للكهرباء مع العراقيين قصة عجيبة فما أن يحل علينا موسم الصيف الا
وتشد الكهرباء حيازيمها وتشد الرحال ربما للتصيف في اقليم كردستان اوفي
دول اخرى حالها كحال بعض المحظوظين من العراقيين الذين يغادرون العراق
الى بلدانهم الاخرى في هذا الموسم ليتخلصوا من الحر ومن فقد الكهرباء
فتكون هم زيارة وهم تسيارة كما يقال.
وفي هذا الموسم الساخن تقفز (الكهرباء) الى الواجهة وتصبح النجم
الابرز وفاكهة المجالس وحديث المقاهي وطبخة ربات البيوت وحتى الاطفال
في الشوارع وتترك الاحاديث عن السياسة وعن البرشة والريال وعن
المعتصمين والمتظاهرين ومفخخات التكفيريين وعن الاوضاع في سوريا
وفلسطين المنسية وعن مرسي و(الاخوان المتعاركون) وننسى الزيارات ونلتهي
(بالبانزينات) والمولدات والتشغيل الصيفي وجيب المهفة وكالت المبردة
وجيب الليف وودي الليف وغزو جيش البك ومليشيا الحرمس و(الكرص على
الهوية) فاذا كانت هويتك عراقي فانت مفضل عندهم ودمك مباح وطعمه حامض
حلو, ترغب به المفخخات والعبوات وسكاكين العهر الطائفي تحت تصفيق
التكبير وطنين قنوات السم الطائفي المقيت , فلماذا هذا التكالب
والتقاتل على هذا المخلوق المسمى (عراقي) ألأننا نملك اكبر احتياطي
نفطي في العالم؟
اتحول نفطنا نقمة على رؤوسنا (عمي اخذوا النفطات واتركونا نعيش
بسلام) كباقي دول العالم فنحن مفلسين منها اصلا فرغم النفط الذي نملكه
فلا كهرباء عندنا وتبقى مشكلتنا الموسمية الكهرباء التي ارتبط تواجدها
عكسياً وليس طردياً مع كل تصريح لاحد المسؤولين عن هذا الملف فما ان
ينطق السيد وزير الكهرباء ويزف لنا البشرى بأن الكهرباء ستتحسن في
الشهر القادم او في الموسم القادم اوفي القرن القادم حتى (تخرط)
الكهرباء و(تبيع ثكل) علينا وبعد ما تنشاف ولا تتراوى ولا تتحاجا وتصير
هي ولا غيرها خاصة مع الارتفاع المباغت لدرجات الحرارة الذي يشوي
الاجساد ويسلقها وتنزع حتى جلودنا من شدة الحر التي لا توجد مثلها
حرارة في كل العالم وكان جهنم استعرت تحت العراق ولم يكفيها انها
اشتعلت فوقه ولا مهرب من الحر الا في السيدة المدللة (الكهرباء).
ولم اعرف حتى هذه السنة هل المشكلة بالمسؤول ام المشكلة في التصريح
ام المشكلة فينا نحن العراقيون؟ وربما يحاول البعض في هذه الايام ان
يطرحوا السؤال الكلاسيكي الرتيب : الى متى؟ الا يوجد حل لهذه المشكلة
العويصة؟
الا انني ابشركم اني لن اطرح هذا السؤال في هذا الموسم فمن السخافة
ان يكرر الانسان سؤال هو يعرف انه لن يجيبه عليه أحد وبدلاً من طرح
الاسئلة الفارغة فلنبني أمالاً من الرمال على شواطئ المستقبل علها تصمد
في وجه أمواج الملايين من المشاكل التي تهدم كل خطوة تزحف بنا الى
الامام وسيأتي يوماً ما وسوف نرى لمشكلة الكهرباء حلاً إن لم يكن في
هذه السنة ففي سنوات أخر وكل موسم وانتم بألف حر. ودمتم سالمين.
|