العميل اكس... ملف يحرج اسرائيل

 

شبكة النبأ: قضية عميل الموساد الإسرائيلي الذي بات يعرف باسم السجين اكس والذي عثر عليه مشنوقا في زنزانته داخل سجن أيالون الإسرائيلي، لا تزال مثار جدل لدى العديد من الأوساط السياسية والإعلامية سواء داخل إسرائيل او خارجها، وبحسب بعض المراقبين فأن التقارير الإعلامية الأخيرة عن خفايا قضية الانتحار، ربما ستسهم بفتح ملفات وقضايا خطيرة خصوصا وان بعض تلك التقارير يفيد بأن إسرائيل هي من عمدت الى قتل هذا العميل الأسترالي الأصل في سبيل إخفاء الكثير من الحقائق والمعلومات، وفي هذا الشأن فقد ذكرت صحف استرالية ان بن زيجير المهاجر الاسترالي والجاسوس الإسرائيلي والذي توفي في احد سجون إسرائيل في 2010 اعتقل بعد محاولة فاشلة قام بها من تلقاء نفسه لتجنيد عميل مزدوج له علاقة بحزب الله اللبناني.

واعتقل زيجير في بداية 2010 واحتجز في نطاق من السرية تحت اسم السجين اكس بتهم امنية لم يتم تحديدها. ووجد تحقيق قضائي في اسرائيل ان زيجير (34 عاما) شنق نفسه في زنزانة في سجن محاط باجراءات امنية مشددة. ورفضت اسرائيل كشف النقاب عن تفاصيل القضية بل ورفضت طلبا من وزارة الشؤون الخارجية والتجارة الاسترالية للحصول على معلومات وفرض حظر نشر على هذه القضية في اسرائيل. ولكن صحف فيرفاكس الاسترالية ومجلة دير شبيجل الالمانية قالت بعد تحقيق مشترك ان زيجير أفشى دون قصد معلومات سرية عن مرشدين لبنانيين اعتقلا فيما بعد وسجنا في لبنان.

ونقلت صحيفة سيدني مورننج هيرالد عن مسؤول اسرائيلي رفيع لم تكشف النقاب عنه قوله ان "زيجير اراد تحقيق شيء لم يحصل عليه في نهاية الامر. "وانتهي به المطاف بعد ذلك الى طريق وعر. والتقى مع شخص كان اكثر احترافا منه." وقالت الصحيفة ان زيجير الذي حصل على الجنسية الاسرائيلية في منتصف التسعينات جند في وكالة المخابرات الاسرائيلية(الموساد) في 2004 وعمل في اوروبا.

وكلف بمهمة اختراق شركات لها صلة بدول معادية لاسرائيل من بينها ايران وسوريا. وقالت ان زيجير أعيد في نهاية الامر الى تل ابيب وعين في وظيفة مكتبية بالموساد. وفي محاولة لاثبات ذاته والعودة الى المهام الميدانية بدأ زيجير محاولة تجنيد رجل اوروبي كان معروفا بانه قريب من مقاتلي حزب الله ورتب اجتماعات في اواخر عام 2008 على امل تجنيد الرجل كعميل مزدوج.

ولكن الصحيفة قالت ان الخطة فشلت عندما حاول زيجير اثبات مكانته بكشف اسمي لبنانين كبيرين كانا يعملان مرشدين لاسرائيل وهما زياد الحمصي ومصطفى علي عواضة واللذان اعتقلا في عام 2009 وسجنا 15 عاما. وقالت صحيفة سيدني مورننج هيرالد انه عندما سجن زيجير في بداية 2010 كان يحمل قرصا مدمجا عليه مزيد من ملفات المخابرات ربما كان ينوي نقلها لعميله في حزب الله. وقال تحقيق اجرته الحكومة الاسترالية في وقت سابق انها لم تجد دليلا على اساءة استخدام جوازات سفر استرالية سواء من قبل زيجير وهو استرالي كان يحمل جنسية مزدوجة او الموساد.

