الامارات والاخوان... ربيع مسحوق أم مؤجل؟

 

شبكة النبأ: في الاونة الأخيرة بدا واضحا على الأمارات ملامح التراجع الحقوقي والجمود السياسية، الممزوجة بهواجس القلق من احتمال امتداد آثار الربيع العربي إليها فسارعت إلى عزل المعارضين خصوصا وان الإمارات لا تسمح بأي معارضة سياسية منظمة.

حيث اعتقلت السلطات الإماراتية عدد من الخلايا الإسلامية مؤكدة انها تتآمر للمساس بامن الدولة وقلب نظام الدولة، وان هذه الخلايا مرتبطة بـ جماعة الاخوان المسلمين المحظورة في الامارات.

فعلى من الرغم سعي جماعة الإخوان المسلمين إلى طمأنة الإمارات بأنها لن تسعى لإحداث تغيير سياسي خارج الحدود المصرية، غير ان الدولة الخليجية تهمتهم بزرع خلايا داخل الامارات تعمل على التآمر للإطاحة بحكومة وإقامة حكم إسلامي في كل دول الخليج.

إذ يرى الكثير من المحللين ان الإحداث الأخيرة المتمثلة بحملة الاعتقالات ضد المتهمين بالتآمر على نظام الحكم في الامارات، تكشف نوبات صراعات جديدة بين الإماراتين والاخوان المسلمين ما بين تشكيل ربيع اخواني وتغيير نظام ملكي لدولة ظلت عليه على مدى عقود طويلة.

فيما تسعى السلطات المصرية الى اتفاق مع السلطات الإماراتية حول قضية المعتقلين من جماعة الاخوان، حيث اثارات هذه القضية حساسية سياسية على مستوى غير مسبوق بين الجانبين، قد تاثر سلبا على علاقتهما في المستقبل القريب. وفي الوقت نفسه تلقى الامارات عاصفة من الانتقادات والاتهامات الحادة من لدن المنظمات الحقوقية حول اللجوء الى التعذيب بحق معتقلين في الدولة، ويرى بعض المراقبين ان رد حكومة الامارات على المعارضة يوجه ضربات قوية تحت الحزام لهم، قد تنهي الربيع الاخواني الموعود نهائيا او ربما تأجيله الى حين قريب.

محاكمة المتهمين بقلب النظام

في سياق متصل عقدت محكمة امن الدولة الاماراتية جلسة جديدة في اطار محاكمة المواطنين ال94 المتهمين بالتآمر على نظام الحكم في البلاد، فيما تم تحديد الجلسة المقبلة في السادس من ايار/مايو بحسبما اعلنت السلطات في بيان.

وتاتي الجلسة الجديدة فيما توجه منظمات حقوقية نداءات متزايدة لبريطانيا للتدخل لصالح المتهمين فيما تستقبل لندن رئيس الامارات الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان في زيارة دولة، وذكر البيان الاماراتي الذي نشرته الوكالة الرسمية ان 73 من المتهمين و13 من المتهمات حضروا المحاكمة اضافة الى 143 شخصا من اهالي المتهمين و21 من ممثلي وسائل الإعلام المحلية واربعة من اعضاء منظمات المجتمع المدني بينهم اثنان من اعضاء جمعية الإمارات لحقوق الإنسان واثنان من جمعية الامارات للحقوقيين والقانونيين.

واستمعت المحكمة في جلسة الى عدد من شهود النفي كما أطلعت بحسب البيان "على تقرير اللجنة المكلفة بمراجعة حسابات الموارد المالية للتنظيم"، والاسلاميون الذي يحاكمون اوقفوا بين اذار/مارس وكانون الاول/ديسمبر 2012 وهم اعضاء او مقربون من جمعية الاصلاح الاسلامية المحظورة المرتبطة بالاخوان المسلمين. بحسب فرانس برس.

ودعت ثماني منظمات غير حكومية تدافع عن حقوق الانسان من بينها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، الجمعة بريطانيا الى الضغط على الامارات العربية المتحدة في مسألة محاكمات الاسلاميين المعارضين التي وصفتها ب"الجائرة".

