المدن النظيفة... رهان على معايير بيئية سليمة

 

شبكة النبأ: الاهتمام بنظافة بالمدن والعمل على تطويرها اصبح من أهم الأمور التي تشغل بال الكثير من الحكومات التي تسعى الى تحسين سبل العيش وتوفير الراحة لمواطنيها، وهذا الاهتمام ايضا ضروري لتدعيم موقع المدن اقتصاديا وتجاريا وسياحيا، وبحسب بعض المتخصصين وبالإضافة لما تقدم فان الاهتمام بتطوير المدن سيسهم بتحسين الواقع البيئي وسيعمل على تقليل الاثار الخطيرة الناتجة عن مشاكل الزحام المروري والتلوث وظهور العشوائيات وغيرها من المشاكل الاخرى. مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة اعتماد الخرائط والدراسات الجديدة في سبيل انجاح تلك الاهداف، وفي هذا الشأن و بعد اشهر من الاعصار ساندي، كشف رئيس بلدية نيويورك عن مشروع طموح يهدف الى تأمين حماية أفضل للمدينة وسواحلها الممتدة على 800 كيلومتر تقريبا، من مفاعيل الاحترار المناخي وتقدر قيمته بحوالي 20 مليار دولار. وقال رئيس البلدية مايكل بلومبرغ في مؤتمر صحافي "ستصبح مدينتنا في السنوات المقبلة أكثر ضعفا في وجه الفيضانات"، مشيرا خصوصا إلى "ارتفاع درجات الحرارة ومستوى مياه المحيطات".

وبحلول العام 2050، سوف يعيش 800 الف من سكان نيويورك في مناطق مهددة بالفيضانات تغطي ربع مساحة المدينة التي تضم 8,3 ملايين نسمة، على حد قول بلومبرغ. وأضاف "تكبدنا 19 مليار دولار بسبب الاعصار ساندي، لكن اعصارا بهذا الحجم سنة 2050 قد يكلف 90 مليار دولار".

وأوصى ببناء سلسلة من الجدران المقاومة لارتفاع منسوب المياه والقابلة للنقل في جنوب مانهاتن وبتعزيز أو إنشاء كثبان رملية على طول السواحل الاكثر عرضة للخطر في ستايتن آيلند وبروكلين وشبه جزيرة روكاوايز (كوينز) وبتشييد سدود صخرية وغيرها من أجراءات الحماية في الاماكن الاكثر عرضة للتضرر.

وتمتد سواحل نيويورك على طول 835 كيلومترا تقريبا، وأعلن بلومبرغ أنه من المستحيل التخلي عنها بعد انفاق ملايين الدولارات في السنوات الاخيرة لإحيائها. ويعيش نحو 400 الف شخص في مناطق معرضة للخطر تضم 270 الف وظيفة، بحسب رئيس البلدية. وقال بلومبرغ "ان بعض البنى الوقائية في المناطق الساحلية قد تثير الجدل، وبعضها الآخر قد يحجب الرؤية. لكن البديل هو الغرق، أو ربما أسوأ من ذلك. إذا أردنا انقاذ حياة سكاننا وحمايتهم، علينا أن نعيش مع وقائع جديدة".

وتشكل توصيات بلومبرغ جزءا من تقرير مؤلف من 438 صفحة ويضم تحاليل فريق من العلماء يدرس مفاعيل الاحترار المناخي على المدينة. وسنة 2009، توقع هؤلاء العلماء ارتفاع مستوى المياه حول نيويورك بمعدل 5 سنتمترات الى 12 سنتمترا بحلول العام 2020. لكنهم اليوم يتكلمون عن 10 الى 20 سنتمترا وعن 30 الى 60 سنتمترا بحلول العام 2050. وفي هذه الحال، قد يغرق 8 % من المنطقة الساحلية بانتظام بسبب حركة المد والجزر وحدها.

وسنة 2050، قد تتخطى الحرارة 32 درجة مئوية في 57 يوما في السنة في نيويورك، في مقابل 18 يوما حاليا. وقد تؤدي بعض الاعاصير العنيفة الى ارتفاع مستوى مياه البحر بمعدل 6 امتار تقريبا، أي اكثر مما تسبب به الاعصار ساندي (4,2 امتار ). وقال بلومبرغ "نحن نواجه خطرا حقيقيا وفوريا". واضاف "إنه عمل طارئ ويجب ان نبدأه في هذه اللحظة"، مدركا ان الايام ال203 المتبقية له على رأس البلدية لن تكفي. بحسب فرانس برس.

