الفكر الوهابي لدولة آل سعود... نموذج لانتهاك كرامة الانسان

 

شبكة النبأ: لاتزال المملكة السعودية التي تعتبر من أسوء الدول في مجال انتهاك حقوق الإنسان وتقيد الحريات، تواجه الكثير من الانتقادات الدولية، بسبب سيطرة القوانين القبلية والأفكار الدينية المتطرفة على أنظمة الحكم والقضاء واعتمادها على فتاوى رجال الدين المتشددين الساعين الى فرض وتطبيق الفكر الوهابي الذي ينص على مصادرة وتقيد جميع الحريات الشخصية والعامة بما فيها حرية المرأة وغيرها من الحقوق الأخرى، يتبنى أتباع الوهابية فكرة الدولة الدينية ويرون أن الدولة لابد أن تُحكم بالشريعة الإسلامية التي يرونها هم، وفي هذا الشأن فقد انتقد القضاة السعوديون ما يعتبرونها "رائحة كريهة لأفكار غربية" في الإصلاحات القانونية الشاملة التي ينتهجها الملك عبد الله مما يبرز الخلاف بين أصحاب الفكر المتجدد بالحكومة والمحافظين الدينيين.

وفي رسالة إلى وزير العدل محمد العيسى شكا ثمانية قضاة من المدربين الأجانب الذين يحلقون لحيتهم في مخالفة لتعاليم الاسلام واجتماعات الوزير مع دبلوماسيين من دول "كافرة" والخطط الرامية للسماح للمرأة بممارسة مهنة المحاماة. وقالت السفارة الأمريكية في تقييم عام 2009 كشف عنه موقع ويكيليكس "النظام (القضائي) يثبط همة المستثمرين الذين يعتبرون السلطة القضائية غامضة. تظل الاجراءات الادارية العتيقة والتدريب القضائي غير المناسب من المشكلات القائمة."

ويبت القضاة السعوديون في القضايا بناء على تفسيرهم الشخصي للشريعة. ويقول محامون ان قضايا متشابهة قد تصدر عنها أحكام مختلفة تماما. وتدخل الملك في بعض الحالات لإلغاء قرارات سببت حرجا للبلاد مثل الحكم الذي صدر عام 2007 بسجن امرأة تعرضت لاغتصاب جماعي بتهمة الخلوة غير الشرعية مع رجال لا صلة لهم بها.

لكن محامين ومسؤولا بوزارة العدل قالوا إن الاصلاحات لم تحرز سوى تقدم طفيف بعد مرور خمسة أعوام على اعلانها وهو الأمر الذي انحوا باللائمة فيه على المحافظين في وزارة العدل وداخل الهيئة القضائية. وقال المسؤول بوزارة العدل "اعتقد ان أغلبية القضاة يؤيدونها (الاصلاحات). يريدون ان يروا تطورا كمتخصصين ومن اجل المجتمع. ولكن يوجد 30 في المئة اخرين يحاربون (العيسى) ليلا ونهارا ويحاولون إبطاء ما يفعله."

وكان الملك عبد الله عين العيسى عام 2009 وأوكل اليه مهمة الاسراع بالتغيرات. والعيسى قاض كبير سابق ورجل دين بارز لكنه يعتبر شخصية معتدلة وأحد مهندسي الإصلاحات. وتتضمن الخطط إقامة محكمة عليا ومحاكم جنائية وتجارية واخرى خاصة بالعمل والأسرة وزيادة عدد محاكم الاستئناف بالإضافة إلى وضع سجل للحوادث السابقة المماثلة لمساعدة المحامين والقضاة في الاسترشاد به.

وقال جاسم العطية وهو محام معروف ان الأمر يتطلب الكثير من العمل لإقامة هذه المحاكم وأضاف انه لا يعتقد ان العمل يسير بالسرعة المطلوبة لتحقيق هذا الهدف. وتابع ان القضايا الاجتماعية على نحو الخصوص تتطلب اتخاذ إجراءات سريعة. بحسب رويترز.

