أزمة المال في أوروبا... تداعيات الانهيار

 

شبكة النبأ: شهدت القارة الأوربية سلسلة من الأزمات الاقتصادية الخطيرة واضطرابات اجتماعية كبرى خاصة في دول جنوب أوروبا، إضافة أعباء جديدة على سرعة النمو الاقتصادية، نتيجة انتهاج سياسية  التقشف بالتخفيضات الشديدة في الميزانيات هذه الدول، مما ادى الى ارتفاع معدلات البطالة مزيدا من الناس إلى براثن الكساد ويعني انخفاض الدخول أن عددا أقل من الناس يكون باستطاعتهم زيارة الطبيب أو شراء الدواء، كما اثارت هذه الازمة تداعيات خطيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.

فمثلا تشهد ايطاليا ارتفاعا في حالات الانتحار المتصلة بمصاعب اقتصادية بسبب البطالة، وهي حلقة جديدة من مسلسل الانتحار الذي ينتشر في إيطاليا، والذي سببه على ما يبدو الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها العمال الإيطاليون.

في حين تواجه اليونان تزايدا غير مسبوق في الفوارق الاجتماعية جراء الازمة التي اضعفت الطبقة الوسطى والدولة الراعية بعد حوالى اربعة اشهر من التقشف المالي، مع تحطيمها جميع الارقام القياسية على صعيد البطالة والفقر وعدد المشردين.

كما تعتزم اليونان التي تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة التقدم بطلب للحصول على تعويضات عن الحرب العالمية الثانية من ألمانيا مما سيزيد العلاقات مع برلين تعقيدا وهي التي تدفع النصيب الأكبر من فاتورة خطة الانقاذ المالي لليونان والتي تقدر بنحو 240 مليار يورو.

في الوقت نفسه تراجعت المؤشرات الاقتصادية لاسبانيا وفرنسا مع ارتفاع قياسي لعدد العاطلين عن العمل في هاتين القوتين الرئيسيتين في اوروبا على خلفية خطة التقشف والاستياء الشعبي، كما تواجه قبرص اليوم أزمة اقتصادية خطيرة بسبب تداعيات الأزمة المالية الاوربية التي أثرت بشكل سلبي على العديد من دول اوربا، ويرى بعض المراقبين الاقتصاديين ان الحكومة القبرصية تواجه مشكلة مستعصية ربما ستسهم بخلق مشاكل واضطرابات كبيرة، بسبب قرار إعلان حالة التقشف وتسريح آلاف العمال وغيرها من القرارات الأخرى.

حيث يرى معظم المحللين ان سياسية التقشف وحدها لن تجدي كثيرا لانتشال منطقة اليورو من الركود وتناقش حاليا عدة حكومات صراحة سياسات لمحاولة دعم النمو،  وخلاصة القول الحال أن الاقتصاد الاوربي برمته، سيعاني من تقلبات متواصلة وستعاني الأسواق المالية من تذبذبات حادة قبل أن تستقر إذا ما تمكنت بلدان اوربا ومؤسساتها المالية من التعامل بمرونة للتغلب على العديد من الأزمات، وبالأخص أزمة منطقة اليورو.

الأزمة المالية تحصد الأرواح

في سياق متصل قال خبراء الصحة إن الأزمة المالية في أوروبا تحصد الأرواح مع تزايد حالات الانتحار والأمراض المعدية إلا أن الساسة لا يواجهون المشكلة، وذكر تحليل رئيسي للصحة الأوروبية في دورية (لانست) أن هذه النتيجة تأتي على عكس ما حدث منذ عام 2007 من انخفاض طويل الأمد في معدلات الانتحار كما تقترن هذه النتيجة بحالات انتشار مزعجة لفيروس نقص المناعة المكتسب وحتى الملاريا في اليونان.

