تفجيرات بوسطن... إرهاب يكتنفه الغموض بين الخارج والداخل

 

شبكة النبأ: في الاونة الأخيرة سقطت الولايات المتحدة الأمريكية في أتون فوضى امنية وسياسية كبرى، وذلك على خلفية تفجيرين في ولاية بوسطن الأمريكية، حيث اثارت هذه الحداثة مخاوف كبيرة لدى الامريكيين من انها عملية إرهابية تقف ورائها أهداف وأجندات خارجية تهدف الى زعزعت الأمن القومي الأمريكي.

حيث يرى الكثير من المحللين لم تكن تفجيرات ماراثون بوسطن تكرارا لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2011، كما انها ليست قريبة الشبه منها ايضا.

فقد راح ضحية تفجيرات بوسطن ثلاثة اشخاص بينما اسفرت هجمات الحادى عشر من سبتمبر عن مصرع قرابة ثلاثة آلاف شخص.

ومع ذلك يبدو انها ذات صلة بصراعات تدور فى النصف الاخر من الكرة الاضية فى القوقاز، إذ تشير أصابع الاتهام الى تورط شقيقين من أصل شيشاني اسلامي، فيما نفى والدي المتهمين بالتفجيرات وان ما حدث هو تلفيق للتهم ضدهما من قبل السلطات الامريكية، والسبب دائما لان هناك استهداف للمسلمين في امريكا.

فعلى الرغم من اندماج مسلمي الولايات المتحدة في المجتمع بشكل جيد، إلا أن غالبية الأمريكيين يقابلونهم بالشك، حيث تشن بعض الأوساط الأمريكية بشكل مستمر حملات تحرض على الكراهية ضد المسلمين، بالتعصب والعنصرية.

لكن غموض الحداثة ودوافعها، تطرح مؤشرات أخرى، قد تدخل حداثة بوسطن تحت نظرية المؤامرة، خصوصا وان هناك صراع سياسي داخلي حاد حول الهيمنة والنفوذ السياسي، باستخدام أدوت محلية لتحقيق أجندات لقلب الطاولة السياسية، حيث تعكس هذه المعطيات آنفة الذكر عدة تساؤلات مثل: هل أن الهجوم إرهابا من الداخل أم الخارج؟، وهل ستشهد الولايات الأمريكية الأخرى مثل هذه الأحداث، وكيف ستتعامل الإدارة الأمريكية مع مثل هذا الخطر الامني المكلف؟، ولا يزال هناك الكثير من الاسئلة بدون اجوبة في هذه القضية شديدة الغموض.

فالملاحظ بأن حادثة بوسطن  تشكل ضغطا كبيرا داخل المعترك السياسي الأمريكي، وربما تشهد الأوضاع السياسية والأمنية الأمريكية صراعات جديدة، قد تزعزع الهيبة الأمريكية داخليا وخارجيا.

في سياق متصل قالت والدة المشتبه به الثاني في تفجيري بوسطن وهو من أصل شيشاني ان ابنها كان تحت مراقبة مكتب التحقيقات الاتحادي لثلاث سنوات على الاقل، وقالت زبيدة تسارناييفا لقناة روسيا توداي الروسية التي تبث بالانجليزية في مقابلة مسجلة عبر الهاتف حصلت عليها رويترز انها تعتقد ان ابنها برئ وان التهمة ملفقة.

وقتل تيمورلنك تسارناييف (26 عاما) في تبادل لاطلاق النار مع الشرطة فيما لاحقت الشرطة شقيقه جوهر وألقت القبض عليه بعد مطاردته ليوم كامل، وقالت الام بالانجليزية مستخدمة الترجمة المباشرة لكلمة روسية تعني المراقبة "كان (تيمورلنك) تحت سيطرة مكتب التحقيقات الاتحادي ربما لثلاث أو خمس سنوات"، وأضافت الأم في المكالمة التي قالت روسيا توداي انها أجريت معها من مدينة مخاتشكالا التي تعيش فيها في اقليم داغستان الروسي "كانوا يعرفون ما يفعله ابني وكانوا يعرفون اي المواقع على الانترنت يزور."

وكررت الام ما قاله والد المشتبه بهما الذي قال انه يعتقد ان التهمة لفقت لهما. وقال الاثنان في مقابلتين منفصلتين ان مكتب التحقيقات الاتحادي لم يخف حقيقة ان واحدا على الاقل من الشقيقين كان تحت المراقبة. بحسب رويترز.

