الخلاف الدائم والصدام والتناحر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
وتعرض القضاء للمساس باستقلاليته، وغياب مؤسسة الرئاسة بل غياب الرئيس
نفسه عن الساحة السياسية وهو حامي الدستور، وتعرض الهيئات المستقلة الى
الشد والجذب بين تبعيتها الى الحكومة ام البرلمان؛ واتهام بعضها بملفات
فساد (البنك المركزي) وعبر وسائل الاعلام ادى الى المساس باستقلاليتها
الدستورية، وتناوب الكتل السياسية والوزراء، على حد سواء، بتعليق
العضوية في البرلمان او في الجلسات الدورية لمجلس الوزراء؛ لمواجهة او
بلورة مواقف او كوسائل ضغط سياسية لتحقيق مطالب او ثني مواقف مقابلة.
كل ذلك ادى الى تلكؤ النظام البرلماني وهشاشة آلياته في مواجهة
الازمات السياسية المتلاحقة، والاخطر من كل ذلك هو السكوت المطبق من
كافة الاطراف السياسية دون استثناء عن هذه الخروقات؛ لجوهر النظام؛
وتراكماتها السلبية بالصورة التي نراها اليوم حتى اصبحت عامل تهديد
ينذر بمخاطر جسيمة على العملية السياسية والديمقراطية والواقع الامني
والاجتماعي والاقتصادي للبلاد في ظل هدر مستمر للدم العراقي الطاهر..
ومكامن الخطر يمكن ان نحددها بالتالي:
• غياب مؤسسة الرئاسة وعدم الالتزام بالبند الدستوري القاضي بإشغال
نائب الرئيس لمنصب الرئيس في حالة غيابه، ادى الى تجذر الفراغ الذي
احدثه مرض الرئيس طالباني، واتساع هوة الشرخ بين السلطات.
• شلل البرلمان وتلاشي آلياته الرقابية بسبب تعليق النواب لعضويتهم
مرة، والكتل السياسية اخرى.
• تعطيل مجلس الوزراء بسبب استقالة الوزراء وانسحاب البعض منهم او
تعليق عضويتهم، والذي ادى الى عرقلة الاداء الرسمي للوزارات.
ان تفاوت عمل المؤسسات الثلاث وتقدم احداها على الاخرى، يلغي اهم
شرط من شروط فعالية النظام البرلماني بالتعاون المرن بين السلطات ويدفع
بقوة نحو تركيز السلطات وتغيير وجه النظام السياسي، ومن مؤشرات ذلك هو
المحاولات الحثيثة من قبل بعض المتصيدين لشخصنة الصراع وتصويره بين
اقطاب السلطات (المالكي – النجيفي او المحمود) لا الهيئات، ليتم افراغ
الازمات من مضمونها وخطورتها على مجمل النظام حتى تستمر وتقوى وتؤدي
الى انهياره.. لا سامح الله.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يعقل دولة بلا رئيس منذ اشهر، وبرلمان
بلا نِصاب منذ اشهر، وقضاء بلا فعالية مع كم المطلوبين الكبير منذ
سنوات ومجلس وزراء بدون وزراء... ونريد بعد ذلك للمشاكل ان تحل
وللازمات ان تتلاشى !!!؟؟؟
اننا نحتاج الى الواقعية والصراحة في مناقشة ازماتنا اكثر من حديث
المجاملة والمصالح الضيقة والحلول الجزئية، لان حل هذه التناقضات هو
السبيل الدستوري الفاصل بين الفوضى والنظام؛ القادر على تذويب وتفتيت
الازمات سياسيا.
|