ويرى الباحثون أن مواجهة هذه التهديدات تتطلب خطط حماية اجتماعية قوية. لكن إجراءات التقشف التي فرضت بعد سلسلة من الأزمات في جنوب أوروبا - وكان آخرها في قبرص - مزقت شبكات الأمان.

وقال الباحث مارتن ماكي الذي اشرف على التحليل من المرصد الأوروبي لنظم وسياسات الصحة الذي تدعمه منظمة الصحة العالمية "هناك مشكلة واضحة وهي إنكار الآثار الصحية للأزمة على الرغم من أنها واضحة جدا"، وأضاف "المفوضية الأوروبية لديها التزام بمعاهدة لبحث الأثر الصحي لجميع سياساتها لكنها لم تقم بأي تقييم للآثار الصحية الناجمة عن إجراءات التقشف التي فرضتها الترويكا."

وتتولى الترويكا وهي مجموعة مقرضين تضم المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي مسؤولية سلسلة من عمليات الإنقاذ الاقتصادي، وقال ماكي إن فشل الحكومات الأوروبية والمفوضية الأوروبية في مواجهة الآثار الصحية المترتبة على سياساتها تذكرة "بإرباك" صناعة التبغ للقيود المفروضة على التدخين، ومع ذلك تشير حالة أيسلندا إلى وجود بديل.

وعلى الرغم من الأزمة المالية المدمرة رفضت ايسلندا التقشف في أعقاب استفتاء واستمرت بدلا من ذلك بالاستثمار في نظام الرعاية الاجتماعية. ونتيجة لذلك خلص الباحثون إلى انه لم تحدث آثار تذكر على الصحة منذ الأزمة، وعاد اقتصاد ايسلندا الآن إلى النمو لكن الانتعاش غير مستقر ولا يزال التضخم مرتفعا، وعلى النقيض من ذلك ذكر ماكي وزملاؤه أن أنظمة الرعاية الصحية باتت الآن تحت ضغط في العديد من الدول الأوروبية بما في ذلك اسبانيا والبرتغال واليونان مع سلسلة من النتائج السلبية، وعلى وجه الخصوص هناك اتجاه متزايد لأن يحصل المرضى على الرعاية في مرحلة متأخرة حتى وإن كان هذا يعني أسوأ نتائج للأفراد وارتفاع تكاليف نظام الرعاية الصحية على المدى البعيد.

ومن ناحية أخرى تسعى المستشفيات في اليونان جاهدة من أجل الحفاظ على المعايير الأساسية مما أدى إلى ارتفاع إصابات مقاومة المضادات الحيوية ونقص الأدوية بما في ذلك علاج الصرع.

قبرص

فيما بدات السلطات القبرصية تحقيقا قضائيا لتحديد اسباب وصول الجزيرة الى شفير الافلاس قبل ان توافق على خطة انقاذ اوروبية مرفقة بشروط صارمة، ودعا الرئيس نيكوس اناستاسياديس اللجنة المؤلفة من ثلاثة قضاة هم جورج بيكيس وبانايوتيس كاليس وياناكيس كونستانتينيدس الى التحقيق حوله وافراد اسرته "بصرامة" و"للاهمية"، وتبدو دعوة اناستاسياديس محاولة للتصدي لادعاءات غير مؤكدة بان افرادا من اسرته استغلوا معلومات سرية لتهريب اموال خارج البلاد قبل فرض القيود على الودائع.

كما وجهت اتهامات الى مسؤولين سياسيين اخرين ورجال اعمال باستغلال مواقعهم لحماية رؤوس اموالهم من الضريبة التي ستفرض على الودائع المصرفية بموجب خطة الانقاذ الاوروبية، وقال اناستاسياديس ان لا احد فوق التحقيق ولا حتى افراد اسرته او الشركة القانونية التي كان شريكا فيها حتى وقت قريب، وصرح الرئيس خلال اداء اللجنة اليمين ان "الازمة الاقتصادية الحالية هي بدون شك نتيجة تضافر عوامل داخلية وخارجية في الوقت نفسه"، واضاف ان "سلسلة افعال او هفوات لمسؤولين مخولين ادارة الاقتصاد او من القطاع المصرفي حملت البلاد الى شفير الافلاس وادت الى صدور قرار بافلاس احد اكبر المصرفين فيها بالاضافة الى خسارة مليارات اليورو بسبب انخفاض قيمة الودائع". بحسب فرانس برس.