وتشمل هذه الخطة التي وصفها بأنها "طموحة للغاية" توفير حوافز مادية لاصحاب الاملاك بهدف مساعدتهم على حماية املاكهم بطريقة أفضل. وقال "علينا أن نستبق المخاطر كلها. ليس الاعاصير فحسب، بل ايضا الجفاف والامطار الغزيرة وموجات الحر". وتسبب الاعصار ساندي الذي ضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة في نهاية تشرين الاول/اكتوبر 2012 بوفاة 43 شخصا في نيويورك. وأدى الى غمر جزء من مانهاتن بالمياه وحرمان جنوب الجزيرة والكثير من الاحياء في نيويورك من الكهرباء وتدمير الكثير من المساكن على طول السواحل. وعطل ايضا حركة النقل وتسبب بازمة الوقود وبتعطيل الهواتف في بعض القطاعات.

كابوس في هولندا

من جانب اخر فغالبا ما تكون زحمات السير وعدم ايجاد موقع لركن السيارة او التصرفات العدائية حكرا على سائقي السيارات، غير أن راكبي الدراجات الهوائية في هولندا بدأوا يعانون أيضا هذه المشاكل، وقد يستحيل الحلم كابوسا في هذا البلد الذي يولي اهمية كبيرة لوسيلة النقل هذه. ففي بلد يتخطى فيه عدد الدراجات الهوائية عدد السكان (18 مليون دراجة في مقابل 16,7 مليون هولندي)، لم تعد الطرقات تتسع لسائقي الدراجات الذين يسلكونها يوميا والبالغ عددهم 5 ملايين فرد.

وفي أمستردام مثلا، يلجأ 490 ألف شخص إلى دراجته الهوائية ليقطعوا بصورة إجمالية حوالى مليوني كيلومتر كل يوم، بحسب السلطات البلدية. وقد أقر المجلس البلدي بأن "الممرات المخصصة للدراجات الهوائية الأكثر استخداما هي جد صغيرة بالمقارنة مع العدد المتزايد لراكبي الدراجات الهوائية".

كذلك أكد فيم بوت الناطق باسم الاتحاد الهولندي لسائقي الدراجات الهوائية أن عدد راكبي الدراجات "قد ازداد بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة". وأضاف "في بلد صغير مثل هولندا حيث يحسب حساب لكل متر مربع، بتنا نفتقد إلى مساحات واستحال الأمر كابوسا". وقع الهولنديون في غرام الدراجة الهوائية منذ ثمانينيات العقد التاسع عشر. وبعد عقدين، باتت الممرات المخصصة للدراجات الهوائية تمتد اليوم على حوالى 35 ألف كيلومتر في هذا البلد المنبسط كما لو كان مخصصا لركوب الدراجات.

حتى رئيس الوزراء الحالي مارك روته، يستخدم دراجته الهوائية للتوجه إلى مقار المؤسسات السياسية. وفي العام 2011، اشترى الهولنديون أكثر من 1,3 مليون دراجة هوائية جديدة قدرت قيمتها الإجمالية ب 969 مليون يورو. غير ان الهولنديين باتوا اليوم يدفعون ثمن الشهرة التي لقيتها وسيلة النقل هذه، بعدما امضوا العقود المنصرمة وهم يستثمرون في البنى التحتية الخاصة بها.

وجاء في صحيفة "تروف" الهولندية أنه "في بعض المناطق، مثل أمستردام وأوتريخت، نجمت أحداث جديدة عن ازدياد عدد راكبي الدراجات الهوائية، مثل زحمات السير وحوادث الاصطدام ومشاكل مرتبطة بنقص المواقف والسلوك العنيف المتزايد في أوساط السائقين". وفي محطة اوتريخت المركزية مثلا، تضيق عشرات آلاف الدراجات المركونة بصورة شرعية أو غير شرعية، نفاذ المشاة إلى الاماكن العامة، في حين يجهد راكبو الدراجات للعثور على موقف.

