الأمن الغذائي في العالم العربي... تحذيرات من مجاعة مهلكة

 

شبكة النبأ: تسير مستويات الأمن الغذائي في العالم العربي نحو التدهور في ظل استمرار النزاع الصراع وارتفاع أسعار المواد الغذائية الى جانب انعدام الأمن والانتكاسات الاقتصادية المستمرة بشكل مضطرد. وعلى الرغم من بذل الكثير من الجهود الرامية في تحسين الامن الغذائي في الآونة الأخيرة، وجد الباحثون أنه في كثير من الأحيان، لا تزال مكافحة تفشي ازمة الغذاء بلا استراتيجيات عمل صحيحة تفيد في تحسين الامن الغذائي بشكل فعال.

حيث يشتكي الباحثون ونشطاء المجتمع المدني في العالم العربي دائماً من أن عدم توفر المعلومات يسهم في تبني سياسات سيئة فيما يتعلق بالتنمية وإدارة الموارد.

من جانب آخر يقول بعض الخبراء أنه يمكن خفض معدلات سوء التغذية إلى حد كبير وتحسين الأمن الغذائي من خلال ضمان تحسين فرص حصول السكان الأفقر في العالم على الأغذية المستمدة من الغابات الغنية بالمغذيات مثل التوت ولحوم الطرائد والجذور والحشرات والمكسرات.

فيما قال العلماء متخصصون بهذا الشأن يجب على قطاع الزراعة أن يتمكن من إنتاج المزيد من الأغذية لتلبية متطلبات الأعداد المتنامية من البشر، ومن ذلك يشير العلماء إلى التبدلات المناخية وخطرها المتزايد على الزراعة والغذاء، في حين يرى محللون اقتصاديون أن زيادة أسعار الغذاء العالمي سيرفع معدلات التضخم خلال العام الجاري. كلها أمور تنذر بخطر كبير الذي يحدق في أمن غذاء العالم.

جنوب السودان

في سياق متصل قال المنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إنها تتوقع "نموا قويا" في انتاج الحبوب العالمي في 2013، وأخبر مكتب المنظمة في جنوب السودان أن ولاية البحيرات وغرب بحر الغزال والوحدة هي الأكثر تضرراً، إذ من المتوقع أن يواجه ما لا يقل عن 1.15  مليون شخص انعداماً في الأمن الغذائي مع اقتراب موسم الأمطار.

ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، يتم حالياً استهداف 2.86 مليون شخص في جنوب السودان من خلال تقديم المساعدات الغذائية ودعم سبل العيش، من بينهم نحو 670,000 لاجئ ونازح داخلياً.

من جهتها، أفادت  شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة (FEWSNET)، أن انعدام الأمن المتفشي يؤثر على فرص الحصول على الغذاء وسبل العيش. ففي ولاية جونقلي، على سبيل المثال، يؤدي انعدام الأمن إلى تقييد "الوصول إلى الأغذية البرية ومصادر الدخل مثل جمع الحطب والفحم والعشب وبيعها"، وأشارت الفاو إلى أن "استمرار انعدام الأمن في أجزاء من ولاية جونقلي أدى إلى نزوح السكان وإلى وصول محدود إلى الأراضي في وقت حرج تستعد فيه الأسر الزراعية لموسم الزراعة المقبل."

ووفقاً لتحديث صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، "أثر انعدام الأمن في ولاية جونقلي على عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين في الاشتباكات أو الفارين من ديارهم بحثاً عن الأمان والمساعدة". وأضاف التحديث أن نطاق النزوح ما زال مجهولاً نظراً للقيود المفروضة على الوصول إلى بعض الأماكن.

وقد قال أندرو أوديرو، منسق الأمن الغذائي وسبل العيش في برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان أن "ارتفاع مستويات انعدام الأمن في ولاية جونقلي (وخاصة الطريق بين بور وبيبور حيث تم تعليق حركة المنظمات الإنسانية) وأجزاء أخرى من جنوب السودان قد يثني التجار عن الموافقة على نقل الأغذية على طول الطرق التي شهدت هجمات. وقد يؤثر هذا على قدرتنا على التخزين المسبق للأغذية من أجل تغطية المناطق التي لن نتمكن من الوصول إليها خلال موسم الأمطار". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

وثمة مخاوف مرتبطة بالأمن الغذائي في منطقة أبيي المتنازع عليها، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتدفق النازحين العائدين إلى مناطقهم الأصلية. وتمتد أبيي على جانبي الحدود بين السودان وجنوب السودان وقد يتم تحديد أي من البلدين ستكون تابعة له في استفتاء في أكتوبر، ويشير تقرير صادر عن شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة  حول الأمن الغذائي في أبيي إلى أن "تحسن مستويات الأمن والاستفتاء المتوقع  شجعا النازحين على العودة إلى منطقة أبيي".

