الصومال والدولة الكاملة... خطوات في طريق الالف ميل

 

شبكة النبأ: كان ينظر للصومال على نطاق واسع على أنها مثال لدولة فاشلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بسبب الأزمات المتعددة وعلى مختلف الأصعدة، التي كان من المستحيل التغلب عليها، لكن هزيمة حركة الشباب الاسلامية العسكرية التي كانت تحكم السيطرة على البلاد، وانتخاب سلطات جديدة بانتخاب رئيس وبرلمان جديدين، فضلا عن المساعدات الكبيرة من الدول التحالف الإفريقية، خصوصا فيما يتعلق بشأن شطب ديون على الصومال في تغير كبير بالنسبة لبلد طالما وصم بأنه دولة فاشلة وتمكن بمساعدة دول أخرى من تحقيق مكاسب ضد متمردين لهم صلة بالقاعدة وضد القرصنة، لتصبح آمال المستقبل أكثر إشراقا، ولتساعد تلك الخطوات غير المسبوقة على تحول ايجابي لدولة جديدة، تحاول التخلص من مشاكلها القديمة، فقبل نحو عامين فقط كان المتشددون الاسلاميون وقوات حفظ السلام الافريقية يخوضون معارك يومية بشوارع مقديشو، وتخلصت المدينة الآن من المتمردين لكنها مازالت معرضة لخطر الهجمات وأصبح تركيز الحكومة منصبا على تعزيز الأمن واقتلاع الفساد وفرض سيادة القانون.

إذ يرى الكثير من المحللين انه على الرغم من الامل الذي اثاره انتخاب حكومة جديدة، تبقى المهمة التي تنتظره كبيرة في بلد في حالة حرب ودمرت مؤسساته وتشظى مجتمعه، ومن اهم المشكلات التي توجه الحكومة الصومالية إرساء الأمن في البلاد، وخصوصا ان مقديشو لا تزال احدى اكثر العواصم خطورة في العالم وقد استهدفتها هجمات عدة في الاشهر الاخيرة، كما يشكل الفساد معضلة كبرى للدولة باعتبرها اكثر دول العالم فسادا، فضلا عن التهديدات ظلت ماثلة من جانب حركة الشباب التي ما زالت تسيطر على مناطق كثيرة في الريف، ناهيك عن خطر استحداث الكوارث الإنساني التي تسبب بمجاعة كبيرة وازمة غذائية بسبب موجة جفاف خطيرة اكتسحت مجمل القرن الافريقي، الى جانب الظروف الاقتصادية السيئة.

كما يرى هؤلاء المحللين ان من بين أهم العقبات التي تواجهها الحكومة نقص التمويل لإعادة الهيكلة وتعزيز المكاسب التي حققتها القوات العسكرية ضد المتشددين الاسلاميين، وتخشى القوى الغربية أن يتحول الصومال إلى قاعدة انطلاق للمتشددين الإسلاميين إلى دول أخرى في شرق افريقيا وما وراءه وتخشى أن تنزلق البلاد مرة أخرى إلى الفوضى إذا لم تتمكن قوات الامن الصومالية من تعزيز المكاسب.

بينما ينظر معظم المراقبين إلى استعادة النظام وإعادة بناء الاقتصاد باعتبارهما أمرين حيويين للحيلولة دون عودة البلاد للحرب والفوضى اللذين هيمنا عليها طوال العقدين الماضيين وجعلا الصومال قاعدة للقرصنة في المحيط الهندي ونقطة انطلاق إقليمية للمتشددين الإسلاميين.

التخلص من وصمة الدولة الفاشلة

في سياق متصل يشير دبلوماسيون أجانب الى تصميم إدارة الرئيس حسن شيخ محمد - الذي انتخب في العام الماضي في أول انتخابات تجرى في البلاد منذ عقود - على العودة إلى الساحة الدولية.

