منذ آلاف السنين بدأ الإنسان السعي لفهم العالم من حوله بما فيه
الإنسان والطبيعة والكون والعلاقات فيما بينهم، وكان واضحاً وجود نوعين
من الاشياء في هذا الكون اولهما "المادة " الخامدة والثاني الكينونات
الواعية المتحفزة بقوة الحياة المسماة بالروح. كان هناك ادراكاً
بديهياً لليد اللامرئية وللذكاء الجبار الكامن خلفها والذي اعطى ولادة
لفكرة الإله الكلي الوجود وما تفرع عنها من دين. ان عقل الإنسانية
اشتبك في صراع مع هذه المسألة وحاول على الدوام ان يوجد معنى لها. في
البداية كان هناك فقط سعيا واحدا متكاملا – السعي لـ "معرفة الكون" وهو
ما اشير اليه لدى اليونانيين القدماء بـ "الفلسفة الطبيعية" والناس
الذين انخرطوا في هذا البحث جرى احترامهم كمدرسين حكماء للمجتمع. هذا
السعي ضم مختلف الاتجاهات التي نصنفها حاليا كدين او فلسفة او
ميتافيزيقا او علوم.
وفي هذا السياق فان الاتجاه العلمي السائد اليوم هو جديد نسبيا،
كونه نشأ فقط قبل اربعة او خمسة قرون. ان ما سمي بـ "العلم الغربي
الحديث" بدأ مع اناس امثال غاليلو وكبلر وكوبرنيكوس وباكون تبعهم نيوتن
وبويل وغيرهما. وبدءً من هذه المرحلة التاريخية بدأ ممارسو العلوم
والدين والفلسفة بالانفصال وتكوين مدارس متخصصة للبحث في كل من هذه
الحقول. (من الملفت حتى اليوم ان درجة الدكتوراه في العلوم او
الرياضيات او الهندسة او الإنسانيات لاتزال يشار اليها فقط بـ "دكتوراه
فلسفة"او ph.D.)
هناك فرق جوهري في المنهجية التي يتبناها العلم عن تلك المتبعة في
الاشكال الاخرى للبحث. ان الطريقة العلمية تتميز بكونها "موضوعية"و "تجريبية"،
مرتكزة على التحليل المنطقي/العقلي للملاحظات، بينما البحث الروحاني هو
بالاساس "خبرة مباشرة" وبالتالي هو شديد "الخصوصية" الشعورية. ان الفرق
الجوهري لا يبدو بين العلم والروح بذاتهما طالما كلاهما يدّعيان البحث
عن فهم لـ "الحقيقة"، وانما بين الطريقة العلمية للتحقيق والطبيعة
البديهية للبحث الروحي.
من الواضح لكل من لديه حس شفاف وعقل منفتح في متابعة "الحقيقة"، ان
العلم والطريقة العلمية لهما نواقصهما. ففي عملية البحث العلمي في
طبيعة الاشياء او في الإنسان ومكانه او في الهدف من الكون، تكون
التحليلات المنطقية والسببية غير قادرة على اعطاء جميع الاجوبة، وتبقى
هناك عدة اسئلة لا يمكن الاجابة عليها بالاعتماد على البيانات الحسية
لوحدها. العديد من العلماء الكبار وصلوا بالضبط الى هذا الاستنتاج.
ان الحكمة التقليدية او "الفلسفة الابدية" التي اكد عليها الادب
الصوفي عرضت في اسلوب نموذجي العملية الحدسية التأملية
و"التجريبية"المطلوب تبنّيها لتقودنا قدماً الى ما وراء النقطة التي
يصل بها العلم نهايته الميته. هذا الاتجاه يوصلنا في النهاية الى مسار
يوصف بـ "البحث الروحي".
من الملفت ان النجاح المذهل للعلم والتكنلوجيا في الاوقات الاخيرة
اعطى انطباعا زائفا (خاصة للاجيال الشابة) بان العلم (يعرف كل شيء)
وانه سيطر على كل الطبيعة وان الكون باكمله يمكن توضيحه وفهمه عن طريق
العلم وحده. بعض المفرطين في الحماس وما يسمى "بالعقلانيين"عززوا مثل
هذا الانطباع. سنرى كيف يمكن ردم الهوة بين العلم والروح ومدى امكانية
تسوية التمايز الظاهر بين الاتجاه الاستقرائي الاختزالي والاتجاه
التأملي الحدسي. هل يمكن للعقلانيين الواقعيين وذوي الحس المرهف ان
يدركوا وجود عنصر هام من الحقيقة الغائبة عن العلم؟.
