بورما... جريمة أخفت صوتها

 

شبكة النبأ: لاتزال الجماعة البوذية تواصل انتهاكاتها وجرائمها الوحشية المستمرة ضد الاقلية المسلمة في بروما التي تواجه وبحسب بعض المراقبين اكبر حملة تطهير عرقي وديني وسط استمرار الصمت العالمي والعربي تجاه قضية المسلمين في بورما، ويرى بعض المراقبين ان تخاذل علماء الدين العرب قد اسهم في تفاقم معاناة هذه الاقلية البعيدة عن خطابات ومؤتمرات بعض دعاة الفتنة الداعين الى الجهاد الطائفي في بعض الدول العربية ونصرة المجاميع المسلحة وامدادها بالمال والسلاح، وتصف الأمم المتحدة الاقلية المسلمة في بورما بأنهم الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم، وقد أسفر العنف الطائفي ضدهم عن وقوع آلاف القتلى من الابرياء وحرق العديد من منازل ومزارع والمساجد اضافة الى تشريد العشرات من العوائل المسلمة، وفيما يخص اخر الاحداث الاجرامية فقد أحرقت حشود من البوذيين يحملون العصي والمناجل منازل مسلمين في مدينة لاشيو بشمال ميانمار بما يتناقض مع تأكيد الحكومة على ان الجيش والشرطة تمكنا من إعادة الهدوء.

وشوهد عشرات من الشبان والصبية يركبون دراجات نارية ومترجلين يثيرون الشغب في أنحاء المدينة التي يسكنها 130 ألف نسمة في منطقة جبلية على بعد نحو 700 كيلومتر من العاصمة التجارية يانجون. وظلت النيران تشتعل في متاجر المسلمين ومنازلهم من دون تدخل مما يبرز الصعوبة التي يواجهها الرئيس ثين سين في احتواء العنف الديني المتصاعد في عهد يشهد إصلاحات تاريخية منذ ان أنهى الجيش الحكم العسكري في مارس اذار 2011.

قال كياو سوي وين وهو من السكان البوذيين في حي يسكنه مزيج عرقي حيث شوهدت دراجات نارية وممتلكات لبعض الأسر محترقة في الشوارع "لا أعلم أين هم المسلمون. لقد لاذ جميعهم بالفرار." وفي مكان مجاور كان هناك رجل يحمل سيفا وعصى يتفقد ما تبقى من متجر محترق. وقال التلفزيون الحكومي إن نيرانا أشعلها بوذيون دمرت مسجدا ومدرسة دينية إسلامية وعددا من المتاجر.

وتواجه ميانمار اضطرابات دينية منذ يونيو حزيران العام الماضي عندما اندلع قتال بين بوذيين من الراخين ومسلمي الروهينجا في ولاية راخين بغرب البلاد. وأعقب ذلك هجمات منظمة من الراخين على الروهينجا في اكتوبر تشرين الاول وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش بأنها تصل إلى حد التطهير العرقي. وتعتبر حكومة ميانمار الروهينجا مهاجرين بشكل غير مشروع من بنجلادش المجاورة.

وقال السائح البريطاني ستيفن باركر (46 عاما) إنه رأى مجموعة من نحو مئة من الشبان الذين يحملون المناجل والعصي يحاصرون فندقه منهم أربعة او خمسة رهبان. وأبعدتهم قوات من الجيش والشرطة وألقت القبض على نحو خمسة أشخاص. وأضاف "اشعل لي أحدهم سيجارتي وطلب مني قتل كل البنغال بينما كان يلوح بالسيف الذي كان يحمله وطوله 18 بوصة."

