طحالب الربيع القطري

كاظم فنجان الحمامي

الشمام والشلغم ثمرتان صيفيتان نضجتا بين أدغال وطحالب الربيع القطري، عرض شلقم (عبد الرحمن) بضاعته الليبية في أكشاك قناة الجزيرة، معلنا تفتحها خارج مشاتل الكتاب الأخضر في تصريح أدلى به أمام لجان زراعة الشر، بتشجيع من نواطير البيت الأبيض، وأعلن الشمام (محمود) انضمامه إلى محاصيل السلام الأحمر بعد بزوغ فجر الأوديسا في واحات (الجغبوب)..

ظن شلقم إن نسيم الربيع (القطري) سينعش أحلام الشعب الليبي المخبأة تحت كثبان الصحراء الكبرى، وظن انه سيرسم لوحة ملونة لباب العزيزية بريشة الوجدان القومي العربي الصادق، لكنه اكتشف في حدائق نيويورك تلوث الطحالب القطرية برائحة الغازات الكيماوية السامة المنبعثة من مخازن العتاد في (الراوغة) بين (الجفرة) و(سرت)، ورائحة غازات البيوتان والبروبان، التي لا تختلف كثيراً عن غازات (رأس لافان).

فتحت قطر مغاليق كنوزها، وأغدقت أموالها على أخوانها في (تمنهنت)، واستنفرت أخوانها في الشمال الأفريقي، فتلاعبت بجيناتهم الطائفية والعرقية، وتدخلت في شؤونهم الداخلية، فنجحت في برمجتهم وتشفيرهم لحسابها، ثم أقدمت على غرس طحالب الخطر في الحدائق الخلفية لمدينة (طبرق)..

اكتشف شلقم في المقطع (502) من كتابه الأصفر إن الجنود الهنود الذين جندتهم قطر، ودربتهم في أوكار الخطر، كانوا يتعاطون المخدرات مع جواري الناتو، ويعلنون انتصارهم على العرب في مضارب بني رامبو، بينما اجتمع الشلقم والشمام في سلة الأمير تميم، الذي طالبهم بتسديد فاتورة الحصاد الأكبر في ثكنات صاحب الكتاب الأخضر، واخبرهم إن القسط الأول يستلزم دفع ثلاثة مليارات دولار من عائدات الغاز الليبي المتحرر من قبضة العقيد..

وأبلغهم إن قطر صارت هي التي تختار رئيس الوزراء الليبي، وهي التي تعين وزير الدفاع، وترشح وزير الخارجية، وترسم ملامح الحكومة الحالية والمستقبلية على رمال الصحراء المبعثرة تحت أقدام الغزاة والطغاة والحشرات، مسكينة أنت يا ليبيا، هكذا أصبحت تشكيلة حكومتك في نظر حكام قطر أرخص وأسهل من تشكيلة أعضاء فريق كرة القدم في نادي الغرافة القطري..

فقطر التي لا يزيد عمرها السياسي على العمر الفني للراقصة فيفي عبده صارت رقماً صعباً في السيرك العربي، وقطباً رئيسا في الملاعب الدولية، وصارت تتحكم الآن بأربعة ملفات ليبية هي الجيش والأمن والنفط والاستثمارات بكل أنواعها، وأخيرا وليس آخرا توصل شلقم إلى فك شفرة الألغاز في إمارة الغاز، واكتشف أن أمير قطر قامر وغامر بكل ما يملك من مليارات من اجل إسقاط النظام الليبي، تمهيدا لتحقيق حلمه الاستراتيجي في الفوز بمركز أمير المؤمنين في الدولة الإسلامية، التي ستستولي على إرث الدولة الادريسية والدولة الفاطمية، وستدق أوتادها بجوار عروش الدولة الأندلسية، وستبسط نفوذها على مدن وقصبات الحكومات العربية التي دمرها الربيع القطري..

قد يقول قائل منكم: من هي قطر؟، ومن هو أميرها حتى يقود دولاً تضم ملايين العرب، فيهم عتاة السياسيين، وكبار القادة، وفيهم عمالقة العلوم والفنون والآداب؟. فيأتينا الجواب الكافي والرد الشافي من ثكنات الحركات التحررية التآمرية، ليقول لنا: إن قطر تخطط لرفع إنتاج النفط الليبي إلى خمسة ملايين برميل يومياً، وإنها تنوي توزيع عائدات النفط وأرباحه على مصر وتونس وليبيا، وبالاتجاه الذي يضمن ازدهار أوضاعها الاقتصادية في ظل الحكومات المؤمنة بقيادة الخليفة المرشح للفوز بالبيعة المطلقة له ولأولاده ولمن سار في ركابهم على صفحات الفيس بوك..

ومن لا يصدق منكم هذا الكلام يتعين عليه أن يتوجه بالسؤال إلى قادة الثورة الليبية الجديدة ليتعرف منهم على الحقيقة المذهلة، وسيكتشف إن مشروع (أمير المؤمنين) أصبح من مشاريع الفتوحات المتداولة في الشمال الأفريقي، ما يعني إننا نقف الآن على مفترق طريقين لا ثالث لهما، إما أن يحكم أمير المؤمنين (الخليفة حمد بن خليفة) ليبيا وأخواتها، وينهب ثرواتها من اجل تجسيد أوهامه وتحقيق أحلامه، أو يعبث بها وبمستقبلها، ويقلب عاليها سافلها، ويخربها بأدوات الفوضى العارمة، التي يمتلك خيوطها ويتحكم بها كيفما يشاء..

من فيكم يصدق إن دويلة فتية، لا تساوي مساحتها مساحة ضاحية من ضواحي بنغازي، ولا يساوي نفوسها ربع نفوس الشهداء الذين سقطوا في سوح الجهاد والشرف ضد الغزاة الطليان يصل فيه الطغيان إلى هذا الحد؟، ومن فيكم يصدق إن الدويلة، التي خرجت توا من رحم البحرين يصل فيها جنون العظمة إلى إعلان التمرد على العواصم العربية كلها من المحيط إلى الخليج، من دون أن تقيم وزنا لكل القيم والأعراف والقواعد الإنسانية؟، ومن دون أن يردعها رادع..

ليس العيب في قطر، ولا في مكامن الخطر، بل العيب كل العيب في الذين تنازلوا عن استحقاقاتهم السيادية، وتركوا الأبواب مفتوحة للخرنقعية في البلدان المنهارة بالطريقة التي انهارت بها الإمبراطورية العثمانية بعد تفشي الفساد وضعف الجيش الانكشاري...

والله يستر من الجايات

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/آيار/2013 - 9/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م