومنهجيتها وترتيبها بما يلائم بناء الكتاب وهيكليته، وقد وسم بعنوان (ملامح العلاقة بين الدولة والشعب).

ويأتي إصدار هذا الكتاب إضافة نوعية للمكتبة الفكرية العربية الإسلامية، وتلبية للحاجة الملحة في الفضاء العلمي والمعرفي فيها، إذ يعد البحث في الإطار القانوني والشرعي الذي يحكم العلاقة بين الدولة والشعب من متطلبات الدراسة المعمّقة، لتوفر مخرجاتها على احتمالات وخيارات متعددة ممكنة أو متحققة، سواء في الواقع أو المطلوب.

يبسط المؤلف رؤاه وتصوراته في هذا الموضوع، إستنادا الى الفكر الإسلامي، وإستضاءة من النص المقدس، مستنداً الى اللآية الشريفة (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ). ضمن وحدة موضوعها، كدأب نهج سماحته (التفسيري)، حيث يعد مفهوم الأمانة ومصاديقها، في تأسيسها لبناء الدولة ومسؤولية الحكم، هو المرجعية الشرعية، للأطر الحقوقية في الحكم وسيادة الدولة، والصلاحيات المخوّلة لها.

يعرض الكتاب الى شكل وأطر العلاقة بين الدولة من جهة، وبين الشعب والهيئات المجتمعية من جهة ثانية، ضمن الإطار المرجعي لشرعية الحكم والسلطة، التي ترتكز إليها فاعلية الدولة والحكومة ومؤسساتها، حيث يعد مفهوم الأمانة ومصاديقها، وإسقاطها على الدولة ومسؤولية الحكم، وبيان الحدود الشرعية والعرفية والعقلائية لها، في إضاءات الأدلة النقلية والعقلية لها، هو المرجعية الشرعية، لتبيان الأطر الحقوقية لشرعية الحكم الرشيد وسيادة الدولة، والصلاحيات المخوّلة لها.

موضوع الكتاب من العناوين الحيوية المهمّة، التي تخلص لإستقراء مصادر الشرعية للحكم والسلطة، وطبيعة العقد الإجتماعي والسياسي الذي يحكم ممارسة هذه السلطة على الشعب، وفق الأطر القانونية والشرعية لها، والتي فصل فيها المؤلف ضمن أطر الوكالة والإذن والإجازة والولاية والعقد المستأنف والتفويض، حيث تفقد السلطة شرعيتها بسقوط ذلك العقد في خارج هذه الأطر القانونية.            

منهج الدراسة في الكتاب يستند الى البصائر القرآنية في تحديد معالم وأبعاد موضوع البحث، وفي وحدة موضوعه من خلال آية (الأمانة) الكريمة، مما يتطلب التعمق في البحث والتأمل فيها، فضلاً عن النموذج الرائد في الفقه والتراث الإسلامي، متمثلاً بتجربة الرسول الأكرم والإمام أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليهما)، في مجال بناء الدولة، وإدارة الحكم والسياسة، واستخدام الجيش بما يضمن استقامته ونزاهته ومهنيته، وإسقاطات المنظومة القيمية على أدائه وسلوكياته.

وينصرف الكتاب لبيان مسؤوليات القوات المسلحة، وحدودها وأطرها القانونية في مسيرة الدولة، كونها من مرجعيات صلاح الحكم أو فساده، ضمن تنظير ومقاربة بحثية يتفصّل فيها الكتاب، لطرح تصورات ورؤى منهجية لآليات أداء السلطة العسكرية، وإسناد مهام قيادة المؤسسة العسكرية فيها بالشكل الأمثل، وبما يضمن مفهوم العدل ومقاصده، ضمن الضرورات المجتمعية والسياسية والأمنية والفصل بين السلطات.

يخلص الكتاب الى أن الأمانة كمفهوم يطرد قسيمه، فإن سقطت أمانة الحاكم تسقط شرعية حكمه، فشرعية السيادة هي لله تعالى، لكنها موكلة للشعب والأمة، سواء بشكل الشورى أو أهل الحل والعقد، وإن تفقّه الشعب بهذه المسؤولية هو واجب وحق وهو من مقاصد هذه الدراسة.

