غوانتانامو... ملف يؤرق ساسة البيت الابيض

 

شبكة النبأ: الإضراب جماعي عن الطعام الذي يقوم به السجناء في معتقل غوانتانامو أصبح اليوم محط اهتمام وترقب الكثير من الأوساط السياسية والإعلامية، ويرى بعض المراقبين ان هذا الإضراب والذي بدأ في أوائل فبراير شباط ربما سيكون الفصل الأخير من فصول معتقل غوانتانامو التي بدأت السلطات الأمريكية باستعماله في سنة 2002، وذلك لسجن من تشتبه في كونهم إرهابيين.

ويعتبر السجن سلطة مطلقة لوجوده خارج الحدود الأمريكية، وذلك في أقصى جنوب شرق كوبا، وتبعد 90 ميل عن فلوريدا، ولا ينطبق عليه أي من قوانين حقوق الإنسان إلى الحد الذي جعل منظمة العفو الدولية تقول أن معتقل غوانتانامو الأمريكي يمثل همجية هذا العصر، ويعتبر مراقبون أن معتقل جوانتانامو تنمحي فيه جميع القيم الإنسانية وتنعدم فيه الأخلاق ويتم معاملة المعتقلين بقساوة شديدة مما أدى إلى احتجاج بعض المنظمات الحقوقية الدولية إلى استنكارها والمطالبة لوقف حد لهذه المعاناة وإغلاق المعتقل بشكل تام.

وخلال حملته الانتخابية وبعد توليه السلطة مباشرة في كانون ثان/يناير 2009، أعلن أوباما أنه سيغلق ذلك السجن، وتسببت معارضة الكونغرس وصعوبات في العثور على دول تستقبل السجناء في توقف خطط إغلاقه مما أدى إلى إبطاء حركة نقل المعتقلين. وهناك خمسة سجناء فقط وبشكل إجمالي قد غادروا المعتقل منذ 2011، بعدما تم نقل أكثر من 600 في الأعوام السابقة. ويتردد أن أكثر من 100 من 166 سجينا متبقيا في غوانتانامو، مشاركون في إضراب عن الطعام احتجاجا على اعتقالهم.

900 ألف دولار

الى جانب ذلك مع إضراب المحتجزين في معتقل غوانتانامو عن الطعام، تزايدت الانتقادات بالولايات المتحدة للسجن العسكري بخليج كوبا، الذي يكلف البنتاغون أكثر من 150 مليون دولار سنوياً. وقدر الجنرال جون كيلي، قائد القوات الأمريكية بالمنطقة، بأن تكلفة تجديد المعتقل قد تصل إلى 170 مليون دولار. وتتجاوز تكلفة كل سجين، ويبلغ عددهم 166 سجيناً، 900 ألف دولار، مقابل 25 ألف دولار سنوياً، هي التكلفة التقليدية للمعتقلين بالسجون الفيدرالية بالولايات المتحدة، باستثناء سجن "سوبرماكس"، في كولارادو، إذ تصل تكلفة السجين فيه إلى 60 ألف دولار.

ورغم تعهد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بإغلاق السجن إلا أن الجيش الأمريكي يتعزم إجراء تجديدات على المعتقل تصل تكلفتها ملايين الدولارات. وستبلغ تكلفة تحديث "المعسكر 7"، وحده 50 مليون دولار، علماً أنه جزء من المعتقل العسكري تحيطه الإدارة الأمريكية بسرية شديدة، وتتحفظ فيه على كبار القيادات الإرهابية من بينهم: العقل المدبر لهجمات (11/9) خالد شيخ محمد، وعبدالرحيم الناشري، المتهم بقضية تفجير المدمرة الأمريكية "كول" باليمن، ورمزي بن الشيبة. بحسب CNN.

الى جانب ذلك أعلن البيت ان الرئيس باراك اوباما قد يعين مسؤولا جديدا مكلفا معتقل غوانتانامو ويعمل على نقل المعتقلين فيه الى مبان أخرى. وأشار البيت الابيض الى ان الرئيس الاميركي يفكر بهذا الإجراء كبادرة جديدة تمهيدا لاقفال المعتقل المثير للجدل. ووعد اوباما مجددا بانه يريد اقفال معتقل غوانتانامو. الا ان ادارة اوباما لفتت الى انه لا يمكنها اغلاق المعتقل اذا استمر الكونغرس في وضع العراقيل.

