قطر... دويلة نهمة الشهية!

 

شبكة النبأ: لا يخفى ان دولة قطر باتت تلعب دورا واضحا من حيث النفوذ السياسي والعسكري في بعض دول المنطقة وخصوصا في دعم الحركات المسلحة في سوريا وليبيا إذ ساعد النظام القطري قوى متطرفة من أجل الإطاحة بالنظامين في سيناريو متطابق، حيث تضطلع قطر بدور بارز في سياق محاولات المجموعات التي تسعى للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

واستخدمت قطر ثروتها لدعم الاحتجاجات التي اطاحت بأربعة زعماء عرب منذ عام 2011 ولدعم الجماعات الاسلامية الرئيسية التي صعدت الى السلطة. ووصف محللون سياسيون قطر بالدولة الصغيرة ذات الشهية الضخمة، هي أكبر مانح للمعارضة السياسية السورية، ومنحت أموالاً بسخاء للمنشقين السوريين بلغت 50 ألف دولار في العام للمنشق وأسرته وفقاً لبعض التقديرات، كما قدّمت كميات هائلة من الدعم الإنساني للاجئين السوريين، ودفعة مقدارها 150 دولاراً للكثير من المتمردين في محافظة حلب في أيلول/سبتمبر الماضي.

ويتسائل محللون عن الدور الذي يرغب به أمراء قطر في تحقيقه بنهج سياسة خارجية نشيطة، وهو التساؤل الذي طرحه دبلوماسيون مرارا وتكرارا في محاولة لدراسة مواقف هذه الإمارة الغنية بالغاز.

لقد كانت قطر في الماضي تعيش في ظل جارتها الكبرى السعودية لكنها الآن بفضل الموارد الغنية التي تنعم بها ولعل أبرزها امتلاكها ثالث احتياطي عالمي من الغاز الطبيعي أصبحت تستخدم هذا السلاح القوي بحثا عن نفوذ سياسي في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد تحولات كبيرة. بحسب صحيفة فايننشال تايمز.

ويقول مراقبون ان قطر أنفقت ما يصل إلى 3 مليارات دولار على دعم التمرد في سوريا على مدى العامين الماضيين، وهو ما يفوق بكثير ما قدمته أي حكومة أخرى. وأكد زعماء المعارضة المسلحة داخل سوريا وخارجها ومسؤولين إقليميين وغربيين تنامي الدور القطري في الأزمة السورية وأنه أصبح مصدراً لجدل متصاعد.

ويرى محللون إن التدخل في سوريا بالنسبة إلى قطر هو جزء من سعيها الحثيث للحصول على الاعتراف الدولي بأهمية دورها، والفصل الأخير من محاولتها لوضع نفسها كلاعب رئيسي في المنطقة، في أعقاب دعمها للمعارضين الليبيين الذين أطاحوا بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011.

وتعد قطر من أكبر مصدر تمويل للأسلحة إلى سوريا حيث أرسلت أكثر من 70 شحنة جوية من الأسلحة إلى تركيا المجاورة خلال الفترة بين نيسان/ابريل 2012 وآذار/مارس من العام الحالي، وفقاً لمعهد أبحاث السلام في ستوكهولم، الذي يتابع عمليات نقل الأسلحة.

ولفتت إلى أن دعم قطر للجماعات الإسلامية في العالم العربي جعلها في خلاف مع الدول الخليجية الأخرى، وأجج التنافس بينها وبين السعودية. ويقول محللون إن أمير دولة قطر، حمد بن خليفة آل ثاني، يريد أن يكون جمال عبد الناصر الإسلامي، في إشارة إلى الرئيس المصري الراحل الذي كرّس نفسه للقومية العربية.

تدفق الاسلحة

يقول معارضون ومسؤولون على دراية بالعملية ان قطر التي أخذت زمام المبادرة في تسليح المعارضة السورية. في حين تبحث بريطانيا وفرنسا رفع حظر فرضه الاتحاد الاوروبي على تسليح المعارضين الذين يقاتلون الرئيس بشار الاسد تشعر دول غربية بالقلق بشأن ضمان عدم وصول هذه الاسلحة الى ايدي جماعات مثل جبهة النصرة التي بايعت القاعدة والتي تعتبرها واشنطن منظمة ارهابية.

وقال العديد من قادة المعارضة ان قطر ترسل في الاغلب اسلحة الى المعارضين الذين يعملون في شمال سوريا بينما ترسل السعودية اسلحة الى مقاتلين يعملون في الجنوب.

