الاقتصاد الإيراني... ضربات ما تحت الحزام

 

شبكة النبأ: يمر الاقتصاد الايراني حاليا بحالة تدهور كبيرة جدا قد تصل لدرجة الانهيار، خصوصا بعدما تجاوز التصخم في ايران 30 في المئة بسبب العقوبات الدولية، مما أجج أزمة اقتصادية وحرم الدولة من المصدر الرئيسي للإيرادات والعملة الصعبة، والذي ادى الى خسارة العملة الايرانية اكثر من ثمانين في المئة من قيمتها خلال عامين.

فقد أحدثت العقوبات الاقتصادية المتنامية أضرارا كبيرة باقتصاد الإيراني وخصوصا عندما تم إيقاف الصادرات والانتاج النفطي الذي يعتبر اكبر ثروة في البلاد، مما أدى الى انهيار العملة الإيرانية بسبب قلة العملة الصعبة وتباطؤ الاقتصاد وارتفاع البطالة، فضلا ارتفاع الأسعار مؤخرا، فيما أنحت إيران باللائمة في تراجع عملتها على ما تقول إنها مؤامرة خارجية بما وصفته بـ الاستكبار العالمي.

وعلى ما يبدو بأن الاضطربات الاقتصادية المضطردة ستضع إيران لأعوام عديدة أمام صعوبات خطيرة في ظل الحصار الدولي، لكن بموازاة ذلك لاتزال بعض الدول كـ السودان وتركيا تشكل متنفسا لهذه الدولة الآسيوية من خلال التعاملات الاقتصادية لتخفف من وطئ العقوبات الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.

وعليه وعليه فأن المعطيات آنفة الذكر تطرح العديد من التساؤلات والتكهنات حول مستقبل اقتصاد الدولة الإسلامية الإيرانية، في ظل الحصار الغربي على اقتصاد الإيراني بالعقوبات الصارمة، وانعدام الرؤية الاقتصادية الناجعة، فضلا تراجع العملة الإيراني الى مستويات كبيرة، حتى بات الاقتصاد مهدد بمعضلات مستدامة ومسارات مليئة بالعقبات، وهذا يعني أن مستقبل الاقتصاد الإيراني يسير الى حافة الهاوية.

الاستكبار العالمي يمارس ضغوطاً اقتصادية قاسية

في سياق متصل قال الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد إن "الاستكبار العالمي" يمارس ضغوطاً اقتصادية، لوقف حركة الشعب الإيراني، متهماً عناصر في الداخل بالتناغم معه، ونقلت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية عن أحمدي نجاد، قوله إن "ذريعة البرنامج النووي الإيراني أكبر كذبة للاستكبار العالمي"، مضيفاً إنهم "يمارسون الضغوط الاقتصادية بذريعة البرنامج النووي لوقف حركة الشعب الإيراني"، وقال إن "هناك في الداخل من يتناغم مع الاستكبار، ويتصورون أنهم سيتمكنون من خلال هذه التحركات والإخلال بالأسواق عرقلة حركة الشعب الإيراني ولكنهم لن ينجحوا في مساعيهم"، وأشار إلى أن "المستكبرين والمستعمرين ينهبون العالم منذ 4 قرون، وما زالوا يواصلون نهبهم، ولكنهم يواجهون اليوم عقبات وطريقاً مسدوداً لبسط هيمنتهم"، وأضاف إن "المشاكل التي خلقوها للشعب الإيراني، انعكست عليهم وهم يواجهون اليوم مشاكل سياسية واقتصادية". بحسب يونايتد برس.

وقال إن "المستكبرين يريدون زعزعة أمن المنطقة، وإثارة النزاعات والنعرات الدينية والقومية بين الشعوب التي تشهد التقدم"، وقال إنهم "يحاولون إثارة الحرب في شرق آسيا، للحؤول دون تقدم بلدانها ونهب ثرواتها"، مضيفاً إنهم "يحاولون استغلال أموال النفط، والأسلحة المتطورة لإبادة البشرية، لاسيما المسلمين وبالتالي إضعافنا ليبسطوا هيمنتهم علينا من جديد"، وقال "كفوا عن تدبير المؤامرات فسجلكم بات أسود، والشعب الإيراني أصبح يقظاً وواعياً وصامداً، ويعمل على إحباط مؤامراتكم وإذا لم تعودوا إلى رشدكم فإن الشعوب ستجتث جذوركم من المنطقة".