وكان الأمر الأكثر إثارة للجدل بالنسبة للمحافظين هو اجراء تدريب للقضاة لا يتعلق بالشريعة والسماح لهم باستخدام مدارس اخرى من القانون الاسلامي إلى جانب المدرسة الصارمة المتبعة في المملكة. وقال القضاة في رسالتهم للعيسى ان المدرسين في المدارس القضائية غير مؤهلين وشكوا من ظهورهم بدون لحي وتدخينهم السجائر.

وفي وقت سابق وفي خطوة استهدفت تعزيز موقف العيسى قام الملك بتعيينه رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء الذي يتحكم في السلطة القضائية وهو منصب اعتاد ان يتولاه من قبل محافظون. وأقال الملك في السنوات الاخيرة شخصيات دينية كبيرة عينتها الدولة عارضوا علانية الاصلاحات ومنهم رئيس الهيئة القضائية.

المرأة السعودية

في السياق ذاته تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية نص بيان نسب لرجل الدين المعروف، عبد الرحمن بن ناصر البراك، يتعلق بالتطورات الأخيرة في المملكة، والتعبير عن رأيه في أنه ليس من حق المرأة في الإسلام المشاركة في مبايعة الإمام، بالإضافة إلى رفضه للانتخابات، واصفا إياها بأنها "من أسوأ ما دخل على المسلمين من طرائق الكافرين."

وقال البراك، الأستاذ السابق بجامعة محمد بن سعود الإسلامية، وأحد أبرز رموز التيار الديني المتشدد في المملكة، في رسالته إنه لا يحق للمرأة في الإسلام المشاركة في المبايعة أو أن تكون مستشارة "للإمام"، أي للحاكم، معتبرا أن الواقع الفقهي على مر عصور الإسلام، "لم يرد فيه ذكر بيعة المرأة للإمام كحق لها أو واجب عليها."

وأضاف، عبر صفحته الرسمية بموقع تويتر: "الدعوة إلى مشاركة المرأة في مناصب الرجال وحقوق الرجال التي مضى عليها المسلمون اثني عشر قرنا، هذه الدعوة من اتباع غير سبيل المؤمنين،" معتبرا أن النبي محمد ومن تبعه من الخلفاء الراشدين لم يقوموا بإجراء مماثل. وكان العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قد أصدر قرارا بتعيين 30 امرأة في مجلس الشورى، بما يمثل 20 في المائة من الأعضاء. بحسب CNN.

وتابع البراك قائلا، إن اختيار الإمام هو "من شأن أهل الحل والعقد وأهل الشوكة لا عامة الناس، كما هو المتبع في نظام الانتخاب،" واصفا نظام الانتخابات بأنه "فاسد" و"دخيل من أعداء الإسلام،" ويقوم على التسوية بين عامة الشعب وعلمائه وبين مختلف الطبقات. وختم البراك، بالقول إن "من أسوأ ما دخل على المسلمين من طرائق الكافرين ما دخل عليهم في شأن المرأة، وكان هذا موضع اهتمام الأمم والهيئات الكافرة"، على حد تعبيره.

الى جانب ذلك نصت مذكرة وقعها رئيس هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عبد اللطيف آل الشيخ ووزير العمل عادل فقيه على اقامة فاصل بارتفاع 160 سنتم بين البائعين والبائعات في المحلات المتعددة الانشطة. وتضمنت مذكرة التفاهم "تأنيث جميع محلات بيع المستلزمات النسائية وتخصيصها لعمل النساء لتقديم الخدمة لمثيلاتهن فقط، وفصل الاقسام النسائية في المحلات الكبيرة المتعددة الانشطة بحاجز لا يقل ارتفاعه عن 160 سنتم".

كما تضمنت "الاتصال بمركز الهيئة او الجهات الامنية لمساعدة البائعة وحمايتها في حال تعرضها لمضايقة او ابتزاز سواء في بيئة العمل او من المتسوقين". وكان آل الشيخ وجه الشهر الماضي انتقادات حادة الى وزارة العمل متهما اياها بالفشل في تطبيق قرار "تأنيث" محلات المستلزمات النسائية لان السعوديات "يتعرضن للتحرش".