وقال قائد في شمال سوريا اجريت مقابلة معه من بيروت القطريون الآن يعملون من خلال الائتلاف بشأن المساعدات والقضايا الانسانية ومن خلال القيادة العسكرية بشأن القضايا العسكرية.

وقال مسؤول أمني قطري كبير انه تم الان استئناف الشحنات القطرية بقيود أكثر صرامة تمارس من قصر أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بالتشاور مع وكالة المخابرات المركزية الامريكية.

وقال المسؤول القطري توجد غرفة عمليات في الديوان الاميري بها ممثلون من كل وزارة يجلسون في الغرفة ويقررون حجم الاموال التي ستخصص للمساعدات السورية.

وأضاف تجري مشاورات كثيرة مع وكالة المخابرات المركزية الامريكية وهم يساعدون قطر في شراء الاسلحة ونقلها الى سوريا لكن كمستشارين فقط. وامتنعت وكالة المخابرات الامريكية عن التعليق. بحسب رويترز

وقال قادة من المعارضة انهم يقدمون قوائم باحتياجاتهم الى القيادة العامة التي يرأسها ادريس وترسل بدورها الطلبات الى قطر أو السعودية. وقال مصدر غربي يشارك في العملية ان نظام الرقابة الجديد ليس محكما بالكامل اذ انه في بعض الاحيان تصل الاسلحة والاموال التي ترسلها قطر الى جماعات متشددة.

وقال العديد من قادة المعارضة انهم يعتقدون ان افرادا أثرياء من الكويت والسعودية يرسلون اسلحة واموالا ايضا الى مقاتلين معارضين من خارج قناة التوزيع التابعة للائتلاف الوطني.

وقال قائد من المعارضة في دمشق انهم في العادة يطلبون تسجيلا مصورا يثبت أن هجوما وقع واسم اللواء الذي قام به. في بعض الاحيان يطلبون بيانا يعبر عن الامتنان.

ويقول مراقبون في بعض الاحيان يتمكن القطريون من ارسال شحنة الى الجزء الجنوبي والسعوديون الى الجزء الشمالي. وعندما يفعلون ذلك يرسلونها الى الوية ليست جزءا من القيادة العسكرية.

ووفقا لمسؤول قطري فان الاسلحة التي ترسل تشمل اسلحة صغيرة مثل بنادق كلاشنيكوف وقذائف صاروخية وقنابل يدوية وذخيرة. وتقدم قطر تعليمات بشأن اساليب فنية في ميدان المعركة مثل كيفية تثبيت اسلحة على العربات.

وأضاف المصدر القطري انه يتم شراء الاسلحة بصفة رئيسية من اوروبا الشرقية من خلال سماسرة سلاح مقرهم بريطانيا وفرنسا وتنقل جوا من قطر الى أنقرة ثم بالشاحنات الى سوريا.

وقال هيو جريفث وهو باحث بشأن نقل الاسلحة بمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام انه تم تنظيم 90 رحلة شحن جوي عسكرية قطرية الى تركيا في الفترة من الثالث من يناير كانون الثاني 2012 حتى نهاية ابريل نيسان 2013 . ولمح الى ان القطريين لا يبذلون اي جهد خاص لاخفاء طبيعة الشحنة.

وقال القطريون لم يعلنوا ابدا عن الشحنة على انها (مساعدات انسانية) على سبيل الادعاء وكانوا دائما اكثر صراحة من حيث دعمهم في شكل مساعدات عسكرية. وكانت الشحنات تنقل على طائرات عسكرية تابعة للقوات الجوية القطرية تقلع من العديد وهي قاعدة جوية كبيرة مشتركة مع الجيش الامريكي.

السلام الاسرائيلي الفلسطيني

وعلى الصعيد الإسرائيلي الفلسطيني بات الدور القطري يتجلى أكثر حيث قال أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ان بروز سلطة الشعوب في إطار انتفاضات الربيع العربي وضع اسرائيل في "مواجهة مباشرة مع الشعوب العربية" وجعل حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني أكثر إلحاحا.

واضاف في افتتاح منتدى الدوحة الثالث عشر كنا نسمع في الماضي بأن الإصلاح ليس أمامه إلا الانتظار حتى تتحقق التسوية السلمية للصراع مع إسرائيل ولكن ينبغي أن يدرك الجميع بأن مثل هذا التفكير أصبح فاقدا للأساس بعد ثورات الربيع العربي.