وقد بدأت عودة النازحين بعد نشر القوة الأمنية الدولية المؤقتة لأبيي في منتصف عام 2011. ومنذ ذلك الحين وحتى فبراير 2013، تم تسجيل عودة ما لا يقل عن 60,000 نازح من ولايتي واراب وشمال بحر الغزال. ومن المتوقع أن يعود 30,000  نازح غيرهم بين شهري مارس ويونيو. وأضافت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة  أنه "من المرجح أن يزيد هذا الوضع مستويات انعدام الأمن الغذائي بسبب زيادة الضغط على الخدمات الضعيفة أصلاً وعدم قدرة الناس  على تلبية احتياجاتهم المعيشية". وأضافت الشبكة أن الإمدادت المحدودة في السوق أبقت على أسعار المواد الغذائية مرتفعة في أبيي.

وأضاف تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنه على الرغم من الهدوء النسبي هناك، تضرر حوالى 3,700 شخص من انعدام الأمن المرتبط بهجرة الثروة الحيوانية من أجل الرعي. "وتبدو هذه المشكلة أكثر حدة في شمال المنطقة، التي تشهد مواجهة مباشرة بين مجتمعات المسيرية والدينكا، إذ تتنافس المجتمعات في هذه المناطق، على الماء والكلأ، وخاصة مع اقتراب نهاية موسم الجفاف".

من جهتها قالت جوانا داباو من المنظمة الدولية للهجرة في جوبا أن "ولاية أعالي النيل تواجه بعض القضايا الأكثر تحدياً في جنوب السودان، فهي تستضيف بعضاً من أكبر تجمعات العائدين واللاجئين (الفارين من انعدام الأمن والصراعات في السودان) والنازحين داخلياً (من ولاية جونقلي المجاورة)".  وأضافت أن "ذلك قد وضع ضغطاً كبيراً على موارد المجتمعات المضيفة المحدودة. وقد خلق هذا الوضع المعقد عائقاً أمام إعادة الدمج المستدام، وترك الآلاف من العائدين بحاجة ماسة إلى المساعدة الطارئة".

وأشارت داباو إلى أنه في الوقت الحاضر، هناك ما لا يقل عن 20,000 من العائدين في ولاية أعالي النيل – حوالى 19,800 في مقاطعة الرنك و840 في مقاطعة ملكال. "ومع استمرار العنف على مدى العامين الماضيين على طول الحدود الأخرى (النيل الأزرق وجنوب كردفان وأبيي ودارفور) كان وما زال يُنظر إلى الرنك على أنها النقطة الأكثر أماناً لدخول جنوب السودان." وتابعت داباو قائلةً: "لكن معظم العائدين الذين يصلون إلى جنوب السودان عن طريق الرنك يقولون أنه لديهم نية في الاستقرار في منطقة بحر الغزال الكبرى لكنهم لا يملكون الوسيلة المناسبة للوصول إلى هناك".

لكن غالباً ما يفتقر العائدون من السودان إلى المهارات والخبرات والشبكات الاجتماعية اللازمة لمواجهة أعباء الحياة الريفية في جنوب السودان، بحسب منظمة الأغذية والزراعة، التي أضافت أن "الأمن الغذائي في مناطق العودة ضعيف جداً بسبب زيادة الضغط على الخدمات الاجتماعية والفقر والبطالة وغياب الأصول الإنتاجية.

مصر

من جهته حذر المدير القطري لبرنامج الاغذية العالمي في مصر من ان وضع الامن الغذائي في البلاد يتدهور وان التكلفة السنوية يمكن ان تتجاوز اربعة مليارات دولار مع وقوع المزيد من الناس في قبضة الفقر.

وقالت مصر انها قد تطلب من صندوق النقد الدولي زيادة قرض سبق ان طلبته بقيمة 4.8 مليار دولار للمساعدة في تغطية ارتفاع في عجز الميزانية. وسيتطلب القرض من مصر اجراء اصلاحات حساسة اقتصاديا للدعم المكلف للوقود والغذاء وزيادة بعض الضرائب، وقال جيان بيترو بوردينيون في مقابلة مع رويترز 'وضع الامن الغذائي (في مصر) يتدهور. هذه ظاهرة بدأت قبل بضع سنوات بسبب سلسلة من الصدمات الاقتصادية'.

