تاريخ العلويين في تركيا

رسول الحجامي

 

شبكة النبأ: العلويّين طائفة إسلاميّة، لكنهم تعرضوا طوال التّاريخ للاضطهاد، فواجهوا مشاكل من قبَل الآخرين، ولهذا غُيّبوا عن السّاحة.. فهذه شريحة كبيرة تعيش في تركيا وبلاد الشّام.. وهُم جماعة طَيِّبة مُعتنقة الإسلام، إلاّ ان هذا التغييب والتعتيم تسَبَّب في أن ينعَزل قسم من هؤلاء عن السّاحة، وكان وَراء هذا التغييب تناسي الثقافة الإسلاميّة، وضعف التواصل الإسلامي معهم..

ينقسم الى ثلاثة أقسام.

الأول:

تاريخ المحنة... انتشر التشيع قديما في تركيا ولعل دور مدينة الموصل التي ثبتت على تشيعها حتى مجيء العثمانيين ودور مدينة حلب الشيعية في العصر الاسلامي الوسيط وما قامت به كل من الدولة الحمدانية والفاطمية كان له دور مؤثر في نشر التشيع في الأراضي التركية، غير ان العداء بين العثمانيين والصفويين دفع حكام العثمانيين الى وضع السيف في رقاب الشيعة واتهامهم بالميل للصفويين وقد كان السلطان العثماني بايزيد الثاني وسليم الأول هم أول من أعملا السيف في رقاب الشيعة الموالين لال بيت الرسول في عامي 1511 و 1513 م.

وتوارى العلويون منذ تلك الفترة عن الساحـة وانطووا على أنفسهم، إلى أن أعلن مصطفى كمال أتاتورك حرب التحرير الوطنية بين عامي 1918 و 1923 والتي انتهت إلى رسم حدود تركيا كما هي عليها اليوم وإعلانها جمهورية.

الثاني:

فسحة الدولة العلمانية... الاضطهاد الذي عانى منه العلويين في تركيا سببه الاعتقاد الديني والولاء لعلي (ع)، وبالتالي فان وصول تيار ديني متطرف الى الحكم سوف يؤدي الى قمع كل حقوق الأقليات الدينية لذا رحب العلويين في تركيا بحكومة اتاتورك لأنها لا تحاكم الإنسان على خلفيته العقائدية، فكان إعلان الجمهورية، ثم سياسات مصطفى كمال، وصولاً إلى اعتماد العلمنة لأول مرة في تركيا؛ موضع ترحيب وسرور وتأييد مطلق من جانب العلويين الأتراك الذين وجدوا في هذه الخطوات فرصة مهمة وذهبية للخروج إلى النور لأول مرة بعد أربعـة قرون من الاضطهاد. وهكذا أضحى العلويون الدعامة الأساسية للنظام الجمهوري العلماني في تركيا.

الثالث:

القلق من العثمانيين الجدد... وصول حزب إسلامي طائفي الى سدة الحكم، وعودة الممارسات العثمانية اللاانسانية ضد العلويين وإقصائهم وتهديم دور العبادة يدفع بعلويي تركيا الى القلق والى الاستنجاد بالمنظمات العالمية لحقوق الإنسان بإنصافهم وبالطبع فهم يتطلعون الى جميع الشيعة في العالم الى مؤازرتهم.

وان ما يثير قلق منظمات حقوق الإنسان والخشية التي تنتاب المحافل الدولية هو تجاهل الحكومة التركية في حكم حزب التنمية والعدالة لحقوق اكبر الأقليات في تركيا وأكثرها ترسخا في المجتمع التركي إلا إنها الأكثر حرمانا من المشاركة في القرار السياسي والتمتع بالحقوق المتساوية مع بقية مكونات المجتمع التركي وهي الأقلية العلوية الضخمة التي يتجاوز عددها الـ"25" مليون علوي.

فالأتراك العثمانيون والطورانيون ينكرون الهوية الثقافية والدينية للعلويين ويمارسون اقسى انواع التمييز والاضطهاد المذهبي بحقهم وهو ما دفع بجمعيات علوية تتبنى الدفاع عن حقوق العلويين برفع احتجاج وشكوى الى المفوضية الاوروبية لإرغام الحكومة التركية على الاعتراف بحقوقهم وقد حمل قرار المفوضية الاروبية قبل اكثر من سنة ووقرار قمة بروكسل في 17 كانون الأول في العام الماضي رسالة واضحة الى الحكومة التركية بضرورة احترام حقوق الأقليات الثقافية المسلمة وفي مقدمتها الاقلية العلوية التي تجاهد اليوم جمعياتها وعلى رأسها جمعية "جيم" ـ جمع، التي يتزعمها البروفسور عز الدين دوغان ومركزها اسطنبول من اجل تحقيق تلك الحقوق والمشاركة الكاملة في صنع القرار السياسي والخروج من حالة التهميش والاقصاء التي تمارسها السلطات التركية بحقهم.

ان العلويين اليوم في تُركيا يسعون لتجاوز المطالب الشكلية السابقة التي كانت تختصر في فقط الاعتراف بهم كأقلية مسلمة والاعتراف بحقهم في ان يتمثلوا في رئاسة الشئون الدينية أسوة بالسنة أو السماح لهم بإنشاء مجلس ديني خاصة بهم حيث هناك توجه جامح وكاسح في أوساط العلويين ان لم يعترف بهم كأكبر الأقليات المسلمة بعد السنّة في تركيا وإشراكهم في صناعة القرار فإنهم سوف يتوجهون لرفع رسالة الى المفوضية الاوربية لتشكيل كيان خاص بهم أو العمل بسياسة المحاصصة على غرار ما يجري في العراق في أن يكون لهم مناصب وزارية عليا وسيادية ووزراء ونواب في البرلمان ووفقا لحجمهم السكاني.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/حزيران/2013 - 25/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م