صدر الكتاب عن مؤسسة التقى الثقافية، وهو بمائة وخمس وستين صفحة، واحتوى على إثني عشر فصلاً، تصدّر كل منها مقدمة تعريفية بمادته، مع بيان الغاية البحثية من الفصل ونطاقه، وقد تفرّعت جميعها الى مباحث فرعية، وضمنها إجابات سماحته على أسئلة فقهية تلامس الموضوع وتستكمل مقاصده.

بحث الفصل الأول في (الأمانة وموقعها في العلاقة بين الدولة والشعب)، مبيناً طبيعة العلاقة بين الدولة والشعب، والشكل التكاملي الذي يجب أن يحكم هذه العلاقة، وإطارها القانوني الشرعي العام، ومصادر شرعية السلطة والحكم، مع الدراسة الموجزة لآليات تفعيلها.

وبحث الفصل الثاني في (الأمانة والأطر القانونية في العلاقة بين الدولة والشعب) وفق دراسة الأمر المولوي بأداء الأمانة، وبيان مفهومه ومعالمه، وأثره في تـأسيس العلاقة بين الحاكم والمحكوم، والحكم بين الناس بالعدل، فضلاً عن الأطر والخيارات القانونية الحقوقية، التي ترتكز إليها هذه العلاقة، والتعريف بأبعادها وحدودها.

وناقش الفصل الثالث (أطر العلاقة الحقوقية بين الدولة والشعب والمؤسسات)، مبيناً مفهوم الأمانة ومصاديقها من جميع الوجوه، وإسقاطها على الدولة ومسؤولية الحكم، والحدود الشرعية والعرفية والعقلائية لها، والأطر الحقوقية لشرعية الدولة والحكم، في إضاءات الأدلة النقلية والعقلية لها، والبحث في مصاديق احتمالات السيادة للدولة، والصلاحيات المخوّلة للحاكم.

وتطرق الفصل الرابع الى (دوائر الحكم بالعدل ومساحات حقوق الشعب)، فبيّن المفهوم العرفي للأمر الإلهي في (الحكم بالعدل بين الناس)، وفي (حدود الحكم على الناس)، وفي (مصاديق العدل) فيها، موضحاً ما ينبغي للشعب معرفته، من الحقوق المفترضة له، ورؤية الفكر والشارع الإسلامي لها.

وعرض الفصل الخامس الى (مناشئ الحقوق في شرعية الحاكم والدولة)، فبحث في البصائر التي ترتكز إليها مرجعية الأمانة في الحكم، ومسئولية الحاكم في ردّ هذه الأمانة إلى أهلها، ومقاربة العنوان في (أَهْلِهَا) واستنباط نطاقه، وبيان أحكام الأمانة، ومناشئ الحق في شرعية الدولة والحكم. وخلص الفصل الى وجوب رد الأمانة بالمستقلات العقلية، ومتضمناً لمبحث ممتع في مقاربة أسباب جمع (الأمانات)، وإفراد (أهلها) في الآية الشريفة ومناشئ تولد الحقوق وشرعية السلطة، وبالتالي تبيان شكل الحكم في الإسلام، الذي تطلق عليه مدرسة المؤلف بـ(الإستشارية) في مماهاتها غير المطلقة مع الديمقراطية، من خلال قبول مميزاتها ورفض تداعياتها.

وقارب الفصل السادس موضوع (الأمانة والعدالة في الحكم ومناشئ تولد الشرعية)، من خلال البحث في الحقائق الاستقلالية، وإسقاطاتها في عالم التكوين، وبيان العنوان الإرتباطي في الأمانة في الحكم، واستدلالاته في عالم التشريع، وبيان المناشئ في الحقوق وشرعية الحكم.

