للتكلفة والامان... اعادة النظر في بطاريات الليثيوم ايون

 

شبكة النبأ: منذ ما يقرب من عامين عكف فريق من المهندسين الذين أنتجوا السيارة فولت لشركة شيفروليه والسيارة برايوس لشركة تويوتا على الطفرة القادمة في عالم السيارات الكهربائية .. وهي أحدث نسخة من بطارية الرصاص والأحماض التي ظهرت للوجود قبل 154 عاما.

تمثل هدفهم في صناعة بطارية قوية بما يكفي لتسيير مجموعة أكبر من السيارات وهو ما يرون أن أحدث صيحة في عالم تكنولوجيا البطاريات الحالية -- أي بطاريات الليثيوم ايون -- لا يمكن أن تحققه بتكلفة معقولة خاصة في ضوء مشاكل الامان التي برزت في الاونة الاخيرة.

ويوضح تركيز شركة انرجي باور سيستمز على تكنولوجيا أقدم من صناعة السيارات نفسها الصعوبات التي تفرضها بطاريات الليثيوم. فرغم استخدامها على نطاق واسع في كل شيء من أجهزة الكمبيوتر المحمول إلى السيارات الكهربائية إلى الأقمار الصناعية فإن عددا من الحوادث الملفتة للانظار التي أدت إلى اشتعال النيران وتصاعد الدخان تظل ماثلة في الاذهان لتذكر بالمخاطر.

وأكد حادث منع طيران الطائرات من طراز بوينج 787 الحديث الذي أطلق عليه طائرة الأحلام بعد ارتفاع حرارة بطارياتها هذه المخاوف ودفع شركة بوينج لاعادة تصميم نظام البطاريات.

ويتجمع خبراء البطاريات يوم الخميس في واشنطن لبحث التكنولوجيا في ندوة ينظمها المجلس الوطني لسلامة النقل الذي يقود التحقيق في أحد الحادثين اللذين أوقفا الطائرة بوينج 787 عن الطيران.

ومن المؤكد أن الخبراء سيرفعون أعلاما حمراء. فقد تزايد عد المهندسين الذين أصبحوا يقولون إن ثورة بطاريات الليثيوم ايون توقفت لاسباب منها ارتفاع التكلفة والتعقيدات التقنية والمخاوف المتعلقة بالامان.

وقال فريد شلاشتر خبير بطاريات الليثيوم أيون وعالم الفيزياء المتقاعد "يعمل الأذكياء في هذا المضمار منذ عشر سنوات ولم يقترب أحد من نوع جديد من البطاريات."

ويعتقد كثير من الخبراء الان أنه سيمر عشر سنوات أخرى على الاقل قبل أن تصبح تكنولوجيا الليثيوم ايون جاهزة للاستخدام على نطاق واسع في النقل. ويرى آخرون منهم شركة تويوتا للسيارات أن الحل يكمن في شيء آخر غير الليثيوم ايون. بحسب رويترز.

وكشفت سلسلة من المقابلات مع أكثر من عشرين شخصا من التنفيذيين والخبراء والباحثين في صناعة البطاريات من بينهم مؤسس شركة سيكيورابلين التي انتجت شاحن بطاريات طائرات شركة بوينج أن البعض يعيد التفكير في استخدام الليثيوم ايون ويتطلع إلى تحسين تكنولوجيات سابقة أو طفرة جديدة.

ويقول هؤلاء إن التوقعات كانت مفرطة إذ تصور الناس أن بطاريات هذه "التكنولوجيا النظيفة" ستنكمش حجما ووزنا بالسرعة التي تطورت بها ثورة صناعة الرقائق.

ولم يحدث هذا. ويقول شلاشتر إنه لن يحدث في المستقبل القريب. ويضيف "لن نشهد كيمياء مختلفة قبل عشرات السنين ما لم يحالفنا حظ كبير."

ومثلما سمحت التطورات الأخيرة في التكنولوجيا للسيارات بتحسين قدراتها باستخدام المحركات التقليدية فإن أبحاث بطاريات الرصاص والاحماض ترمي لتحسين امكانياتها مع تصغير الحجم.

ويقول مؤيدو بطاريات الليثيوم ايون ومنهم بوينج وتسلا موتورز وجنرال موتورز صانعة السيارة فولت إن بوسعهم تحقيق الامان لهذه البطاريات ويرون أن أي تكنولوجيات جديدة ستصاحبها مشاكل.

فعلى سبيل المثال تغلبت جنرال موتورز على مشكلة مبكرة عندما اشتعلت النيران في السيارة فولت خلال الاختبارات التي أجرتها الإدارة الوطنية للسلامة على الطرق. كذلك فإن مهندسي السيارات والطائرات نجحوا في تطويع البنزين ووقود الطائرات.