واوضح المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني "هناك الكثير من الامور التي يمكننا القيام بها"، مشيرا الى ان "احد الخيارات التي ندرسها هو اعادة تسمية مسؤول من وزارة الخارجية لكي يحاول مرة اخرى اعادة المعتقلين او نقلهم الى بلدانهم في كل مرة نعتبر فيها ان من الممكن اعادتهم الى بلدانهم او نقلهم الى بلد ثالث".

وقد تم تعيين دانيال فريد الذي شغل منصب الموفد الخاص من وزارة الخارجية لإغلاق غوانتانامو، في منصب آخر في نهاية كانون الثاني/يناير ولم يتم تعيين خلف له منذ ذلك الوقت. وكان باراك اوباما وعد لدى وصوله الى السلطة في 2009 باغلاق سجن غوانتانامو في العام التالي. ويبقى فشل هذا المشروع علامة سيئة في حصيلة الولاية الاولى لاوباما.

ووجود سجن غوانتانامو يؤثر على صورة الولايات المتحدة في الخارج "ويعوق التعاون في مكافحة الارهاب مع حلفائنا" ويشكل "اداة تجنيد للمتطرفين"، كما رأى اوباما. ولكن بالنسبة الى خصومه الجمهوريين الذين يتمتعون بالغالبية في مجلس النواب، فان غوانتانامو يجب ان يبقى مفتوحا لان المعتقلين خطرين جدا لإعادتهم الى القارة الأميركية، ويجب ان يمثلوا امام محاكم عسكرية، على حد رايهم.

وفي هذا الشأن ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) في مقال افتتاحي لها أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال الكثير من الأمور المهمة بشأن السجن في خليج غوانتانامو بكوبا. فهو يرى أن هذا السجن يعتبر بمثابة آفة تضر بسمعة البلاد ويمثل استهزاء بالمعايير الأمريكية للعدالة بالإبقاء على سجن أشخاص بدون اتهامات. وقال أوباما إنه لم يعد هناك مبرر الان للابقاء على سجن غوانتانامو ويجب إغلاقه.

وأضافت الصحيفة إنه أمر يبعث على السرور أن بتعهد أوباما أخيرا بالوفاء بوعده وإغلاق السجن، لكن ذلك الشعور بالسرور يفتر إزاء حقيقة أنه أخفق في أن يفعل ذلك طيلة خمس سنوات، وأنه لم يتخذ خطوات في إطار سلطته التنفيذية لنقل السجناء الذين انطبقت عليهم شروط الافراج منذ فترة طويلة. وطبقا للصحيفة قال أوباما عندما سئل أثناء مؤتمر صحفي بالبيت الابيض عن إضراب النزلاء عن الطعام: “أعتقد أنه من المهم أن ندرك أن سجن غوانتانامو ليس ضروريا لجعل أمريكا آمنة. وهو مكلف وغير فعال ويضر بمكانتنا الدولية ويقلل من التعاون مع حلفائنا في جهود مكافحة الارهاب ، كما أنه أداة تجنيد للمتطرفين”.

وأضاف الرئيس الأمريكي يقول إن الاحتجاز الدائم دون محاكمة “يتناقض مع طبيعتنا، ويتناقض مع مصالحنا”. وأضافت الصحيفة أنه إذا كان أوباما جادا بشأن الإغلاق، فإن هناك خطوتين اقترحهما الاتحاد الامريكي للحريات المدنية يمكن أن تؤديا إلى تحقيق المطلوب . فهو يمكنه تعيين مسؤول بارز حتى يتولى البيت الابيض وليس مسؤولو البنتاجون إدارة السياسة الخاصة بإغلاق السجن كما يمكنه تكليف وزير الدفاع تشاك هاجل بالبدء في تجهيز الوثائق القانونية لنقل المعتقلين ممن تنطبق عليهم شروط الافراج. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها قائلة إن الاضراب عن الطعام هو تصرف ينم عن اليأس من سياسات يقول أوباما نفسه إنه يتعذر الدفاع عنها. لكن من مسؤوليته التعامل مع الأمر وإغلاق السجن.

