القدس تسلخ جلدها... مشاريع التهود على قدم وساق

 

شبكة النبأ: تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلية تصعيد نشاطاها العدواني في مدينة القدس في سبيل تهويد هذه المدينة ونزع هويتها العربية الإسلامية التاريخية وفرض الطابع اليهودي عليها من خلال إتباع بعض الخطط والإجراءات الصارمة وتصاعد الاعتداءات على المواطنين ومصادرة الأراضي وتطويقها بجدار الفصل العنصري الذي استقطعت به إسرائيل أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية كأحد الأدوات الفاعلة في تفعيل إستراتيجية التهويد، وقد حققت به الحكومة الصهيونية مكاسب جغرافية ومن ثم ديمغرافية مهمة، باعتبار أن الهدف الأول لتدشين الجدار في القدس هو ضم أكبر مساحة ممكنة من الأرض إلى الحدود البلدية للمدينة، مع طرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين منها كما يقول بعض المحللين، الذين أكدوا على ان السلطات الإسرائيلية ستسعى الى تكثيف نشاطها الإجرامي في مدينة القدس وستعمل على الإسراع بتنفيذ خططها في المرحلة المقبلة، لأجل الاستفادة من مجريات الأحداث السياسية التي تشهدها المنطقة والتي أسهمت بتغيب القضية الفلسطينية وإبعادها عن المشهد العربي الذي يعج اليوم بالكثير من الأحداث والتقلبات السياسية، وعلى رغم الخلاف حولها والتحذير من ان تشكل عراقيل جديدة امام استئناف مفاوضات السلام، أعلن الجيش الإسرائيلي انه يعمل على إنشاء كلية عسكرية له في القدس الشرقية، على ان تكون جاهزة للاستخدام في غضون عام.

ووصف نائب وزير الدفاع، داني دانون، الذي أكد رسميا خروج الخطة الى حيز التنفيذ، بناء الكلية بالخطوة المهمة على طريق الانتصار العسكري، الذي يحققه الجيش على كافة الأصعدة، على حد تعبير دانون. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي اعلان دانون ان الجرافات الإسرائيلية ستباشر، في غضون فترة قصيرة، في شق طريق نحو جبل المكبر، في القدس الشرقية، لوضع حجر الأساس. ورأى نائب الوزير الإسرائيلي ان إقامة هذه الكلية ستدعم الفكر الصهيوني الداعي الى تعزيز مكانة القدس كمدينة يهودية.

يشار الى ان الإعلان السابق، عن فكرة إقامة الكلية أثار معارضة فلسطينية واسعة انضمت حركات السلام الإسرائيلية. فالحديث يجري عن مخطط يشمل قاعدة للكليات العسكرية، متوقع ان يتعلم فيها 1400 جندي إسرائيلي إضافة الى قاعات خاصة للضباط الجنرالات. وكان قد خطط مباشرة بناء الكلية، مطلع السنة، لكن زيارة الرئيس الأمريكي، باراك اوباما، أجلت التنفيذ خشية حدوث ازمة دبلوماسية مع الامريكيين.

والإعلان الأخير لداني دانون يأتي في وقت تبذل الجهود الأمريكية والدولية لتحريك عجلة استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، ولفت سياسيون الى ان اعلان نائب الوزير عن الشروع في وضع حجر الأساس من شانه خلق عراقيل جديدة.

شبكة شوارع جديدة

في السياق ذاته شقّت إسرائيل خلال السنوات الماضية شبكة شوارع تربط بين المستوطنات في شمال وجنوب القدس الشرقية وبين وسط المدينة والشوارع الرئيسية الموصلة إلى تل أبيب بهدف منع أية إمكانية لتنفيذ الانسحاب من القدس المحتلة في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وذكرت صحيفة (هآرتس) إن شبكة الشوارع هذه تمر داخل الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية مثل بيت حنينا في شمال المدينة وبيت صفافا في جنوبها، من أجل ربط المستوطنات في ضواحي المدينة بوسطها في القدس الغربية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو افتتح في وقت سابق الشارع الجديد، واسمه الشارع رقم 20، ومفترق طرق جديد يحمل اسم والده، بنتسيون نتنياهو، الذي يمر من وسط بيت حنينا ويربط بين مستوطنتي (بسغات زئيف) و(نافيه يعقوب) وبين الشارع الرئيسي رقم 443 المؤدي من القدس إلى تل أبيب. وأعلن نتنياهو في مراسم افتتاح الشارع “أننا نعمل بشكل متواصل ومنهجي من أجل ربط القدس مع نفسها”.