وقد اعتبرت وزارة الخارجية الاماراتية ان تقرير الخارجية الاميركية السنوي حول وضع حقوق الانسان في الامارات "غير متوازن" ويغض النظر عن "التقدم" الذي احرزته الدولة الخليجية في هذا المجال، وكانت الخارجية الاميركية اعتبرت في تقريرها السنوي حول وضع حقوق الانسان في العالم والذي صدر في 19 نيسان/ابريل، ان "اهم ثلاث مشاكل في مجال حقوق الانسان في الامارات هي الاعتقالات التعسفية والحجز الانفرادي وفترات الاعتقال الطويلة التي تسبق المحاكمات، والحدود المفروضة على الحريات المدنية، وعدم قدرة المواطنين على تغيير حكومتهم".

ملف حقوق الانسان

فيما دعت ثماني منظمات غير حكومية تدافع عن حقوق الانسان بريطانيا الى الضغط على الامارات العربية المتحدة المتهمة باللجوء الى التعذيب بحق معتقلين بينهم بريطانيون، واجراء "محاكمات جائرة" لمعارضين، ويبدأ الرئيس الاماراتي الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان اول زيارة رسمية يقوم بها لبريطانيا.

وقالت مديرة فرع منظمة هيومن رايتس ووتش في الشرق الاوسط سارا ليا ويتسون في بيان مشترك اصدرته المنظمات ان "الامارات تحولت بلدا يسجن ويعذب من يقولون ما يفكرون فيه"، واضافت "بالنظر الى ان بريطانيين هم بين ضحايا التجاوزات، على رئيس الوزراء (ديفيد كاميرون) ان يظهر شجاعة ويضع حدا لصمته عن النتائج السيئة للامارات على صعيد حقوق الانسان".

وكانت ويتسون تشير الى ثلاثة بريطانيين اعتقلوا في تموز/يوليو الفائت لحيازتهم مخدرات وتحدثت تقارير عن تعرضهم للتعذيب اثناء اعتقالهم، الامر الذي نفته السلطات.

من جانبها، اعتبرت كايت هيغام من منظمة ريبريف البريطانية ان "تعذيب" البريطانيين الثلاثة يجب ان يكون "البند الاول على جدول اعمال" زيارة الرئيس الاماراتي، واعتبرت ان "بسط السجادة الحمراء لنظام قام بتعذيب مواطنينا سينظر اليه العديد من البريطانيين باستياء كبير"، واضافة الى هاتين المنظمتين، حضت منظمات العفو الدولية والكرامة والشبكة العربية لحقوق الانسان و"فرونتلاين" ومركز الخليج لحقوق الانسان رئيس الوزراء البريطاني على اثارة قضية "تصاعد انتهاكات" حقوق الانسان. بحسب فرانس برس.

وطالبته ايضا باثارة قضية 94 معارضا اماراتيا تمت محاكمتهم بتهمة محاولة الانقلاب على السلطة. وهذه المجموعة التي تضم 13 امراة على صلة بحركة الاصلاح القريبة من الاخوان المسلمين، وقال الن هوغارث من منظمة العفو الدولية "نشتبه في ان الثروة الهائلة للامارات تشكل درعا بالنسبة اليها يقيها الانتقادات حول ملف حقوق الانسان"، مؤكدا ان "على ديفيد كاميرون ان يبدد هذه الشكوك عبر التحدث بوضوح، وعلى الشيخ خليفة ان يدرك ان هذا الملف مرفوض بكل بساطة".

في القوت نفسه اتهم تحالف يضم سبع منظمات حقوقية دولية السلطات الإماراتية بارتكاب تجاوزات خطيرة فيما يتعلق بمحاكمة 94 من منتقدي الحكومة الإماراتية بمنع ذويهم ومراقبين دوليين تعسفيا من حضور جلسات المحاكمة، وحثت المنظمات السلطات الإماراتية على التحقيق في اتهامات بالتعذيب وإتاحة حضور جلسات المحاكمة.

وقال التحالف إن اعتقال عبد الله الحديدي، ابن أحد المتهمين الـ94، في الحادي والعشرين من مارس/آذار 2013 واتهامه بنشر تفاصيل غير حقيقية عبر شبكة الانترنت يعزز المخاوف بشأن نزاهة المحاكمة، ويتكون التحالف من مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومركز الخليج لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان.

وحضر الحديدي أربع جلسات محاكمة منذ بدء المحاكمة في الرابع من مارس/آذار، وكتب بعض التفاصيل الخاصة بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأخطر مسؤولون المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي الحديدي والعديد من أقارب المتهمين بأن السلطات لن تسمح لأي منهم بحضور جلسات المحاكمة، وذلك قبل يوم من اعتقال الحديدي.