وقال انزور تسارناييف للقناة الاولى الروسية "لا اعتقد ان ولدي خططا ونظما العمل الارهابي لأنهما يعرفان ان الاجهزة الامنية الامريكية تراقبهما"، واضاف "قالوا (رجال الامن) اننا نعرف ماذا تأكل وماذا تقرأ على الانترنت" لكنه لم يوضح كيفية اتصال ضباط الامن بولده، وفي مقابلتها مع روسيا توداي لمحت الام الى ان ضباطا من مكتب التحقيقات الاتحادي زاروا منزلها عندما كانت تعيش في الولايات المتحدة وقالوا لها ان تيمورلنك "كان حقا قائدا متطرفا وانهم يخشون منه."

وقالت الام "هذا امر من الصعب للغاية أن أسمعه. ما يمكنني قوله بصفتي أم هو انني واثقة بنسبة مئة في المئة ان هذه التهمة ملفقة"، ولم تقل الام ما اذا كان مكتب التحقيقات الاتحادي قد بدأ الاهتمام بتيمورلنك لكنها اشارت ايضا إلى مسألة اهتمام الاجهزة الامنية بالمواقع التي يزورها على الانترنت.

وقال مسؤولون حكوميون امريكيون ان الاخوين لم يكونا تحت المراقبة للشك في انهما متشددان. لكن مكتب التحقيقات الاتحادي قال في بيان انه استجوب تيمورلنك في 2011 بناء على طلب حكومة اجنبية لم يسمها، وقال المكتب ان المسألة اغلقت لأن المقابلات مع تيمورلنك وافراد اسرته "لم تكشف اي نشاط ارهابي داخلي او خارجي."

وكان بيان مكتب التحقيقات الاتحادي اول دليل على ان الاسرة لفتت انتباه المسؤولين الامنيين بعد ان هاجروا إلى الولايات المتحدة من داغستان قبل حوالي عشر سنوات، ولم يتضح متى غادرت تسارنييف وزوجها الولايات المتحدة.

فيما ذكرت الشرطة الأميركية ان "الشقيقين المشتبه في انهما منفذا اعتداء ماراثون بوسطن كان بحوزتهما ست قنابل ومسدس وبندقية خلال مطاردة الشرطة لهما والتي قتل فيها تامرلان (تيمورلنك) تسارناييف"، وقال ادوارد ديفو قائد شرطة ووترتاون، احدى ضواحي بوسطن، في حديث للسي.ان.ان "كان معهما ست قنابل على الاقل".

واضاف الشرطي "عثرنا على اناء ضغط" احدث "انفجاراً قوياً خلال تبادل اطلاق النار"، موضحاً ان "المحققين عثروا ايضا على قنبلتين يدويتين وعبوتين اخريين لم يتمكن الشقيقان من تفجيرها اضافة الى عبوة اخرى عثر عليها في سيارتهما".

واضاف انه كان مع تامرلان وجوهر ايضا "مسدس وبندقية"، وخلال عملية المطاردة الي بدأت بعد ان قتل الشقيقان شرطياً في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا في ضاحية كامبريدج "تم تبادل اكثر من 200 طلق ناري لمدة خمس او عشر دقائق".

وروى الشرطي كيف خرج تامرلان من الظلام و"تقدم مطلقا النار على رجال الشرطة الذين كانوا يريدون الاقتراب منه". وبعد نفاد الذخيرة منه حاول اثنان او ثلاثة من رجال الشرطة الامساك به وتقييده الا ان الاخ الاصغر الذي كان يستقل سيارة مرسيدس سوداء رجع بها الى الوراء باتجاههم، واضاف "احد الشرطيين صاح انتبهوا"، وعلى الاثر ابتعدوا فاسرع نحو شقيقه وجر جسده لبضعة امتار". بحسب فرانس برس.

واستناداً الى ادوارد ديفو فان تامرلان قتل في المكان الا ان وفاته لم تعلن الا من قبل الاطباء في المستشفى الذي نقل اليه جوهر، وكان الاخ الاصغر، الذي اصيب في تبادل اطلاق النار، لاذ بالفرار وسط النيران وترك سيارته على بعد شارعين او ثلاثة شوارع من المكان "اختفى تحت جنح الظلام. ثم فقدنا الاتصال معه". وبعد 24 ساعة تمكنت الشرطة من اعتقال الشاب الذي كان مختبئا في مركب موضوع في حديقة بضاحية ووترتاون.

مسيرة الاخوين تسارناييف

على الصعيد نفسه تركز التحقيق في اعتداء بوسطن على مسيرة الاخوين تسارناييف المتهمين بالوقوف ورائه حيث تامل الشرطة التمكن من استجواب الاخ الاصغر جوهر الذي القي القبض عليه مصابا بجروح خطيرة.