واشار الى ان هذه الصدمات بدأت مع تفشي انفلونزا الطيور عام 2006. وكانت مصر اكثر الدول تضررا خارج اسيا مع وجود حوالي خمسة ملايين اسرة تعتمد على تربية الدواجن بالمنزل كمصدر مهم للغذاء والدخل.

وجاء بعد ذلك ارتفاع اسعار الغذاء على مستوى العالم في 2007- 2008 وتبعته الازمة المالية وازمة الوقود في 2008- 2009 ثم التبعات الاقتصادية لانتفاضات الربيع العربي في 2011 لتضيف الى الضغوط على الامن الغذائي في المنطقة بصورة عامة.

وقال بوردينيون انه 'في 2009 كان معدل الفقر في مصر فوق 21 في المئة فحسب. وفي 2011 بلغ 25 في المئة.. الاتجاه مستمر. يقول البنك الدولي ان 20 في المئة آخرين على مقربة من خط الفقر الذي اصبح خطا هشا'. ويعني ذلك ان حوالي 45 في المئة من سكان البلاد الذين يتجاوز عددهم مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر او يتأرجحون حوله.

وقال 'الوضع يتدهور ولابد من معالجته فورا لأنه اتجاه خطر جدا. لا يوجد نقص في الغذاء. يوجد نقص في الاموال لدى الاسر لشراء الغذاء. احد مخاطر الانكماش الاقتصادي ان الغذاء في المستقبل يمكن ان يكون اقل توافرا'.

وقالت جين ويت مسؤولة البرامج في برنامج الاغذية العالمي انه بمرور الوقت ينتقل مزيد من المصريين الى صفوف الفقراء اكثر ممن يخرجون منها، وأشارت إلى أن بعض الأسر تعجز عن ابقاء ابنائها في المدارس اذ تضطر لتشغيلهم للحصول على دخل إضافي فيما وصفته بأنه 'استراتيجية تكيف حادة'.

وقال بوردينيون انه يمكن ان يكون هناك ما يصل الى 1.6 مليون طفل في سوق العمل. وينفذ برنامج الاغذية العالمي برنامجا لمساعدتهم على العودة الى المدرسة استفاد منه حوالي 16 الف طفل على مدى السنوات الثلاث او الاربع الماضية.

واشار الى ان الاحصاءات الرسمية تكشف ان سوء التغذية لدى الاطفال المصريين كان 23 في المئة عام 2005 ويبلغ الان 31 في المئة في المتوسط وتصل النسبة في صعيد مصر الى 34 في المئة، وقالت ويت ان التقزم لدى الاطفال المصريين ممن يقل عمرهم عن خمس سنوات زاد ايضا من 23 في المئة عام 2005 الى حوالي 31 في المئة عام 2011 . واضافت ان 'الهزال والانيميا (فقر الدم) مصدر قلق في المنطقة بصورة عامة مثلما هو في مصر'، وقالت ان نسبة الاصابة بالانيميا بين الاطفال في مصر زادت الى المثلين تقريبا في الفترة من 2005 الى 2008 اذ ارتفعت من 26 في المئة الى 48 في المئة.

ويعتزم برنامج الأغذية العالمي التابع للامم المتحدة اطلاق برنامجه القطري الجديد في مصر في يوليو تموز القادم وسيركز على تقديم مساعدة مباشرة بدرجة اكبر لتلاميذ المدارس وعائلاتهم من خلال برامج مثل 'الغذاء مقابل المدرسة' الذي يشجع على ابقاء الاطفال في المدارس.

الصومال

فيما قضى حوالى 258 الف صومالي نصفهم من الاطفال، جوعا بين تشرين الاول/اكتوبر 2010 ونيسان/ابريل 2012 في ازمة غذائية خطيرة ضربت هذا البلد وتسببت بمجاعة استمرت ستة اشهر، على ما افاد تقرير للامم المتحدة صدر الخميس.

وقال التقرير الذي اعدته منظمة الاغذية والزراعة (فاو) وشبكة الانذار من الجوع الممولة من الولايات المتحدة ان "المجاعة وانعدام الامن الغذائي الخطير تسببا بوفاة 258 الف شخص بين تشرين الاول/اكتوبر 2010 ونيسان/ابريل 2012 بينهم 133 الف طفل دون الخامسة من العمر". بحسب فرانس برس.