هذه المقالة لا تنحاز الى نماذج العلم التطبيقية السائدة ولا مع
السمات الجوهرية للتحقيق الروحاني، بل هي تختبر مختلف الجهود التحقيقية
الكامنة في الحدود المشتركة بين العلم والروح.
فيزياء القرن التاسع عشر، "كلفن" والمادية
من المفيد ان نتذكر بان مراحل التقدم العلمي يمكن تحديدها بثلاثة
ادوار: اولاً: علم ماقبل القرن السادس عشر او"القديم" وفيه جرى
الاهتمام بالعلم كجزء من دراسة فلسفة الطبيعة، وثانيا، فترة ما بعد
القرن السادس عشر وهي فترة فيزياء نيوتن، وثالثا عصر فيزياء الكوانتم
ونسبية انشتاين او فيزياء القرن العشرين.
في نهاية القرن التاسع عشر، كانت فيزياء نيوتن تشير ايضا الى "الفيزياء
الكلاسيكية"او "الفيزياء الميكانيكية" او المقررة، حيث سيطرت على
التفكير العلمي ما افضى الى ولادة عصر "المادية". العلماء اعلنوا من
جهتهم انهم فهموا كل شيء في الطبيعة بمساعدة لغة الرياضيات. حينما عبّر
الشاب ماكس بلانك لإستاذه عن رغبته بالعمل في الفيزياء، تلقى بلانك
نصيحة بان يعمل في التجارة لأنه لم يعد هناك شيء لم يُكتشف بعد في
الفيزياء.
علماء الفلك يستطيعون بالضبط وصف حركة الكواكب حول الشمس ويتنبأون
بالخسوف، المهندسون يمكنهم تصميم جسور جبارة او بناء سفن عملاقة مصنوعة
من الستيل، يمكنهم صنع محركات بخارية قوية لسحب قطارات الشحن او صنع
بنادق مميتة او قنابل. ساعات معقدة لقياس الوقت بدقة وطاقة كهربائية
تُستخرج من خزانات المياه وفحم يُحرق لتوليد الطاقة لعجلة الصناعة، اما
اختراع اديسون للضوء سمح بإضاءة كامل المدن. البترول اكتُشف لتوه،
والاساس وضع لصناعة كيميائية مزدهرة. العلم ظن ان كل ما في الكون ماهو
الا ماكنة عملاقة يمكن قياس حركتها بدقة باستعمال قوانين نيوتن في
الحركة، وقوانين الديناميكا الحرارية ومختلف قوانين الكيمياء ومعادلات
ماكسويل في الاليكترومغناطيسية التي بها يمكن تفسير كل شيء. المؤسسة
العلمية كانت مقتنعة ان البشرية قد سيطرت اخيرا على كل ما في الطبيعة،
وكان احد الداعمين الكبار لهذه الفكرة هو اللورد كالفن الفيزيائي
المبدع الذي نستطيع بجهوده قياس الحرارة المطلقة للجسم بوحدات كالفن
يومياً. غير ان هذا النوع من التفكير المتغطرس يوصف اليوم ايضا بـ "الكالفينية"
ذلك اننا نعرف الآن ان الفيزياء لا تزال تحبو في سعيها لفك اسرار الكون
وان فيزياء الطاقة النووية وفكرة التكافؤ بين الكتلة والطاقة وما
تفترضه من ارسال صدمات موجية حول العالم لم تتأكد بعد.