تغذية السجناء بالقوة

قال ناطق باسم معتقل غوانتانامو إن إدارة المعتقل ستواصل تغذية السجناء المُضربين عن الطعام بالقوة لمنعهم من الموت جوعًا، واضاف الناطق العسكري انه "يحق لهؤلاء المعتقلين الاحتجاج. لكن مهمتنا هي ان نؤمن لهم بيئة سليمة وإنسانية وآمنة ولن نترك سجناءنا يموتون جوعا". ويأتي ذلك بينما تثير مسألة تغذية السجناء عنوة جدلا.

فقد أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي أرسلت مؤخرا فريقا الى غوانتانامو "انه موضوع خلاف مع الولايات المتحدة". وتمنع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمات أخرى للدفاع عن حقوق الإنسان هذه الوسيلة معتبرة انها "مخالفة للمعايير الأخلاقية المهنية والطبية المحددة" على المستوى الدولي. وقال فنسنت لاكوبينو خبير الشؤون الطبية في منظمة هيومن رايتس ووتش انه "اذا عبر شخص سليم عقليا عن رغبته من الامتناع عن الحصول على الغذاء والماء، فمن الواجب للأخلاق للطاقم الطبي احترام رغبته".

وأضاف الطبيب نفسه في تصريحات لصحيفة ميامي هيرالد "في هذا الإطار، تغذية شخص بالقوة لا يشكل انتهاكا اخلاقيا فحسب بل يمكن ان يعتبر تعذيبا او سوء معاملة". ووجهت الجمعية الطبية الاميركية الجمعة رسالة احتجاج الى الكونغرس اثارت ارتياح محامو المعتقلين اللذين يطالبون بنقل السجناء واغلاق المعتقل. وقال المدير التنفيذي لمركز الدفاع عن الحقوق الدستورية فنسنت وارن "بتأكيدها معارضتها لتغذية المعتقلين بالقوة، وجهت الجمعية الطبية انتقادا حادا لرد ادارة (الرئيس الاميركي باراك) اوباما على هذا الاضراب عن الطعام".

من جهته، قال المحامي عمر فرح من مركز الدفاع عن الحقوق الدستورية ان "نظام الإطعام عنوة قاس جدا". وأضاف ان احد موكليه قال له انه تخلى عن إضراب عن الطعام في الماضي بعدما "تمت تغذيته عنوة الى درجة انه اصبح ممتلئا لحد الاستفراغ". واوضح استاذ العلوم الطبية ابايومي اكانجي "من وجهة النظر الطبية هناك تقنية تمليها الظروف وليست مريحة". وأضاف "اذا كان هناك مريض لا يتعاون فيمكن ان تواجه الكثير من المشاكل".

وقال اللفتنانت كولونيل هاوس انه يرفض عبارة "التغذية عنوة" لانها تترك انطباعا بحديث عن "رسوم متحركة" يظهر فيها "افراد مكبلون يصرخون وفمهم مفتوح بينما يدفع الغذاء الى حلقهم". وأضاف "في الواقع، الكثير من المعتقلين يضربون على ابواب زنزاناتهم ويطلبون تغذيتهم" والحصول على "المواذ الغذائية بانبوب". وتابع الضابط نفسه "انهم يضربون عن الطعام للتعبير عن مطلب لكنهم لا يريدون ان يموتوا".

ويؤكد محامو المعتقلين منذ البداية ان حوالى 130 رجلا يشاركون في هذا الإضراب عن الطعام الذي بدأ في شباط/فبراير الماضي بعدما تفتيش مصاحف بطريقة اعتبرها المعتقلون مسيئة للإسلام. كما يشدد هؤلاء المحامون على ان السبب الرئيسي للاضراب يبقى الاعتقال المستمر لسجناء غوانتانامو منذ 11 عاما من دون توجيه اتهام ولا محاكمة. بحسب فرانس برس.

