السعودية... سياسات متخبطة وارهاصات تزعزع اركان الحكم

 

شبكة النبأ: تعاني السعودية حالة اضطراب كبيرة في الشؤون السياسية والحقوقية والاجتماعية خاصة في الأشهر الأخيرة، وغالبا ما تتعرض لانتقادات منظمات رسمية وغير رسمية وخاصة منظمات حقوق الإنسان بسبب انتهاكات الحقوقية المتواصلة، وارتفاع معدلات البطالة، والسلطات المطلقة التي تتمع بها العائلة الحاكمة، فضلا الخلافات الظاهرة الخفية المحتدمة بين أمراء السعودية حول المناصب الحكومية في الدولة.

وجل هذه الأمور تبعث الاستياء داخل المملكة الخليجية التي تقف اليوم على محك رياح الربيع العربي، مما يطرح عدة تساؤلات هامة، كيف ستمكن عائلة آل سعود الذين ما زالوا يحتفظون بمقاليد السلطان في أيديهم من مقاومة عاصفة الربيع العربي العاتية؟، فهل المال هو السبب الوحيد؟.

ويرى بعض المحللين انه بمجرد الإطاحة برئيسي مصر وتونس قبل عامين تقريبا، جاء رد فعل ملك السعودية سريعا بصورة مدهشة، إذ أعلن الملك عن حزمة بمليارات الدولارات لمواطني دولته.

فيما يقول مراقبون آخرون إن الحكومة ببساطة تشتري ولاء المواطنين بالمال. ولكن الحقيقة أكثر تعقيدا من هذا، وانتقد السعوديون حكومتهم متهمين إياها بالفساد والبذخ، كما اعلنت جمعيات الدفاع عن حقوق الانسان بان السلطات السعودية "تحتجز دون محاكمة عشرات الاف السجناء لاسباب سياسية".وغالبا ما تندد بوجود "عشرات الاف" المعتقلين في السجون السعودية.

فعلى الرغم من الثراء الفاحش باعتبارها أكبر منتج للنفط في العالم ولهذا فإنها من الدول التي تحظى بدخل مرتفع، يشتكي معظم المواطنين من تراجع الاصلاحات السياسية في المملكة، ومن تباطؤ تطور وتبلور المفاهيم السياسية الحديثة، وعليه فأن المشهد السياسي والحقوقي السعودي بمجمله، يجسد صورة للتناقضات والتغيرات المستمرة التي يواجها هذا البلد.

خلافات محتدمة بين الأمراء

في سياق متصل صدر أمر ملكي سعودي يقضي بإعفاء الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود، من منصبه كنائب لوزير الدفاع وتعيين الأمير فهد بن عبد الله بن محمد آل سعود مكانه، وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أن الأمر الملكي نص على إعفاء الأمير خالد بن سلطان، الابن الأكبر للأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز آل سعود.

وجرت العادة ان يتبع قرار الاعفاء بجملة "بناء على على طلبه" الا ان الامر الملكي لم يتضمن هذه الجملة مما يرجح حسب مراقبون ان الاعفاء او الاقالة جاءت عقب خلافات ربما بين الامير خالد بن سلطان وعمه ولي العهد ووزير الدفاع  الحالي الامير سلمان بن عبد العزيز، ويرجح المراقبون ان الامير خالد كان يطمح بان يكون وزيرا للدفاع عقب وفاة والده الامير سلطان وانه لم يستطع التعايش مع كونه لم يحصل على منصب وزير الدفاع عقب تعيين عمه الامير سلمان في ولاية العهد، وانه كان من المتوقع ان يتنازل عن منصب وزير الدفاع  ولا يحتفظ بالمنصبين، مما زاد من شعور الامير خالد بالغبن، خاصة وان القرار الملكي تضمن جملة “وبناءً على ما عرضه علينا ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بكتابه رقم”، وهو ما يرجح وجود خلافات بين الامير خالد وعمه الامير سلمان، مما يرجح ان الاعفاء جاء بناء على طلب ولي العهد الامير سلمان. بحسب القدس العربي.