واثارت الخسائر الفادحة التي ستلحق بالمدخرين في المصرفين الاساسيين في قبرص استنكارا كبيرا ازاء اي شخص يشتبه في انه استغل مركزه او معلومات لحماية ودائعه، ويواجه كبار المودعين في مصرف بنك قبرص الاول في الجزيرة خسائر حتى 60% بينما سيتعين على المودعين في مصرف لايكي الثاني الانتظار لسنوات قبل استعادة ودائعهم في الوقت الذي يواجه فيه المصرف خسارة الاف الوظائف، وتسعى الحكومة الى تحرير ال40% المتبقية من الودائع التي تفوق المئة الف يورو في بنك قبرص والتي لا تشملها الضريبة بموجب الخطة التي تم التوصل اليها مع الاتحاد الاوروبي والمصرف المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي.

ايطاليا

على صعيد ذو صلة اقدم زوجان ايطاليان في الستينات من العمر على الانتحار بعدما عجزا عن تسديد ايجار منزلهما، بحسب ما اعلنت الشرطة الايطالية، وعثر الجيران على جثة الرجل البالغ من العمر 62 عاما وزوجته البالغة 68 عاما، صباح الجمعة في بيتهما في منطقة مارش وسط البلاد، وبحسب الشرطة، فان فرضية الانتحار لدوافع اقتصادية لا شك فيها، اذ يبدو ان الزوجين عجزا في ايامهما الاخيرة عن تسديد ايجار المنزل. بحسب فرانس برس.

وكانت السيدة، وتدعى انا سوبرانزي، تتقاضى راتبا تقاعديا بسيطا قوامه 500 يورو شهريا، اما زوجها روميو ديونيزي، فهو واحد من ضحايا اجراءات اتخذت لمواجهة الازمة الاقتصادية جعلته عاطلا عن العمل دون اي تعويض او راتب تقاعدي.

والقى شقيق انا سوبرانزي البالغ من العمر 73 عاما نفسه في البحر فور سماعه الخبر، وانتشل هو الآخر جثة هامدة، ويبدو ان الزوجين قد اعدا للانتحار بعناية، اذ تركا رسالة امام المنزل يعتذران فيها عن هذا الفعل، ويوضحان اين يوجد جثماناهما.

وقال رئيس البلدية توماسو كورفاتا للصحافيين وهو يكفكف دموعه "يبدو انهما فضلا الرحيل على طلب المساعدة، مظهرين عفة نفس عالية"، ودعا السلطات الايطالية الى "عدم ترك الناس"، والى "التفكير في ما يجري (اقتصاديا) والبحث عن حلول سريعة".

اليونان

من جهة أخرى قال الخبير الاقتصادي ديونيزيس بالوردوس ان "المجتمع اليوناني يعيش شرذمة غير مسبوقة" وهو يعاني من الانكماش للسنة السادسة على التوالي مع تراجع اجمالي الناتج الداخلي باكثر من 20 بالمئة.

واوضح بالوردوس لوكالة فرانس برس ان تراجع العائدات نتيجة سياسة التقشف التي قضت بالاقتطاع من الرواتب ومعاشات التقاعد وزيادة الضرائب منذ اندلاع ازمة الديون عام 2010 "قلصت الطبقة الوسطى التي تقترب من عتبة الفقر فيما ازداد الفقراء فقرا، ما يزيد من حدة الفوارق الاجتماعية".