القرن العشرون وثورة الكوانتم
شهد القرن العشرون ولادة كل من النسبية وفيزياء الكوانتم. وبدءً من
تجربة ماكس بلانك حول الاشعاع عام 1900، ثم النظرية الخاصة لإنشتاين في
النسبية التي أسست الزمن كبعد رابع، ومروراً بتطوير نظرية الكوانتم
لتفسير النموذج الذري لبوهر وما تبعه من مفهوم الجسيمات الموجية
المزدوجة، ومبدأ عدم التأكد لهيزنبرج، وتتويجاً بالملاحظات التجريبية
المذهلة لـ"الجسيمات المتشابكة"(تكررت آخر تجربة عام 1998)، كل ذلك
يجعل الفيزياء الحالية ترفض المكانية او المحلية كحقيقة للطبيعة. وهذا
غيّر كلياً موقف الفيزيائيين من الروحانيات. النسبية وفيزياء الكوانتم
كانتا الى درجة كبيرة وسائل لجعل العلم اقل مادية رغم حقيقة ان انصار
النسبية (انشتاين) وفيزياء الكوانتم (خاصة نيلز بوهر) كانوا في خلاف مع
بعضهم لحين وفاة انشتاين. ربما يتذكر البعض مقولة انشتاين الشهيرة (الاله
لا يلعب النرد). وبعد مجيء فيزياء الكوانتم، اصبح العلماء البارزين
خاصة الفيزيائيين اقل حيرة وشكاً في مواصلة الدراسات المتصلة
بالروحانيات، كما حصل مثلا مع شرودنجر و فريجوف كابرا و روجر بينروس و
بول ديفس وديفد بوهم وغيرهم. كذلك كانت هناك ايضا ثورة في البايولوجي
وعلوم الحياة ( DNA والشفرة الوراثية)، مما اعاد الاهتمام بالاسئلة
الروحانية.
"الموضوعية" اُعتبرت حجر الزاوية في المنهجية العلمية خاصة الفيزياء
الكلاسيكية التي تؤكد على الفصل بين الرائي والمرئي. هناك افتراض ضمني
متأصل واساسي بوجود"حقيقة مستقلة عن المراقب" وان فعل المراقبة لا يؤثر
في الشيء الخاضع للمراقبة. هذا يعني ان خصائص الاتجاه العلمي كانت
العقيدة الاساسية لفيزياء نيوتن لكنها لم تعد صالحة في عصر مابعد
الكوانتم خاصة في مسائل عالم الذرات والجسيمات الاساسية.
ليس من الواضح ما اذا كان ملائما القول ان اهداف العلم هي فهم
الحقيقة. ولكن من الصواب القول ان فهم الحقيقة كان الهدف الاصلي المحدد
للعلم عند البداية الاولى للمشروع العلمي . اما الآن يمكن القول ان
العلم اصبح اكثر اهتماما باشتقاق نماذج رياضية تصف وتتنبأ بسلوك
الانظمة الفيزيائية بدلاً من اعطاء وصف مفاهيمي للواقع. يبدو ان
الطبيعة تتبع شكلاً غريباً من المنطق(او اللغة) صنعهُ الإنسان ويسمى "الرياضيات"
حيث نجد الفيزيائي بول ديفس في (عقل الاله) وآخرين توقفوا كثيراً عند "التأثير
غير المعقول" للرياضيات في العلوم الطبيعية. ان النماذج الرياضية
والنظريات ليست مقدسة وانما عرضة للمراجعة المرتكزة على ملاحظات جديدة.
وهكذا فان العلم اليوم مقتنع تماما بانشاء نماذج رياضية توضح المشاهدات
التجريبية وتتنبأ بالسلوك المستقبلي للانظمة الفيزيائية في ظل نوع جديد
من الظروف وهو دائما اقل اهتماما بالسؤال ما اذا كانت نماذجه الرياضية
تقوم باي شيء تجاه "الحقيقة".
الظواهر الخارقة والعلم الهامشي
في وقت مبكر تمت ملاحظة ان "العلوم التطبيقية الرسمية" تجاوزت كليا
مظاهر معينة من الواقع. ظاهرة ان العلم غير قادر على الفهم والتوضيح
اطلق عليها بالخوارق او ما فوق الطبيعة. التحقيق العلمي بمثل هذه
الظواهر يدخل ضمن اختصاص يسمى "الباراسايكولوجي". هناك مؤسسة
باراسايكولوجية ترتبط بالمؤسسة الامريكية لتقدم العلوم. يبدو ان
المؤسسة العلمية التقليدية كانت متسامحة علناً مع البحوث في هذه
المجالات ولكن في التطبيق نجد غالبية العلماء المهنيين يصفون البحث في
هذه الحقول بـ "العلم الهامشي"او "الكاذب".ومن بين العديد من الكتب
الحديثة التي لخصت الموقف الراهن للتحقيق العلمي في الظواهر الخارقة
كتاب دين رادن بعنوان (الحقيقة العلمية للظاهرة النفسية، 1997)، وكتاب
كلود سوانسون (الكون المتزامن – العلم الجديد للخوارق 2003)، وكتاب جون
بوكريس الصادر عام 2005 بعنوان (المواجهة بين الفيزياء والظاهرة
الخارقة ) وهي من اكثر الكتب اقناعاً.