ويتابع المراقبون ان ما زاد شعور الامير خالد بالغبن هو تعيين الامير محمد بن نايف في منصب وزير الداخلية وتعيين نجل الامير متعب في منصب وزير البلديات مكان والده، ويرى اخرون ان الملك السعودي يريد ان يكافيء الامير فهد بن عبد الله على النجاحات التي حققها في وزارة الطيران المدني من تحديث ورفع لمكانة الخطوط السعودية.

ويبقى القرار الملكي المفاجيء محل تكهنات خاصة وان القرارت في المملكة لا تذكر اسباب الاعفاء او الاقالة الا ان الفترة الماضية بدأت تظهر خلافات ولاية العهد والتوريث جلية من  خلال تصريحات لاعضاء في الاسرة الحاكمة او من خلال الاقالات والتعينات الاخيرة.

خمس مشاكل اجتماعية قنابل موقوتة

فيما حذر الملياردير السعودي، الأمير الوليد بن طلال، المسؤولين في بلاده من وجود ما اعتبره "خمس قنابل موقوتة" لا بد من معالجتها، وقال الوليد إن هناك خمسة قنابل موقوتة تواجه السعودية وهي عدم تنويع مصادر الدخل، وإستهلاك الوقود المفرط، والإنفجار السكاني، والبطالة، والفقر، وأضاف أن "الداء شُخّص.. ونريد الدواء!"، وتؤكد دراسة غير رسمية أن أكثر من 60% من السعوديين يعيشون تحت خط الفقر، وبحسب تقديرات شركة الاستشارات سي.بي ريتشارد ايليس، فإن نحو 60% من المواطنين السعوديين الذين يقارب عددهم 20 مليونا يعيشون في شقق مستأجرة. بحسب يونايتد برس.

وكان مجلس الشورى السعودي أعلن أخيراً أن 22% من سكان المملكة هم من الفقراء، وذلك بناء على إحصاءات التقرير السنوي لوزارة الشؤون الاجتماعية السعودية، الذي تحدث عن وجود ثلاثة ملايين سعودي تحت خط الفقر.

سجون السعودية

من جهة آخرى اصدرت المحكمة الجزائية السعودية المتخصصة في شؤون الارهاب احكاما بالسجن بين سنتين وثماني سنوات على سبعة اشخاص بتهمة الارتباط بالقاعدة، بحسبما افادت وكالة الانباء السعودية الرسمية، كما حكمت المحكمة على ثامن بالسجن اربعة اشهر بتهمة محاولة الانتحار في السجن وبرأته من تهمة الارتباط بالقاعدة، وبرأت تاسع من هذه التهمة واجلت البت في وضع ثلاثة آخرين ضمن المجموعة نفسها المؤلفة من 12 متهما، بينهم يمني والباقون سعوديون، وصدرت الاحكام. بحسب فرانس برس.

وتمت ادانة السبعة بتهم مختلفة منها "تأييد العمليات التخريبية التي حصلت داخل المملكة وخارجها والدفاع عن من يقومون بها وتأييد اطروحات تنظيم القاعدة حول المطلوبين أمنيا وحيازة مستندات وملفات حاسوبية في هذا الشأن منها مستندات في تعلم وتصنيع المتفجرات والمواد الكيميائية"، كما قالت المحكمة ان بعضهم ادين بالعلم "بمخطط يستهدف مصفاة بترولية وعدم الابلاغ عن من يخطط لاستهداف تلك المصفاة وانتهاج بعضهم المنهج التكفيري من خلال حيازة مستندات نصية في هذا الشأن والمشاركة في مواقع ومنتديات مناوئة وموغلة في التكفير وقيام بعضهم بنشر الفكر التكفيري من خلال توزيع الكتب والمنشورات في الدعوة للتكفير"، كما اكدت المحكمة ان بعض المدانين حاولوا "تعلم كيفية صنع المتفجرات" واستعدوا "للقيام باي عملية داخل المملكة تستهدف المجمعات السكنية التي يقطنها الرعايا الأجانب" كما ان بعضهم اقتنى الاسلحة والذخاير "بقصد الاخلال بالأمن".