وارتفع الفقر في اليونان الى 21,4% عام 2011 ليشمل 2,3 مليون شخص يكسبون اقل من 60% من متوسط العائدات، مقابل 20,1% عام 2010، في حين يبلغ المتوسط المسجل عام 2011 في دول الاتحاد الاوروبي ال27 نسبة 16,9% بحسب معهد يوروستات، ومع تسجيل هذه الارقام باتت اليونان تتصدر معدلات الفقر في الاتحاد الاوروبي مباشرة خلف بلغاريا (22,3% عام 2011) ورومانيا (22,2%) واسبانيا (21,8%). كما سجلت اليونان اعلى نسبة بطالة في الاتحاد الاوروبي وبلغت 27,2% في كانون الثاني/يناير، وندد الخبير في الامم المتحدة سيفاس لومينا في اثينا ب"ارتفاع الفقر" في هذا البلد الذي بات يسجل "اعلى نسبة في منطقة اليورو" على حد قوله، وقال "اذا ما اخذنا بالاعتبار التضخم وارقام البطالة عام 2009، فان ما يزيد عن ثلث اليونانيين اي 38% منهم باتوا دون هذه العتبة عام 2012 و43,8% من الاطفال (ما بين 0 و17 عاما)"، كما ازداد عدد المشردين منذ 2009 "بنسبة 25%" على حد قوله.

وبحسب دراسة للمركز اليوناني للابحاث الاجتماعية صدرت عام 2012 بقيادة بالوردوس فان هذه الارقام "ستتدهور اكثر بحلول العام 2014"، ويشار الى ان البنى الاجتماعية في اليونان المعروفة تقليدية بضعفها بالمقارنة مع باقي الدول الاوروبية كانت الاكثر تاثرا بالاقتطاعات من النفقات العامة التي فرضتها سياسة التقشف المالي، وقال لومينا بهذا الصدد انه "يتم تبني سياسات التقشف المسرفة في ظل نظام رعاية اجتماعية ضعيف لا يمكنه في الوقت الحاضر امتصاص صدمة البطالة وتخفيض الاجور ومعاشات التقاعد".

ويرى الخبير انه "عوضا عن اعطاء الاولوية للمساعدة الاجتماعية، يبدو ان الاولوية تذهب لتصحيح المالية العامة على حساب الشعب اليوناني" مشيرا الى ان التقشف "يقوض" حقوق الانسان وخصوصا "الحق في العمل والضمان الاجتماعي والسكن والخدمات الصحية"، كما ان اليونان لم تفرض دخلا تضامنيا كما حصل في فرنسا التي اقرت "دخل التضامن الفاعل" فتجد نفسها محرومة من "اداة اجتماعية لا بد منها لمكافحة الفقر الشديد" بنظر كاتيرينا بوتو المسؤولة عن شبكة مكافحة الفقر، وبدأ جدل في اليونان حول فرض دخل الحد الادنى هذا لكن بوتو اعتبرت انه "جدل زائف". بحسب فرانس برس.

وقالت ان "دائني اليونان، الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي، ارغموها عام 2012 على خفض الحد الادنى للاجور الى 570 يورو مقابل 730، في اجراء اقر بدون وضع دراسة مسبقة حول مستوى المعيشة وتحديد عتبة للفقر. وهذا الاجر سيؤخذ حتما بالاعتبار لتحديد الحد الادنى للدخل الذي سيكون اكثر تدنيا بعد".

وبحسب اخر تدابير التقشف التي تم اقرارها عام 2012، يعود للدولة من الان فصاعدا ان تحدد الحد الادنى للاجر. وسيتم تجميده بمستوى 580 يورو حتى العام 2016 و511 يورو لمن هم دون 25 عاما، وقال نيكوس جورغاراكيس القانوني والباحث ان "الازمة طاولت حتى العائلة اليونانية التقليدية لانه لم يعد بوسعها ان تلعب دور الملاذ" الاقتصادي، وتابع ان "التباين قد يقود الى انفجار اجتماعي. وفي الوقت الحاضر فان القادة نجحوا في نقل مسؤولية الازمة على عاتق المواطنين ما قاد الى تشرذم المجتمع العاجز عن التحرك بصوت واحد".

