إلجموا أفواه الحرب اين ما ثقفتموها؟

زاهر الزبيدي

حتى هذه اللحظة، تطلق قذائف الإتهامات من كل الكتل السياسية بلا تقييد، في تبادل محموم قد يكون قد بلغ ذروته مساء أمس من خلال بيان السيد رئيس مجلس النواب العراقي رداً على المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء نوري المالكي.. وعلى العموم فكل الكتل السياسية تدلوا بدلوها في تلك المعركة من حربنا الطويلة على السلطة، تتنوع الإتهامات لتشمل كل شيء، الديكتاتورية والتمرد والتفرد بالسلطة، تعطيل القوانين، الدعوة للطائفية والتقسيم وإنشاء المليشيات، الكيل بمكيالين، الهيمنة على البلاد، العمالة لدول إقليمية.. إلخ، بقائمة يطول سردها، لم يسلم لسان سياسي أو برلماني من تلك التصريحات التي أضحت لوحدها عبارة عن أزمة تجوس بيننا لا نعلم متى تنتهي وفوق هذا وذاك شبح التخلف يطاردنا ويغلف المستقبل المنشود لشعبنا وبلد يسير التفسخ كما عبر عن ذلك المحلل السياسي مايكل نايتس في تقرير نشرته مجلة فورين بولصي الذي وصف العراق هذه الأيام بأنه أضحى دولة منهكة جداً.

والشعب يراقب ويضع مؤشراته للمستقبل التي لا تأذن بخير مادام يسمع دويّ تلك التصريحات التي تنذر بسوء..المشكلة الكبيرة أنه جميعاً في مركب واحد إلا إن أحدهم يأبى إلا أن يغرقه من مبدأ، عليَ وعلى أعدائي، والخاسر الأكبر هو الشعب الذي تخنق كل تطلعاته للمستقبل.. يتسائل البعض لماذا لا يجلس الجميع الى طاولة حوار كبيرة نجمع بها كل الشتات السياسي وطاولة أخرى نجمع بها كل الشتات المذهبي والعرقي في العراق؟.. لماذا لا نضع الحوار السلمي حلاً لكل تلك الإتهامات التي يكيلها بعضنا للبعض الآخر فبإمكان الجميع أن يتحدثوا بدون مترجم أو وسيط فالذي يربطهم هو لغة ودين ودم.. ولماذا كل هذا الخوف من الجلوس للحوار.. أهو الخوف من أن يتم إغتيال أحدهم من قبل الآخر.. أهو الخوف من أن يتم جمع الفرقاء في قاعة واحدة ليتم إغتيالهم أو إعتقالهم.. إن كان كذلك. لماذا لاتم يتم اللقاء تحت قبة البرلمان العراقي وتحت إشراف الأمم المتحدة أو الجامعة العربية.. أمر غريب حقاً ما يجري.. ونحن حتى يومنا هذا لم نصل الى ثقافة الحوار المتوازن المثمر وكأننا نعيش أهم عصوراً تخلفنا السياسي.. لا أحد يطيق الجلوس مع الآخر.. أو حتى أن يجتمعوا ويجمعوا على أمر ما.

إن كل هذا يدل على أن الجميع خائف من اللقاء.. ومبرر الخوف هو أن الجميع على خطأ.. حسناً لنكن على خطأ فما بالنا لانصلحه عن طريق الحوار.. ونعرضه أمام أبناء شعبنا ليرى الجميع من هذا الذي يضع العقدة في منشار تقدمه.. ولكونهم جميعهم على خطأ نأوا بأنفسهم عن مثل تلك اللقاءات.. وحتى سفر الرئيس مام جلال الى ألمانيا لغرض العلاج بعد الوعكة الصحية التي ألمت به كان الرجل قد هيأ الكثير من مستلزمات اللقاء الوطني من خلال تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين على أمل أن يتم جمعهم على مائدة توحد قادة العراق على طريق وحدة وطنهم، إلا إن الأقدار شاءت أن تتشتت تلك الجهود البناءة ويضيع عنوانها المهم وسط موجات متعاقبة من الأزمات التي تثيرها وتوقد جذوتها تلك التصريحات.

فإذا كانت هناك، في السابق، تصريحات متبادلة تمنح نفوسنا بعض الأمل بإصلاح الوضع، نرى اليوم تقاذف التهم بين رئاستي الوزراء والبرلمان وعلى رأس أعلى سلطتاها مما يجعل المستقبل ملبداً بغيوم الصراع السياسي الخفيّ أكثر من السابق.

اليوم يأسنا من وجود أمل يقضم ويلتهم كل أصوات الفتنة التي تجعر هنا وهناك داعية الى تأجيج دماء لم تبرد وقتل حلم لم يكد يطل برأسه فوق فجر بغداد، تكاثرت الأصوات التي تضرب ألسنتها كوقع طبول الحرب معلنة التوجه للحجابات القاتلة عند حافات وطن يتفسخ ببطيء من شدتها ويتشرذم ويتسارع نحو هاوية لن ينفع معها شيء. حفظ الله العراق وأهله.

zzubaidi@gmail.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/آيار/2013 - 12/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م