ويواجه المتهمين، الذين يحاكم ثمانية منهم غيابيا، أحكاما بالسجن تصل إلى 15 عاما حال إدانتهم بانتهاك المادة 180 من قانون العقوبات الذي يحظر تأسيس أو تنظيم أو إدارة كيان يهدف قلب النظام السياسي في الدولة.

وتضم قائمة المتهمين حقوقيين بارزين وقضاة ومحامين ومدرسين وقيادات طلابية، ومعظم المعتقلين أعضاء في جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي، وهي جمعية لا تنتهج العنف وشاركت في نقاشات سياسية سلمية في الإمارات على مدار عدة أعوام وتدعوا إلى قدر أكبر من الالتزام بالتعاليم الإسلامية.

وقال ممثلو وسائل إعلام محلية، ممن سمحت لهم السلطات بحضور جلسات المحاكمة، إن المدعين تحدثوا عن امتلاكهم أدلة تفيد بأن المتهمين انشئوا منظمة موزاية، تعرف بدعوة الإصلاح، وأنها تتبنى أهدافا وأيديولوجية مختلفة. بحسب البي بي سي.

وتقول سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "منع المراقبين المستقلين والأقارب من حضور المحاكمة يزيد من الشكوك بشأن الأسباب التي تجعل السلطات في حاجة للتستر على ما يقال وما يحدث في الداخل"، وأضافت: "إذا كانت في مقدر السلطات الإماراتية تقديم أدلة مقبولة تفيد بأن هؤلاء المتهمين ارتكبوا الجرائم، فلماذا يحيطون الإجراءات بسرية؟.

مطالبات المنظمات الحقوقية

من جهتها حثت منظمات لحقوق الانسان سلطات دولة الامارات العربية المتحدة يوم الاربعاء على السماح للجمهور بحضور محاكمة 94 شخصا متهمين بالتآمر للاستيلاء على السلطة في الدولة العربية الخليجية.

وألقي القبض على أكثر من 60 شخصا في حملة على إسلاميين خلال العام المنصرم وسط قلق متزايد بين المسؤولين من انتقال الاضطرابات من دول عربية أخرى.

وشككت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان مع منظمات حقوقية أخرى في عدالة الاعتقالات والاجراءات القانونية المحلية وعبرت عن القلق بشأن اعتقال عبد الله الحديدي ابن أحد المتهمين الاربعة والتسعين.

وقالت سارة لي ويتسون مدير منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش في بيان ان "منع مراقبين مستقلين وافراد العائلة من دخول المحكمة لن يؤدي الا لزيادة الشكوك بشأن السبب في ان السلطات تحتاج الى اخفاء ما يقال وما يجري في الداخل"، واضافت "اذا كان بامكان سلطات الامارات العربية المتحدة ان تقدم ادلة مقبولة وذات مصداقية على ان هؤلاء المتهمين ارتكبوا جرائم فلماذا تغلف الاجراءات بالسرية؟"، والبيان الذي صدر وقع عليه ائتلاف منظمات حقوقية تضم منظمة العفو الدولية والشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان والاتحاد الدولي لحقوق الانسان، وقال مصدر قريب من حكومة الامارات ان التفاصيل التي تخرج من الجلسات تبين ان أمن واستقرار الامارات كانا معرضين للخطر.

وقال المصدر لرويترز "المحاكمة تجري بطريقة شفافة للغاية وفي وجود الاعلام ومنظمات المجتمع المدني التي كتبت تقارير عن تفاصيل هذه المحاكمة"، ووفقا لقوانين الامارات العربية المتحدة وقواعد المحاكم فان وسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني الاماراتية فقط هي التي يسمح لها بحضور جلسات المحاكمات. بحسب رويترز.