لكن جوهر الذي عثر عليه في مركب موضوع في حديقة في ووترتاون الضاحية الغربية لبوسطن بعدما فر من الشرطة راجلا قبل ليلة نقل بعد اعتقاله الى المستشفى في حالة خطيرة لا تسمح في هذه المرحلة باستجوابه.

للحصول على اكبر قدر من المعلومات يمكن ان يستخدم مكتب التحقيقات الفدرالي في البداية وضع "استثناء الامن العام" لاستجواب جوهر كما ذكرت وسائل اعلام اميركية من بينها صحيفة نيويورك تايمز، ويعني هذا الاجراء ان لا يستفيد جوهر تسارناييف بالحق الذي يطلق عليه "ميراندا" والذي يمنحه حق التزام الصمت وان يكون معه محام خلال عملية استجوابه، وقال السناتوران الجمهوريان جون ماكين وليندساي غراهام في بيان "الان وبعد اعتقال المشتبه به فان اخر ما نريده هو ان يلزم الصمت. من الضروري جدا استجوابه للحصول على معلومات".

ورغم ان الشاب الشيشاني الاصل حصل على الجنسية الاميركية العام الماضي فان ماكين وغراهام طالبا بوضعه في خانة "العدو المقاتل" اسوة بمعتقلي غوانتانامو.

من جانبه شدد رئيس الشيشان، الجمهورية الواقعة في القوقاز الروسي، على انهما "لم يعيشا في الشيشان". وقال "لقد عاشا ودرسا في الولايات المتحدة (...) يجب البحث عن جذور الشر في الولايات المتحدة". بحسب فرانس برس.

وبعد التحقق من اتصالات تامرلان ومواقع الانترنت التي كان يتردد عليها ولقاء معه ومع اشخاص قريبين منه لم يجد مكتب التحقيقات الفدرالي اثرا "لاي نشاط ارهابي".

الأمم المتحدة

من جهتها عمدت الأمم المتحدة إلى تعزيز الإجراءات الأمنية في مقرها الرئيسي ومكاتبها في أميركا والعالم، بعد التفجيرين اللذين وقعا خلال ماراثون بوسطن، ما خلف 3 قتلى و170 جريحاً.

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال مؤتمر صحافي في نيويورك عن تعزيز الإجراءات الأمنية في مقرها الرئيسي بنيويورك ومكاتبها في أميركا، مضيفاً "نحن نحاول أيضاً تشديد الإجراءات الأمنية لكل بعثاتنا في مختلف أنحاء العالم"، معربا عن أمله في أن تتمكن السلطات الأميركية من اكتشاف منفذي تفجيري بوسطن وجلبهم أمام العدالة. وقال "آمل بصدق أن يتوحد المجتمع الدولي ويلتزم في المعركة ضد مثل هذه الاعتداءات الإرهابية". بحسب يونايتد برس.

يشار إلى ان الأمم المتحدة لم تسلم من التفجيرات والهجمات، إذ فجر مقرها في بغداد في 19 آب/ أغسطس 2003 ما أسفر عن مقتل 33 شخصاً، فيما فجرت سيارة مفخخة في مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الجزائر في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2007 ما أدى إلى مقتل 17 شخصاً، في حين قتل 5 موظفين من الأمم المتحدة وأصيب 9 آخرون في هجوم في أفغانستان في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2009.

بعد تفجير بوسطن.. طبقة أمنية حول ملاعب مونديال البرازيل

من جهتهم قال المسؤولون البرازيليون الليلة إنهم يتابعون عن كثب التحقيق في التفجيرات التي وقعت أثناء سباق الماراثون بمدينة بوسطن الأميركية، للنظر في القيام بأية تغييرات على إجراءات الأمن لبطولة كأس العام لكرة القدم التي ستقام في البرازيل العام المقبل، ودورة الألعاب الأولمبية عام 2016م، ولكن مسؤولاً في الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، قال إن الاتحاد يخطط حالياً لتشديد الأمن بالنسبة إلى بطولة كأس العالم التي ستقام في البرازيل 2014، وذلك على ضوء هجوم بوسطن. وأوضح الأمين العام للفيفا غرومي فالكه في مؤتمر صحافي خلال زيارته لهاييتي اليوم الثلاثاء ، إن الإجراءات ستتضمن نشر عملاء خدمة سرية وضباط شرطة وجيش وضباط من الانتربول، وسيتم إضافة طبقة حماية أمنية ثانية حول كل ملاعب البرازيل، التي ستقام فيها مباريات كأس العالم، مع عمليات تفتيش لكل فرد يمر عبرها. وكما حدث في بطولة كأس العالم الماضية التي أقيمت في جنوب أفريقيا سيتم تخصيص قمر اصطناعي لتوفير الرقابة فوق البرازيل.