من بين الظواهر الخارقة التي جرى التحقق منها باستعمال المنهجية
العلمية هي:
اولاً: الظواهر الذهنية الشاذة و "الطاقات الحادة" ـ الخصائص
الاستثنائية للذهن الإنساني(ذهن بعض الافراد) مثل التخاطر و انطباع
الحس المفرط، وظاهرة التفاعل بين المادة – الذهن مثل قوة تحريك الشيء
بوسائل غير فيزيائية وغيرها. وفي هذا السياق ركز العقليون والشكاك
انتباههم على ثلاث نقاط مهمة في البحث. الاولى: هي التحقيق العلمي (وتطبيقاته
اللاحقة في الاغراض العسكرية) في قدرة الذهن الإنساني المباشرة على
رؤية الاشياء/ الاحداث الموجودة في مناطق بعيدة جغرافيا وربما منفصلة.
كان هناك برنامجاً صُنف من الاسرار العليا للولايات المتحدة الممول من
جانب وكالة الاستخبارات العسكرية الامريكية خلال الحرب الباردة 1972 –
1995 والذي اطلق عليه رسميا برنامج "الرؤية من بعد" ولكنه شعبيا يشار
له بـ "التجسس النفسي". ان الاستنتاجات الرئيسية لبرنامج البحث هذا
الذي اجراه الفيزيائيون في كاليفورنيا بالاضافة الى امثلة اخرى رائعة
عن "مهمات" اجريت تحت اشراف مباشر من البنتاغون موجودة في الانترنت (تحت
رابط "الرؤية من بعد"Remote Viewing في غوغل).
بالنسبة للصوفيين يعتبر كل هذا امراً معروفاً. غير ان المهم ملاحظة
ذلك التطابق بين الاستنتاجات العلمية المنبثقة من برنامج الرؤية عن بعد
وملاحظات ليدبيتر عام 1899 في كتابه Clairvoyance.
الدراسة العلمية الثانية هي برنامج البحث التجريبي المستمر تحت
عنوان" مشروع الشعور العالمي"او GCP حيث تتولى مجموعة من 60 كومبيوتر
كل واحد يحتوي على كارد خاص (مولّد لرقم عشوائي) مراقبة وتسجيل شعور كل
العالم على مدار الساعة. تفاصيل هذا المشروع واستنتاجاته الهامة متوفرة
على موقع GCP : http://noosphere.princeton.edu. .
التحقيق العلمي الثالث والهام هو العمل المختبري الحديث لـ بروف.
وليم تلر الذي اُعتبر " الاب لفيزياء الطاقة الذهنية".ان تلر الفيزيائي
والبروفيسور في جامعة ستانفورد، يبدو توصّل الى الالية الفيزيائية
الاساسية التي بواسطتها يمكن للوعي الإنساني (وحتى الحيواني) ان يتفاعل
مع المواد الحية وغير الحية. هو اكتشف نموذجاً نظرياً هاماً مع انه
لازال تأملياً مرتكزاً على تجاربه القائمة على نوايا مثبتة بوسيلة
الكترونية(IIED) حيث ادّعى انه نجح في غرس "مقاصد وافكار محددة" في
وسيلة الكترونية. لو ان هذه التجارب اثبتت نجاحها من جانب فريق مستقل
فانها ستكون "الثورة العلمية الثالثة".
ان الآلية التي بواسطتها يتفاعل عقل معين او يتأثر بعقل اوشيء آخر
كما يسميها البرت انشتاين (التفاعل الناطق عن بعد) كانت اللغز الدائم
للمجموعات العلمية. كانت هناك جمعية دولية لدراسة علمية للطاقات الذكية
وطب الطاقة ISSSEEM لها مطبوعاتها الخاصة التي تتناول التحقيق العلمي
بكل اشكال التفاعلات المعلوماتية والذهنية في الانظمة البايولوجية.
سؤال الروح
ثانياً: ان السؤال عن وجود محتمل لروح لا تفنى بعد الموت، ودراسة
مسألة التناسخ جرى بحثهما في الباراسايكولوجي ضمن "بحث البقاء". ومنذ
قرن تقريباً وجمعية البحث النفسي في المملكة المتحدة ونظيرتها في
امريكا كانتا تتحققان علميا من بقاء الروح بعد الموت ، خاصة بعدما
لمستا وجود اتصالات من كينونات غير مجسمة جرت عبر وسائط.