ونقلت صحيفة (هآرتس) عن العقيد شاؤل أريئيلي العضو في “مجلس السلام والأمن” الذي يضم ضباط جيش كبار في الاحتياط، قوله إن “جميع خطط السلام في العقود الأخيرة، مبادرة جنيف وكامب ديفيد وأنابوليس، تضمنت تسليم الأحياء الفلسطينية إلى سيطرة الدولة الفلسطينية”. وأردف أريئيلي أن “هذا التقسيم (للمدينة) استند إلى المبدأ الذي وضعه الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بأن الأحياء اليهودية (أي المستوطنات) ستبقى تحت سيطرة إسرائيل والأحياء الفلسطينية ستكون تحت سيطرة الدولة الفلسطينية، لكن شق هذه الشوارع يحول تطبيق هذا المبدأ إلى مستحيل”.

وأضاف أن “شق الشارع رقم 20 يخرق سياسة اتبعتها إسرائيل منذ سنوات طويلة، ورغم أنها سياسة غير معلنة، وتتمثل بالحفاظ على إمكانية تقسيم المدينة في المستقبل” وأنه “حتى اليوم، كان يتم تطوير المستوطنات الإسرائيلية في شرقي القدس من خلال الحفاظ على الفصل بينها وبين الأحياء الفلسطينية والحفاظ على التواصل الجغرافي بين الأحياء الفلسطينية بشكل منفصل عن التواصل الجغرافي للمستوطنات”.

وأضاف أريئيلي أن سياسة بلدية القدس منذ احتلال شرقي المدينة كانت منع تداخل الأحياء الفلسطينية والمستوطنات ببعضها لكن “تم انتهاك هذا المبدأ بواسطة شبكة الشوارع الإسرائيلية التي تضع صعوبات أمام تنفيذ الفصل بين هذه الأحياء والمستوطنات”. وقالت الصحيفة إنه سيتم شق شارع جديد، يحمل الرقم 21، وسيربط مستوطنة (رمات شلومو) بشمال القدس الشرقية مع شارع رقم 20، وهذا الشارع سيمر أيضا في بيت حنينا.

كذلك رأى المحامي داني زايدمان الخبير في شؤون القدس إن شبكة الشوارع هذه “هدفها دمج الكتل الاستيطانية بشكل واضح في شبكة الشوارع القطرية الإسرائيلية وبذلك يتم إدخال شرقي القدس والكتل الاستيطانية ضمن حدود إسرائيل بشكل فعلي”. وأضاف زايدمان أن “معنى الشارع رقم 20 هي أن الشخص الذي يخرج من وسط تل أبيب سيصل إلى (مستوطنة) معاليه أدوميم بسرعة أكبر من وصوله إلى الحي الذي أسكنه في القدس الغربية”، علما أن مستوطنة (معاليه أدوميم) تقع بين القدس الشرقية ومدينة أريحا. وأكدت المهندسة شيري كرونيش من جمعية (بيمكوم) الحقوقية على أنه على الرغم من أن الفلسطينيين في القدس سيستفيدون من هذه الشوارع إلا أنه واضح أنه لم يتم شقها لمصلحة الفلسطينيين. بحسب يونايتد برس.

وأشارت الصحيفة إلى أن سكان الحي الفلسطيني لا يستفيدون من الشارع رقم 4 الذي أقيم على أراضيهم لكي يوصل ما بين وسط القدس ومستوطنة “غيلو” والكتلة الاستيطانية “غوش عتصيون” في منطقة بيت لحم. وقال زايدمان إن إسرائيل “تبذل جهدا استراتيجيا، يشمل بنار الجدار العازل وشبكة الشوارع وتوسيع المستوطنات، بهدف رسم حدود من جانب واحد بينها وبين فلسطين، وهذه الحدود لا يمكنها أن تتلاءم مع حل الدولتين”.

