ما زالت الكتل السياسية تصر على ممارسة لم ولن تؤتي ثمار مفيدة
وايجابية لا على المدى القريب ولا البعيد في موضوع تشكيل الحكومات
المحلية، منذ اعلان النتائج الاولية للانتخابات المحلية في الثالث
والعشرين من نيسان الماضي والى اليوم، فهي لم تستفد من خبرتها وتجربتها
الطويلة في مفاوضات تشكيل الحكومة المركزية وما افرزته نتائج
الانتخابات التشريعية عام ٢٠١٠ من تقارب بين الفائزين.. حتى عادت مرة
اخرى لتعيد الكرة؛ في حكومات المحافظات؛ مصرة على ذات المنحى والتوجه
في : تكريس المحاصصة - الحزبية اولا؛ الصفقات السياسية ثانيا؛
الاستئثار بالمناصب على حساب الفائز المقابل ثالثا؛ والابتعاد عن رغبات
ومطالب الناخبين في الاسراع بتشكيل المجالس رابعا.
واذا كان الامر لا يتعلق هذه المرة بالمواطن والخدمات المقدمة اليه
وضرورة تجاوز سلبيات المرحلة الماضية التي ما تكاد تختفي حتى تظهر مع
كل مناسبة وآخرها مع موجات الأمطار والفيضان والسيول.. فان الكتل
السياسية التي لم تنضج وتتعلم من أخطائها في تسريع المفاوضات وتقديم
التنازلات، مطالبة بالاجابة على تساؤل يتعلق بشكل الحكومة القادمة : هل
هي حكومة اغلبية ام مشاركة او حكومة ائتلافية؟؟
• حكومة الاغلبية: صعبة التحقيق لان نتائج الانتخابات افرزت كتل
ثلاث متقاربة في النتائج في اغلب المحافظات مع بعض الاستثناءات في
النجف وميسان.
• حكومة المشاركة: تعني في قاموس سياسيينا مشاركة الفائزين بالمراتب
المتقدمة فقط او ممن لديهم تمثيل برلماني طبعا وهو غير ممكن أيضاً لانه
يقفز فوق مفهوم المشاركة التي تعني دخول جميع الفائزين في تشكيلة
الحكومة، وهذا غير وارد حاليا في الاتفاقات التي تجري في السر والعلن،
كما انه يحمل سلبية كبيرة ان تحقق؛ تتمثل في الغاءه لدور المعارضة داخل
المجالس القادمة التي تحدد السلبيات وتؤشرها وتسعى لعلاجها قبل ان
تتفاقم.
• الحكومة الائتلافية: وهو الوارد الافضل والممكن لانه يعطي فرصة
حقيقية لتقاسم السلطة وليس لمحاصصتها، كما انه يمثل خيارا جذابا يؤدي
الى تداول حقيقي للسلطة في حالات الفشل او العجز امام التحديات التي
تواكب فترة الدورة الانتخابية المحلية، في المقابل يخلق نوعا من رقابة
الظل التي تعارض في الإطار الشرعي وتسعى لمعادلة كفة الحكومة وتكبح
جماحها وتعدل من ميلانها في حال ابتعادها عن النزاهة او جنوحها نحو
المحاصصة الحزبية في تعيين الأقارب او المنتمين اليها من غير الكفوئيين
او المؤهلين للتصدي للمهام المطلوبة من ابناء المحافظة ذاتها.
ان السرعة في اعلان حكومات محلية ائتلافية قادرة على النهوض بالواقع
المأساوي للمحافظات مطلب وطني وجزء يسير تبذله الكتل السياسية على
الاقل وفاءا لناخبيها، وفي الوقت الذي كنا نطلب؛ بان تسعى الكتل
الفائزة الى مشاركة القوى غير الفائزة في مفاوضات تشكيل الحكومات او
على الاقل التشاور معها او حتى منحها مناصب من باب السمو على المصالح
الضيقة ولتوسيع قاعدة المشاركة او على اعتبار ان نسبة مشاركة الناخبين
لم تتجاوز الخمسين بالمئة وبالتالي فان حقيقة فوز هذه الكتل لا يعبر
بالضرورة عن رغبات كافة ابناء المحافظة.. نجد ان هذه الكتل تتجاوز على
الفائزين بالمقعد والمقعدين؛ وحتى الخمسة مثل محافظة كربلاء؛ وتبخس
حقوقهم او تستعين بهم من باب إكمال النصاب اللازم في مواجهة الخصم
الفائز لا من باب الشريك وصاحب الاستحقاق.
ان الإحباط يجب ان لا يتسرب الى نفوسنا من كتل عطلت البرلمان وأودت
به الى هاوية النسيان، ولكن الخوف كل الخوف من تكرار التجربة او من كتل
لم تعي الدرس البرلماني وتحاول ان تعيده مرة أخرى في برلمانات - مجالس
المحافظات.
|