وقال رئيس الشرطة الدينية البالغة النفوذ "رصدنا عددا من القضايا الاخلاقية، فيها تعديات وظلم للمرأة من خلال ما يقع لها من ابتزاز وتحرش وتغرير من قبل مرؤوسيها والعاملين معها في هذه المحلات التجارية". واتهم آل الشيخ الوزارة ب"عدم الالتزام بالضوابط الشرعية والآداب والتقاليد المعتبرة في ايجاد البيئة الصالحة لعمل المراة ما دفع كثيرا من المواطنات للعزوف عن العمل". وقد ندد رئيس الشرطة الدينية ب"دفع الفتيات للعمل في مطاعم الوجبات السريعة وغيرها من المحلات حيث تأكدت ان بعضهن يعملن في المطابخ جنبا الى جنب مع رجال اجانب، وهذا لا شك منكر عظيم وحط من قيمة المواطنة واستغلال لحاجتها بكسب لقمة العيش الحلال".

وكانت وزارة العمل طلبت من وزارة الشؤون البلدية والقروية اغلاق حوالى مئة محل للمستلزمات النسائية في الرياض، تبيع الملابس الداخلية وادوات التجميل بسبب وجود باعة رجال يعملون فيها. ووزارة الشؤون البلدية والقروية هي الجهة المكلفة منح التراخيص. وتمنع الوزارة توظيف عاملين وعاملات معا في محل واحد، الا اذا كانت المحلات موزعة على اقسام مختلفة.

من جانب اخرقالت مصادر متطابقة ان نحو عشرين من "المحتسبين" المتطرفين تجمعوا امام مقر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الرياض احتجاجا على عمل المرأة ومشاركة الهيئة في معرض الكتاب ومهرجان الجنادرية. وأضافت ان "هؤلاء يعترضون على قيام الهيئة بتنظيم عمل المرأة" كما أنهم نددوا ب"تساهلها" حيال بعض الأمور وخصوصا مشاركتها في معرض الكتاب ومهرجان الجنادرية.

ويذكر ان الهيئة تطبيق الشريعة الإسلامية المتشددة وتسيير دوريات لإغلاق المحلات خلال أوقات الصلاة ولرصد "الخلوات غير الشرعية" بين رجال ونساء. ويتأكد عناصرها المعروفون بالمطاوعة من عدم إقدام المرأة على قيادة السيارة واحترام ارتداء العباءة السوداء وتغطية الرأس، وحتى الوجه أحيانا. وتمنع الهيئة أيضا تنظيم حفلات موسيقية عامة.

القضاء السعودي

على صعيد متصل بدأت محكمة سعودية محاكمة رجل دين من رموز التيار السلفي في المملكة بتهمة الإساءة والتعريض بأحد أعضاء مجلس الشورى عبر إعادة نشر قصيدة تهاجمه، بحسب مصادر قضائية. وقالت المصادر ان المحكمة الجزائية في الرياض بدأت النظر في الدعوى التي رفعها عضو مجلس الشورى عيسى الغيث على الشيخ محمد العريفي مشيرة الى تاجيل الجلسة الى 27 حزيران/يونيو المقبل لكي يتمكن وكلاء العريفي من تقديم الردود.

وتابعت ان الغيث يعتبر نشر القصيدة "جريمة الكترونية عقوبتها السجن سنة ودفع غرامة 500 الف ريال (133 الف دولار) اما تهمة زواج المسيار التي تعتبر تعد على الشؤون الشخصية فعقوبتها ثلاثة ملايين ريال (800 الف دولار) والسجن خمس سنوات". وأضافت ان العريفي الذي يحظى بمتابعة الملايين على تويتر لم يحضر الجلسة انما ارسل وكيله الشرعي برفقة محامين، موضحة ان القاضي امر وسائل الاعلام الحاضرة بالخروج من القاعة.

وكان الغيث اعلن عزمه التقدم بشكوى ضد داعية يتهمه بالعلمانية ومعناها "الكفر في ثقافتنا وادبياتنا ما قد يهدر دمي". وقال عضو مجلس الشورى والقاضي واستاذ الفقه المقارن "سأقاضي عبدالله الداوود الذي اتهمني بوصف العلمانية ويفهم منه التكفير وذلك باسمه صراحة على تويتر وهذا قد يهدر دمي عند الجهلاء وهو بذلك يعرض حياتي للخطر".

