المراقد المقدسة خط أحمر

 

شبكة النبأ: هناك مرتكزات اساسية، يستند عليها التماسك المجتمعي، تمثل الدعامات الواقية من الانهيار، ومن اهم هذه المرتكزات واكثرها قوة وتأثيرا، المراقد والاماكن المقدسة، والدين على وجه العموم، وفي حالة فقدان هذه الركيزة والتغاضي عما تتعرض له من تجاوزات وانتهاكات متطرفة، فإن المجتمع برمته سوف يتعرض للانهيار، وستكون النتائج وخيمة ليس على المستوى الديني او الاجتماعي فحسب، بل سيمتد ذلك ليطول مجالات الحياة كافة كالسياسة والاقتصاد والتعليم والصحة والثقافة وسواها.

ولاشك اننا جميعا نعي ماذا سينتج عن الانهيار، حتى المتطرفون الذين يتسببون في الانتهاكات والتجاوزات على المقدس الديني يعرفون تمام المعرفة مخاطر ما يفعلون، والمصاعب التي ستحل الفوضى في عموم مكونات المجتمع، لأن البناء المجتمعي يرتكز على الدين ويتماسك من خلال المراقد المقدسة التي تعمق قيم الخير والاصلاح، وفقدانها او ضياع هيبتها يعني الانهيار الحتمي للمجتمع وانتشار الفوضى اللااخلاقية، بسبب فقدان المنظومة القيمية بكاملها.

فالمجتمع الذي لا يحترم مقدساته ودينه لا يحترم القيم التي يتماسك من خلالها، وهكذا ستكون النتيجة، الاحتراب والفوضى والاقتتال والتدمير والتعصب، وهذا هو الهدف الذي يلهث نحوه المتطرفون دائما، لذلك فإن استهداف الاماكن والمراقد المقدسة استهدف للانسانية جمعاء، كما فعل الارهابيون المتطرفون مؤخرا مع قبر الصحابي إذ نقلت وسائل الاعلام المختلفة أن  مجموعات تابعة لـ «الجيش السوري الحر» نبشت قبر الصحابي الجليل «حجر بن عدي» في منطقة عدرا بريف دمشق واستخراج الجثمان ودفنه في مكان غير معروف. ونشرت على موقع «فايسبوك» صورتين للقبر بعد نبشه، وكتب تحت إحدى الصورتين «هذا مقام حجر بن عدي الكندي: أحد مزارات الشيعة في عدرا البلد، حيث قام أبطال الجيش الحر بنبش القبر ودفنه في مكان غير معروف بعدما أصبح القبر مركزاً للشرك بالله». وذكرت الأنباء أن المسلحين عاثوا خراباً في المقام، وقاموا بإخلاء القبر، ونقلوا جثمان الصحابي إلى مكان مجهول.

إن هذا الفعل البائس المدبر من لدن مجاميع ارهابية متعصبة ومتطرفة لم يأت من فراغ، اذ أن هناك جهات اهلية وحتى حكومية تقف وراءه، والدليل الماثل امام الجميع، صمت الحكومة السعودية على الاعمال الاجرامية التي تقوم بها مجاميع التكفيريين الوهابيين وغيرهم، ولعل بقاء البقيع مهدما الى الان امام انظار الحكومة السعودية اوضح دليل على قبولها بما تقترفه ايدي المتطرفين التكفيريين من تجاوزات وانتهاكات صارخة للمراقد والاماكن المقدسة، وهذا له الاثر الكبير والخطير على المجتمع الاسلامي برمته، فضلا عن المجتمع السعودي نفسه الذي سيبقى معبئا بالضغينة والحقد وما يتبع ذلك من مخاطر جسيمة.

لذا ينبغي أن تتحرك المؤسسات والمنظمات الدينية والفكرية، اضافة الى الجهد الحكومي للدول الاسلامية، لكي تضع حدا قاطعا لمثل هذه الجرائم والانتهاكات الخطيرة، كونها تمس جوهر الاسلام اولا، فضلا عن تأثيرها الخطير على التماسك المجتمعي، ونشر الفوضى وتقويض القيم وتدميرها، وجعل الدين دون تأثير ولا حرمة، الامر الذي يصنع اجيالا من الشباب وسواهم لا يعرفون قيمة المقدس ولا دوره في حفظ المجتمع وبنيانه المتماسك.

لذلك على الجهات المعنية بما في ذلك الحكومات أن تقوم بالتعاقد والتوقيع على وثيقة تحرّم التجاوز على الاماكن المقدسة بأية طريقة كانت، لاسيما قضية الهدم بحجة انها تتنافى مع الشريعة، وهو امر لم يرد فيه نص قرآني او حديث نبوي على الاطلاق، بل على العكس منذ لك وكما ذكرنا سابقا ان قداسة الامكنة والمراقد الشريفة تعضد من منظومة القيم، لأفراد ومكونات المجتمع كافة وتجعله اكثر تقاربا وانسجاما وتفاهما، واكثر قدرة على التعايش، ومن ثم الانتاج الامثل والتطور والازدهار، لاسيما اننا نعيش عالم الابتكار والتطور المضطرد للعالم اجمع.

لهذا ينبغي ان يتفق جميع المسلمين في وثيقة عهد تؤكد على ان المراقد الشريفة والاماكن المقدس خط احمر لا يجوز عبوره او حتى التماس معه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 5/آيار/2013 - 24/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م