من جانب آخر قال وزير الخارجية اليوناني ديميتريس افراموبولوس للبرلمان إن وزارة المالية اليونانية جمعت ملفا به كل الوثائق المتاحة ذات الصلة على مدى أكثر من ستة عقود، وذكر ان الملف سيسلم لخبراء القانون قبل ان تقرر أثينا كيف ستتحرك بشكل رسمي. ولم يحدد الوزير حجم الأموال التي ستطلبها اليونان، وقال لنواب البرلمان "سنستنفد كل السبل المتاحة للوصول إلى نتيجة.. لا يمكن المقارنة بين الأزمنة لكن يستحيل أيضا محو الذكريات."

وتقول المانيا التي احتلت قواتها اليونان أثناء الحرب العالمية الثانية إنها دفعت بالفعل كل التعويضات المستحقة، وعاد الموضوع إلى السطح العام الماضي بعد أن بدأت اليونان تعاني من إجراءات تقشف فرضها الدائنون عليها واهمهم ألمانيا كشرط في إطار خطة الانقاذ المالي التي وضعها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لكن افراموبولوس قال إنه لا يصح الربط بين القضية وأزمة الديون في اليونان.

اسبانيا وفرنسا

فقد اعلنت اسبانيا التي تعاني من ركود لا يتوقع ان يتحسن عام 2013 وتخضع لخطة تقشف غير مسبوقة تعرقل العودة الى الوظيفة، ارتفاعا جديدا في معدل البطالة مع اكثر من ستة ملايين عاطل عن العمل بنسبة تاريخية بلغت 27,16% مسجلة بذلك اعلى معدل في الدول الصناعية.

واعترفت وزيرة الدولة للعمل انغراسيا هيدالغو بانه وضع " كارثي"، واكثر المتضررين هم الشباب مع نسبة 57,22% للذين تتراوح اعمارهم بين 16 الى 24 سنة. وهي ظاهرة تدفع الكثير من الشباب الاسبان ومعظمهم من خريجي الجامعات الى السفر للخارج للبحث عن وظيفة.

وفي سياق هذه الازمة الاجتماعية الخطيرة يتوقع ان تعلم الحكومة المحافظة الجمعة اصلاحات اقتصادية جديدة، وفي فرنسا التي تتوقع افاق تنمية ويواجه رئيسها الاشتراكي فرنسوا هولاند تراجعا مستمرا في شعبيته، ارتفع عدد طالبي الوظيفة في اذار/مارس للشهر الثالث والعشرين مع رقم قياسي للعاطلين عن العمل الذين بلغ عددهم خمسة ملايين و33 الف، وامام الحاح الوضع دعا رئيس الدولة الى "تجمع البلاد" حول هذا الملف "الاساسي" مع الابقاء على "هدف" عكس مؤشر البطالة "في نهاية العام". بحسب فرانس برس.

واكد هولاند في بكين ان زيارته للصين تخدم ايضا معركة الوظيفة في فرنسا. وقال "ما اريده هو ان يتمكن الفرنسيون من التجمع حول هذه القضية الوطنية الوحيدة: مكافحة البطالة"، وكان معدل البطالة في فرنسا في نهاية 2012 بلغ 10,6% اي اقل من المعدل القياسي لعام 1997 الذي بلغ 11,2% وذلك بسبب زيادة القوى العاملة خلال هذه الفترة.

1.8 مليون عاطل عن العمل بعام واحد

في حين كشفت آخر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن منظمة اليوروسات التابعة للمفوضية الأوروبية، عن فقدان 1.8 مليون شخص لوظائفهم خلال عام واحد منذ مارس/ آذار 2012 فقط، وما يترتب على ذلك الأمر من إضافة أعباء جديدة على سرعة التعافي من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الاتحاد.

