نووي إيران... مفاوضات بين شد وجذب

 

شبكة النبأ: على الرغم من الإخفاقات المستمرة التي تشهدها المحادثات الخاصة بين القوى العظمى وإيران بشأن الملف النووي الإيراني الذي شهد بعض التطور والإضافات في الفترة الأخيرة ، فلاتزال الجهود مستمرة في سبيل الوصول الى حلول دبلوماسية مرضية لجميع الأطراف في سبيل تجنب استخدام الخيار العسكري في سبيل إرغام إيران على ترك هذا الملف وهو خيار صعب قد يقود المنطقة الى حرب كارثية يصعب السيطرة عليها او التنبؤ بخسائرها بحسب بعض المراقين، الذين أكدوا على ضرورة اعتماد طرق الحوار المباشر وإيجاد خطط بديلة لأجل الوصول الى نتائج تريح الجميع وأولهم إيران التي تسعى الى الحصول على بعض التنازلات الإضافية في هذا الخصوص، حيث كررت ايران عزمها على مواصلة تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك بعد القلق الذي أبدته القوى الكبرى حيال برنامجها النووي المثير للجدل.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمنبراست ان "ايران عضو ملتزم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وستواصل تعاونها" مع هذه المنظمة. وأضاف ان "ايران، وهي أحدى اولى الدول التي وقعت معاهدة حظر الانتشار النووي، تفي بالتزاماتها في اطار المعاهدة"، مذكرا بان الوكالة الذرية تشرف على الأنشطة النووية لطهران.

وأعربت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) عن "قلقها" حيال البرنامجين النوويين لإيران وكوريا الشمالية في اطار متابعة تنفيذ معاهدة الحظر النووي. وبسبب رفضها وقف أنشطتها الحساسة، فرضت الأمم المتحدة عقوبات على ايران بادر الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الى تشديدها عبر حظر مصرفي ونفطي.

في السياق ذاته سيترك مسؤولان نوويان كبيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية يقودان المحادثات مع إيران منصبيهما في الوكالة هذا العام مما قد يحرم الوكالة من خبرة كبيرة في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني. ويتزامن التعديل في فريق الوكالة مع وصول جهود الوكالة إلى طريق مسدود على ما يبدو. وتبذل الوكالة جهودا منذ مطلع العام الماضي لإقناع إيران بالسماح لمفتشيها باستئناف تحقيق متوقف منذ فترة طويلة في أبحاث تجريها إيران تتعلق بصنع قنبلة نووية.

وينحى دبلوماسيون غربيون باللائمة في فشل محاولات التوصل إلى اتفاق على العراقيل التي تضعها إيران وهو اتهام تنفيه طهران ويقول البعض إن الوكالة التابعة للأمم المتحدة قد تحتاج في وقت قريب إلى إعادة النظر في أساليبها. وقد تجرى جولة جديدة من المحادثات في مايو أيار. وقال دبلوماسي في فيينا "اعتقد أننا نقترب من عملية إعادة ضبط محتملة. من الواضح أن إيران استطاعت تعطيل العملية."

وقال مصدر دبلوماسي اخر إنه تم تعيين رافائيل جروسي المدير العام المساعد للوكالة الدولية مندوبا للأرجنتين في الوكالة. وكانت الوكالة قالت إن مسؤولا نوويا فنلنديا كبيرا هو تيرو فارجورانتا سيخلف هرمان ناكيرتس بعد أن يتقاعد في الخريف من منصبه كرئيس لعمليات التفتيش في الوكالة والمكلف بمراقبة الأنشطة الإيرانية الذرية. وترأس ناكيرتس وهو بلجيكي وجروسي فريق الخبراء التابعين للوكالة الذي عقد تسعة اجتماعات مع مبعوثين إيرانيين منذ أوائل عام 2012 في محاولة لم تجد إلى الآن لدخول مواقع والإطلاع على وثائق والاجتماع بمسؤولين في هذا البلد.

وقال مارك فيزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية "رحيلهما يحرم الوكالة من المسؤولين اللذين أمضيا معظم الوقت في العامين الماضيين في الحديث مع الإيرانيين على مستويات عالية." غير أن المحللين والدبلوماسيين أكدا أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو هو الذي يقود النهج الصارم الذي تتبعه الوكالة التي تقرر السياسة.

وقال مارك هيبز من مؤسسة كارنيجي "من المحتمل أن يكون للتعديل الإداري الذي تجريه الوكالة في المستوى الأقل من أمانو تأثير ضئيل على المحادثات مع إيران." ومحادثات ايران مع الوكالة منفصلة عن المحادثات الدبلوماسية الأوسع بين طهران والقوى الست الكبرى. وتسعى المحادثات مع القوى الست الى حل النزاع النووي المستمر منذ عشر سنوات سلميا لمنع نشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط.

