الاردن... بين رغبة الاصلاح والاجندات الاقليمية

 

شبكة النبأ: مجموعة من المشاكل والتحديات الداخلية والخارجية المتزايدة تواجهها الحكومة الاردنية من اهمها المظاهرات الشعبية المطالبة بإجراء بعض الاصلاحات الدستورية وحالة عدم الاستقرار الامني الذي تعيشه البلاد بسبب تأثرها بمجريات الاحداث والمتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة وهو ما اسهم بتفاقم الصراعات الداخلية والتي يعتبرها بعض المراقبين تهديدات خطيرة يمكن ان تعصف بأمن واستقرار المملكة. وفيما يخص اخر تلك التحديات فقد توقفت حركة العمل في معان جنوب الاردن، بعد ان اعلن مواطنوها العصيان المدني بعد اعمال شغب احتجاجا على مقتل اثنين من ابناء المدينة وعدم كشف الاجهزة الامنية لهوية الجناة.

وقال امجد آل خطاب عضو مجلس النواب الاردني عن محافظة معان ان "عصياناً مدنياً دخل حيز التنفيذ في مدينة معان (212 كلم جنوب) واضاف ان "هذه الخطوة أتت بعد انتهاء المدة التي منحها الاهالي للحكومة والسلطات الامنية للكشف عن هوية المتهمين بقتل اثنين من ابناء المدينة واصابة آخر في تبادل لإطلاق النار وقع في منطقة الرشيدية في العقبة (325 كلم جنوب) وما نتج عنها من تداعيات بعد عرض شريط فيديو على اليوتيوب يظهر ضرب وركل لاحد المتوفين من قبل اشخاص لم تكشف هويتهم بعد.

واوضح آل خطاب ان ما حدث هو نتيجة تراكمات، مشيراً الى اعمال العنف التي حدثت في جامعة الحسين بن طلال التي تركت المدينة على صفيح ساخن. وقتل اربعة اشخاص واصيب 25 اخرون في صدامات وقعت بين مئات الطلاب في جامعة الحسين بن طلال في معان. وبحسب آل خطاب فان الجهات المعنية قالت ان شريط الفيديو مفبرك رغم استطاعتها الوصول الى الشخص الذي قام بنشره على اليوتيوب، مشيراً الى وجود جهات تسعى لإثارة الفتنة بين ابناء معان والبادية.

ودعا النائب الدولة الى تحمل مسؤولياتها وحل المشكلة بشكل سليم وموضوعي، مؤكدا انه طلب لقاء رئيس الوزراء عبد الله النسور وعدد من نواب المدينة ووجهاءها. من جهته، اكد احد شهود العيان من مدينة معان ابو عبده الكاتب ان جميع المحال التجارية والاسواق مغلقة باستثناء مخبز واحد وصيدلية. واوضح ان هناك احتجاجات واستخدام للأسلحة النارية اذ يسمع صوت اطلاق الاعيرة النارية في داخل المدينة.

وكانت مدينة معان شهدت اعمال شغب في وسط المدينة نتج عنها إحراق ثلاثة محلات تجارية ومكتب البريد ومحاولات للاعتداء على عدد من الدوائر الحكومية. واشتبك المحتجون مع قوات الدرك التي ردت من جانبها بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. والقى محتجون قنابل مولتوف على دوريات الدرك ولم تقع اي اضرار تذكر. ومن جانب آخر قام بعض المحتجين بمحاولات لحرق البنك العربي وبنك الاسكان والاعتداء على بعض الممتلكات الخاصة في حين تمكنت قوات الدرك من ابعادهم عن تلك المواقع حيث عاد الهدوء النسبي للمدينة.

ومما فاقم حالة التوتر حسب أهالي قيام الأجهزة الأمنية بمداهمة إحدى المدارس واعتقال أربعة أطفال منهم الطفل زيد محمد ممدوح أبو رخية 10 أعوام وشقيقه الطفل أسيد 12 عاما. وأفاد والد الطفلين أبو رخية بأنهما اقتيدا من داخل المدرسة بطريقة عنيفة وأنهما تعرضا وزميلين آخرين للضرب المبرح.