وأشارت الأرقام الرسمية إلى أنه وخلال شهر واحد منذ فبراير/ شباط الماضي ارتفع عدد العاطلين عن العمل بمعدل 69 ألف شخص، لتبلغ نسبة البطالة بذلك 12.1 في المائة.

وبالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي نجد أن معدل البطالة في الاتحاد الاوروبي لغاية شهر مارس/ آذار وصل إلى 11 في المائة، ليصعد بنسبة 1.1 في المائة لغاية الربع الأول من العام الجاري. بحسب السي ان ان.

وكشف التقرير أن أكثر الدول تأثرا بنسبة العاطلين عن العمل هي اليونان حيث تصل النسبة فيها إلى 27.2 في المائة وإسبانيا بنسبة 26.7 في المائة بالإضافة إلى البرتغال التي تصل نسبة البطالة فيها إلى 17.5 في المائة.

وعلى الصعيد الآخر كشفت الأرقام أن أقل الدول الاوروبية تأثرا بحجم البطالة، هي النمسا التي تصل فيها نسبة العاطلين عن العمل إلى 4.7 في المائة فقط بالإضافة إلى ألمانيا بنسبة 5.4 ولكسمبورغ بنسبة 5.7 في المائة.

الآلاف في أوروبا يحيون عيد العمال بمسيرات ضد التقشف

الى ذلك شارك آلاف العمال الذين يعانون من تدني مستوى المعيشة وارتفاع البطالة الى معدلات قياسية في احتجاجات بأنحاء أوروبا بمناسبة عيد العمال آملين اقناع حكومات منطقة اليورو بتخفيف اجراءات التقشف وتعزيز النمو.

وفي اسبانيا واليونان وايطاليا وفرنسا المثقلة بالديون بمنطقة اليورو خرج عشرات الالاف الى الشوارع للمطالبة بتوفير وظائف وانهاء أعوام من ترشيد الانفاق، وفي اسبانيا حيث انكمش الاقتصاد للربع السابع على التوالي ووصلت البطالة الى نسبة قياسية بلغت 27 بالمئة احتشد الاف المحتجين في العاصمة الاسبانية مدريد عبر شارع جران فيا التجاري الرئيسي ملوحين بالأعلام ورافعين لافتات تقول "التقشف يدمر ويقتل" و"الاصلاحات سرقة ونهب".

وقالت اليثيا كانديلاس (54 عاما) الموظفة السابقة بالحكومة والتي فقدت عملها منذ عامين "مستقبل اسبانيا يبدو مرعبا .. هذه الحكومة تعود بنا الى الوراء"، وقالت اتحادات عمالية ان 50 الفا خرجوا في مدريد وشارك أكثر من مليون شخص في مسيرات سلمية بانحاء البلاد. ولم يتسن التحقق من هذه التقديرات من مصدر مستقل. ولم تحدد الشرطة عدد المشاركين، وتوقفت حركة القطارات والعبارات وأضرب العاملون في البنوك والمستشفيات في اليونان بعد ان دعت أكبر نقابتين للعمال في القطاع العام والخاص هناك الى اضراب لمدة 24 ساعة وهو الأحدث ضمن سلسلة احتجاجات في بلد يعاني ركودا منذ ست سنوات.

وانتشر نحو ألف من رجال الشرطة في أثينا لكن المظاهرة التي شارك بها نحو خمسة الاف من العمال والمتقاعدين والطلاب المضربين مرت بسلام بعد أن اتجه المحتجون نحو البرلمان رافعين لافتات تقول "نحن لن نصبح عبيدا .. اخرجوا الى الشوارع"، وكان فرض اجراءات قاسية لخفض عجز موازنة اليونان شرطا لحصولها على حزمة مساعدات دولية لانقاذها من الافلاس والخروج من منطقة اليورو.