تبحث مارلين فان در فورف (58 عاما) عن موقف لدراجتها الهوائية قبل أن تبدأ بالركض كي لا يفوتها القطار. وهي قالت إن "الوضع أصبح خطرا". وقد جاءت الإحصاءات لتدعم قولها، فربع الأشخاص الذين توفوا إثر حادث سير هم من راكبي الدراجات الهوائية، بحسب الاتحاد الهولندي لسائقي الدراجات الهوائية.

وفي العام 2011، توفي أكثر من 200 راكب دراجة هوائية على الطرقات، أي أكثر من العام الماضي بمعدل 28 شخصا. وكانت غالبيتهم من كبار السن، على ما أفاد المكتب المركزي للإحصاءات. ويزداد الوضع سوءا منذ أن وسعت السلطات الهولندية نفاذ الدراجات النارية الصغيرة إلى الممرات المخصصة للدراجات الهوائية، "ما قد يؤدي إلى كوارث"، على حد قول فيم بوت.

وقد تفاقمت هذه المشكلة بحيث عقدت السلطات في عدة مدن مؤتمرا عن هذه المسألة. ومن الحلول المقترحة والشبيهة بتلك المعتمدة لتفادي زحمات السيارات، استحداث مواقف كبيرة في الطوابق السفلية، ومصادرة الدراجات المركونة بطريقة غير شرعية، كما هي الحال في لاهاي حيث تمت مصادرة حوالى 2400 دراجة منذ آب/أغسطس. بحسب فرانس برس.

أما مدينة أمستردام، فهي اعلنت من جهتها عن خطة استثمار بقيمة 120 مليون يورو ترمي، في جملة أهدافها، إلى استحداث 38 ألف موقف جديد ومسالك إضافية مخصصة للدراجات تمتد على 15 كيلومترا. وريثما تحل هذه المشكلة، أفضل ما يمكن القيام به هو التحلي بالصبر الذي يعد من شيم الهولنديين.

أزمة النفايات

على صعيد متصل تجوب مجموعة من جامعي القمامة شوارع هونغ كونغ من الصباح إلى المساء في مدينة تعاني أزمة نفايات فعلية. وبحسب مديرية حماية البيئة، من المتوقع أن تمتلئ المكبات العملاقة الثلاثة التي تخزن فيها النفايات المنزلية في هونغ كونغ بالكامل بحلول العام 2020. أما التوقعات الأكثر تشاؤما، فهي تفيد بحلول هذه المهلة بعد سنة أو سنتين، على أقصى تقدير.

وقال جوناثن وونغ الأستاذ المحاضر في علم البيئة في جامعة هونغ كونغ المعمدانية "ينبغي علينا إعداد خارطة طريق لتخفيض النفايات، وإلا ستعم القمامة شوارعنا في غضون سبع سنوات". وأغلبية النفايات التي تزن 13 ألف طن والتي تفرغ كل يوم في مراكز الطمر الثلاثة في هونغ كونغ هي من النفايات البلدية الصلبة التي تنتجها الأسر والمكاتب والمصانع.

وتضم هونغ كونغ التي يعني اسمها "المرفأ الذي تفوح منه روائح عطرة" أكثر من سبعة ملايين نسمة، وكل شخص فيها يولد 1,3 كيلوغرام من النفايات في اليوم الواحد، أغلبيتها نفايات منزلية (من الأسر والمدارس) وقمامة تجمعها بلدية المدينة. وهذه الكمية أكبر بكثير من الكميات التي تولدها مدن آسيوية كبيرة أخرى مثل طوكيو وسيول وتايبيه.

ويعزى ذلك في المقام الأول إلى أبناء المدينة بحد ذاتهم الذين ينفقون من دون حساب ويستهلكون المنتجات من دون إعادة تدويرها، على حد قول أنغوس هو المدير التنفيذي لمنظمة "غرينرز آكشن" البيئية. وقال إن "هونغ كونغ تشهد تطورا متواصلا، ويحرص سكانها على اتباع آخر الصيحات، أكان في مجال الموضة أم في مجال التكنولوجيا .... وهم لا يتمتعون بأي حس مسؤولية".