الى جانب ذلك اعتبر تقرير قضائي بان مصلحة السجون الإسرائيلية تسببت بوفاة الجاسوس الاسترالي الاسرائيلي المعروف باسم السجين اكس عبر فشلها بمنعه من الانتحار في السجن. ويكشف التقرير تفاصيل سجن زيغير مشيرا الى انه كان لديه ميول انتحارية والتقى زوجته يوم عثر عليه مشنوقا وبان زنزانته لم تكن مراقبة بشكل صحيح من قبل حراس السجن. وتم إصدار التقرير الذي كتب أواخر عام 2010 بعد التماس تقدمت به وسائل الإعلام الإسرائيلية. وطالبت استراليا مرارا بالمزيد من التفاصيل المتعلقة باعتقال واحتجاز وانتحار زيغير.

وكتبت القاضية التي اجرت التحقيق بان التقرير لا يسلط الضوء على "محاكمة المتوفى او الإعمال المتهم بها او ظروف اعتقاله" والتي "تبقى مشمولة بأوامر حظر النشر". ويوفر التقرير معلومات حول حالة زيغير النفسية السيئة ولقائه المشحون بالعواطف والبكاء مع زوجته يوم موته وتقرير حول إجراءات مراقبة السجين التي انتهجتها مصلحة السجون الإسرائيلية.

واستخلصت القاضية بان "التحقيق في الوفاة يكشف أدلة مزعومة بان اهمال موظفين مختلفين في مصلحة السجون سبب وفاته". وأكدت القاضية بانها استبعدت "تورط شخص اخر" في وفاة زيغير مؤكدة بانه منذ وصوله الى سجن ايالون في 3 من اذار/مارس عام 2010 كان يعاني من الاضطراب العاطفي وتم تصنيفه من قبل العاملين الاجتماعيين في قضيته بان لديه نزعات انتحارية. بحسب فرنس برس.

واشار التقرير الى انه كان يتوجب وضع زنزانة زيغير تحت مراقبة مستمرة بما في ذلك الحمام الذي شنق نفسه فيه. الا ان زيغير قام بإطفاء الأنوار في الحمام قبل ان يشنق نفسه وبان زنزانته غرقت في ظلام دامس بسبب خطأ في احد المصابيح. وأكد التقرير بأنه لم يتم التعامل مع المشكلة بسرعة ولم يقم السجانون بمراقبة زيغير بشكل كاف وقت وفاته.

إكس وأطراف أخرى

من جانب اخر فقضية "السجين إكس" من الممكن أن تشكل قضية أطرافها في إسرائيل وأستراليا وربما في العالم العربي كذلك.. فعميل الموساد "بن زيغير" هو عضو في الفرقة 131 التي نفذت عملية اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح عام 2010. ما زالت قضية عميل الموساد الإسرائيلي الذي بات يعرف باسم "السجين إكس" تتفاعل بين السلطات الإسرائيلية والأسترالية بعد أن عثر عليه مشنوقا داخل زنزانته في سجن أيالون الإسرائيلي.

وآخر حلقات مسلسل، السجين إكس واسمه الحقيقي "بن زيغير"، هو ما صرح به وزير الخارجية الأسترالي السابق "ألكسندر داونر" والذي استبعد أن يكون عميل جهاز الموساد الإسرائيلي بن زيغير قد لقي مصيره لمجرد أنه نقل معلومات إلى السلطات الأسترالية عن نشاطه الاستخباري في الموساد، مرجحا أن تكون إسرائيل اعتقلت بن زيغير لأسباب أخرى "أكثر خطورة استحق عليها هذا العقاب".

وكانت محطة التلفزيون الأسترالي "آيه بي سي" نقلت في وقت سابق أن بن زيغير نقل إلى السلطات الأسترالية معلومات سرية ومفصلة عن خطط للموساد الإسرائيلي في إيطاليا جرى التحضير لها لسنوات. القضية بدأت بالإعلان عن انتحار السجين وكان للحادث أن يمر كمثله من حوادث الانتحار داخل السجون، خصوصا وأن السجين الإسرائيلي كان يلف بسرية تامة. غير أن قيام السلطات الأسترالية بالكشف عن هوية "السجين إكس" وتفاصيل عن حياته فجر قضية ما زالت فصولها مستمرة.