وتفيد هذه "التقديرات العلمية الاولى" لحصيلة ضحايا الازمة الغذائية ان "4,6 بالمئة من اجمالي السكان وعشرة بالمئة من الاطفال الذين تقل اعمارهم عن خمس سنوات لقوا حتفهم في جنوب ووسط الصومال"، وفي مناطق شابيل السفلى ومقديشو وباي الاكثر تضررا بهذه الازمة، توفي على التوالي 18 و17 و13 بالمئة من الاطفال الذين تقل اعمارهم عن خمس سنوات، واكد معدو الدراسة ان الجوع "تسبب بموت حوالى ثلاثين الف شخص (...) شهريا بين ايار/مايو وآب/اغسطس 2011".

السعودية

من جهة أخرى دعت وزارة الزراعة السعودية إلى التعاون مع المستثمرين بالقطاع الخاص السعودي من أجل إنجاح مبادرة توفير سبعة محاصيل زراعية على علاقة بـ"الأمن الغذائي" للمملكة، عبر خطة لزراعتها في الخارج لسد الفجوة الغذائية.

وقال وزير الزراعة السعودي، فهد بن عبدالرحمن بالغنيم، إن وزارته هي المعنية بتنفيذ المبادرة، داعياً رجال الأعمال إلى الاستفادة من القروض والخدمات التي يقدمها صندوق التنمية الزراعية لتمويل المشروعات الخارجية، بالتنسيق مع سفارات المملكة في الدول المستهدفة بتلك المشاريع، وفقا لوكالة الأنباء السعودية.

ولفت الوزير، في كلمته أمام "ملتقى المستثمرين الزراعيين في الخارج" بالعاصمة الرياض، إلى أن العالم شهد في السنوات الأخيرة اهتماماً متنامياً بالاستثمار الزراعي الخارجي من قبل الدول ذات الموارد المالية العالية والمستوردة للغذاء، مع زيادة الإنتاج لمواجهة تنامي الطلب على السلع الغذائية بسبب النمو السكاني وتزايد معدلات التحضر، وجرى خلال الملتقى عرض عدد من التجارب السعودية الزراعية في مصر والسودان وأثيوبيا. بحسب السي ان ان.

وكانت عدة دول في الخليج قد قررت التوجه نحو الاستثمار الزراعي بعد طفرة أسعار الغذاء مع الأزمة المالية العالمية عام 2009، خاصة وأن أسعار الغذاء مسؤولة عن نحو 30 في المائة من ظاهرة التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك عبر زراعة المحاصيل المطلوبة مباشرة في دول تمتلك أراض خصبة، وسبق لدول خليجية عديدة، أن درست ونفذت مشاريع لزراعة محاصيل في مصر وباكستان والسودان ودول أفريقية أخرى لسد الفجوة الغذائية.

إرشادات متخصصة

الى ذلك قال حامد عساف، المختص في إدارة الموارد المائية في الجامعة الأمريكية في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة أنه "لا يوجد لدى الدول العربية ما يكفي من البيانات، وحتى عندما تتوفر هذه البيانات فإن الدول لا تتقاسمها فيما بينها".

واليوم يستطيع عمال الإغاثة وصناع القرار الذين يعملون على تحقيق الأمن الغذائي ويبحثون عن سهولة الوصول إلى بيانات سوء التغذية في اليمن، أو كيفية تغير أنماط هطول الأمطار في سوريا، الاستعانة بأداة مفيدة عبر شبكة الإنترنت.

وأفادت بريهان الرفاعي، كبيرة الباحثين في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI)، الذي طور هذه الأداة أن "المعرفة عالية الجودة التي يمكن الوصول إليها بحرية هي مصدر قوة، خاصة بالنسبة للأبحاث التي تستند إلى الأدلة لتصميم وتنفيذ سياسات تتسم بالفعالية والكفاءة في جميع أنحاء العالم العربي". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

وتم إطلاق الأداة المسماة (Arab Spatial) في فبراير الماضي، وتم تطويرها بدعم من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD) والفريق الاستشاري للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR)، لتصبح مركزاً لبيانات الأمن الغذائي في المنطقة.

وقد ظل الأمن الغذائي يشكل تحدياً في العالم العربي لفترات طويلة لأن العديد من البلدان تعتمد على واردات الغذاء لتوفير السلع الأساسية مثل دقيق القمح، لكن الانتفاضات التي اندلعت في الكثير من دول المنطقة أدت إلى تفاقم المشكلة ووقوع المزيد من الأسر في براثن الفقر.

"كان الوضع صعباً للغاية بالنسبة للملايين من الناس الذين كانوا يناضلون بالفعل لإطعام أسرهم قبل الأحداث الجارية في الربيع العربي، والآن تواجه المزيد من الأسر تحديات مثل انهيار الاقتصاد وفقدان الوظائف بسبب عدم الاستقرار،" كما أوضحت عبير عطيفة، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي.