والحكومة أيضا تعتبر مقصرة جدا في هذه المسألة. وهي كانت قد أعدت في العام 2005 برنامجا إطاريا يمتد على عقد لمعالجة هذه المشكلة، لكنها لم تتخذ أي إجراء في هذا السبيل منذ تلك الفترة. وأقرت مديرية حماية البيئة بأن هونغ كونغ تعاني فعلا أزمة نفايات. ومن المزمع إصدار كتاب أبيض في الأسابيع المقبلة. واكدت المديرية في بيان خاص أنه لا يمكن حل هذه المشكلة "من دون اتخاذ تدابير متنوعة، من تخفيض النفايات المولدة أصلا إلى تحسين جمعها"، مرورا ببنى تحتية لتدوير النفايات.

وتجمع السلطات الحكومية والجمعيات البيئية على ان فرض غرامات مالية طائلة هو الحل الأنسب لإلزام المستهلكين بتخفيض النفايات ، كما هي الحال في سيول وتايبيه. لكن الحكومة "لا تريد اتخاذ أي تدابير جذرية  قد تنغص ولايتها"، على حد قول إدوين لاو مدير الفرع المحلي لمنظمة "فرندس اوف ذي إرث" و كشف أن "برنامجا فعالا قد أعد لهذه الغاية، وهم ليسوا بحاجة إلى ابتكار أساليب جديدة، فهي قائمة أصلا". بحسب فرانس برس.

وقد أثبتت الضريبة البالغة 0,50 دولار محلي (5 سنتمات يورو) والمفروضة على الأكياس البلاستيكية في العام 2009 فعاليتها، فهي قد أدت إلى انخفاض استخدام هذه الأكياس بنسبة 90%. ولا تقوم هونغ كونغ إلا بإعادة تدوير نصف نفاياتها. وبحسب جوناثن وونغن، لا بد من اعتماد نظام إلزامي لإعادة التدوير. لكن أبناء المدينة لا يولون أهمية لهذه المسألة نظرا لنمط حياتهم المتسارع الوتيرة.

المدن ودرجات الحرارة

في السياق ذاته تؤدي الحرارة الناجمة عن الحركة والمواصلات في المدينة إلى تغيير التيارات الهوائية المحلية وقد تؤثر على درجات الحرارة المسجلة في مناطق تبعد عن المدن آلاف الكيلومترات، على ما جاء في دراسة نشرت في مجلة "نيتشر كلايمت تشاينج". وقد تحل هذه الدراسة لغزا مناخيا وهو لما تشهد بعض المناطق في النصف الشمالي من الأرض فصول شتاء أقل بردا من توقعات النماذج المناخية الرقمية.

وتبعث المدن حرارة شديدة من خلال المواصلات والمباني والطاقة المستخدمة للتدفئة أو التبريد. وبالاستناد إلى نماذج رقمية، قام فريق من الباحثين الأميركيين بدراسة آثار هذه الحرارة "الضائعة" التي لا تؤثر على سكان المدن وحدهم. وتبين للباحثين من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو وجامعة فلوريدا والمركز الوطني للأبحاث الجوية أن هذه الحرارة تصل إلى التيارات الهوائية وتزيد من وتيرتها. وقد تنقل هذه التيارات الحرارة إلى مناطق بعيدة جدا، فترتفع الحرارة فيها درجة مئوية. بحسب فرانس برس.

وأظهرت النماذج المعتمدة اشتداد الحرارة في فصلي الخريف والشتاء في مناطق عدة شمال كندا، وفي آلاسكا وشمال الصين. أما في أوروبا، فتؤدي هذه التغيرات إلى اشتداد البرد في بعض المناطق، ولا سيما في الخريف. ويبقى تأثير هذه التغيرات على معدل الحرارة العالمي ضعيفا جدا، مع احترار قد يصل إلى 0,01 درجة مئوية على الصعيد العالمي.

من جهة اخرى نالت مدينة نانت في غرب فرنسا لقب "مدينة أوروبا الخضراء" للعام 2013 الذي يمنح تكريما للممارسات المراعية للبيئة، بحسب ما أعلنت المفوضية الأوروبية. وقال المفوض الأوروبي لشؤون البيئة جانيز بوتوكنيك "أود أن أهنئ نانت على فوزها بلقب عاصمة أوروبا الخضراء للعام 2013 الذي يحملها مسؤولية كبيرة". وأضاف "تكرم هذه الجائزة الممارسات المراعية للبيئة، خصوصا في ما يتعلق بالمساهمة في مجالات النقل المستدام واستخدام الأراضي والمساحات الخضراء المدينية واستهلاك المياه ومكافحة التغير المناخي العالمي".

