لبنان إذ يلتقط كرة اللاجئين

عريب الرنتاوي

أوردت صحيفة "السفير" اللبنانية في عددها الصادر الجمعة الفائت، خبراً مفاده أن حكومتي لبنان والأردن تبحثان في إنشاء مناطق إنسانية آمنة فوق الأراضي السورية، بموافقة الحكومة السورية، لا بالضد من إرادتها، من أجل وقف تدفق اللاجئين السوريين إلى هذين البلدين، خصوصاً في ظل تواتر الأنباء عن احتمالات تضاعف أعداد هؤلاء اللاجئين (نصف مليون لاجئ حالياً في كل بلد من البلدين)، ومع "تبخر" وعود مؤتمر الكويت للدول المانحة للاجئين السوريين.

الصحيفة قالت، ان اتصالات قد جرت بين عمان وبيروت بهذا الصدد، وأن اتصالات ستجري مع الحكومة السورية، بغرض البحث في التفاصيل العملية واللوجسيتة وغير ما هنالك من إشكاليات، قبل التوجه إلى المجتمع الدولي بهذا المشروع المشترك، من أجل نقل الفكرة إلى حيز التنفيذ.. وأشارت الصحيفة إلى قيام كل من الأردن ولبنان، وفي توقيت متزامن، بنقل ملف اللاجئين إلى مجلس الأمن، في ظل زيادة المخاوف والأعباء والقلق الناجمة عن تزايد وتائر اللجوء السوري.

الحكومة الأردنية لزمت الصمت حيال هذا الموضوع، لم نسمع أي شيء عن اتصالات بهذا الشأن، أو عن "مناطق آمنة توافقية"، كما أننا لا نعرف ما إذا كان البحث بين عمان وبيروت قد اشتمل ايضاً على إجراء اتصالات مماثلة مع "المعارضات السورية"، كونها باتت لاعباً ميدانياً وسياسياً، يصعب تجاوزه.. كما لم نعرف بعد، ما إذا كان سيجري إشراك الدول الداعمة للنظام والمعارضة على حد سواء، في الجهود التحضيرية لإنشاء مثل هذه المناطق، باعتبار أن "الداعمين" لأطراف النزاع السوري، باتوا مؤثرين جداً، أو بالأحرى، مستأثرين بآليات صنع القرار السوري، وعلى ضفتي المعادلة سواء بسواء.

على أية حال، نتمنى أن يكون هذا الخبر صحيحاً، وأن يكون لبنان قد التقط أول خيط قضية اللاجئين.. ويزعم كاتب هذه السطور أنه كان من أوائل من عرض لهذه الفكرة، وفي هذه الزاوية بالذات، تارة تحت عنوان "مبادرة دول جوار سوريا" وأخرى تحت عناوين من نوع "مناطق آمنة توافقية"، باعتبارها المخرج الوحيد الممكن، والأقل كلفة من مأزق اللجوء السوري وتداعياته.

ثمة أفكار عديدة، جرى تداولها بعد أشهر من اندلاع الأزمة السورية.. تذهب جميعها باتجاه "فرض" مناطق عازلة و"حظر طيران" وممرات إنسانية" وغير ذلك.. بيد أنها جميعها، كانت تقوم على مبدأ "الفرض والإكراه"، أي إعلان الحرب على سوريا، وهو أمرٌ لا تريد التورط فيها، لا دول الجوار (باستثناء تركيا نسبياً) ولا المراكز الدولية التي ما زالت على ترددها حيال هذا الأمر.

ولأن الاستمرار في استقبال موجات مفتوحة ومتزايدة ومتدفقة من اللاجئين، يبدو أمراً مستحيلاً دون المقامرة بأمن الأردن (ولبنان أيضاً) واستقراره ومصالحه، فإن فكرة "المناطق الآمنة التوافقية" تبدو على صعوبتها، الأكثر واقعيةً من بين جميع السيناريوهات الأخرى.

وتفترض الفكرة تخصيص مناطق حدودية، خالية من السلاح والمسلحين، محمية بتعهدات الأطراف المتحاربة على الأرض، وشبكة أمان من داعميهم الدوليين والإقليميين، تخصص لإقامة معسكرات لللاجئين السوريين على أرضهم، ترتبط بممرات إنسانية، تتدفق عبرها الإغاثة والمساعدات وكل ما يمكن أن يخفف من معاناة الأشقاء السوريين، الذين سيظلون على أرضهم، يتمتعون بكرامتهم، ومن دون استخدام أو توظيف في سوق "النخاسة" السياسي.

مثل هذه المناطق عند النجاح في إنشائها، من شأنها أن تسحب الكثير من فتائل التفجير والتوتر في علاقات سوريا بجوارها "المضغوط" بأزمة اللاجئين.. ومثل هذه المناطق من شأنها عن ترفع الحرج عن النظام والعبء عن الدول المضيفة، وأن تنهي ظاهر "التباكي" ودفق "دموع التماسيح" على اللاجئين السوريين واللاجئات السوريات، من دون أن يقترن هذا البكاء والعويل، بأي دعم مادي ملموس، بل ومن دون أن تتطوع أكثر الدول حماسة في "دعم الأشقاء السوريين" لاستضافة بضعة آلاف منهم.

لن ندخل في تفاصيل ما سبق وأن أتينا على ذكره في هذا المضمار، ولكننا نحمد الله أن تنبه لبنان إلى هذه المبادرة، ونأمل أن يكون ما أوردته "السفير" صحيحاً، ذلك أننا لم نقرأ ولم نسمع أي تعليق من مسؤولينا ورسميينا على ما قلنا وكتبنا وتحدثنا به عبر شاشة التلفزيون الوطني والفضائيات العربية بهذا الخصوص.. نأمل أن يأتينا "الترياق من لبنان" بعد أن عزت "الصناعة الوطنية" على المجيء بمثله.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 24/نيسان/2013 - 13/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م