وكان هذا التقدم موضع ترحيب من جانب دول المنطقة التي تضررت اقتصادياتها لغياب الاستقرار في جارها وكذلك من جانب العواصم الغربية التي تخشى منذ فترة طويلة أن يوفر الصومال قاعدة لازدهار التشدد الاسلامي دون قيود.

وقال دبلوماسي غربي كبير يركز على متابعة شؤون الصومال ويقيم في العاصمة الكينية نيروبي "قبل نحو عامين كان كل الحديث بشأن الكوارث الانسانية والقرصنة والإرهاب"، وأضاف "لكننا نتحدث الآن بشأن عملية الديون"، وقال مبعوثون إن محمد أوضح أنه ينبغي ألا ينظر إلى الصومال على انه حالة ميؤوس منها تماما وإن الرئيس الصومالي يريد تغيير مواقف المانحين، وتشير المناقشات التي تدور بشأن الديون إلى أن تغييرا يحدث. وأظهرت بيانات للبنك الدولي أن المبالغ المتأخرة على الصومال بلغت نحو 2.2 مليار دولار في عام 2010 وهو مبلغ زهيد بالمقاييس الدولية لكنه يصبح هائلا عندما تشير التوقعات الى ان الايرادات المحلية ستبلغ 54 مليون دولار في عام 2013.

وواشنطن ولندن وبروكسل من بين العواصم التي اعترفت رسميا بالحكومة للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الاهلية في عام 1991. ويقول دبلوماسيون إن الصومال لديه طموح كبير لكنه يواجه عراقيل تتمثل في نقص الأموال والقوى البشرية والخبرة، وقال دبلوماسي بالأمم المتحدة في نيروبي "هذه حكومة أفضل على كل المستويات"، وأضاف "إنهم أكثر استجابة وأكثر اهتماما بما يفعلونه ولا يعملون لمصلحتهم الخاصة."

ومازالت المخاوف الأمنية قائمة. وحذرت بريطانيا من هجمات وشيكة في مقديشو وأعلن متشددو حركة الشباب المسؤولية عن عدة تفجيرات انتحارية في الشهور الماضية بعد أكثر من عامين على طردهم من العاصمة. بحسب رويترز.

ومازال مقاتلو الحركة يسيطرون على مساحات كبيرة من أراضي الريف لكن قوة الاتحاد الافريقي أجبرتهم على الخروج من معظم المدن وباتت الحركة الإسلامية في أضعف أحوالها منذ ظهورها قبل نحو ست سنوات وسط حالة من الفوضى كقوة قتالية، وتضم قوة الاتحاد الافريقي المكونة من 17600 فرد قوات من اوغندا وبوروندي وكينيا. وتشعر نيروبي بالقلق لتصاعد التفجيرات واعمال الخطف والهجمات بالقنابل على اراضيها والتي تلقي باللوم فيها على متشددين صوماليين ومتعاطفين معهم.

وتحكي واجهات المباني التي تحمل آثار قذائف المورتر ومخيمات اللاجئين عن الفوضى التي شهدتها مقديشو بسبب زعماء الميليشيات ومن بعدهم الاسلاميين بعد الاطاحة بالدكتاتور محمد سياد بري التي اشعلت الحرب الاهلية، لكن شوارعها التي ينتشر بها الحطام تشهد حاليا حركة مرور كثيفة وتشير مواقع البناء إلى تجدد الثقة، وقال حسن هاشي وهو أحد الزعماء المحليين من دوسامارب بوسط الصومال "مقديشو الآن مثل مدن أخرى في العالم."

لكنه قال إن الحكومة مازالت تواجه صعوبة لبسط سيطرتها على الأقاليم. وفي بلد منقسم على أسس قبلية تتسم علاقة الحكومة بالاقاليم بالحساسية وكثيرا ما تكون متوترة في ظل نظام اتحادي وليد.

ومازالت قطاعات من ساحل الصومال تعاني من القراصنة حتى رغم تراجع عدد هجماتهم الآن بسبب تزايد استخدام الحراس المسلحين والاجراءات البحرية الاكثر نشاطا والتحسن الطفيف في القانون والنظام على الأرض.