تفشي الفقر

الى جانب ذلك قالت الأمم المتحدة في تقرير إن "سياسات الفصل" الإسرائيلية أدت الى تفشي الفقر في القدس الشرقية خلال السنوات الأخيرة. وقالت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (اونكتاد) في بيان إن "الاقتصاد في القدس الشرقية ليس مدمجا لا في الاقتصاد الفلسطيني ولا في الاقتصاد الإسرائيلي". وأضاف البيان ""الفقر يرتفع بشكل منظم بين السكان الفلسطينيين في القدس منذ عشر سنوات واستمر عزل المدينة عن باقي الأراضي الفلسطينية في الازدياد منذ الانتفاضة الثانية وبناء جدار الفصل الإسرائيلي".

وتقول المنظمة إن 82% من الأطفال الفلسطينيين في القدس الشرقية كانوا يعيشون في فقر عام 2010 مقابل 45% من الأطفال الإسرائيليين في نفس المنطقة. ووفقا للتقرير، تسبب الجدار الإسرائيلي العازل في خسائر مباشرة على الاقتصاد في القدس الشرقية منذ بدء بنائه في العام 2003 تقدر باكثر من مليار دولار.

وتؤكد اسرائيل إن الجدار العازل ضروري لأسباب أمنية، ولكن بناءه واجه إدانة دولية واسعة لأنه اقتطع مساحة كبيرة من الضفة الغربية وتسبب في تفريق اسر وإبعاد مزارعين عن أراضيهم. ووفقا لتقرير الامم المتحدة، فإن انتشار الفقر بين القاطنين في القدس الشرقية لا يرجع فقط إلى سياسات العزل الإسرائيلية، وأن مما يسهم فيه هو أن القاطنين في القدس الشرقية لهم وضع قانوني مختلف عن وضع الإسرائيليين، فهم يعانون من "سلسلة عقبات وخصوصا في ما يتعلق بالسكن والتوظيف والضريبة". بحسب بي بي سي.

وأضاف التقرير أن "هناك الكثير مما يمكن ان يساعد على تخطي تأثير سياسة الفصل" مثل مراجعة أنظمة الضرائب او تقديم الخدمات". وتابع التقرير قائلا إن "الشروط الحقيقية المسبقة للتنمية الدائمة" بالنسبة لفلسطينيين القدس الشرقية هي "نهاية الاستيطان والاحتلال للقدس الشرقية". ومنذ حرب حزيران/يونيو 1967 ضمت إسرائيل واحتلت القدس الشرقية التي تقطنها اغلبية عربية ولكن المجتمع الدولي لم يعترف بهذا القرار.

من جهة اخرى كشفت منظمة غير حكومية إسرائيلية أن 8 من أصل 10 فلسطينيين في القدس الشرقية يعيشون تحت خط الفقر، في تقرير خاص. وذكرت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل أن "نحو 80% من سكان القدس الشرقية يعيشون تحت خط الفقر"، وركز على "آثار السياسات الإسرائيلية على الحقوق الأساسية لفلسطينيي القدس".

ويشير التقرير إلى أن "الجدار الفاصل، الذي بنته إسرائيل في الضفة الغربية، يقطع القدس الشرقية عن الضفة الغربية، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية أصلاً للسكان". وبحسب التقرير، "نحو 90 ألف فلسطيني من حملة بطاقة الهوية الزرقاء من القدس، يمرون عبر الحواجز بشكل يومي من أجل الوصول إلى العمل أو المدرسة أو الحصول على خدمات صحية وزيارة عائلاتهم".

وتعاني المستشفيات في القدس الشرقية من صعوبات مادية، بسبب انخفاض عدد المرضى وعدم قدرتهم أو قدرة الطواقم الطبية على الوصول إليهم من الضفة الغربية. كما تحدث التقرير عن "البنية التحتية السيئة إذ تعاني القدس الشرقية من نقص من نحو 50 كيلومتراً من أنابيب الصرف الصحي، ويعتمد السكان بدلاً من ذلك على حفر الصرف الصحي، وتكرار فيضاناتها يسبب مخاطر صحية خطيرة". بحسب رويترز.

ويدرس 46% فقط من طلاب المدارس في مدارس البلدية، التي تعاني من "نقص مزمن من الصفوف الدراسية". وأضافت الجمعية إن "الطلاب الفلسطينيين، الذين يجتازون امتحان الثانوية العامة الفلسطيني يواجهون في الغالب صعوبات في قبولهم في الجامعات الإسرائيلية، بينما لا تعترف إسرائيل بشهادات بعض الجامعات الفلسطينية". ولفتت إلى أنه "منذ عام 1967، صادرت الحكومات الإسرائيلية ثلث الأراضي الفلسطينية في القدس، وبني عليها آلاف الشقق للسكان اليهود في المدينة".