واضاف ان السبب في ذلك هو أن ثورات الربيع العربي جعلت إسرائيل اليوم في مواجهة مباشرة مع الشعوب العربية وليس مع حكامها فقط. فهذه الشعوب لن تقبل بعد اليوم بأن تكون المفاوضات أو العملية السياسية غايات في حد ذاتها.

وقال في افتتاح المنتدى الذي حضره عدد من الزعماء بينهم رئيس الوزراء التونسي علي العريض إن منطقتنا لن تعرف الاستقرار والأمن إلا بعد إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية والانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967 بالاستناد إلى مقررات الشرعية الدولية والعربية وإلى حق الشعب الفلسطيني في ممارسة كافة حقوقه الوطنية الثابتة عبر إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

واضاف على إسرائيل أن لا تضيع الفرصة المتمثلة بمبادرة السلام العربية في إشارة للمبادرة التي طرحها العاهل السعودي الملك عبد الله وأعلن عنها في القمة العربية في بيروت عام 2002 وتهدف الى إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعودة اللاجئين الفلسطينيين والانسحاب الاسرائيلي من هضبة الجولان السورية المحتلة مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها. بحسب رويترز

لكن الشيخ حمد لم يشر الى قبول الجامعة العربية الشهر الماضي لإمكانية ان يتبادل الفلسطينيون والاسرائيليون اراضي في اي اتفاق سلام حتى يمكن أن تصبح المستوطنات اليهودية في الاراضي المحتلة جزءا من اسرائيل.

حملة اعلامية

أما الدور القطري في تونس فقد اتهمت احزاب معارضة تونسية دولة قطر بالتدخل في شؤون تونس وبدعم حركة النهضة إعلاميا عبر قناة الجزيرة فيما تنفي الحكومة التونسية ذلك باستمرار.

واتهمت وسائل اعلام محلية مؤخرا قطر بتجنيد جهاديين تونسيين وارسالهم الى سوريا لقتال القوات النظامية هناك. وكانت تونس اغلقت سنة 2006 سفارتها في الدوحة احتجاجا على بث قناة الجزيرة القطرية مقابلة مع المنصف المرزوقي، دعا فيها التونسيين الى العصيان المدني ضد نظام بن علي.

من جهتها انتقدت حركة النهضة الاسلامية الحاكمة في تونس، ما اسمته حملة اعلامية ممنهجة في تونس ضد دولة قطر ورموزها. وقالت في بيان وقعه راشد الغنوشي رئيس الحركة تتعرض الشقيقة قطر ورموزها إلى حملة إعلامية ممنهجة انخرطت فيها اطراف سياسية وجهات إعلامية تجاوزت كل اخلاقيات النقد لبلد شقيق لم يتردد في مساعدة تونس ثورة وشعبا قبل الثورة وبعدها.

وتابع تؤكد (الحركة) أن العلاقة بين البلدين الشقيقين اكبر من ان تتأثر بمثل هذه الحملات وان الثورة التونسية ماضية نحو تحقيق اهدافها بمساندة دائمة من كل اصدقائها. وبعد الاطاحة بنظام بن علي مطلع 2011 شهدت العلاقات بين تونس وقطر تقاربا لافتا تدعم بعد وصول حركة النهضة الاسلامية الى الحكم.

انفجار وسط موكب قطريين

وعلى الصعيد الأمني قال مسؤولون إن انتحاريا هاجم موكب سيارات تقل مسؤولين قطريين في وسط العاصمة الصومالية مقديشو مما أسفر عن مقتل ثمانية صوماليين. وأعلنت حركة الشباب الإسلامية مسؤوليتها عن الهجوم وهددت بشن مزيد من الهجمات ضد الحكومة الصومالية التي وصفتها بأنها دمية في يد القوى الغربية.

وقال الشيخ عبد العزيز أبو مصعب المتحدث العسكري باسم حركة الشباب إن مزيدا من التفجيرات في الطريق. وقال شهود إن انتحاريا صدم بسيارة ملغومة الموكب. ووقع الانفجار في تقاطع (كيلومتر4) بوسط المنطقة التجارية والإدارية بالعاصمة الصومالية مقديشو.

وتقيم قطر علاقات سياسية أوثق مع الصومال في السنوات الأخيرة في اطار سعيها لتوسيع نفوذها في منطقة القرن الإفريقي. وقال رئيس حي هودان في مقديشو حيث وقع الانفجار للصحفيين في المكان إن ثمانية أشخاص قتلوا وأصيب خمسة معظمهم من المدنيين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 2/حزيران/2013 - 22/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م