على صعيد متصل وجه مدعي عام محكمة أمن الدولة الاردنية تهمتين احداهما القيام بأعمال ارهابية لـ13 موقوفا على خلفية اعمال شغب في معان. وقال مصدر قضائي ان المدعي العام وجه تهمة اثارة الشغب والتجمهر غير المشروع، والقيام بأعمال ارهابية باستخدام مواد ملتهبة ل13 موقوفا من معان التي شهدت اعمال شغب خلال الايام الماضية. واضاف ان المدعي العام قرر توقيف المتهمين الذين اعتقلتهم الاجهزة الامنية على ذمة القضية.

ويذكر ان عدة شخصيات من محافظة معان جنوبي الأردن لوحت باستمرار العصيان إذا ما استمر جر البلاد إلى الفوضى وضرب العشائر ووحدة الصّف، وتقاعس الدولة وتخليها عن واجباتها على حد توصيفها. وناشدت الشخصيات الملك عبد الله الثاني بالتدخل لمعالجة الأزمات خلال اجتماع ضمّ الآلاف انتهى بتوقيع بيان من 56 شخصية.

وربطت هذه الشخصيات بين ما أسمته تراخي هيبة الدولة ومشاريع مشبوهة لتكريس الكونفدرالية والوطن البديل خصوصا في ما يجري من أحداث جسام في سوريا والعراق ودخول القوات الأمريكية إلى أرض الحشد والرباط، على حد قولها. وعبرت الشخصيات التي وقعت البيان من صدمتها بتكرار عملية الاعتداء على أبنائها في منطقة مشروع جرّ مياه الديسة طريق الجفر وكان آخرها الاعتداء على أحد أبنائها العاملين في ذلك المشروع الذي كاد أن يودي بحياته جراء إصابته بعيار ناري بهدف القتل وقد سبق أن قُتل اثنان من أبنائها وأصيب آخران في المنطقة نفسها.

وكان احد العاملين في مشروع الديسي من أبناء مدينة معان قد أصيب برصاصة في الرأس بعد إطلاق النار من قبل سيارة تضم مسلحين مجهولين. واعتبرت الشخصيات أن هذا يأتي في ظل انهيار هيبة الدولة والتخلي المدروس من قبلها عن المجتمع والإنسان وكرامته. وحملت الشخصيات مسؤولية ذلك لسوء المعالجة الأمنية من قبل الأجهزة المختصة حيث أدى ذلك إلى استقواء بعض الخارجين عن القانون الذين لم يلق القبض عليهم مضيفة أن هذا الأمر يبين الحالة التي وصل إليها الوضع الأمني المتردّي من قتل، وقطع طريق، وسرقة سيارات، وتجارة مخدرات في تلك المنطقة.

وأشارت الشخصيات بأن نتائج سوء المعالجة الأمنية قد اتضح أيضا من خلال ما حدث من أعمال عنف وقطع طريق على طول الخطّ الصحراوي والاعتداء على أبناء مدينة معان بشكل خاص بالتفتيش على الهوية والتعرض بالإساءة إلى بعض أبناء المحافظات الأخرى وإصابة زائر سعودي بعيار ناري على خلفية أحداث جامعة الحسين بن طلال.

وكان مسلحون من قبيلة الحويطات قد أغلقوا الطريق الصحراوي عدة مرات وسط صمت غريب من الأجهزة الأمنية على خلفية أحداث جامعة الحسين التي قتل فيها أربعة مواطنين. ويتهم أبناء الحويطات وهم قبيلة مجاورة لمدينة معان وأبناء المدينة نفسها السلطات الأمنية بإخفاء الحقائق المتعلقة بمقتل أربعة مواطنين في جامعة الحسين.

يقول المحلل عريب الرنتاوي ان السبب الرئيسي لعنف هو فشل الدولة في تكريس مفهوم المواطنة المتساوية لجميع ابنائها وفرض سيادة القانون على الجميع من دون استثناء. واضاف ان قطاعات مهمة من المواطنين يشعرون بانهم فوق القانون وان مبدأ سيادة القانون لا ينطبق عليهم ما ساعد على التغول على مؤسسات الدولة واضعاف هيبتها وتآكل دورها.