السكان العرب

الى جانب ذلك وعلى عكس ما تخطط له إسرائيل في مشروع خارطتها الديمغرافية لمدينة القدس، الذي يسعى الى ضمان أكثرية يهودية مطلقة، كشفت معطيات جديدة لمعهد القدس للأبحاث في إسرائيل، ان نسبة السكان العرب تزداد في القدس فيما تنخفض نسبة اليهود. اما عدد سكان المدينة، بالإجمال، فيرتفع ليصل الى 804 الاف شخص، وتساوي ضعفي عدد المدينة الثانية في اسرائيل، تل ابيب وعدد سكانها 404.

وفي بحث معهد القدس تبين زيادة ظاهرة الهجرة السلبية لليهود، على عكس الوضع لدى العرب. اذ ترك المدينة عام 2011 اكثر من 7400 يهودي، وهو عدد يزيد عن عدد الاسرائيليين الذي انتقلوا للسكن فيها وعددهم 2300 شخص. وذكرت المعطيات أنه من بين سكان القدس هناك 64 في المئة هم يهود و36 في المئة عرب، وفي الوقت الذي زاد فيه عدد السكان اليهود بـ 109 في المئة منذ حرب الأيام الستة فالسكان العرب زادوا بـ 3.27 في المئة، وهو ما يراه معدو البحث مؤشرا الى ان نسبة السكان العرب ستواصل الارتفاع مع مرور السنوات، فيما تتواصل نسبة اليهود بالهبوط.

وفي المعطيات الاسرائيلية فان الإنتاج في القدس هو الأعلى، مقارنة مع باقي المناطق، فيما تنجب العائلة في القدس 4.2 أولاد في المتوسط مقابل 2.9 في باقي البلاد، و3.6 للعائلة العربية مقابل 3.3 في باقي البلاد. والملفت في البحث ان 61 في المئة من سكان القدس يسكنون في شرقي المدينة، في المناطق التي تم احتلالها من الأردن خلال حرب الأيام الستة، منهم 60 في المئة من العرب و40 في المئة من اليهود. وبحسب معدي البحث فان المعطيات تشير الى ان القدس الغربية باتت بغالبيتها الساحقة يهود.

وبين البحث ان السياسية الإسرائيلية استطاعت تهويد مساحات واسعة في المدينة، بما يضمن استحالة التوصل الى تسوية حولها، في أي مفاوضات مستقبلية، اذ يستدل ان عدد احد الإحياء اليهودية في المدينة يتجاور 41 الفا و400 يهودي، وهو عدد يتجاور عدد سكان مدن في اسرائيل مثل "ديمونة" و"كريات موتسكين". وفي المعطيات فان عدد طلاب الجامعات في القدس هو الاعلى اذ يصل الى 258 الف طالب، وهذا العدد يتجاوز عدد سكان مدينة "رشون لتسيون"، رابعة كبرى المدن في اسرائيل.

وبين البحث ان سكان القدس راضون عن معيشتهم اكثر من اية مدينة اخرى في اسرائيل، واعرب 91 في المئة عن رضاهم من المعيشة ( تل أبيب 86 في المئة، وحيفا 81 في المئة). اما من ناحية المتدينين المتشددين فان النسبة الاعلى منهم في القدس اذ تصل نسبتهم 31 في المئة مقابل 9 في المئة، بالمعدل في اسرائيل. اما المتدينون فان نسبتهم 20 في المئة مقابل 10 في المئة، المعدل في اسرائيل. وتشير المعطيات الى ان نسبة المتدينين العرب هي ايضا الاعلى في القدس اذ تصل الى 75.

طمس المعالم

في السياق ذاته اتهمت مؤسسة فلسطينية مختصة في شؤون القدس، سلطات الاحتلال الإسرائيلية بالعمل على طمس المعالم الإسلامية في حي المغاربة بالقدس. وقالت مؤسسة (الأقصى للوقف والتراث)، التابعة للحركة الإسلامية في الوسط العربي بإسرائيل، في بيان إن السلطات الإسرائيلية "تواصل أعمال الحفر والتدمير في طريق باب المغاربة، التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من المسجد الأقصى"، لافتة إلى قيام تلك السلطات بتسريع تهيئة فراغات الطريق الجوفية إلى كنس يهودية وربطها بباقي "ساحة البراق".