وعرض الفصل السابع (معالم وأحكام أداء الأمانة والمسؤوليات القانونية لدور الجيش فيه)، فبحث في مفهوم الأداء للأمانة عرفاً، وأشكال هذا الأداء ومصاديقه من الأدلة النقلية الشريفة، والعقلية المبرهنة، وارتباطها بشؤون الحكم، وشرعية الحاكم والدولة. كما قارب الفصل موقع الجيش في الحكم الرشيد، وحدوده ومسؤولياته وضوابطه وأطره القانونية، في إقتراح سلطة رابعة وهي السلطة العسكرية ضمن مبدأ الفصل بين السلطات وتأمين التوازن بينها.

وتطرق الفصل الثامن الى (البصائر في مقصد الأداء للأمانة ومنع التفرد في سلطة تنصيب قائد الجيش)، فقارب البصائر القرآنية في الآية الشريفة، من قبيل معادلة (العنوان والمحصل)، التي قد تستظهر من الأمر الإلهي (بأداء) الأمانة، وذلك بتحديد العلاقة بين الأغراض والمأمور به، المستلزم لوجوب الاحتياط في شرائطه ومحققاته، مع بيان الخيارات المتاحة لتنصيب قائد الجيش والقوات المسلحة، بشكل ينسجم والفكرة الأوسع لفصل السلطات. ويقترح المؤلف فيها سلطة رابعة هي (المجتمع المدني)، وتكون السلطة العسكرية خاضعة لها ومنتخبة من الشعب، ثم يعرض المؤلف لصيغة أخرى تنسجم مع (شورى الفقهاء)، والتي يعد سماحته في مقدمة المنضرين لها، وذلك بأن يكون تعيين قائد الجيش بيد شورى الفقهاء المراجع، إذ يرى أن شورى المراجع هي أهم مؤسسة في المجتمع المدني، وسائر هذه المقترحات تهدف الى عدم تسييس المؤسسة العسكرية وضمانة مهنيتها وعدالتها.

ويبحث الفصل التاسع في (البصائر القرآنية في أداء الأمانة وضمانات النزاهة والاستقامة في عمل الجيش)، فيخلص الى إيضاح الفرق بين المسمّيات الثبوتية الواقعية، والمسمّيات المتوهّمة، وبيان الضرورة المجتمعية والأمنية، في ضمان استقامة الجيش والقوات المسلحة، ونزاهتها المهنية، وليس فقط الحيادية في الأداء الوظيفي.

ويناقش الفصل العاشر (مقاصد العدل وضمانات الأداء المهني للقوات المسلحة)، من خلال بيان البصائر القرآنية في مفهوم العدل ومقاصده، ومن ثم الاستدلال منها على معالم هذه الضمانات وسياقاتها وأنواعها، بهدف تكملة تبيان الأداء المهني السليم للقوات المسلحة، من خلال الاستقامة والنزاهة والعدالة، فضلا عن الحيادية.

ويعرض الفصل الحادي عشر الى (معالم العدل وضمانات النزاهة في المؤسسة العسكرية)، في مقاربة الى معالم العدل وأقسامه ومبانيه، بهدف التفصيل في الضمانات الداعمة لأداء الجيش والأمن، بما يمنع القمع والاستبداد والظلم للرعية، وعلاقته بتحقيق العدل والعدالة في الحكم بين الناس وفيهم، عبر التدبر بالآيات الشريفة.

ويبحث الفصل الثاني عشر في (معالم العدل ومفاهيمه وضمانات الأداء الرشيد للمؤسسة العسكرية)، من خلال بيان معالم العدل وتعاريفه لجهة الحكم فيه، وتكملة البحث في الضمانات المقترحة لاستقامة الجيش والقوات المسلحة، وسلامة أدائها وعدالتها، وعدم استخدامها كأداة للقمع بيد الدولة الجائرة.

وقد سلك الكتاب في نطاقه البحثي وتحقيق غاياته وأهدافه، منهجاً نقلياً وعقلياً واستقرائياً، وانصرف لمقاربة المباني التي استهدفها في البحث الى النخب الفكرية والمتخصصة، فضلاً عن حاجة القارئ الثقافية والمعرفية، وذلك بموضوعية علمية تلامس الحجّة المنطقية والشرعية، فشكّل بذلك إثراءا مميزاً في تراث المؤلف العلمي والفكري، وإضافة نوعية للمكتبة العربية الإسلامية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/حزيران/2013 - 15/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م