ظاهرة عراقية... الإهمال المتبادَل بين المواطن والمسؤول

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: ثمة علاقة مستمرة على مدار الساعة، تربط بين المسؤول والمواطن، بغض النظر عن قبول العلاقة او رفضها، او درجة نجاحها وفشلها، فهي مفروضة قسريا على الطرفين، لأنهما يحتاجان بعضهما كي تستمر الحياة، ولا يمكن أن نتصور حياة عملية مستمرة في ظل قطيعة تامة بين المسؤول والمواطن، واذا حدث ذلك، فإن أزمة كبيرة ستحدث و ستقود الى سلسلة من الازمات تؤدي الى فوضى في عموم مجالات الحياة.

ولكن هناك ظاهرة ربما لم يتنبّه إليها المسؤولون، كونهم يتصدرون دفة القيادة وهم اكثر مسؤولية من غيرهم، هذه الظاهرة تتمثل بإهمال المسؤول للمواطن، عند ذاك لا يجد المواطن حلا سوى مواجهة المسؤول بالاهمال نفسه، وبهذا تحدث عملية اهمال متبادل بين الطرفين والنتيجة، شيوع الفوضى في حياة المجتمع!.

إن المسؤول الذي يهمل المواطن قد لا يعرف نتائج فعله هذا، وربما يظن انه لا يؤدي الى اضرار بالغة تتجاوز الضرر الفردي الى العام، كذلك لا يفكر المسؤول بأن نتيجة اهماله للمواطن، ستؤدي بالمواطن الى اهمال المسؤول وقراراته وكل ما يصدر عنه، وهذا يعني حالة من التمرد على النظام واشاعة الحياة، والسبب ليس المواطن بطبيعة الحال، بل بالمسؤول الذي أهمله من دون أن يقدّر الاضرار المحتملة لهذا الاهمال.

هناك مسؤولون ما أن يجلس على كرسي المنصب، حتى يبدأ يفكر بنفسه وذويه اولا، وكيف يوظف منصبه ونفوذه لتحقيق أقصى فائدة له ولعائلته والمقربين منه، ولا يهمه أمر المواطن بل يتعامل بحالة من الاهمال غريبة مع المواطنين، لدرجة انه قد ينسى نفسه ومنصبه الاداري ومسؤوليته ازاء الناس، ولا يتذكر سوى نفسه ومنافعه ومصالحه هو واهله والمقربين، ترى ماذا يتوقع هذا المسؤول من اهماله للمواطن، وهل يظن ان مواطنا مهملا سوف يستجيب لقرارات المسؤول، وينفذ النظام والقوانين السارية وما شابه.

إن المواطن المهمَل من لدن حكومته، سيقابل هذا الاهمال بإهمال أشد، ربما يصل الى التمرد كليا على النظام، لأنه سوف يُصاب بحالة من السخط والنقمة تفقده القدرة او رغبة الاستجابة للقرار الحكومي او التوجيه او النظام عموما، يحدث هذا كرد فعل طبيعي على الاهمال الذي يتعرض له المواطن في الخدمات والحقوق المدنية والتعليم والصحة وكل مجالات الحياة التي تحسّن فرص العيش للمواطن، وتجعله أقرب الى الرفاهية من الفقر وحرمان، خاصة اذا كانت موارد الدولة تكفي لتحقيق العيش السليم للشعب.

لذلك نلاحظ في الدول التي تكثر فيها الفوضى، وعدم انسجام العلاقة بين المواطن والمسؤول، أن السبب الرئيس هو اهمال المسؤول للمواطن، وعدم احترامه او التفكير بطريقة عيش كريمة ومناسبة له، بسبب حالة الاستحواذ والشراهة وضعف النفس التي تسيطر على المسؤول وتجعله ينسى الامانة و الواجب والمسؤولية الوطنية والدينية والاخلاقية ازاء الشعب عموما.

وهكذا تنتعش هذه الظاهرة في البلدان التي يقودها مسؤولون يهملون الناس، وليس الفقر هو السبب الرئيس، بل تفاقم الاهمال والقطيعة بين الطرفين، لأننا نلاحظ وجود دول غنية ولديها موارد كبيرة لكن شعوبها تعيش حالة واضحة من الفقر، والسبب دائما اهمال المسؤول للشعب وتفكيره بنفسه وذويه، ومن يتبعه ويسانده في نزعة الاستحواذ والشراهة، وتعظيم السلطة على حساب حقوق المواطنين.

لذلك عندما تلاحظ انتشار حالة اللامبالاة بين افراد ومكونات الشعب، وعدم محاسبة الحكومة واهمال ما يصدر عنها، فإن الاهمال الحكومي للشعب هو السبب، وأن الناس عندما لا تستجيب ولا تحاسب ولا تبالي ولا تهتم بكل ما يتعلق بالحكومة والمسؤول، انما تفعل ذلك ردا على الاهمال الحكومي لها.. وفي كل الاحوال يكون الخاسر المواطن والمسؤول ايضا، لان البلد كله يبقى في حالة من التخلف والفوضى والسبب دائما هو الاهمال والاهمال المقابل الذي يتبادله  المسؤول والمواطن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/آيار/2013 - 8/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م