في البداية سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى محاصرة الأخبار عن السجين، واستدعى مدراء الصحف في محاولة للتكتم على الموضوع، غير أن إثارته داخل الكنيست الإسرائيلي من قبل بعض النواب أعاد الموضوع إلى الواجهة، لتبدأ التساؤلات حول القضية. وجاء بيان السلطات الإسرائيلية مقتضبا، ولّد تساؤلات جديدة حملتها وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تخلصت من "توجيهات" نتانياهو بعد تناول الإعلام الدولي والعربي للموضوع.

لقد كان "السجين إكس" قبل انتحاره داخل سجن أيالون يعرف باسم "بن ألون"، وفرضت عليه سلطات السجن قبل وفاته الانعزال في زنزانة انفرادية قضى فيها أيامه الأخيرة. التساؤلات الكبرى التي تناقلتها الصحافة الإسرائيلية تركزت بالأساس حول وجود سجين سري في إسرائيل "الديمقراطية"، وحول ظروف وفاة "السجين إكس" وكيف استطاع الانتحار في سجن محاط برقابة شديدة على مدار الساعة. وانتقدت كبريات الصحف الإسرائيلية تعامل السلطات بمنطق الرقابة بداعي الحفاظ على الأسرار الأمنية. لكن ملابسات الاعتقال وأسبابه ظلت غامضة.

والرواية الأولى وهي التي أوردها التلفزيون الأسترالي مستندا إلى مصادر لم يسمها، تقول إن اعتقال السلطات الإسرائيلية لـ"بن زيغير" جاء بعد قيام الأخير بتسليم أستراليا معلومات سرية ومفصلة عن نشاطه الاستخباري في الموساد. ووفق سياق هذه الرواية يكون التعاون بين "السجين إكس" والسلطات الإسرائيلية بعد تشديد الأخيرة الخناق على العميل حين وقفت على نشاطه مع الموساد في 2009.

وقد أدى توتر العلاقات بين أستراليا وإسرائيل بسبب استعمال الموساد لجوازات سفر أسترالية في عملية اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح في الإمارات سنة 2010 إلى رد فعل أسترالي حمله الإعلام الأسترالي. ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن الخبير الإسرائيلي "رون بن يشاى" أن جهاز المخابرات الأسترالي شدد الطوق ضد زيغير ورفاقا له وأنه حقق معه.. إلا أن القشة التي قصمت ظهر البعير، يقول الخبير الإسرائيلي، هي التقرير الصحفي الذي نشر بأوامر من المخابرات الأسترالية والذي كشف زيغير ورفاقه للرأي العام وهو الذي قاد إلى اعتقاله من قبل الموساد لاحقا على ما يبدو.

اما الرواية الثانية هي التي أشار إليها وزير الخارجية الأسترالي السابق "ألكسندر داونر" والتي تشير ضمنيا إلى تعامل "زيغير" مع جهات أخرى غير أستراليا. والرواية تمضي في نفس ما ذكره تقرير لصحيفة الجريدة الكويتية استنادا إلى مصادر غربية مطلعة من أن "زينغير" كان أحد أعضاء الفرقة 131 التي اغتالت القيادي في حماس محمود المبحوح في دبي في 10 كانون الثاني/ يناير 2010. بحسب فرنس برس.

وتضيف الجريدة الكويتية أن "زيغير" ربط اتصالات بسلطات دبي وأبلغها ما حدث في عملية الاغتيال بالأسماء والصور والتفاصيل الدقيقة، وحصل في المقابل على الحماية. وتذهب الصحيفة الكويتية استنادا إلى مصادرها إلى أن إسرائيل استطاعت الوصول إلى مكان اختباء "زيغير" واختطافه وسجنه بتهمة الخيانة. وقد سارع قائد شرطة دبي ضاحي خلفان إلى نفي أي تعامل مع عميل الموساد "زينغير" للحصول على معلومات حول قضية اغتيال المبحوح. وقال خلفان في تصريح لموقع "أرابيان بيزنيس" إنه لم يتصل بالسجين إكس للحصول على معلومات تخص اغتيال المبحوح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/آيار/2013 - 1/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م