وقالت شركة جنرال موتورز أكبر شركات صناعة السيارات الامريكية في بيان إنها ملتزمة بتكنولوجيا الليثيوم ايون في صناعة السيارات الكهربائية وإنها شهدت تحسنا في اقتصاديات هذه التكنولوجيا. وقالت بوينج إن لديها خبرة طويلة في هذه التكنولوجيا وإنها واثقة في أمانها وجودتها.

ويقول توم جيج خبير البطاريات الذي تعمل شركته "إي في جريد" على سبل إدارة عملية شحن السيارات الكهربائية إن تكنولوجيا الليثيوم ايون ربما تكون أكثر من غيرها إثارة للجدل لكنها الافضل الان. وأكد ثقته أنها ستتحسن.

لكن شركات أخرى تتطلع لما يتجاوز هذه التكنولوجيا. فعلى سبيل المثال كلفت تويوتا فريقا من المهندسين باستكشاف عدد من البدائل لبطاريات الليثيوم ايون.

وقال سوبهاش دار الذي أسس انرجي باور سيستمز شركة بطاريات الرصاص والأحماض المعروفة إن تحسينات الليثيوم ايون الموعودة لم تتحقق قط.

وقال دار الذي ساعد في تطوير بطارية النيكل والمعدن لسيارة تويوتا برايوس إنه أفاق من أوهامه بشأن مدى تعقيد وكلفة بطاريات الليثيوم ايون.

وقال "قبل استكمال جوانب هذه التكنولوجيا بالكامل وقبل ان تستعد الأسواق ألقينا مليارات الدولارات في اقامة هذه المصانع. وكلها عاطلة الان."

وفي فبراير شباط عام 2010 قدمت الحكومة الامريكية أكثر من 150 مليون دولار لبناء مصنع لبطاريات الليثيوم أيون تملكه وحدة تابعة لمجموعة إل جي الكورية. وكان من المفترض أن ينتج المصنع خلايا بطاريات تكفي لانتاج 60 ألف سيارة كهربائية بنهاية عام 2013.

لكن لم يتحقق الطلب المتوقع. ووصف تقرير لوزارة الطاقة الامريكية المصنع المقام في مدينة هولاند في ميشيجان بأنه يمارس فيه العمال ألعاب التسلية ويشاهدون الأفلام أو يتطوعون للعمل في ملجأ محلي للحيوانات.

ويرى المؤيديون والمعارضون على السواء في بطارية السيارة فولت ما يدعم وجهة نظرهم. فبعد مشاكلها في البداية أصبحت البطارية تعمل بنجاح دون أن تشوبها شائبة. لكن بقاءها مأمونة جعلها مكونة من مجموعة من الأجزاء أكثر مما في السيارة نفسها من أجزاء من بينها 600 سدادة محكمة وقطعة في نظام التبريد.

وقال جوش بين الذي كان ضمن فريق العمل في البطارية الاولى للسيارة فولت وأصبح الان المدير الهندسي في انرجي باور سيستمز "هذا يعني 600 سدادة يجب أن تظل سليمة طوال عمر البطارية وإلا فستحدث كوارث."

وقالت جنرال موتورز مرارا إن بطارية السيارة فولت مأمونة. واستخدمت بطاريات الليثيوم ايون في تشغيل الاجهزة الالكترونية مثل الات التصوير والهواتف المحمولة والكمبيوتر المحمول منذ عام 1992 وفي عام 2002 وصفتها مجلة الايكونوميست بأنها "جنود الثورة الرقمية".

وكانت هذه البطاريات قابلة للاشتعال. فقداحترقت بعض أجهزة الكمبيوتر المحمول في بداياتها في حوادث شهيرة لكن تم حل هذه المشكلة. ورفع ذلك سقف التوقعات بأنه سيتم أيضا تطويع البطاريات الاكبر حجما.

لكن القلق يلاحق الخبراء في صناعة الطيران. وقد تخلت شركة ايرباص عن فكرة استخدام بطاريات الليثيوم ايون في طائرة الركاب التالية ايه 350 حتى تصل هذه التكنولوجيا لمرحلة "النضج".

وقال سوباس تشلساني وهو مهندس عمل مستشارا لبوينج في بطاريات الطائرة 787 "من المؤكد أنها قوية وأكثر تطورا. لكن عليك ان تتعامل معها كجليس اطفال." ويعمل تشلساني الان بشركة ايست بن للتصنيع في برنامج لتطوير بطاريات الرصاص والأحماض.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/آيار/2013 - 7/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م