وقال هاشي "الأجزاء الأخرى من البلاد في ظلام"، وأضاف "مقديشو التي هي قلب الصومال تتعافى لكن المناطق الأخرى .. الأطراف .. مازالت مصابة بالشلل"، ولقي انتخاب محمد وهو شخصية جديدة على الساحة السياسية إشادة من جانب الكثيرين باعتبار ذلك تصويتا من أجل التغيير لكن بعد سبعة أشهر بدا البعض يتذمر.

وقالت حليمة وهي صاحبة متجر في بيدوة التي تعتمد على حماية القوات الاجنبية من المتمردين وليس القوات المحلية "وعد بتحسين الأمن لكن هذا لم يحدث حتى الآن"، وأضافت "لا أعرف متى سيصبح الصومال بلدا حقيقيا"، لكن القوى الغربية لم تعد تتعامل مع الصومال على أنه دولة فاشلة. ومازالت المساعدات الإنسانية ضرورية لكن بات لديها الآن محاور في الحكومة التي تدفع الزوار بدرجة متزايدة للاجتماع في قصر الرئاسة بدلا من الاجتماع وراء أسوار حصينة في مطار مقديشو، وبدأ بعض مسؤولي الأمم المتحدة وعمال المساعدات الدوليين ينتقلون ببطء من كينيا إلى الصومال ولن ينتظر الدبلوماسيون كثيرا بعد ذلك.

وتعتزم بريطانيا فتح سفارة في مقديشو بنهاية يوليو تموز وقد تتبعها دول غربية أخرى غادرت البلاد في مطلع التسعينات. وستنضم بريطانيا إلى دول أخرى مثل تركيا والسودان واليمن، لكن الصومال لا يزال أمامه الكثير لبناء الثقة. وردا على سؤال بشأن ما إذا كان تقديم دعم مباشر للميزانية الصومالية ممكنا قال الدبلوماسي الغربي "ليس قبل وقت طويل"، واضاف "الحكومة تفتقر إلى قدرات على كل المستويات."

غير أن الغرب يقدم مزيدا من الدعم. وتقول بريطانيا إنها تعتزم استغلال رئاستها لمجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى لحث البنك الدولي ومؤسسات أخرى على إعادة العمل مع الصومال، ونحو نصف ديون الصومال الخارجية البالغة 2.2 مليار دولار مستحقة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الافريق. ويتعين تسوية تلك الديون قبل عرض مزيد من الدعم.

الفساد واختراق المتمردين

على الصعيد نفسه مما يؤكد الحالة المزرية لقوات الامن الصومالية أنه عندما هاجم مسلحون إسلاميون محكمة في مقديشو في ابريل نيسان قالت الشرطة انها لم تكن تعرف العدو من الصديق بينما يقول افراد في قوات الامن ان الراتب البالغ مئة دولار شهريا لا يكفي لتحقيق الولاء.

وقال ضابط صغير عرف نفسه باسم حسين "ماسحو الأحذية حياتهم أفضل منا. ليسوا مستهدفين ويحصلون على دخل أفضل"، وتحققت المكاسب الأمنية الكبيرة على مدار العامين المنصرمين بعد نحو عشرين عاما من الفوضى بفضل قوات حفظ السلام الافريقية التي قادت القتال ضد متمردي حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.

ومن المتوقع أن تتصدر مسألة إصلاح قوات الأمن الصومالية جدول أعمال المؤتمر الذي تستضيفه لندن في السابع من مايو ايار حيث ستسعى بريطانيا والصومال لمزيد من الدعم الدولي في وقت ضعفت فيه حركة الشباب وتراجعت فيه أعمال القرصنة قبالة القرن الافريقي لأدنى مستوى.