وقالت لورا بيتر من منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية ان "الاعتقالات غير الشرعية من دون محاكمة في غوانتانامو مستمرة منذ اكثر من عقد من دون اي حل في الأفق، لذا من غير المفاجئ ان يشعر هؤلاء المعتقلون باليأس". واضافت في بيان ان ادارة اوباما "عليها ببساطة بذل المزيد من الجهود لإنهاء هذه الممارسة غير الشرعية التي ستسبغ التاريخ الاميركي بوصمة سوداء الى الابد". واكد البيت الابيض انه "يتابع عن كثب" الاضراب عن الطعام، مكررا "التزام الرئيس باراك اوباما اغلاق السجن"

 اليمن يطالب

على صعيد متصل طالبت وزيرة حقوق الإنسان اليمنية حورية مشهور، الرئيس الأميركي باراك أوباما بالوفاء بتعهداته حول المعتقلين اليمنيين في معتقل "غوانتانامو "، حيث أعلن عزم الولايات المتحدة الإفراج عنهم وإعادتهم إلى بلادهم . وقالت وزيرة حقوق الإنسان اليمنية في تصريح صحفي بثه موقع صحيفة الثورة الحكومية إن "وفاء الرئيس الأميركي باراك أوباما بتعهداته التي سبق وأن أعلنها في برنامجه الانتخابي عام 2008 وكررها عدة مرات أصبح ضرورياً حتى لا يفقد الديمقراطيون ثقة ناخبيهم" على حد قولها .

ولفتت الوزيرة "مشهور" إلى أن اليمن أبدى استعداده لمكافحة الإرهاب من خلال اعتماد إستراتيجية وطنية تعتمد على مداخل متعددة تعليمية وتربوية وتوعوية بغية تجفيف ظاهرة الإرهاب التي قوضت بالأساس الجهود التنموية للبلاد وحدت من فرص الاستثمار والانتعاش الاقتصادي .

وكان الرئيس الأميركي أعلن أنه حان الوقت لإغلاق معتقل غوانتانامو، مؤكدا عزم بلاده رفع تجميد نقل المعتقلين اليمنيين من معتقل غوانتانامو إلى بلادهم. ويتواجد 90 معتقلاً يمنياً في سجن غوانتانامو منذ 11 عاماً، حصل 58 منهم على البراءة من قبل لجنة إدارية عسكرية في عامي 2006 و2008، لكن لم يتم إطلاق سراحهم.

ودعا الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في سبتمبر/ أيلول الماضي السلطات الأميركية إلى إطلاق سراح المعتقلين اليمنيين في غوانتانامو، متعهدا بـ"إعادة تأهيلهم في مركز خاص ستتكفل الحكومة اليمنية ببنائه". وجاءت دعوة الرئيس اليمني خلافا لموقف سلفه الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي رفض استقبال المعتقلين اليمنيين مشترطاً على الأميركيين تمويل بناء مركز لإعادة تأهيلهم.

في السياق ذاته طالب وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز بارييا امام الامم المتحدة باغلاق معتقل وقاعدة غوانتانامو البحرية الاميركية منددا بحالات "التعذيب" و"الموت" في هذه المنطقة. وقال بارييا امام مجلس حقوق الانسان في جنيف "نشعر بقلق شديد من الغموض القانوني الذي يسمح بارتكاب انتهاكات مستمرة وبشعة لحقوق الانسان في قاعدة غوانتانامو البحرية، المنطقة الكوبية التي اغتصبتها الولايات المتحدة".

واوضح ان غوانتانامو أصبحت "مركزا لتعذيب وموت السجناء، حيث يوجد 166 معتقلا منذ عشر سنوات بلا ضمانات او محاكمة او دفاع". وقال "يجب إغلاق هذا السجن وهذه القاعدة واعادة هذه الاراضي الى كوبا" وذلك خلال عرض تقرير وطني في اطار البحث الدوري العالمي لحقوق الانسان في كوبا (اجراء يتم كل اربع سنوات). وتزايدت الضغوط على الرئيس الاميركي باراك اوباما لاغلاق هذا السجن العسكري المقام في كوبا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/آيار/2013 - 17/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م