لكم الله يا فقراء العراق

زاهر الزبيدي

لا أعتقد أن فقيراً في العراق من المعدمين، الذين بالكاد يحصلون على قوت يومهم، يعرفون أن هناك خططاً خمسية يجري تنفيذها منذ عام 2010، كانت تستهدف إصلاح حالهم ولا أعتقد أن أحداً منهم يعرف أن هناك خطط تنموية كان من المؤمل أن يتم تنفيذها خلال السنوات الماضية من عمر الخطة الخمسية الموعودة وباءت الجهود بالفشل في تنفيذها حسب ما أعلنته وزارة التخطيط التي أقرت بفشل تلك الخطة التي وضعت للأعوام 1010-2014، وبالطبع فالفشل جاء نتيجة لعوامل عدة قد يكون أهمها العمليات الإرهابية والواقع الأمني الهش الذي نرى هشاشته في كافة عظام مفاصل الدولة العراقية، إلا أنه ليس كل شيء، فالفشل له عوامل أخرى أكبر تحدي وقسوة على خططنا التنموية من الإرهاب ذاته وقد يمثل في الوقت عينة الطريق الأمثل لنفاذ أفاع الفساد المالي الى بنية المجالس المحلية للمحافظات لينخرها ويعطل كافة مساعيها للوصول بإنجازاتها لإبناءها الى درجة مناسبة تتناسب وحجم الفقر فيها ومأساة فقراءها.

نعم، فعدم توفر الرؤية الصادقة لواقع المحافظات كافة وبالأخص تلك التي تتمتع بإستقرار أمني نسبي يتيح لها حرية نسبية في التصرف بمخصصات المحافظة من الموازنة الإتحادية.. نعم ضعف الرؤيا هي العنوان الوحيد لفشلنا في تحقيق خططنا التنموية، فالكثير من الإدارات المحلية للمحافظات والوزارات لم تتمكن من إكمال صرف موازناتها لعام 2012 على سبيل المثال، كما صرحت بذلك سابقاً، السيدة ماجدة التميمي، عضو اللجنة المالية النيابية، والتي بينت أن 35% هو معدل إنجاز المحافظات من موازناتها الإستثمارية لعام 2012 تقدمتها محافظة صلاح الدين بنسبة 65%، بينما كانت محافظة نينوى هي الأخيرة في ذلك بنسبة 4% !، أما معدل إنجاز الوزارات فبلغ 38%، يتقدمها مجلس القضاء الأعلى بنسبة 83% بينما كان وزارة العمل والشؤون الإجتماعية هي الأخيرة وبنسبة 4% فقط.

لقد إنشغلت المجالس المحلية في تقديم صورة محافظاتها بشكل جميل، أرصفة وشوارع وورد وحدائق وتشجير ونافورات ومجسرات، وتركت المشاريع الصناعية العملاقة التي تستوعب الفقراء ببطالتهم وتقدم لهم مصدر رزق يتناسب والإمكانيات الكبيرة للعراق، فلا أعتقد أن فقيراً، يأكل الفقر هندامه وجسده في وقت واحد، قادر على يستمتع بشارع أو رصيف إلا أن يجلس عليه بانتظار سراب الفرج أو أن تكون له القدرة على إستنشاق رائحة الورد والإستمتاع بمنظر النافورات وهو جائع ويحمل في رأسه المتعب آلاف الطلبات لعائلة كبيرة، كومة من اللحم، يسعى بألم بالغ لإيفاء متطلباتها بلا جدوى.

نعم ما فائدة كل المشاريع التي تزوّق المدينة ولا تضيف دخلاً لأبناءها، أو أنها لا تسهم إلا بتشغيل عدد محدود جداً منهم، في حين، على سبيل المثال، أن مصنعاً كبيراً لمعجون الطماطة في مدينة البصرة قد يحقق للعراق مبالغ طائلة ويحقق للمدينة أملاً كبيراً في إمتصاص جزءاً كبيراً من البطالة ويحدّ من فقر أبناءها، أو أن نحقق للبصرة مشروعاً لتحلية المياة وتنقذهم من تلك العسرة التي عسرت حياتهم.. ولا أعتقد أن الفقير بإمكانه الإعتياش على ورد الحدائق ويشرب من ماء نافوراتها.

على المجالس المحلية والوزارات الخدمية، إن كانت جادة في تحقيق طموحات من أنتخبها، أن تبدأ من اليوم بوضع الخطط لإستخدام مواردها المالية بتحقيق مشاريع إستثمارية عملاقة هدفها جلب الموارد وتشغيل أبناءها من الفقراء لأن السنين الماضية كانت قد استنزفت اغلب الموارد على رصيف فاشل وحدائق لا تغني عن جوع.

أنهم أمانة.. بل وأمانة وطنية كبيرة.. أنهم أحباب الله أولئك الفقراء الذين يجب أن يكونوا هدف كل شريف من أعضاء مجالس المحافظات وتكون أسمائهم على إجنداتهم اليومية وأن يسأل المحافظ نفسه يومياً.. ماذا قدمت للفقراء اليوم؟.. فإذا لم يقدم شيء فلا خير فيه وتعس من إنتخبه.. لكم الله يافقراء العراق.. وحفظ الله الوطن.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/آيار/2013 - 7/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م