وقد نالت خمس مدن لقب عاصمة أوروبا الخضراء منذ إطلاق هذه الجائزة في العام 2010. وكانت ستوكهولم المدينة الأولى التي تنال اللقب، تبعتها هامبورغ سنة 2011 وفيتوريا-غاستايز (اسبانيا) سنة 2012. وسوف يمنح اللقب إلى كوبنهاغن سنة 2014. وتعتبر نانت سادس أكبر مدينة في فرنسا وتضم نحو 600 ألف نسمة وتبلغ مساحتها المدينية 534,9 كيلومترات مربعة.

عودة إلى التراث

على صعيد متصل يخوض عدد من مصممي ناطحات السحاب في دولة الإمارات العربية المتحدة تجربة جديدة لبناء منشآت تلجأ إلى الطرق العربية القديمة في تصاميمها الحديثة لضمان تلبية معايير صديقة للبيئة. إذ تتصف أبراج البحار في إمارة أبو ظبي بتغطية جوانبها بنظامٍ متطورٍ للتظليل مستوحي من نظام "المشربية"، المستخدم في تصميم البيوت ذات الطابع الإسلامي القديمة، حيث يمكن لهذه التكنولوجيا أن تقلل من نسبة الإضاءة الشمسية دون الحاجة إلى حجبها كلياً.

وأوضح المهندس المشرف على بناء الأبراج، عبد المجيد قرانوح، بأن "المبدأ الذي تقوم عليه هذه التكنولوجيا بسيطٌ للغاية، إذ يتم تغيير مسار الأشعة بحيث تمنع سطوعها مباشرة على سطح المبنى، الأمر الذي يمكنه أن يحد من درجة حرارة الأبراج."

وتغطي هذه التكنولوجيا البرجين على امتداد طوابقهما، وتمتد شاشات التظليل بأشكال هندسية متماثلة، ويتم التحكم بحركتها وفقاً لكمبيوترٍ يحدد الأماكن التي تتعرض لأشعة الشمس لتفتح الشاشات على شكل مظلة، ويخلو الجانب الشمالي لكلا لبرجين من هذه التكنولوجيا لأنه نادراً ما يتعرض لأشعة الشمس المباشرة.

ويمكن أن تصل درجة حرارة الزجاج المعرض لأشعة الشمس المباشرة إلى أكثر من 90 درجة مئوية، ويمكن لتكنولوجيا التظليل هذه أن تقلل من استعمال الأضواء الكهربائية، وذلك لدخول ضوء الشمس بشكلٍ غير مباشر، كما يمكنها أن تقلل من نسبة استعمال التبريد من خلال المكيفات بنسبة 50 في المائة.

وتعد الشمس مصدراً غنياً بالطاقة في دول الخليج، لكن غبار الصحراء يمكنه أن يشكل طبقةً على الألواح الشمسية مما قد يقلل من قدرتها على الاستفادة القصوى من الطاقة الشمسية. وأوضح قرانوح أن طبقة رفيعة من الغبار "يمكنها أن تقلل من مقدار الطاقة الشمسية المحصلة إلى النصف، وأن تنظيف الألواح سيتطلب استخدام مضخات للمياه العذبة، الأمر الذي يمكنه أن يكون حملاً ثقيلاً لدولٍ صحراوية كدول الخليج." بحسب CNN.

وفي قطر، تغلف طبقات من ألواح الألمنيوم والزجاج برج الدوحة، حيث أعطى مجلس المباني الطويلة والمساكن الحديثة في شيكاغو، هذا البرج بالإضافة إلى أبراج البحار لقب "أفضل المباني لعام 2012". وبالرغم من أن الطريق ما زالت طويلة أمام الإمارات لإنجاز مشاريع قادرة على مواجهة التغير المناخي، لاحتوائها على أعلى نسب أول أكسيد الكربون على مستوى العالم، إلا أن مدينة مصدر في إمارة أبو ظبي، والتي لا تزال تحت قيد الإنشاء، اتسمت في البداية بكونها مثل غيرها من المدن الصناعية، إلا أنه تواجدت جهودٌ لجعلها صديقةً للبيئة. إذ تحتوي المدينة على مصنع لتوليد كهرباء بمقدار 10 ميغاواط باستخدام الأشعة الشمسية، بالإضافة إلى برجٍ للرياح بطول 45 متراً، والذي يساعد على التحكم بحرارة المناطق من خلال التحكم باتجاه الرياح.