لكن عدد المحتجين الذين خرجوا الى الشوارع كان أقل من العام الماضي حين شارك 100 ألف في مسيرة باتجاه ميدان سينتاجما. وتحل اجازة يوم الأول من مايو قبل ايام من عيد الفصح عند المسيحيين الارثوذوكس لذلك كانت المدارس الحكومية مغلقة وسافر الكثير من العمال لقضاء العطلة، وتلقت اربعة من دول منطقة اليورو المثقلة بالديون وهي اليونان وايرلندا والبرتغال وقبرص مساعدات انقاذ. وفي ظل مؤشرات شبه معدومة على تحقيق نمو في منطقة اليورو يتوقع البنك المركزي الاوروبي خفض معدلات الفائدة الى مستوى قياسي يبلغ 0.5 بالمئة خلال اجتماعه المقرر.

وأبلغ رئيس الوزراء الايطالي الجديد انريكو ليتا ألمانيا ان حكومته ستفي بالتزامات ميزانيتها لكنه يتوقع ان تتخلى اوروبا عن شعار التقشف وتفعل المزيد لزيادة النمو.

واتبعت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل -التي يعتبرها كثيرون في جنوب اوروبا بطلة نهج ترشيد الانفاق- نبرة تصالحية قائلة "تعزيز الميزانية والنمو يحتاجان الى عدم وجود تناقض"، ونظم أكبر اتحادين للعمال في فرنسا -والمختلفان بشأن اصلاحات قانون العمل التي قدمها أولوند- مسيرتان منفصلتان بمناسبة عيد العمال. وتراجعت شعبية أولوند الى 25 بالمئة مع تخفيض الانفاق وارتفاع البطالة، وقالت الاتحادات الألمانية ان نحو 425 ألفا شاركوا في أكثر من 400 حدث بانحاء البلاد.

وخرج عشرات الالاف في المدن الرئيسية بايطاليا للمطالبة بتحرك حكومي لمكافحة البطالة التي بلغت 11.5 بالمئة في البلاد بوجه عام و40 بالمئة بين الشبان، وناشد البابا فرنسيس بابا الفاتيكان الحكومات في عيد العمال مكافحة البطالة قائلا ان "العمل شيىء أساسي من أجل كرامة الإنسان."

وقال أمام عشرات الالاف الذين احتشدوا في ساحة القديس بطرس للاستماع الى عظته الاسبوعية "افكر في كم العاطلين ليس فقط من الشبان .. في كثير من الاحيان بسبب تصورات اقتصادية بحتة للمجتمع تسعى للربح بشكل اناني خلافا لقيم العدالة الاجتماعية"، وخرج الالاف في لشبونة للمطالبة بانهاء التقشف الذي فرضه اتفاق المساعدة بين البرتغال والاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي وذلك بعد يوم واحد من إعلان الحكومة عزمها اجراء مزيد من الخفض في الانفاق. بحسب رويترز.

وخرجت مسيرات تقليدية لاحياء عيد العمال بعيدا عن منطقة اليورو. وفي روسيا ينتظر ان يشارك نحو 1.5 مليون شخص في مسيرات وهو عدد قليل جدا بالمقارنة مع الملايين التي اعتادت الخروج في عهد الاتحاد السوفيتي.

وفي تركيا استخدمت الشرطة مدافع المياه والقنابل المسيلة للدموع لتفريق جماهير تجمعت في وسط اسطنبول للمشاركة في مسيرة. وذكر مصور رويترز ان ستة اشخاص على الاقل اصيبوا، وعادة ما تستخدم السلطات التركية القوة لمنع تنظيم مسيرات في وسط المدينة وامتنعت هذا العام عن منح النقابات العمالية الكبرى تصاريح لتنظيم مسيرة في ميدان تقسيم بدعوى ان عمليات الانشاء الجارية فيه قد تشكل خطورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 6/آيار/2013 - 25/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م