وأثار تهديد اثيوبيا بسحب قواتها من الصومال تساؤلات بشأن كيف ستتمكن قوة حفظ السلام الافريقية التي ينوء كاهلها بالأعباء من سد الفراغ الذي سيتركه انسحاب القوات الاثيوبية وسلط الضوء على ضرورة أن يبني الصومال قدراته الخاصة، وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج لرويترز اثناء اعادة افتتاح السفارة البريطانية في مقديشو "ينبغي بناء القوات المسلحة الصومالية وينبغي للشرطة أن تتوسع"، وأضاف "هناك كثير التحديات والمخاطر الهائلة ما زالت قائمة وعلى العالم ألا يعتقد أننا حللنا كل المشكلات أو أن مساعداته لم تعد ضرورية."

وتساعد واشنطن وبروكسل بالفعل في دفع تكلفة قوات حفظ السلام الافريقية وقوات الامن الصومالية، وقال هيج إن الوجود الدبلوماسي الدائم لبريطانيا في الصومال يشير إلى ثقة لندن على الرغم من ان السفارة المكونة من اربع كبائن معدنية تقع وراء اثنين من الجدران المقاومة للانفجارات داخل المطار المحصن.

وقال حسن شيخ محمود الرئيس الصومالي الذي انتخب في سبتبمر ايلول إن الأمن هو "الأولوية رقم واحد واثنين وثلاثة"، والسبب واضح حيث تعتمد حكومة محمود في بقائها على القوة الافريقية التي يبلغ قوامها نحو 18 الفا وعلى الجيش الصومالي ضعيف التسليح ومنخفض الرواتب والذي يعاني أيضا من قلة الانضباط ولا يقدر على تولي المهمة.

وفي الهجوم الذي وقع في ابريل نيسان على محاكم في العاصمة كان المهاجمون يرتدون ملابس الجيش النظامي، وخلال المعركة المسلحة التي سادتها الفوضى رأى مصور لرويترز مجموعة من الجنود تصوب بنادقها نحو مجموعة اخرى ترتدي هي الاخرى ملابس الجيش. وكانت كل مجموعة تقول انها تنتمي لقوات الامن وتحاول ايقاف الاخرى.

لكن غياب الثقة لا يقتصر على قوات الأمن الصومالية حيث لا يخفي حلفاء الصومال قلقهم أيضا. ورفعت الامم المتحدة جزئيا حظرا للسلاح بما يسمح بدخول اسلحة خفيفة لمساعدة القوات الصومالية لكنها أبقت على حظر الاسلحة الثقيلة، وقال مسؤول غربي "عليهم أن يظهروا بوضوح أنهم يمكنهم السيطرة على ما يشترونه وما يتلقونه قبل أن نمضي إلى ما هو أبعد من ذلك"، ويقول الرئيس محمود وقوى أجنبية إن اصلاح قطاع الامن يجب أن يمتد ليشمل الشرطة التي يصل عدد أفرادها رسميا إلى نحو ستة آلاف كلهم تقريبا موجودون في مقديشو وهو ما يعكس السلطة المحدودة للحكومة. وهناك خطط لإضافة 4000 آلاف فرد آخرين.

تهديدات وانتقام

فيما توعد متشددون صوماليون ينتمون لحركة الشباب التي لها صلة بتنظيم القاعدة تحصنوا في أجزاء من اقليم بلاد بنط بشمال البلاد بالانتقام بعد ان أعدمت سلطات الاقليم شبه المستقل 13 متمردا يشتبه في أنهم من الاسلاميين.

وتجنبت بلاد بنط طويلا حركات تمرد اسلامية متعاقبة مزقت الصومال لكن مقاتلي حركة الشباب الذين طردوا من مخابيء في مدن بجنوب ووسط الدولة التي تقع في القرن الافريقي تسللوا اليها ببطء، ويقول مسؤولو بلاد بنط ان عددا كبيرا من المتشددين اتخذوا مواقع في الجبال الواقعة الى الغرب من مدينة بوصاصو، وقال الشيخ علي محمد راجي المتحدث باسم حركة الشباب في تسجيل صوتي وضع على الانترنت على موقع له علاقة بجماعة المتمردين ان جماعته سوف تنتقم لمن اعدموا وان جميع الذين تجسسوا أو أدلوا بشهادات زائفة واصدروا احكاما وأطلقوا النار عليهم سيتعرضون لعقاب شديد. بحسب رويترز.