أكياس البلاستيك

من جانب اخر نجح مشروع اجتماعي في السعودية في تحويل أكياس البلاستيك المهملة في القمامة إلى منتجات مبتكرة في إطار مبادرة تساهم في الحفاظ على البيئة وتفتح أبوابا للنساء للعمل لمساعدة أسرهن. وديانا ريان هي مؤسسة مشروع (تروشيه) وهو اسم يجمع بين كلمتي نفايات (تراش) وكروشيه باللغة الانجليزية.

ذكرت ديانا أن فكرة المشروع جاءتها بعد أن علمت التأثير الضار لأكياس البلاستيك على البيئة. وقالت ديانا ريان "هي الفكرة بدأت في 2009. كنت في محاضرة في الغرفة التجارية عن يوم الأرض العالمي. وكان أحد المتحدثين يتكلم على الأضرار.. التي تسببها أكياس البلاستيك. وبصراحة كانت أول صدمة لي أنه أعرف الأضرار التي تسببها أكياس البلاستيك." ثم اكتشفت ديانا أن بعض المنظمات غير الحكومية تساعد النساء على تحقيق دخل مالي بتشجيعهن على صنع منتجات يدوية من أشغال الإبرة الدقيقة التي تسمى "كروشيه". وقررت ديانا تنفيذ هذه الفكرة من خلال مشروع اجتماعي في جدة.

وقالت "بعد ما عملت بحث طبعا وشفت إيش الأشياء الممكن نسويها من مخلفات البلاستيك فعجبتني فكرة اللي هي أنه يمسكوا الأكياس ويعملوا منها كروشيه وينتجوا منها منتجات إبداعية. فرحنا على الميدان وبدأنا ندور على سيدات بيعرفوا يسووا كروشيه واندلينا (عثرنا) على أكثر من سيدة وعرضنا عليهم الفكرة وبدأنا نسوي عينات بسيطة. بعد ذلك عرضناها على سوق العمل عشان نشوف إيش ردة فعل المجتمع. فبصراحة النتيجة كانت مرة ممتازة وإيجابية."

وتشتري ديانا أكياس البلاستيك التي تجمع من مكبات النفايات وتعطيها لنساء يتقن شغل الكروشيه لتحويلها إلى منتجات يمكن بيعها. ومشروع تروشيه جزء من مبادرة اجتماعية أوسع نطاقا تهدف إلى إحياء صفات مهملة في الغالب نقل الإجادة والإتقان من خلال العمل الإبداعي تحت شعار "من العقل إلى اليد". وكانت جودة وإبداع منتجات مشروع تروشيه مفاجأة للكثيرين.

قالت هيلانه الزعبي التي تشتري بعض منتجات المشروع "صراحة لما حكيوني وأخذوا رأيي بالأكياس وبالمشروع ببدايته ما توقعت أنه تطلع هيك منتجات ويعملوا أصلا أشياء. فيه أكثر من منتج واحد توقعت بس لما شفت كل هاي الأشياء عم تنعمل صراحة تفاجأت ورائعة وأنا عجبتني يعني." وحقق المشروع نموا سريعا. وتتوقع ديانا أن يفتح أبواب العمل لمزيد من النساء. بحسب رويترز.

ويأمل المسؤولون عن مشروع تروشيه أن ينجحوا قريبا في تصدير منتجاته بعلامة تجارية مسجلة. وقال أسامة نتو مسؤول التطوير في المشروع "حققنا في تروشيه ثلاثة أهداف رئيسية. الهدف الأول هو إعادة تدوير النفايات فكذا خدمنا البيئة. الهدف الثاني توفير وظائف لبعض الأسر المحتاجة. والهدف الثالت تكوين منتج محلي ذات جودة عالية ممكن يصبح ماركة عالمية." ويقول المسؤولون عن المشروع إن شغل الكروشيه بأكياس البلاستيك المهملة أصعب كثيرا من استخدام الخيوط العادية وإن النساء اللاتي يعملن في المشروع اكتسبن مهارة فائقة في تحويل النفايات إلى منتجات فنية عالية الجودة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/حزيران/2013 - 6/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م