وفشلت آخر جولة من المحادثات في فبراير شباط في تحقيق تقدم كبير من شأنه أن يمكن الوكالة من استئناف تحقيقها وقال دبلوماسي يوم الجمعة إن هناك امكانية لإجراء جولة جديدة من المحادثات في مايو أيار. ونفى التلفزيون الإيراني نقلا عن مصدر مقرب من الفريق الإيراني المفاوض تقريرا لوسائل الإعلام بأن وكالة الأمم المتحدة وطهران اتفقتا بالفعل على عقد اجتماع في منتصف مايو. بحسب رويترز.

وفي اواخر 2011 نشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرا يتضمن معلومات مخابرات تشير إلى ابحاث سابقة في ايران يمكن ان تكون لها صلة بالاسلحة النووية بعضها ربما يكون ما زال مستمرا. ورفضت ايران ما توصل إليه هذا التقرير وقالت انه لا أساس له. وتنفي ايران المزاعم الغربية بأنها تسعى لتطوير القدرة على صنع اسلحة نووية وتقول ان انشطتها النووية لتوليد الكهرباء. لكن رفضها الحد من انشطتها النووية التي يمكن ان تستخدم في المجالين العسكري والمدني على حد سواء وعدم تعاونها الكامل مع مفتشي الوكالة الدولية أديا الى تشديد العقوبات الغربية التي استهدف الصادرات النفطية الايرانية.

نتنياهو و إيران

على صعيد متصل حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من ان “العقوبات القاسية” المفروضة على ايران قد لا تكون كافية لمنعها من حيازة السلاح الذري. وقال نتنياهو : علينا أن نمنع إيران من حيازة اسلحة نووية. واضاف لقد رأينا تبعات حصول دولة مارقة على السلاح الذري، في اشارة الى كوريا الشمالية، مشددا على ان العقوبات القاسية والمفاوضات، لا تكفي دوما لمنع الجمهورية الاسلامية من الحصول على القنبلة الذرية. وكان رئيس الاركان الاسرائيلي الجنرال بني غانتز اكد في وقت سابق أن الجيش الاسرائيلي يملك القدرات على التحرك بمفرده ضد البرنامج النووي الايراني.

وردا على سؤال عن قدرات الجيش الاسرائيلي على مهاجمة ايران لوحده، قال نعم، بالتأكيد. واضاف لدينا خططنا وتوقعاتنا وتقييماتنا وسنقرر عندما يحين الوقت. وكرر غانتز تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اكد في وقت سابق ان اسرائيل لا يمكنها ان تترك مصيرها بين ايدي دول اخرى حتى افضل اصدقائنا في مواجهة الخطر النووي الايراني.

وفي مقابلة اخرى مع الموقع الالكتروني لصحيفة يديعوت احرونوت، قال غانتز ان امكانية توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية ضد ايران ليست وشيكة، مؤكدا انه يعطي الاولوية للعقوبات المفروضة على طهران. واعتبر غانتز ان لدى ايران الوسائل للوصول الى قدرة نووية قبل نهاية العام ولكن هذا لا يعني بانها ستقوم بذلك. واضاف يجب زيادة الضغط على ايران العزلة والعقوبات واستمرار الضغط بالاضافة الى القدرات العملية التي لن نحددها.

غير ان وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعالون اكد ان اسرائيل يجب ان لا تشن حملة ضد ايران مشددا على ان هذه الحملة العسكرية يجب ان يقوم بها المجتمع الدولي بينما على اسرائيل ان تستعد لامكانية ان تجد نفسها مرغمة على الدفاع عن نفسها بنفسها. وشدد الوزير على انه فقط بعمل حيوي يمكننا مواجهة هذا الخطر، ولا يمكننا ان نوقف هذا المشروع (النووي الايراني) الا اذا وضعنا النظام الايراني بين معضلة الاختيار بين الحصول على القنبلة او الحفاظ على ديمومته. وكان الرئيس الامريكي باراك اوباما اكد في وقت سابق ان ايران تحتاج الى عام ونيف للحصول على السلاح النووي مشيرا الى انه لا يريد بالتاكيد انتظار اللحظة الاخيرة.

الى جانب ذلك حذّر مساعد رئيس الأركان العامة في القوات المسلحة الإيرانية، من أن بلاده قادرة على تدمير تل أبيب وحيفا في أقصر وقت ممكن. ونقلت وكالة أنباء (مهر) الإيرانية، عن العميد محمد حجازي، قوله على هامش المهرجان العلمي البحثي الرابع لحرس الثورة، قوله ان قواتنا المسلحة جاهزة بكامل قوتها، لتنفيذ تهديدات قائد الثورة بأقصر وقت ونأمل أن لا يرتكبوا الصهاينة هكذا حماقة”. بحسب يونايتد برس.