هل هناك اي صلاحية علمية للادعاءات بوجود اتصالات بعد الموت من "الجانب
الاخر"؟ في اعقاب اجتماع الجمعية بهدف الاستطلاع العلمي عام 2003، عرض
سكرتير لجنة بحث البقاء تفاصيل لحالة جريمة ملفتة سويت عام 2001 بعد 18
سنة، بعد استلام 125 قطعة معلوماتية مفصلة من الضحية ذات علاقة بالمجرم،.
التحقيقات اللاحقة المبنية على تقرير وسيط، قادت في نهاية المطاف الى
ادانة المشكوك فيه. وكذلك بالنسبة للتقرير الرسمي لـ SPR حول تحقيق في
تجربة ما بعد الموت والذي نشر عام 1999 اكد على حقيقة " وجود نطاق واسع
من الظواهر الفيزيائية مثل الظواهر المرئية والسمعية والملموسة
واللفظية" من جانب فريق من " ارواح متصلة" عبر جماعة وسيطة. هناك
العديد من اوراق البحث والكتب التي تتعامل مع مسائل (تجربة حافة الموت)
وتحقيقات في الادعاءات بالتناسخ من قبل الاطفال.
فهل من الصواب ان نرفض كل تلك الظواهر ونعتبرها غير علمية فقط لأننا
لا نستطيع اكتشاف او قياس الروح باستعمال وسائل او كتابة معادلات
رياضية ؟
علم مافوق الطبيعة
ان المقدرة في الحصول على معرفة مباشرة عن الحقيقة (احيانا تسمى
العلم بالاشياء المخفية اوoccult sciences) مارسها المنجمون والفلاسفة
القدماء، وهي بدت واضحة في التحقيقات الروحانية للتراكيب المفصلة للذرة
والنواة التي اجراها المتصوفان آني بيسنت و سي. دبليو. ليدبيتر قبل قرن
(انظر http://www.tsadyar.org/occultchemistry for a brief
introduction ). وبالنسبة لعالم الفيزياء المتدرب ساهم هذا العمل
المدهش بتسليط الضوء امامه وأقنعه بان الطريقة الصوفية "لمعرفة"
الحقيقة مباشرةً هي صائبة تماماً. فكما لاحظنا ان بيسنت و ليدبيتر منذ
عام 1895 استعملا الطاقة الصوفية الخفية ولاحظا مباشرةً الجسيمات
الاساسية في الذرة التي شكلت الاصناف الرئيسية للمادة . هما ايضا حددا
عدد الذرات في كل عنصر من عناصر الطبيعة الاثنين والتسعين واكتشفا وجود
النظائر المشعة ونشرا الوزن الذري لكل عنصر وبشكل دقيق وذلك قبل خمس
سنوات من تجربة استون التي اكتشف فيها نظائر النيون والتي ربح بموجبها
جائزة نوبل.
استنتاج الملاحظات
هناك عنصر من الحقيقة يمكن ادراكه مباشرةً بدرجة ما وبمستوى معين من
الوعي الإنساني. هذا العنصر من الحقيقة يشار له بـ "الحقيقة الداخلية".
اما بالنسبة للحقيقة الظاهرة او الخارجية تؤكد عليها الطريقة العلمية
المعروفة. ان العلم الحدسي او الباطني المباشر يقدم طريقة اخرى مكملة
للحصول على المعرفة مع ان كل من هاتين الوسيلتين لهما عيوبهما
ومحدداتهما.
وحتى العقلانيون الشكاك الذين لايؤمنون بوجود شيء خارج العلم
اُجبروا للقبول بان مختلف انواع التحقيق كالعلم الغربي الحديث والعلم
الباطني يسيران جنبا الى جنب مع الروحانيات ويكملان بعضهما البعض
ويكافحان لأعطاء صورة متكاملة للعالمين"الداخلي"و "الخارجي".
ان الحدود بين طريقتي التحقيق "العلم" و"الروحانيات" بدأت تتلاشى
تدريجياً وان ما نصطلح عليه بالروحانيات هو فقط لوصف الطريقة غير
العلمية في التحقيق.
.............................................
من بحث نُشر عام 2007 للخبير M. Srinivasan الرئيس
السابق لقسم الطاقة الذرية الهندية ، Electronic Journal of Sociology
. |