وفر المسلمون فيما يبدو من حي يسكنه مزيج عرقي في مدينة لاشيو ويعرف باسم الحي رقم 17. وكان سبب اضطرابات مشادة بين اثنين قالت وسائل إعلام حكومية إنهما امرأة بوذية اسمها آي آي وين (24 عاما) التي كانت تبيع البنزين ورجل مسلم اسمه ني وين عمره 48 عاما. وذكر سكان أنه بعد أن احتجزت الشرطة ني وين طوق بوذيون مركز الشرطة وطالبوا بتسليمه. وعندما رفضت الشرطة بدأت هذه الحشود في إثارة الشغب وهاجمت مسجد ميوما قرب سوق لاشيو. وحاولت السلطات إعادة النظام من خلال حظر التجمعات دون تصريح بموجب حالة الطوارئ في المدينة الواقعة على بعد نحو 190 كيلومترا من الحدود الصينية. بحسب رويترز.

وفي مارس اذار سقط 44 قتيلا على الأقل أغلبهم من المسلمين في مدينة ميختيلا بوسط البلاد بعد أعمال عنف من حشود بوذية ثار غضبها بسبب قتل مسلمين لراهب بوذي وذلك عقب خلاف عنيف بين زوجين بوذيين وأصحاب متاجر من المسلمين. ويمثل المسلمون نحو خمسة في المئة من سكان ميانمار البالغ عددهم 60 مليون نسمة.

تحديد النسل

في السياق ذاته عبر خين إي وزير الهجرة في ميانمار عن تأييده لسياسة تحديد النسل بطفلين لكل أسرة من اقلية الروهينجا المسلمين وهي السياسة التي وصفتها زعيمة المعارضة أونج سان سو كي والامم المتحدة بأنها تنطوي على تمييز وانتهاك لحقوق الانسان. وخين إي هو أكبر مسؤول يؤيد علانية السياسة التي اعلنت عنها في الاونة الاخيرة السلطات المحلية التي تسمح بطفلين فقط لكل أسرة في ولاية الراخين التي يقطنها الروهينجا المسلمون وهم أقلية بدون جنسية تطلق عليهم حكومة ميانمار اسم البنغال.

وقال خين إي هذه (السياسة) ستفيد النساء البنغال وتتزامن تصريحاته مع قلق دولي متصاعد بشأن معاملة الاقلية المسلمة في بلد غالبية سكانه من البوذيين بعد تفجر أعمال عنف طائفية قتل فيها مئات الاشخاص منذ العام الماضي وتسببت في تشريد أكثر من 140 الف شخص معظهم من المسلمين.

ويقول موظفو صحة ان سياسة طفلين لكل أسرة تشجع على عمليات اجهاض غير آمنة في واحدة من أفقر دول جنوب شرق آسيا. وتقول السلطات في ولاية الراخين انها تحتاج لفرض قيود على الروهينجا لمنع وقوع مزيد من الاضطرابات. وفي سيتوي عاصمة ولاية الراخين أدت سياسات مماثلة للفصل العنصري الى فصل البوذيين عن المسلمين الذين يعيش كثيرون منهم في أحياء تشبه السجون منذ اعمال العنف الطائفية.

وأكد متحدث باسم حكومة ولاية الراخين في وقت سابق قانون تحديد النسل بطفلين لكل أسرة الصادر عام 2005 في مستوطنتين هما بوثيدونج ومونجداو في اطار سلسلة من القيود التي وضعتها الحكومة العسكرية السابقة للسيطرة على عدد السكان الروهينجا الذي يتنامى بسرعة.

وقال خين إي "النساء البنغال اللاتي يعشن في ولاية الراخين لديهن الكثير من الاطفال. في بعض المناطق لدى الاسرة الواحدة 10 أو 12 طفلا." وأضاف "هذا ليس جيدا لتغذية الطفل. ليس من السهل رعاية الاطفال." وعندما سئل ان كان يؤيد هذه السياسة رد بقوله "نعم". وقوبلت هذه السياسة بالتنديد من انحاء العالم واذكت جدلا متناميا بشأن معاملة الروهينجا الذين يزعمون أن أصولهم تمتد مئات السنين في ولاية الراخين.

ودعت الامم المتحدة ميانمار الى "الغاء مثل هذه السياسات أو الممارسات". وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش التي تعنى بحقوق الانسان ومقرها نيويورك ان القانون "ينتهك حماية حقوق الانسان الدولية ويعرض للخطر الصحة البدنية والعقلية للنساء. وتقول حكومة ميانمار ان الروهينجا مهاجرون مسلمون من بنجلادش وصلوا اثناء الحكم الاستعماري البريطاني في الفترة بين عامي 1824 وعام 1984 .