بعد بوسطن.. ماراثون لندن يراجع أمنه

الى ذلك بدأت سلطات لندن، مراجعة الإجراءات الأمنية المقررة سلفا استعدادا لماراثونها الشهير المقرر الأحد، وذلك على خلفية التفجيرات التي هزت ماراثون بوسطن، مما أدى الى مقتل ثلاثة وإصابة أكثر من 170 آخرين.

ويعد ماراثون لندن واحداً من أبرز المسابقات الرياضية في العالم، ويستقطب سنويا ما لا يقل عن 35 ألف مشارك، وأعلنت جوليا بيندري المسؤولة في شرطة لندن في بيان "سنراجع الترتيبات الأمنية ذات الصلة بماراثون لندن"، وعبّر نيك بيتل المدير التنفيذي للماراثون عن الأسف "البالغ وبالصدمة لأنباء ما حدث في بوسطن" مشيرا إلى أنه يتم تطوير الخطة الأمنية المتعلقة بماراثون لندن بالتنسيق مع شرطة لندن". بحسب السي ان ان.

ورغم التفجيرين يعتزم الأمير هنري، الابن الأصغر لولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، المشاركة في الماراثون، ومن جهته، قال فيتالي موتكو وزير الرياضة الروسي إن الهجوم "الإرهابي الذي وقع خلال إقامة سباق ماراثون بوسطن هو تحذير خطير لروسيا" التي تستضيف في الأشهر المقبلة عددا من الأحداث الرياضية الكبرى.

تورط سعودي في انفجاري بوسطن

من جهة أخرى أكد الملحق الثقافي السعودي في الولايات المتحدة محمد العيسى أن ما نشر عن تورط سعودي في الانفجارين اللذين وقعا بمدينة بوسطن الأمريكية تكهنات لا أساس لها من الصحة، ونقلت صحيفة (الشرق) السعودية على موقعها الإلكتروني الثلاثاء عن العيسى قوله إن السفير السعودي في واشنطن “طمأنني بعدم وجود أية ملاحظة وأية شبهات عن وجود سعوديين مصابين أو متورطين”. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وقال العيسى إنه “لم يتبين حتى الآن إصابة أي طالبٍ سعودي في الانفجارين اللذين وقعا في وسط مدينة بوسطن بقرب نقطة نهاية سباق ماراثون بوسطن في ولاية ماساشوستس شمال شرق الولايات المتحدة”، وأكد حرص سفارة السعودية بالولايات المتحدة والملحقية على التأكد من سلامة مواطنيها وطلابها الدارسين.

بوتين يعرض المساعدة

في حين ندد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بهجوم بوسطن في الولايات المتحدة الذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص وأصاب حوالي 150 آخرين، وأعرب عن قناعته بأن مكافحة “الإرهاب” تتطلب تنسيقا نشطا لجهود المجتمع الدولي، وقال بوتين إن بلاده مستعدة لتقديم الدعم في التحقيق الذي تجريه السلطات الأمريكية في الهجوم،معربا عن تعازيه لأوباما.

وكان ميخائيل مارجيلوف رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي قد قال في وقت سابق الثلاثاء إن جماعات داخلية “متطرفة” دبرت الهجوم في بوسطن بطلب من أطراف مرتبطة بشبكات “الإرهاب الدولي”. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وقال مارجيلوف لوكالة “نوفوستي” الروسية للأنباء اليوم :”تدل القنابل اليدوية الصنع التي لم ينفجر عدد منها على أن جماعات داخلية متطرفة،على الأرجح،دبرت الهجوم بطلب ممن لهم صلة بشبكات الإرهاب الدولي”، واعتبر أن هجوم بوسطن لا يقارن بهجمات 11 أيلول/ سبتمبر من حيث عدد الضحايا، ولكنه تذكير بأنه لم يتم تحقيق “النصر على الإرهاب” في العالم.

وأضاف أن ماراثون بوسطن حدث دولي مهم، مشيرا إلى أن منظمي ماراثون لندن يفكرون في إلغائه الآن. وشدد المسؤول الروسي على أن “الهدف الرئيسي للإرهابيين هو ترويع الناس″.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 24/نيسان/2013 - 13/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م