وخوفا من هجمات ثأرية انتشرت قوات الامن في بلاد بنط بكثافة في شوارع بوصاصو المتربة. وقتل المسلحون المشتبه بهم بالرصاص في وقت مبكر من صباح الثلاثاء خارج بوصاصو، وقال مسؤول بمحكمة عسكرية في بلاد بنط انهم اعترفوا بأنهم متشددون. ونفت حركة الشباب ان أيا من مقاتليها كان رهن الاحتجاز في بلا بنط، وقال راجي ان ذلك يشبه سلسلة من أعمال القتل التي نفذت خارج نطاق القضاء في مقديشو في مارس اذار عندما قال سكان ان قوات الامن الحكومية قتلت عشرة على الاقل من مقاتلي الشباب الذين صدر عفو عنهم والقت بجثثهم في الشوارع.

ووعدت حكومة مقديشو بالتحقيق في أعمال القتل هذه. وجاءت بعد اغتيال اثنين من كبار مسؤولي الامن أعلنت الشباب المسؤولية عنهما، ويحاول الصومال الخروج من عقدين من الحرب الأهلية التي تركته بدون حكومة مركزية فعالة، وتحسن الامن في مقديشو وتنظر الحكومة الى تعزيز سيادة القانون واصلاح القضاء على انهما قضايا حيوية لاستعادة الاوضاع الطبيعية، وتدخل الاتحاد الافريقي عسكريا وساعد ذلك على طرد الشباب من معاقلها في جنوب ووسط البلاد وعرقل جهودها لفرض تفسير متشدد لاحكام الشريعة على الصومال.

لكن هجوما على محاكم في مقديشو في ابريل نيسان أسفر عن مقتل 30 شخصا أظهر ان حركة الشباب مازال بامكانها توجيه ضربات في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة رغم تراجعها كقوة قتالية.

حماية القضاة

الى ذلك قالت منظمة هيومان رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرا لها ان قضاة ومحامي الصومال الذين يتصدرون الاصلاحات القضائية بحاجة لحماية من المتشددين المرتبطين بالقاعدة وذلك بعد شن هجمات بالقنابل على محاكم في مقديشو مما ادى الى سقوط قتلى، وقتلت حركة الشباب المتمردة التي تشن حربا منذ ست سنوات لفرض تفسيرها المتشدد للشريعة الاسلامية في الصومال نحو 30 شخصا في موجة من تفجيرات انتحارية واطلاق نار استهدفت المحاكم، ووصفت هيومان رايتس ووتش الهجمات بانها "جريمة حرب."

وجعلت الحكومة الصومالية الجديدة اصلاح السلطة القضائية وفرض سيادة القانون احدى اولوياتها في حملتها للتخلص من لقب "دولة فاشلة" الذي وصم البلاد، ولكن سيطرة الحكومة على البلاد لا يتجاوز المراكز الحضرية الرئيسية.

وقالت ليسلي ليفكو نائبة مدير افريقيا بمنظمة هيومان رايتس ووتش في بيان ان"التركيز الحالي على الاصلاح القضائي في الصومال حاسم، "ومن الامور الحاسمة لهذه الاصلاحات ضمان تمتع القضاة والمحامين بالحماية المطلوبة لاداء مهامهم"، ولم تحدد المنظمة الجهة التي يتعين عليها توفير هذه الحماية ولكن الحكومة الصومالية تعتمد بشكل كبير في توفير الامن على قوات حفظ السلام الافريقية. بحسب رويترز.