وتعبير "البنغال" يشير الى انهم مهاجرون غير شرعيين من بنجلادش جارة ميانمار الشمالية. واستبعد قانون المواطنة لعام 1982 الروهينجا من 135 جماعة عرقية معترف بها في ميانمار مما جعلهم في واقع الامر بدون جنسية. وتتبرأ بنجلادش منهم أيضا ورفضت منحهم وضع اللاجئين منذ عام 1992. بحسب رويترز.

ويقدر خين إي عددهم بنحو 1.33 مليون نسمة في بلد تعداد سكانه 60 مليونا وهو ما يزيد عن تقديرات سابقة بلغت 800 الف شخص. وقال انه يوجد 1.08 مليون نسمة في ولاية الراخين. وصرح بأن نحو 40 الف شخص فقط منهم يحمل الجنسية. واضاف ان سياسة طفلين لكل أسرة مطبقة فيما يبدو على مستوى القاعدة الشعبية من جانب السلطات المحلية. وقال "لم يصدر الامر من الحكومة المركزية. ولم يصدر من حكومة الولاية." وقال ان هذه السياسة ستساعد في تقليل المشاكل التي تظهر بسبب الاسر الكبيرة العدد.

الى جانب ذللك نددت زعيمة المعارضة في ميانمار اونج سان سو كي بسياسة حكومة محلية للحد من عدد الأطفال في أسر المسلمين من الروهينجا بحيث تقتصر على طفلين فقط في محاولة للحد من معدل نموهم. وقالت سو كي "يجب ألا يكون هناك تمييز. هذا يتناقض مع حقوق الإنسان."

وقالت منظمة (مشروع اراكان) التي تدافع عن حقوق الروهينجا في تقريرإن سياسة الطفلين لم تطبق إلا بعد 19 عاما من إدخالها لأول مرة. وأوصت لجنة تم تشكيلها للتحقيق في أحداث عنف العام الماضي في تقرير بأنه إذا مضت الحكومة قدما في برنامج مزمع لتنظيم الأسرة فيجب أن "تحجم عن تنفيذ إجراءات غير طوعية ربما ينظر لها على أنها تنطوي على تمييز أوستكون غير متسقة مع معايير حقوق الإنسان".

وقال مسؤول هجرة رفيع استخدم كلمة "بنغالي" في إشارة إلى الروهينجا كما يفعل الكثير من البوذيين إن السلطات في منطقة مونجداو قررت تطبيق هذه التوجيهات "بعد التوصيات في هذا التقرير". وأضاف طالبا عدم نشر اسمه لأنه غير مسموح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام "بموجب هذه التوجيهات يسمح للرجال البنغال بالتزوج من زوجة واحدة فقط وكل زوجين يمكن أن ينجبا طفلين. وفي حالة إنجابهما أكثر من طفلين فسوف يعتبرون غير شرعيين."

ومضى يقول "على حد علمي هناك أيضا خطط طبقا للتوصيات لتشجيع المسلمات على الالتحاق بالمدارس وتوعيتهن بمزايا تنظيم الأسرة." وتتطلب سياسة حكومية مطبقة حصول الروهينجا على تصريح رسمي للزواج. وهناك قيود مفروضة على حصولهم على التعليم والعمل.

وقال نيان وين وهو متحدث باسم الرابطة القومية من أجل الديمقراطية التي تتزعمها سو كي إن الحكومة يجب أن تعدل قانونا يعود لعام 1982 ويمنع الروهينجا من الحصول على الجنسية. وأضاف "إذا أتيح لهم حق المواطنة فسوف تحل أغلب المشكلات." وتابع نيان وين أن القانون يجب تعديله حتى إذا عارض البوذيون من الراخين ذلك. وقال "الراخين ليس لديهم حل حقيقي. يريدون طرد كل البنغال. هذا ليس ممكنا."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/حزيران/2013 - 10/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م