ونقلت وكالة انباء الامارات في يناير كانون الثاني عن النائب العام سالم سعيد كبيش قوله ان اعضاء المجموعة سعوا الى اختراق مؤسسات الدولة بما فيها المدارس والجامعات والوزارات، وقال قائد شرطة دبي ضاحي خلفان لرويترز في مقابلة نشرت ان المتهمين وبينهم محامون ومدرسون وقضاة وعضو من الاسرة الحاكمة في الامارات بلغوا مرحلة متقدمة في مؤامرتهم المزعومة، وقالت صحف الامارات ان المتهمين ينتمون الى حركة الاصلاح الاسلامية المحلية التي تقول انها تريد اصلاحا سلميا وليس لها علاقة مباشرة بجماعة الاخوان المسلمين في مصر، وجاء في البيان ان الانتهاكات الخطيرة في الاجراءات القانونية الواجبة في الفترة السابقة على المحاكمة تضمنت احتجاز 64 شخصا على الاقل من المعتقلين في اماكن غير معلومة لفترات وصلت الى عام قبل المحاكمة. وقال البيان ان العديد من المعتقلين لم يسمح لهم بالحصول على مساعدة قانونية حتى اوخر فبراير شباط.

وقال البيان "عندما التقوا في نهاية المطاف مع محاميهم كان هناك ممثل لمدعي امن الدولة في الغرفة وعلى مقربة يمكنه سماع ما يقال في انتهاك لمتطلبات القانون الدولي بشأن الخصوصية في المحادثات بين المحامين وموكليهم"، واضاف البيان ان الجماعات الحقوقية وثقت "مزاعم يعتد بها عن التعذيب في منشآت أمن الدولة بالامارات على مدى سنوات عديدة" وحث السلطات على توفير فحوص مستقلة من جانب الطب الشرعي للمتهمين الذين يقولون انهم تعرضوا للتعذيب. وتنفي الامارات استخدام التعذيب.

مصر تسأل الإمارات عن معتقلين من الإخوان

الى ذلك أعلنت وزارة الخارجية المصرية انها استدعت القائم بالأعمال الإماراتي بالقاهرة لإبلاغه بمطالب ينقلها لحكومته بشأن مصريين ألقت سلطات أبوظبي القبض عليهم قبل ثلاثة أشهر في قضية أمنية، وينتمي المقبوض عليهم إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تحكم مصر.

وكان الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان أوفد مدير المخابرات العامة رأفت شحاتة ومسؤولين آخرين إلى الإمارات في أعقاب القبض عليهم لاجراء محادثات مع المسؤولين، وقال بيان إن مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية على العشيري استدعى أحمد المنهالي االقائم بالأعمال وطالبه بأن ينقل إلى سلطات بلاده "اهتمامنا بسرعة الانتهاء من التحقيقات بشأن المعتقلين المصريين على ذمة القضية الأمنية."

وأضاف البيان أن العشيري طالب القائم بالأعمال الإماراتي أيضاً بأن تعمل حكومته على "تمكين ذويهم من زيارتهم وتسهيل الرعاية القنصلية لهم من جانب سفارتنا في أبوظبى بما في ذلك إصدار توكيلات من جانبهم إلى ذويهم بالإضافة إلى صرف رواتبهم"، وفي عهد الرئيس السابق حسني مبارك ربطت مصر والإمارات علاقات قوية لكن علاقات البلدين توترت في ظل حكم الإخوان المسلمين لأكبر الدول العربية سكاناً.

وقال بيان الخارجية المصرية إن المطالب شملت أيضاً "استعجال رد الجانب الإمارتي بالنسبة لطلب المجلس القومي لحقوق الإنسان (المصري) ونقابة أطباء مصر لزيارة المعتقلين." وأضاف "أكد القائم بالأعمال الإماراتي أنه سينقل هذه المطالب (إلى حكومته) بشكل فوري" وأنه سيوافي الخارجية المصرية بالرد. بحسب رويترز.

وكان أقارب للمقبوض عليهم نظموا عدة احتجاجات أمام سفارة الإمارات وأمام جامعة الدول العربية، وكانت صحيفة بالإمارات قالت إن المقبوض عليهم الذين قالت إن عددهم يزيد على عشرة هم "خلية" يشغل أعضاؤها مواقع قيادية بجماعة الإخوان.

وقالت أيضاً إنهم عملوا من أجل تجنيد مصريين يعملون بالإمارات وحولوا مبالغ مالية إلى الجماعة في مصر وجمعوا معلومات عن أوضاع الإمارات الدفاعية وألقوا محاضرات عن وسائل تغيير نظم الحكم في الدول العربية، ونفت جماعة الإخوان المسلمين ما نسب إلى المقبوض عليهم مشددة على أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 5/آيار/2013 - 24/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م