إيران تدفع أسعارا مرتفعة لشراء زيت الطعام

فقد تضطر إيران لدفع أسعار مرتفعة لشراء مواد غذائية أساسية مثل زيت الطهي وهو ما يبرز الضغوط المتزايدة التي تسببها العقوبات الغربية المفروضة بسبب البرنامج النووي الإيراني بالرغم من أن العقوبات لا تشمل المواد الغذائية، وتقود شركة ويلمار انترناشونال - أكبر شركة زراعية مدرجة في البورصة في العالم - وشركة ميواه انترناشونال وكلاهما مدرج في سنغافورة مبيعات زيت الطهي لإيران بعقود طويلة الأجل وتقول مصادر تجارية في الشرق الأوسط إن طهران تدفع علاوات سعرية تصل إلى 30 دولارا للطن فوق الأسعار الفورية القياسية. بحسب رويترز.

وتحولت إيران إلى زيت النخيل من جنوب شرق آسيا بعد أن أعاقت العقوبات وقلة الإمدادات وارداتها من فول الصويا وزيت الصويا من الأرجنتين، وزادت صادرات ماليزيا - ثاني أكبر منتج لزيت النخيل في العالم - إلى إيران 60 بالمئة العام الماضي لتسجل مستوى قياسيا عند 548603 أطنان لكنها تشكل أقل من خمسة بالمئة من إجمالي صادرات ماليزيا التي تبلغ نحو 17 مليون طن.

إيران توقف توفير الدولارات الرخيصة لأغلب الواردات

من جهة أخرى قالت وسائل إعلام إيرانية إن طهران توقفت عن تقديم دولارات رخيصة لاستيراد أغلب السلع الأساسية في خطوة من شأنها دفع أسعار المستهلكين المرتفعة أصلا إلى مزيد من الارتفاع قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران (يونيو)، وفقد الريال الإيراني ثلثي قيمته أمام الدولار منذ أواخر 2011 نتيجة للعقوبات التي يفرضها الغرب على البلاد وتستهدف القطاع المصرفي وصادرات النفط بسبب أنشطة إيران النووية ما يشكل ضغوطا على العديد من الإيرانيين، ويجري حاليا تداول الريال بسعر 35 الف ريال للدولار وزاد انهيار سعر العملة من التضخم بسبب ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة. بحسب رويترز.

ومنذ العام الماضي سعت الحكومة لتخفيف اثر ذلك على الإيرانيين بتقديم دولارات رخيصة بسعر 12260 ريالا للدولار لاستيراد الحبوب والأدوية واللحوم الحمراء والدواجن والسكر وغيرها من السلع الأساسية، لكن وسائل الإعلام المحلية قالت إن السعر الرسمي لن يكون متوفرا الآن سوى لواردات القمح والشعير والذرة وفول الصويا وفقا لمذكرة أصدرها البنك المركزي هذا الشهر، وتابعت وسائل الإعلام أن هذه الخطوة من جانب الحكومة تهدف إلى توحيد نظام معقد لأسعار الصرف المتعددة وربما أيضا للحفاظ على احتياطيات البلاد من العملة الصعبة، وستأتي أغلب الواردات الآن باستخدام عملة صعبة من مركز صرف تديره الحكومة باع الدولارت في الآونة الأخيرة بنحو 24500 ريال للدولار. وسيزيد ذلك من تكلفة الواردات.

التصخم تجاوز 30 في المئة بسبب العقوبات الدولية

كما اعلن وزير المال الايراني شمس الدين حسيني ان العقوبات التي فرضت على ايران جعلت التخضم يتجاوز ثلاثين في المئة وتسببت ب"كثير من الصعوبات"، لكنه اكد ان طهران لن تتخلى رغم ذلك عن طموحاتها النووية، واوضح الوزير انه لمقاومة العقوبات التي فرضها الاميركيون والاوروبيون ردا على برنامجها النووي، تجهد ايران لان تنتج محليا ما تعجز عن استيراده، وقال امام صحافيين "نبذل جهدا اكبر، نجد سبلا، حتى اننا نغير الشركاء التجاريين"، ولفت الى ان التضخم تجاوز ثلاثين في المئة مقابل 21 في المئة العام الفائت، فيما بلغت البطالة 12,2 في المئة مقابل 12,3 في المئة العام 2012.