لكن من الصعب تتبع التأثير الدقيق لهذه الأحداث. فوفقاً للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، تقوم نصف بلدان الشرق الأوسط فقط بنشر إحصاءات علنية عن الفقر، ويكون ذلك في فترات زمنية متغيرة وبمستويات دقة متفاوتة.

وقد تم تصميم برنامج (Arab Spatial) لقياس الأمن الغذائي على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية. ويمكن للمستخدمين إنشاء الخرائط والبيانات الوصفية باستخدام أكثر من 150 مؤشراً تتعلق بالأمن الغذائي والتنمية وتركز على الفقر وسوء التغذية والمرض والإنتاج والأسعار ومصادر التمويل العام والصادرات والواردات.

وقالت الرفاعي أن "التنمية الاقتصادية هي إحدى المحركات الرئيسية للأمن الغذائي، وفي نفس الوقت، يعتبر الأمن الغذائي أحد القوى الهامة المحفزة للتنمية الاقتصادية. ولهذا السبب، سيؤدي التصدي لانعدام الأمن الغذائي على المستويين الكلي والجزئي [الفرد الأكثر ضعفاً] إلى نهج أكثر شمولاً في تحديد تحديات التنمية في بلد ما والتصدي لها".

وتهدف الأداة إلى تمكين صناع القرار وممثلي المجتمع المدني والباحثين والصحفيين وغيرهم. ويقول المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية أن عدة مسؤولين حكوميين أبدوا بالفعل اهتمامهم باستخدامها، ويأمل في أن تسهم الحكومات والمنظمات الإقليمية وغيرها في سد الثغرات المعلوماتية في البوابة.

وقد أدى الاعتراف المتزايد بمشكلة مماثلة، هي نقص البيانات المتوفرة عن المياه في المنطقة، في السنوات الأخيرة إلى تبني عدة مبادرات تهدف إلى تحسين جمع وتبادل المعلومات، من بينها نظام دمج بيانات الأرض التابع لمركز غودارد لرحلات الفضاء في وكالة ناسا، ومبادرة "اسأل العلماء" في المركز الدولي للزراعة الملحية، والبيانات التي تم جمعها من قبل البنك الدولي، وقاعدة بيانات جديدة حول موارد المياه الطبيعية في العالم العربي أسسها المعهد الاتحادي لعلوم الأرض والموارد الطبيعية (BGR) التابع للحكومة الألمانية.

ساعد التعاون بين الوكالات على مواجهة أزمة منطقة القرن الأفريقي في عامي 2011 و2012 (صورة التقطت في عام 2008)

على الرغم من توفر معلومات الإنذار المبكر عن أزمة جفاف وشيكة في القرن الأفريقي في عام 2011، كان حشد الاستجابة الإنسانية بطيئاً، مما أدى إلى موت عشرات الآلاف من الأشخاص في المنطقة وانتشار المجاعة في أجزاء من الصومال.

لكن فريقاً بحثياً بقيادة خبير المعونة الغذائية دانيل ماكسويل، وهو أستاذ في مركز فاينشتين الدولي التابع لجامعة تافتس، أصدر الآن بحثاً بعنوان "تحليل الاستجابة واختيار الاستجابة في أزمات الأمن الغذائي: خارطة طريق" يصف العوامل الكامنة وراء الطريقة التي تستجيب بها المنظمات الإنسانية للأزمات الغذائية. ويسلط البحث، الذي صدر الأسبوع الماضي، الضوء على الحاجة إلى إجراء تحليل موثوق لتسترشد به قرارات وكالات المعونة وصناع القرار، ليس فقط للاستجابة لهذه الأزمات ولكن لمنع تكرارها كذلك.

مع ذلك، فإن الباحثين - ماكسويل وهيذر ستوبا وجون باركر من مركز فاينشتين الدولي وميغان ماغلينتشي من خدمات الإغاثة الكاثوليكية - يشيرون إلى أن "الأدلة الأساسية حول أفضل الأساليب الواجب اتباعها تحت مختلف الظروف لا تزال قليلة".

ولا ينبغي أن يكتفي تحليل الاستجابة بضمان تسليم المساعدات إلى المحتاجين في الوقت المناسب، بل يجب أن يلعب أيضاً دوراً في التصدي لانعدام الأمن الغذائي المزمن، حتى يساعد على إنهاء الحلقة المفرغة من الاعتماد على المعونة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/آيار/2013 - 2/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م