وقالت هيومان رايتس ووتش ان من بين من قتلوا محاميين بارزين كانا يمثلان امراة وجهت لها اتهامات جنائية بعد زعمها ان جنودا حكوميين اغتصبوها. وقوبلت هذه القضية بادانة دولية والغت محكمة نقض حكما بادانة لول علي عثمان في فبراير شباط، ولم يتضح ما اذا كان محمد محمد افراح رئيس نقابة المحامين الصومالية ان عبد الكريم حسن جورود والذي مثل ايضا صحفيا اجرى مقابلة مع عثمان استهدف عن عمد، وقال محمد ابراهيم الذي يرأس الاتحاد الوطني للصحفيين الصوماليين ان "افراح وجورود مدافعان عن الانسانية. لقد كانا يخدمان ضحايا"، وخلال الهجمات التي وقعت انفجرت قنبلة ملغومة واحدة على الاقل وفجر العديد من المهاجمين الانتحاريين انفسهم عند محاكم بمقديشو. واقتحم مسلحون ايضا مجمع المحاكم. وبعد فترة وجيزة من ذلك اصابت سيارة ملغومة قافلة مساعدات تركية قرب المطار.

وقالت ليفكو ان "هجمات حركة الشباب على قاعة محكمة وقافلة لموظفي اغاثة تثبت الاستهانة الكاملة بحياة المدنيين، "قوانين الحرب تحمي كل المدنيين والمباني المدنية من الهجمات وقاعات المحاكم ليست استثناء"، وهذه ليست اول مرة تتهم فيها هيومان رايتس ووتش حركة الشباب بارتكاب جرائم حرب. وقالت في 2011 ان كل اطراف الصراع الصومالي من متمردين وقوات حكومية وجنود حفظ السلام الافارقة قتلت بشكل عشوائي مدنيين كما انها مدانة بخرق قونين الحرب الدولية، وقال رئيس وزراء الصومال إن متشددين اجانب شاركوا في هذه الهجمات.

كارثة الأزمة الغذائية

على صعيد ذو صلة توفي حوالى 260 الف صومالي نصفهم من الاطفال دون الخامسة بسبب الجوع بين تشرين الاول/اكتوبر 2010 ونيسان/ابريل 2012 نتيجة ازمة غذائية حادة اتى الرد الانساني عليها مقصرا، بحسب دراسة نشرتها الامم المتحدة، وأشار التقرير الى ان حصيلة الازمة التي انعكست في ستة اشهر من المجاعة تفوق حصيلة المجاعة الكبرى العام 1992 والتي يقدر انها اودت بحياة 220 الف شخص في 12 شهرا، فيما قضت نسبة اعلى من السكان وقتئذ.

وخلصت الدراسة الى ان "المجاعة وانعدام الامن الغذائي الخطير في الصومال اديا الى وفاة حوالى 258 الف شخص بين تشرين الاول/اكتوبر 2010 ونيسان/ابريل 2012 من بينهم 133 الف طفل دون الخامسة من العمر". بحسب فرانس برس.

وأجريت الدراسة لصالح منظمة الاغذية والزراعة (فاو) وشبكة الانذار المبكر بالمجاعة (فيوز-نت) التي تمولها الوكالة الاميركية للتنمية (يو اس ايد)، وبحسب "هذا التقدير العلمي الاول" لحصيلة الازمة الاخيرة "توفي 4,6% من عدد السكان الاجمالي و10% من الاطفال دون الخامسة في جنوب الصومال ووسطها"، بينما قالت الأمم المتحدة إن حوالي ربع الصوماليين ما زالوا في حاجة للمساعدات رغم تحقيق الاستقرار في مناطق كثيرة من البلاد من خلال حملة لطرد المتشددين الإسلاميين.

واعتبر مستشار فيوز-نت كريس هيلبرونر في بيان صحافي مشترك مع فاو ان نتائج الدراسة التي قادها خبيران في الاوبئة والديموغرافيا "تشير الى ان ما حدث في الصومال هو من اسوأ المجاعات في السنوات ال25 الاخيرة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/آيار/2013 - 28/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م