واقر الوزير الايراني بان العقوبات التي تستهدف القطاع النفطي احدثت "صدمة نقدية" وزيادة كبيرة في اسعار السلع المستوردة، واشار حسيني الى ان الصادرات غير النفطية وبينها المواد الاولية والمنتجات الزراعية والصناعية ازدادت بنسبة عشرين في المئة العام 2012 في حين تراجعت الواردات بنسبة 14 في المئة، مبديا ثقته بان الاقتصاد الايراني احرز تقدما منذ عام، واضاف ان الحظر النفطي ضاعف تعويل الايرانيين على المنتجات المستوردة فيما تحض الحكومة الصناعيين والمزارعين الايرانيين على زيادة الانتاج المحلي، واكد ان الحكومة وزعت 2,7 مليار دولار اضافية من المساعدات على المحتاجين مع نهاية 2012 في محاولة لتعويض ارتفاع اسعار المواد الغذائية.

أمريكا تعاقب شركتين في الإمارات

في حين وضعت الولايات المتحدة شركتان مقرهما دولة الإمارات العربية في قائمة سوداء، قائلة إنهما تعاملتا مع بنوك إيرانية في خرق لحظر تفرضه واشنطن على التعامل مع القطاع المصرفي الايراني، وقالت وزارة الخزانة الأمريكية ان شركة الهلال للصرافة وشركة الفدا انترناشونال جنرال تريدنج قدمتا خدمات مالية لبنك ملت الإيراني، ويحظر الاجراء الذي اتخذته الخزانة الامريكية على الامريكيين من الافراد والشركات التعامل مع الشركتين، وهو ما يفصلهما فعليا عن النظام المالي الامريكي، ويفرض تجميد أي اصول للشركتين قد تكون في نطاق الاختصاص القضائي الامريكي. بحسب رويترز.

وبالاضافة الي هذا فانه يعرض الشركات والافراد الامريكيين ايضا لعقوبات جنائية محتملة تصل إلي السجن 20 عاما وغرامة مالية قدرها 500 ألف دولار للشركات و250 ألف دولار للافراد، وقد تفرض ايضا عقوبات مدنية تصل الي 50 ألف دولار، وهذه هي أحدث خطوة في مسعى واشنطن لكبح التمويل لبرنامج ايران النووي الذي يقول الغرب انه يجري استخدامه لتطوير اسلحة. وتقول ايران ان البرنامج مخصص للاغراض المدنية.

السودان يمنح شركة إيرانية رخصة للتنقيب عن الذهب

من جانب آخر قالت وسائل إعلام شبه حكومية إن السودان منح شركة إيرانية رخصة للتنقيب عن الذهب في البلاد مما يشير إلى تنامي الروابط التجارية بين الخرطوم وطهران، كانت وسائل إعلام حكومية سودانية قالت في فبراير شباط بعد اجتماع للرئيس السوداني عمر حسن البشير مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إن الخرطوم تتطلع إلى مزيد من الاستثمارات من طهران، ويحاول السودان اجتذاب مزيد من الاستثمار في قطاع التنقيب عن الذهب الذي أصبح المصدر الرئيسي للدولارات اللازمة لتمويل الواردات بعد أن فقدت البلاد معظم إنتاجها النفطي بسبب انفصال جنوب السودان عام 2011، وقال السودان إنه يتطلع لإنتاج نحو 50 طنا من الذهب هذا العام وهو ما قد يجعله ثالث أكبر منتج للذهب في افريقيا بعد جنوب افريقيا وغانا ويضعه في قائمة أكبر 15 منتجا في العالم.

وقال الموقع الإلكتروني للمركز السوداني للخدمات الصحفية إن السودان منح شركة "ماين أن متلس" الإيرانية رخصة للتنقيب عن الذهب في ولاية نهر النيل شمالي الخرطوم وهي منطقة تنتج جزءا كبيرا من ذهب السودان، وقال الموقع إن العمل سيبدأ فورا لكنه لم يذكر مزيدا من التفاصيل، ومنح السودان مئات الرخص للتنقيب عن الذهب ولاسيما لشركات من الصين ودول عربية وافريقية وروسيا وبضع شركات غربية منها شركات كندية مستعدة للتعامل مع السودان بالرغم من الحظر التجاري الأمريكي. بحسب رويترز.