واوضح ان الجامعة لم تعد وعاء للاندماج الاجتماعي، واصبح الطالب يخرج من بيته لجامعته ويرجع لبيته في نفس البيئة والعشيرة والعقلية والافق .. التصرف على هذا النحو عمق الهويات المحلية والجهوية والمناطقية على حساب الهوية الوطنية العامة. وحذر الرنتاوي من انه في ظل مناخات التوتر والعنف الاجتماعي فإن آلاف الطلبة العرب الذي يدرسون في جامعاتنا بدأوا يفكرون جديا بمغادرة الاردن والبحث عن اماكن اخرى. واضاف الاصلاح يجب ان يبدأ من خارج الجامعة بتكريس مفهوم المواطنة وسيادة القانون واستعادة هيبة الدولة ومؤسساتها.

ومن جهته، يؤكد فاخر دعاس منسق اللجنة الوطنية لحقوق الطلبة (ذبحتونا) ان ظاهرة العنف الجامعي ظهرت قبل نحو 10 سنوات وبدأت تتنامى تدريجيا خلال السنوات الثلاث الاخيرة. واضاف أنها نتيجة تراكم سياسات حكومية بدأت بقانون الصوت الواحد في الانتخابات البرلمانية والجامعية الذي عزز الهويات الفرعية والانتماءات ما تحت الوطنية، فضلا عن أسس القبول الجامعي والمنح للطلبة والتعيين ومنع العمل السياسي في الجامعات. واوضح دعاس ان جيلا جديدا بدأ يظهر ليس لديه وعي سياسي وبدأت تظهر فيه هذه الهويات الفرعية اكثر فأكثر على حساب الانتماء للوطن.

ورأى ان المشكلة ان الحكومة ظلت مصرة على سياسة انه لا يوجد شيء اسمه عنف جامعي، بل مناوشات تحصل هنا وهناك سرعان ما تنتهي، بالتالي ظلت المشكلة قائمة وتتفاقم دون حل. واضاف ان المتسببين بالعنف لم يتم ردعهم بعقوبات او آلية محددة بل خضعوا للصلح العشائري وعادوا الى جامعاتهم. ويرى دعاس ان الحل يكمن اولا في الاعتراف بأن هناك عنفا جامعيا ثم معالجة جذرية لكل مسببات هذا العنف وفرض عقوبات رادعة حقيقية تصل الى حد فصل الطلاب المتسببين بهذا العنف.

من جانبه، قال حسين الخزاعي دينا 225 الف طالب جامعي في الاردن 10 بالمائة منهم يمارسون العنف، وهذا خطر لان هؤلاء يؤثرون على ال90 بالمائة الاخرين الذين جاؤوا من اجل التعليم. واوضح الخزاعي انه في السنة الماضية وحدها وقعت 80 مشاجرة عنيفة، مقارنة مع 31 مشاجرة في 2010، مشيرا الى ان بعض الطلبة يحملون معهم اسلحة نارية يضعونها في سيارتهم خارج الجامعة وفي حال حصول أي مشاجرة فانهم يلجأون اليها.

واكد ان معظم خلافات ومشاجرات الطلبة هي شخصية وطبيعية وعابرة، لكن عندما تصل للأهل والعشيرة فأنهم يكبرونها ويعطونها حجما اكبر من حجمها. والقى الخزاعي باللوم على الاهالي، وقال الاهل يشجعون ابناءهم على العنف لانهم يأتون بسياراتهم واسلحتهم في حال حصول أي خلاف ليهددوا الجامعة، انهم يخربون الجامعة لانهم هم من ينقلون ادوات الصراع الى الجامعة وليس الطلاب. بحسب فرانس برس.