واعتبرت أن "ما نُشر عن طة شيرانسكي والمخطط الحكومي الإسرائيلي لمنطقة البراق، يندرج ضمن مخطط شامل لتهويد كامل منطقة البراق، التي تشمل حائط البراق وحي المغاربة الذي هدمه الاحتلال عام 1967 وحوله وحائط البراق إلى مكان لصلاة الإسرائيليين تحت اسم المبكى". وشددت على أن "كامل حائط البراق هو جزء ثمين من المسجد الأقصى وهو حق خالص للمسلمين وحدهم، أما منطقة البراق وحي المغاربة فهي وقف إسلامي خالص استولى عليه الاحتلال بقوة السلاح ودمّره على مدار السنين ويسعى إلى تهويده لكنه ووقفيته وقدسيته باقية لا يُنقصها فعل الاحتلال أو تقادم الأيام". بحسب يونايتد برس.

وأشارت المؤسسة، إلى أنها رصدت في الأيام الأخيرة حركة متسارعة في أعمال الحفر والتدمير في بقايا طريق باب المغاربة، وأن أعمالاً حفرية جارية في أعلى الطريق وعلى جانبيها، وكذلك في جوفها، التي تحوي بقايا محراب الجامع ومدرسة الأفضل بن صلاح الدين. واعتبرت أن ما يجري اليوم في المسجد الأقصى ومحيطه وفي عموم مدينة القدس "خطير جداً"، مطالبة بأن يكون "دافعا ومحفزاً لتضافر الجهود الإسلامية والعربية والإسلامية للجم الاحتلال الإسرائيلي والتصدي له ومنع مواصلة هذا الاعتداءات على المسجد الأقصى والمدينة المقدسة".

من جانب أخر دعا الشاعر الفلسطيني سميح القاسم الدول العربية والإسلامية إلى مد يد العون والمساعدة إلى سكان مدينة القدس للحفاظ على كرامتهم. وقال القاسم "القدس ليست مقدسة بمعالمها بل بناسها لن نستطيع المحافظة على عروبتها ما لم نستطع المحافظة على عرب القدس."

واضاف قبل ان يقرأ احدى قصائده عن مدينة القدس "67 في المئة من اهالي المدينة المقدسة يعيشون تحت خط الفقر. هذا عار على العرب والمسلمين. من حق اهل الرباط ان يعيشوا بكرامة وحرية وعلى العرب ان يحافظوا على كرامة اهل القدس لا ان يشحذوا على ابواب بؤرة استيطانية."

واعتمدت جامعة الدول العربية قرارا يقضي بأن تكون القدس عاصمة ابدية للثقافة العربية يجري توأمتها مع كل عاصمة للثقافة العربية في كل عام. وقال عثمان ابو غربية رئيس اللجنة الوطنية للقدس عاصمة دائمة للثقافة العربية "استجابة لقرار مجلس وزراء الثقافة العرب عام 2010 باعتماد القدس عاصمة للثقافة العربية سيتم الاحتفاء بالقدس خلال الاحتفاء بالعواصم المختلفة للثقافة العربية واعتماد توأمتها مع تلك العواصم التي كان اولها مع بغداد." واوضح القاسم أن القدس كانت دائما عاصمة للثقافة العربية "هذه مسالة تاريخية... كان العلماء يتمون علمهم بعد بغداد ودمشق والقاهرة في القدس." بحسب رويترز.

ومنعت إسرائيل في العام 2009 الفلسطينيين من إقامة فعاليات بمدينة القدس بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية. وقالت وزيرة الثقافة الفلسطينية سهام البرغوثي في بداية الحفل الذي تخلله القاء قصائد شعرية بمشاركة القاسم والشاعر احمد دحبور والشاعرة الشابة رولا سرحان "لا يمكن لاي قوة في العالم مهما كانت ان تغير عروبة القدس وتكريسها عاصمة ابدية للثقافة العربية ومرتكز حقيقي للثقافة كونها الروح الفلسطيني الممتد من العمق الإنساني."