قضت المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا أمن الدولة والإرهاب بالرياض بسجن متهم سعودي 10 سنوات بعد إدانته بتأييد محاولة الاغتيال التي كان قد تعرض لها الأمير محمد بن نايف حين كان يشغل منصب مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، إضافة لاعتناقه المنهج التكفيري وتأييده للعمليات ضد المملكة كما نص الحكم على منعه من السفر خارج المملكة بعد خروجه من السجن. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وتعرض الأمير محمد بن نايف، الذي عين مؤخرا وزيرا للداخلية، لمحاولة اغتيال من قبل مطلوب زعم إنه يرغب بتسليم نفسه، حيث دخل إلى مكتبه الكائن في منزله بجدة وقام بعد دخوله بتفجير نفسه بواسطة هاتف جوال وتناثر جسد المنتحر إلى أشلاء وأصيب الأمير بجروح، وأعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عن الهجوم في رسالة بثتها منتديات تابعة للتنظيم على الإنترنت.

مظاهرة تطالب باستقالة رئيس هيئة الأمر بالمعروف

الى ذلك تظاهر عدد من رجال الدين المتشددين أو ما يطلق عليهم اسم (المطاوعة) أو الشرطة الدينية للمطالبة بإقالة الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الشيخ بسبب سحبه بعض الصلاحيات من الموظفين.

وقالت مصادر عدة متطابقة إن عددا من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية) تظاهروا أمام مقر الرئاسة العامة للهيئات بالرياض، وذكر مقربون منهم" أن التجمع جاء لمقابلة الرئيس العام الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ ، ومطالبته بإعادة بعض الصلاحيات للموظفين أو الاستقالة"، وقد تفاوتت ردود الفعل على شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة موقع التدوينات القصيرة "تويتر" ما بين مؤيد لهذه المظاهرة وما بين معارض لها، وكانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أعلنت في نهاية شهر يناير الماضي تخليها عن بعض صلاحياتها لصالح التحقيق والادعاء. بحسب فرانس برس.

وقال آل الشيخ، "كان للهيئة صلاحيات كبيرة جداً، لكن بعد تحديث التنظيم والعمل المؤسساتي للدولة، ارتأينا من أجل تحقيق المصلحة العامة أن تؤخذ بعض الصلاحيات التي تمارسها الهيئة مثل التحقيق والادعاء العام واقامة الدعوى، وتعطى إلى جهات أخرى مختصة"، وأوضح أن هذه الجهات هي "التحقيق والادعاء العام"، وجاءت التصريحات غداة صدور قرار مجلس الوزراء المتضمن الموافقة على تنظيم الرئاسة العامة للهيئة التي تتمتع بنفوذ واسع في المملكة، لكن آل الشيخ قال إن "الهيئة لا تزال جهة قبض للمخالفات الظاهرة والتجاوزات مثل التحرش بالنساء وتعاطي الخمور والمخدرات والابتزاز والعبث بالناس عن طريق السحر والشعوذة". وشدد على أن "القبض يكون للمتلبسين بهذه الجرائم فقط".

وكانت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان قد أكدت العام 2009 ان الهيئة "تتمتع بسلطات موسعة في مجال الاعتقال والتفتيش والتحقيق"، مشيرة إلى "مخاوف من انتهاك هذه الصلاحيات للحقوق الشخصية".

عدم السماح بإقامة دور عبادة للديانات الأخرى

قال وزير العدل السعودي محمد العيسى خلال لقائه برلمانيين اوروبيين في بروكسل إن بلاده التي تتبع المنهج الوهابي السلفي لن تسمح باقامة دور عبادة لغير المسلمين على اراضيها، ونقلت وسائل الاعلام المحلية عن الوزير السعودي قوله ان "محضن مقدسات المسلمين لا يسمح باقامة دور عبادة اخرى كغيره من رموز العبادة"، وجاءت تصريحات العيسى ردا على استفسارات البرلمانيين الاوروبيين حول السماح باقامة دور عبادة للديان الاخرى، وكان يتحدث أمام اعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الاوروبي حيث استعرض اسس المبادئ القضائية في المملكة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/آيار/2013 - 4/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م