ويؤكد الباحث موسى الشتيوي مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية ان نسبة البطالة مرتفعة في صفوف الشباب وهناك طلاب يدرسون في تخصصات ليس فيها أفق أمل للعمل، ما ولد نوعا من الاحباط يبعث على اليأس والتمرد عند الشباب. وبحسب الشتيوي فإن الحل يكمن في رفع سوية التعليم والقضاء على كافة اشكال التمييز المختلفة في داخل الجامعات وخارجها واعادة النظر بسياسات القبول وتهيئة بيئة تثقيفية حاضنة للطلبة في الجامعات وتشديد الامن في الجامعات كإقامة شرطة جامعية داخل الجامعات ووقف التدخل الخارجي في ادارات الجامعات.

اسلاميو الاردن

في السياق ذاته اعلنت الحركة الاسلامية المعارضة في الاردن انها ترهن مشاركتها في الانتخابات البلدية المقبلة التي ستجرى في 27 اب/اغسطس المقبل بمدى تحقيق الاصلاح في البلاد. وقال بيان صدر عن مكتبي جماعة الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للإخوان نشر على موقع الاخوان الالكتروني ان موقفنا من المشاركة في الانتخابات البلدية مرهون بتحقيق المطالب الاصلاحية، ونحمل مسؤولية عدم المشاركة في حال عدم توفر متطلباتها لإصحاب القرار.

واضاف البيان ان القناعة تعززت بضرورة تحقيق الاصلاح الشامل والحقيقي في أعقاب الانتخابات النيابية الاخيرة، ولدى تشكيل الحكومة الحالية، حيث اتضح تماما أن التسويف والمماطلة والهروب من تحقيق الاصلاح يعني تعميق الازمة بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية. وتابع لكننا من موقع الحرص على وطننا، وتعزيز أمنه واستقراره، والتخفيف من معاناة مواطنيه، نرى أن الامر لا يحتمل مزيدا من التسويف والمماطلة ومحاولة كسب الوقت، وإنما يحتم تحقيق انجاز حقيقي على أرض الواقع، يقنع المواطنين بأن الارادة السياسية للإصلاح قد توفرت، وأن عجلة الاصلاح قد تحركت.

وقاطعت الحركة الاسلامية الانتخابات التشريعية التي جرت في 23 كانون الثاني/يناير، بعد اعتراضها على قانون الانتخاب. وكانت الحركة طالبت بقانون انتخاب عصري يفضي الى حكومات برلمانية منتخبة وتعديلات دستورية تقود الى مجلسي اعيان ونواب منتخبين. ويشهد الاردن منذ كانون الثاني/يناير 2011 تظاهرات واحتجاجات تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية جوهرية ومكافحة جدية للفساد.

من جانب اخر كشف مصدر رسمي أردني عن نية الحكومة التقدم بمشروع قانون جديد إلى مجلس النواب في دورته المقبلة. ونقلت صحيفة الغد عن المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن القانون الجديد سيعالج ثلاث مسائل رئيسية، هي الصوت الواحد والقائمة الوطنية وتوزيع المقاعد على الدوائر. وأضاف المصدر أن الهدف النهائي من التعديلات يتمثل في فتح مواد القانون المتعلقة بالصوت الواحد وتحويل القائمة الوطنية إلى حزبية، إضافة إلى زيادة حصة بعض الدوائر من المقاعد مثل دائرتي عمان الثانية ولواء الكورة في إربد. وتوقع المصدر أن يزيد عدد أعضاء مجلس النواب ما بين ستة إلى سبعة أعضاء.

وكشف المصدر عن نية الحكومة اعتماد صوتين للناخب بدلا من الصوت الواحد مثار الجدل في المجتمع. وسيتضمن القانون المقترح نصا يمنح الناخب بموجبه حق انتخاب ما لا يزيد على مرشحين لتفادي إشكالية الدوائر ذات المقعد الواحد. وتجدر الإشارة إلى أن نظام الصوت الواحد في قانون الانتخاب الحالي كان السبب وراء مقاطعة الحركة الإسلامية وأحزاب يسارية وشخصيات وطنية للانتخابات الأخيرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10/حزيران/2013 - 30/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م