منع فيلم أوروبي

على صعيد متصل حاول نشطاء فلسطينيون عرقلة تصوير فيلم وثائقي أوروبي في القدس حيث يشكون من أن الفيلم سيعزز صورة سيادة إسرائيل على المدينة. وقال منتجو الفيلم الفرنسي الألماني الذي يحمل عنوان (القدس في 24 ساعة) والذي يحاول تصوير يوم في حياة المدينة المضطربة إن خططهم تعطلت كثيرا بسبب حملة من "التهديد والمضايقات" أطلقت في اللحظات الأخيرة.

وقال المنتج توماس كوفوس الذي يأمل في تكرار النجاح الذي حققه فيلمه (برلين في 24 ساعة) عام 2008 "نأسف بشدة لما حدث لكننا ما زلنا هنا وسوف نواصل التصوير." وقال بيرتشر روندفونك أحد المنتجين الألمان المشاركين إن فريقه واجه "حملة تهديد عبر الهاتف" وتهديدات "بإلحاق ضرر جسدي" متهما نشطاء فلسطينيين بمحاولة منع العرب من قص رواياتهم.

لكن بعض السياسيين والنشطاء الفلسطينيين اتهموا صناع الفيلم بعدم التنسيق بشكل ملائم مع السلطات الفلسطينية وقالوا ان الفيلم سيعرض القدس كعاصمة موحدة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة. وقال ديميتري ديلياني المتحدث باسم حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القدس الشرقية "هذه ليست مدينة واحدة. انها مدينتان". وقال إن قبول مزاعم الاسرائيليين بأن القدس مدينة موحدة خطأ محض وإن هذا الامر له عواقب سياسية. ورفض ديلياني الاتهامات بأن معارضي الفيلم هددوا المشاركين فيه.

وقال منتجو الفيلم إن عددا من المصورين الفلسطينيين والفنيين تغيبوا قبل التصوير مباشرة. وفضلا عن ذلك انسحب بعض الفلسطينيين الذين كان المنتجون يرغبون في ظهورهم في الفيلم في اللحظة الأخيرة. وقال كوفوس في إشارة إلى أن الفيلم لن يتم تصويره في 24 ساعة بالفعل كما كان يأمل "لدينا مادة قوية جدا من الفرق الإسرائيلية والأوروبية ... الفلسطينيون ما زالوا يصورون وهذا يعني أننا نسعى بجد لكي يكون لدينا تكافؤ في هذا المشروع."

وسلط الخلاف بشأن الفيلم الذي تموله جزئيا قناة آرتي التلفزيونية الضوء على المعارضة الشرسة في بعض الإحياء الفلسطينية لأي شيء من شأنه أن يساند "تطبيع" السيطرة الاسرائيلية. وقال كوفوس إن المشكلات التي واجهها في هذا الفيلم تظهر التوتر المستمر بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وأضاف "لا يمكنهم العمل معا. هذا مستحيل. كل شيء يحدث هنا مرتبط بالصراع خاصة على الجانب الفلسطيني."

روسيا تدعو

من جهة أخرى دعت وزارة الخارجية الروسية إلى تسوية قضية القدس عبر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية مع ضمان وصول أتباع جميع الطوائف إلى الأماكن المقدسة. وقالت الخارجية الروسية في بيان: "يجب تسوية قضية مدينة القدس عبر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية مع ضمان وصول أتباع جميع الطوائف إلى الأماكن المقدسة".

وذكر الخارجية الروسية في البيان الذي أوردته وسائل إعلام محلية أن روسيا تولي تقليديا اهتماما خاصا بضمان الحفاظ على الأماكن المقدسة في القدس وإحلال السلام والهدوء في الديار المقدسة. كما أعربت الخارجية عن ارتياحها للجهود الفلسطينية والأردنية في تسوية قضية مدنية القدس ، مشيرة إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني عبد الله الثاني وقعا أمس الاثنين على اتفاقية تؤكد على دور الملك الأردني كـ"صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة في القدس".

وذكرت الوزارة أن مسألة القدس "تعتبر من أصعب قضايا النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، كما أنها مرتبطة بشكل وثيق بقضايا جوهرية أخرى مثل الحدود والمستوطنات الإسرائيلية واللاجئين". وأفادت الوزارة بان روسيا ستواصل تقديم دعمها للجهود "الهادفة إلى إيجاد حل عادل لقضية القدس".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/آيار/2013 - 14/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م