الاعلام العربي وغياب الرؤية الاستراتيجية

 

شبكة النبأ: لاشك أن منظومة الاعلام في اي دولة تتحرك وفق تخطيط مسبق ومدروس، حتى تحقق الاهداف التي تسعى إليها، وبعكس ذلك سوف يتسم العمل الاعلامي بالعشوائية، وضيق الافق، والفشل الحتمي في الوصول الى الاهداف المبتغاة، فضلا عن عدم القدرة في معالجة الاوضاع الراهنة، والتعامل بصوة صحيحة مع الاحداث والمواقف التي تستجد في العالم.

الاعلام العربي حتى هذه اللحظة لا يمتلك رؤية استراتيجية يعمل وفقا لها، ويتحرك استنادا الى خططها المسبقة، لذلك نلاحظ الطيش والقرارات المتعجلة الارتجالية غالبا ما تحكم هذا الاعلام، فضلا عن الهشاشة التي تحكم عمله اصلا، والفشل الواضح في بناء منظومة اعلامية مؤثرة ومثقفة، ترعى الثقافة الانسانية العميقة، وتدرأ خطر التطرف والارهاب.

بل يبدو الامر على العكس من هذا المنموال تماما، إذ نلاحظ مساهمة الاعلام العربي في احيان كثيرة بصناعة نوع من التطرف، لا يزال ينمو بين اوساط معروفة من المجتمعات العربية، ونقصد بهم الوسط التكفيري المتطرف، فقد بات الاعلام العربي في احيان كثيرة وسيلة لنشر التطرف، خاصة انه يتعمد او يخطئ في التعامل مع المواضيع والمواقف الحساسة التي يضج بها العالم العربي ككل.

ولكي نكون اكثر وضوحا فإن نضرب المثال التالي المأخوذ من ارض الواقع، إذ نلاحظ على سبيل المثال هناك قنوات اعلامية عربية مدعومة من حكومات وجهات معروفة، تقوم علنا بدعم التطرف وتشعل فتائل الفتنة في اكثر من مكان، وهي بذلك تذكي روح الاقتتال بين ابناء الامة الواحدة والدولة الواحدة ايضا، وهذه القنوات تدار من لدن جهات خارجية في الغالب، وترتبط بحسابات دولية مشبوهة، حيث تقوم بالتركيز على قضايا التفرقة واثارة الفتنة والتطرف، الامر الذي يشعل نار الحروب الاهلية والقتل على الهوية والحرب الطائفية بين ابناء البلد الواحد، بل بين المسلمين الذين يعيشون في بلد واحد.

ولدينا المثال الاقرب متمثلا بالاحداث السورية وكيفية التعامل مع ما يجري فيها، حيث تقوم الفضائيات والصحف ومواقع الكترونية بتغذية هذه الحرب بالمزيد من الاخبار والمواقف التي تشعل نار الفتنة اكثر واكثر، فقد تم تدمير بلد آمن وشعب كان يعد من افضل الشعوب العربية، وهو الشعب السوري الذي تم تمزيقه شر ممزق، وساهم في ذلك بعض المؤسسات والعلامية العربية المأجورة والخاضعة لادارات مشبوهة، ترتبط بلا ادنى شك مع شبكات سياسية اجنبية تهدف الى اضعاف العرب وتمزيق وحدتهم، وتجتهد لكي تدمر الدول العربية القوية، حتى يتحقق لاعداء العرب ما يريدونه ويخططون له من اهداف مبيتة ومعروفة.

ومن مساوئ الاعلام العربي غض الطرف عن احداث مهمة، والتركيز على احداث غير ذات اهمية، وهذه سياسة الكيل بمكيالين، التي اعتاد عليها سياسيو الغرب في التعامل مع المسلمين والعرب، فبعض مؤسسات الاعلام العربي تركز على جانب دون آخر، وتتعامل مع قضايا واحداث مهمة بنوع من الاهمال الواضح، على سبيل المثال ما حدث مؤخرا في مصر لاحد قادة المذهب الشيعي في مصر وهو الشيخ (حسن شحاتة) الذي تم قتل ومجموعة من الشيعة معه في بيته، والتمثيل بجثث الضحايا وحرق الدار وما شابه من اعمال همجية، لقد تعامل الاعلام مع الامر وكأنه شيء عابر، وكان من الاجدر اظهار الحق، وفضح من يقف وراء مثل هذه الاعمال المتطرفة الهمجية المستهجنة.

ولكن نلاحظ سياسة الكيل بمكيالين هي سمة بارزة في عمل مؤسسات اعلامية عربية، تصب الزيت على النار في وقت مطلوب منها ان تصب الماء على نار الفتنة، ولذلك تبقى هذه المنظومة تابعة للسياسة وتتحرك وفقا لارادة السياسيين في الداخل فضلا عن ارتباطها مع جهات خارجية معادية للعرب والمسلمين عموما، كل هذا يؤكد فشل الاعلام العربي في تحقيق الاهداف المنشودة منه، بل على العكس يبدو انه اداة لصناعة الفتن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/حزيران/2013 - 15/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م