واتهم الداوود الغيث بالدعوة الى "التدرج في قيادة المرأة للسيارة" بعد ان صرح عضو مجلس الشورى قائلا ان هذا الامر "ليس قضية شرعية مجردة وانما سياسية وامنية وقانونية في المقام الاول ومن الخطأ استفراد رجال الشريعة بتحديد مصيرها". يذكر ان الداوود يطالب بتغطية وجه الطفلة "المشتهاة وفرض الحجاب عليها منذ سن الثانية".

الى جانب ذلك نشرت صحف سعودية ومغردون على موقع توتير قصيدة منسوبة الى المدون السعودي الشاب حمزة كشغري المعتقل بتهمة الردة يطلب فيها الصفح من النبي محمد عما قال انه عصيان وضلال، فيما تستمر حملة عبر موقع التواصل الاجتماعي هذا للمطالبة بالافراج عن هذا الشاب.

ونشرت صحيفة عكاظ وصحيفة "سعودي غازيت" هذه القصيدة القصيرة المنسوبة الى كشغري والتي يتناقلها مئات المغردين بمن فيهم اخوه عمار. ويقول حمزة كشغري في هذه القصيدة "يا سيدي يا رسول الله تصفح عن غر جهول .. هوى في أول العمر، عصى فعاش بعيدا في ضلالته، حيران لم يدر يا مولاي لم يدر". ويضيف "لو كنت حيا لما احتار الفتى أبدا، وكنت تمسح باليمنى على صدري. لو كنت حيا لما فز الفتى فزعا، يا سيد الخلق سامح أصغر الذر".

وتنقسم الاراء في السعودية بين مؤيد للعفو عنه لانه تاب وبين مطالب بمعاقبته بقسوة ليكون عبرة لغيره وسط تحذير التيار المتشدد من انتشار "الالحاد". وتستمر حملة عبر تويتر للمطالبة بالافراج عن كشغري، وكتب اخوه عمار تغريدة قال فيها "من ناحية انسانية حمزة اعتذر وندم! من ناحية قانونية حمزة حبس اكثر من ستة شهور! من ناحية شرعية قد تم تصديق توبته من المحكمة العليا في الرياض".

بدوره كتب هيثم طيب "حمزة أساء الأدب مع نبينا فغضبنا، اعلن اعتذاره، واجه القضاء، تاب وتمت المصادقة على توبته، ولا زال حبيسا. من حقه أن نغضب لأجله". وكتب مغرد يطلق على نفسه "المتأمل"، "اذا كان سجنه حسب الشريعة فقد تاب حسب الشريعة، فاطلقوا سراحه حسب الشريعة ".

وكان المدون الشاب (23 عاما) فر من السعودية بعد ان اطلقت "تغريداته" على تويتر جدلا واسعا في البلاد واعتبره كبار رجال الدين "مرتدا" و"كافرا"، الا ان ماليزيا التي سافر اليها، أعادته الى المملكة. وتعاقب المملكة التي تعتمد تطبيقا صارما للشريعة الاسلامية بالإعدام على جرائم الاغتصاب والردة والقتل والسطو المسلح وتهريب المخدرات وممارسة السحر والشعوذة. بحسب فرنس برس.

ونسب الى كشغري عدد من الرسائل عبر تويتر تشبه الخواطر اعتبرت مسيئة جدا للنبي محمد. كما نسبت اليه رسائل اخرى تناولت الذات الالهية. ومن هذه الرسائل "نيتشه قال مرة ان قدرة الاله على البقاء ستكون محدودة لولا وجود الحمقى ماذا سيقول لو رأى الهيئة" في اشارة الى هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (المطاوعة) في السعودية.

وكتب كشغري الذي كان يعمل في صحيفة "البلاد" بمناسبة عيد المولد النبوي الذي لا تحتفل به المملكة "في يوم مولدك اجدك في وجهي اينما اتجهت. سأقول انني احببت اشياء فيك، وكرهت اشياء اخرى ولم افهم الكثير من الاشياء الاخرى. ساقول انني احببت الثائر فيك، لطالما كان ملهما لي ولم احب هالات القداسة، لن اصلي عليك".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 6/آيار/2013 - 25/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م