ويتمتع السودان بعلاقات طيبة مع إيران فقد التقى البشير وأحمدي نجاد عدة مرات خلال العامين الماضيين. لكن لا توجد علامات كثيرة على وجود شركات إيرانية في السودان عدا محطات وقود تديرها شركة النفط الوطنية الإيرانية، وسلطت الأضواء على علاقات السودان وإيران في الأشهر الأخيرة. وزارت سفينتان تابعتان للقوات البحرية الإيرانية السودان في أكتوبر تشرين الأول بعد أيام من اتهام السودان لإسرائيل بقصف مصنع أسلحة في العاصمة الخرطوم. ورست سفينتان أخريان تابعتان للجيش الإيراني في أكبر ميناء سوداني على البحر الأحمر في ديسمبر كانون الأول.

ذهب تركيا

في حين أظهرت بيانات أن تركيا قامت بتصدير ما قيمته نحو 120 مليون دولار من الذهب إلى إيران في شباط/فبراير، الأمر الذي ينبئ بأن تجارة الذهب مقابل الغاز الطبيعي بين البلدين استؤنفت على الرغم من تشديد العقوبات الأمريكية ولكن عند مستويات أقل من الذروة التي سجلتها العام الماضي.

وقال معهد الإحصاء التركي في تقريره أن تركيا لم تبع ذهبا الى ايران في كانون الثاني/يناير لأن البنوك والتجار كانوا يترقبون موعد السادس من شباط لتنفيذ العقوبات الأمريكية التي شددت الرقابة على مبيعات المعادن النفيسة، وكانت الولايات المتحدة منحت تركيا إعفاء لمدة ستة أشهر من العقوبات على التجارة مع ايران ينقضي في تموز/يوليو، لكن البنوك والتجار ما زالوا يتوخون الحذر، واظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي أن تركيا باعت ما قيمته 117.9 مليون دولار من الذهب لإيران الشهر الماضي، وان الصادرات إلى الإمارات العربية المتحدة التي كانت فيما مضى طريقا للتجارة العابرة إلى طهران زادت إلى 402.3 مليون دولار من 371 مليونا في كانون الثاني/يناير. بحسب رويترز.

وقال تاجر ذهب في إسطنبول طلب ألا ينشر اسمه 'بسبب العقوبات لا أحد يريد جذب الأنظار. لعل هذا هو السبب في أن الصادرات الى ايران توقفت في يناير'. واستدرك بقوله 'لكن التجارة مع ايران مستمرة وستكون هناك دائما تحويلات وبالنظر الى أرقام العام الماضي فإن الصادرات إلى إيران في فبراير منخفضة جدا ولذلك فليس من المتوقع أن تسبب أي مشكلات'، وكان مبيعات تركيا الشهرية من الذهب لإيران قد بلغت ذروتها في يوليو تموز الماضي مسجلة 1.8 مليار دولار أي أكثر من عشرة أمثال قيمة الصادرات الى طهران الشهر الماضي.

صادرات إيران غير النفطية

الى ذلك بلغت قيمة صادرات إيران غير النفطية خلال الشهرين الأولين من العام الإيراني الحالي، الذي بدأ في 21 آذار/مارس الماضي، نحو 6 بلايين دولار، وأعلنت العلاقات العامة للجمارك الإيرانية أن "قيمة تصدير الغاز المسال، وهو من صادرات البلاد غير النفطية، شهدت إرتفاعاً بنسبة 1.9% خلال هذه الفترة مقارنة بالفترة عينها من العام الماضي"، وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إيرنا" أن "قيمة الديزل والميثانول المصدر خلال هذه الفترة بلغت 205 ملايين دولار، بينما بلغت قيمة خام الحديد والحديد المكثف خلال الشهرين الأولين من العام الإيراني الحالي نحو 185 مليون دولار، وأهم الدول المستوردة للسلع غير النفطية الإيرانيه، هي الصين والعراق، والإمارات العربية المتحدة وأفغانستان، والهند. بحسب يونايتد برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/حزيران/2013 - 26/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م