وكان حجازي، يرد على سؤال حول مدى جهوزية القوات المسلحة الايرانية في تنفيذ تهديد خامنئي بتدمير تل أبيب وحيفا في حال ارتكاب إسرائيل أية حماقة. وتعليقا على تصريحات بعض المسؤولين الغربيين حول الملف النووي الإيراني، بأن الخيار العسكري ضد إيران ما زال مطروحاً على الطاولة، قال حجازي ان مثل هذه التصريحات ما هي إلا شعارات لا أكثر. وكان مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي حذر في وقت سابق بتدمير تل أبيب وحيفا إذا ما ارتكبت إسرائيل أية حماقة ضد إيران.

مزيد من المفاعلات

من جانب اخر وبعد يوم من وقوع زلزال قوي قرب محطة الطاقة النووية الوحيدة في ايران قالت وسائل اعلام محلية ان طهران تعتزم بناء مزيد من مفاعلات الطاقة النووية في المنطقة الساحلية المعرضة للزلازل. وقال مسؤولون ايرانيون والشركة الروسية التي شيدت المحطة النووية على مسافة 18 كيلومترا جنوبي بوشهر ان المحطة لم تتأثر.

كما ذكر بيان صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن ايران أبلغت الوكالة "بعدم وقوع أي اضرار في محطة بوشهر للطاقة النووية وعدم انبعاث أي اشعاع من منشآتها." ورفضت ايران مرارا مخاوف بشأن السلامة في محطة بوشهر المقامة في منطقة بها نشاط زلزالي كبير على ساحل البلاد المطل على الخليج وبدأ تشغيلها عام 2011 بعد عقود من التأخير.

وأعلن رئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية بعد ساعات من الزلزال ان مزيدا من المفاعلات ستشيد في المنطقة. وقال فريدون عباسي دواني رئيس الهيئة في تصريحات نشرتها وكالة مهر للانباء شبه الرسمية "هذا الزلزال لا تأثير له على منشأة محطة بوشهر للطاقة النووية." واستطرد "لم تكن محطة الطاقة تولد الكهرباء او ترسلها الى الشبكة في ذلك الوقت ومع ذلك فان محطة بوشهر للطاقة مصممة لتتحمل زلازل تزيد قوتها على ثماني درجات بمقياس ريختر وهي تعمل."

وصرح بأن الموقع في بوشهر يمكن ان يستوعب ستة مفاعلات للطاقة وان بناء وحدتين جديدتين قادرتين على انتاج 1000 ميجاوات على الاقل سيبدأ هناك "في المستقبل القريب." وحددت ايران 16 موقعا آخر في اماكن مختلفة من البلاد تصلح لبناء محطات نووية فيها. وتقع ايران على خطوط صدع رئيسية وتعرضت للعديد من الهزات الارضية المدمرة في السنوات الاخيرة ومنها زلزال قوته 6.6 درجة عام 2003 سوى مدينة بم في جنوب شرق البلاد بالارض وقتل أكثر من 25 الف شخص. وفي اغسطس اب قتل اكثر من 300 شخص حين وقع زلزالان في شمال غرب البلاد. بحسب رويترز.

وذكر تقرير نشرته مؤسسة كارنيجي البحثية الامريكية واتحاد العلماء الامريكيين ان "من نذر الخطر" ان مفاعل بوشهر يقع على تقاطع ثلاث صفائح تكتونية وهي الصفائح التي تحدث الزلازل عند حدودها بسبب حركتها النسبية. لكن هذا التحذير لم يلق آذانا صاغية. وقدرت مؤسسة كارنيجي تكلفة محطة بوشهر على مدى أربعة عقود بنحو 11 مليار دولار مما يجعلها من أكثر المحطات تكلفة في العالم.

في السياق ذاته دشنت إيران منجمي يورانيوم سيزودان مجمعا جديدا بالكعكة الصفراء في ولاية يزد (وسط) على ما افاد التلفزيون الرسمي. ويقع المنجمان في ساغند على بعد حوالى مئة كيلومتر من المجمع الجديد في اردكان. وسيتمتع المجمع بقدرة انتاج سنوية تبلغ 60 طنا من الكعكة الصفراء وهي يورانيوم مركز يستخدم لاحقا لانتاج اليورانيوم المخصب، بحسب التلفزيون. ويتم تحويل الكعكة الصفراء الى مادة اليورانيوم المعدنية المخصصة لانتاج غاز سداسي فلوريد اليورانيوم (يو.اف.6) المستخدم في الات الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.

واعلنت ايران عن اكتشاف مناجم ساغند في العام 2000 لكن الخبراء الغربيين اشاروا الى انها تحوي معادن سيئة النوعية. واعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في خطاب نقله التلفزيون في بث حي "في الماضي كنا نعتمد على الخارج للتزود بالكعكة الصفراء لكن بفضل الله ها نحن ندشن المنجم تلو الاخر بتنا نمتلك مجمل سلسلة انتاج الطاقة النووية". وتابع "اصبحنا بلدا نوويا ولا احد يمكن انتزاع ذلك منا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 25/نيسان/2013 - 14/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م