صناعة التمويل الأصغر في الوطن العربي هي صناعة حديثة لا يتعدى
عمرها عدد صوابع اليد الواحدة من عقود الزمن يقودها الآن أشخاص أزعم
أنهم يعملون بإخلاص لإنجاح تجربتهم الشخصية والتي قضوا فيها أعمارهم
المهنية حيث عمل كلاً منهم على إنشاء وتطوير مؤسسته التي ينتمي إليها
وفي حقيقة الأمر لم يتوقف هؤلاء الأشخاص عند هذا الحد فقط.. فلقد رأينا
مجهوداتهم الواضحة في تكوين كيانات تجمع المؤسسات العربية سواء على
المستوى العربي ككل أو على المستوى الإقليمي مثل شبكة التمويل الأصغر
للبلدان العربية – سنابل والشبكات الإقليمية في اليمن، العراق، الأردن
ومصر وأتصور أن أهم ما تقوم به تلك الشبكات الآن هو نقل المعرفة
للممارسين والعمل على تبادل الخبرات فيما بينهم.
وبالرغم من وجود تلك المؤسسات التدريبية والتي تعمل على نقل المعرفة
سواء كانت مدعومة من الجهات المانحة الدولية أو الإقليمية تبقى تكلفة
التدريب والحصول على المعرفة المطلوبة للأفراد الممارسين للصناعة في
الوطن العربي مرتفعه إذا ما قورنت بالمخصصات الممنوحة من المؤسسات
العربية لها... فما بالنا إذا ما أراد أحد الأشخاص الممارسين للصناعة
في الوطن العربي أن يحصل على فرصة تدريبية على نفقته الشخصية؟
من المقدمة السابقة فأنا لم أذهب بعيداً عن موضوع مجموعة محبي
التمويل الأصغر فهكذا بدأت حيث بدأت برغبتي الشخصية في الحصول على
المعلومات والمعرفة في مجال صناعتي صناعة التمويل الأصغر وكان هذا منذ
ثلاث سنوات.. صحيح أنه كان يوجد في ذلك الوقت موقع البوابة العربية
للتمويل الأصغر كموقع وحيد ناطق بالعربية لمن يريد أن يحصل على المعرفة
والمعلومات الخاصة بالصناعة... ولكن كما نعلم جميعاً مفعول السحر
لمواقع التواصل الإجتماعي وكيف يرتبط به مستخدميه بشكل كبير يكاد أن
يكون مستمر بدون تقطع فبدت لي فكرة إنشاء المجموعة على موقع التواصل
الإجتماعي الفيس بوك وكان تصوري لها منذ اللحظة الأولى من إنشائها انها
سوف تكون كغرفة واحده نجلس فيها سوياً كممارسين وكلاً منا في مكانه
البعيد عن الآخر ونتحدث ونناقش ونتبادل الخبرات والآراء.
وفي الحقيقة كان المجهود في بداية إنشاء المجموعة والعمل على ضم
وتجميع أعضائها مجهود كبير جدا وبالأخص أنني لم أكن أعلم أحد من ممارسي
الصناعة خارج المؤسسة التي أعمل بها ولكن بتوفيق الله ومنه إستطعت أن
أصل بمجموعة محبي التمويل الأصغر اليوم وبعد ثلاث سنوات من إنشائها
ليصبح عدد أعضائها يتجاوز 1900 عضو(خمسة أضعاف أعضاء مؤتمر سنابل
السنوي) من الممارسين والمهتمين بالصناعة على مستوي الوطن العربي وتضم
ايضا المجموعة أغلب القائمين على إدارة المؤسسات العربية للتمويل
الأصغر.
ولقد أصبحت اليوم مجموعة محبي التمويل الأصغر وبدون مبالغة على قمة
المواقع المتخصصة في مجال التمويل الأصغر على مستوي الوطن العربي
بأكمله حيث تعتبر مجموعة محبي التمويل الأصغر الآن المصدر الأهم في
الحصول على المعلومات الخاصة بالصناعة كما أنها تمثل ساحة مفتوحة
للمناقشات وتبادل آراء الممارسين فنجد مثلا عضو من السودان يقوم بطرح
موضوع للمناقشة فيرد علية عضو آخر من اليمن ثم يدخل تلك المناقشة عضو
من مصر وهكذا جمعت مجموعة محبي التمويل الأصغر آراء ممارسين الصناعة
على مستوى الوطن العربي كله.
لن أطيل كثيراً في عرض ما كان حتى الوصول إلى الانجاز المحقق
بمجموعة محبي التمويل الأصغر ولكن دعوني في آخر تلك المقال أعرض ملحوظة
وأمنية.
أما الملحوظة فلقد لاحظت خلال الثلاث سنوات السابقة في عملي ككاتب
ومحاور في مجال التمويل الأصغر أننا كمجتمع للتمويل الأصغر مجتمع مغلق
نتحدث مع بعضنا البعض فقط وكأننا في حجرة مغلقه لا يدخلها غيرنا ولا
يحاول أحد أن يخرج خارج تلك الحجرة لكي يتحدث إلى المجتمع التنموي ككل
وظهر لي هذا في بداية كتاباتي التي بدأت بمقال كنت أتحدث فيه عن ارتفاع
نسب الفائدة في صناعة التمويل الأصغر وعندما حاولت نشر تلك المقال خارج
نطاق الصناعة وجدت ترحيب غير عادي فلقد تم نشر تلك المقالة في أكثر ما
يزيد عن 30 موقع وجريدة إليكترونية مما دفعني للإستمرار في كتابة
المقالات المماثلة والمتعلقة بالصناعة وعمل حوارات مع القائمين على
الصناعة حتى أنه أصبح في جعبتي الآن ما يقارب 70 مقال وحوار كلها
متخصصة في التمويل الأصغر ومما سبق أري أننا كممارسين يجب أن يكون لنا
منهج للإنفتاح على الإعلام للتأثير في المجتمع التنموي.
أما الأمنية فإني اتمنى أن تدخل مجموعة محبي التمويل الأصغر مجال
التدريب والتعليم عن بعد وهذا الموضوع مازال تحت الدراسة واتصور أنه
يتطلب التعاون مع جهات أخري ولسوف أعمل على تحقيقه في الفترة القادمة
ان شاء الله.
كلمة أخيرة فليعمل كل منا بأقصى ما يملك من قوة وإخلاص وليقنع نفسه
أنه هو المسئول عن تلك الصناعة وإنجاحها فالتمويل الأصغر العربي ليس
ملك لأحد بعينه او مؤسسة بعينها ولكنه ملكي وملكك وملك كل الممارسين
فليبذل كل منا كل ما عنده. |