كيف اهدرت أصوات الناخبين؟

 

شبكة النبأ: انتهت قبل أيام الدورة الانتخابية الجديدة لاختيار اعضاء مجالس المحافظات في العشرين من شهر نيسان الماضي، وحسب البيانات المعلنة من لدن الجهات المعنية كالمفوضية المستقلة للانتخابات ومنظمات المراقبة، فإن نسبة مشاركة الناخبين متدنية، فضلا عن وجود حالات كثيرة مقصودة او بسبب الاهمال، حرمت كثيرين من الادلاء بأصواتهم لمن هو افضل.

ان الذي حدث في هذه الانتخابات يؤشر تراجع الناخب الى الوراء بدلا من تقدمه الى الامام بعد هذه السنوات الطويلة من العملية السياسية، والسبب هو الاداء الحكومي الضعيف مع انتشار حالات الفساد، فضلا عن سيطرة بعض الاحزاب على السلطات والامتيازات والتعيينات وسواها، مضافا الى هذا كله فساد المفوضية المستقلة للانتخابات، حيث ثبت بالدليل القاطع ان هذه المفوضية ليست مستقلة كما يقال عنها، بل انها تُدار من لدن الاحزاب الكبيرة، وان من يتدبر شؤون هذه المفوضية غير نزيه، بل هو تابه ومسيّر، ويراعي مصالحه المادية وسواها.

لهذا السبب ضاع صوت الناخب هباءً، فضلا عن النسبة المتدنية التي شاركت في الانتخابات اصلا، اذ بلغت نسبة المشاركة 46% من مجموع الناخبين المسموح لهم بالادلاء بأصواتهم، وهي نسبة متدنية جدا، علما أن المرجعية حثت على المشاركة، ولو لم تتدخل المرجعية  لكان فشل الانتخابات امرا مؤكدا، والسبب ان المواطنين والشعب العراقي ككل ما عاد يثق بقادته السياسيين ولا الاحزاب، التي اثبتت قصر نظرتها وضيق الافق الفكري والعملي الذي تتعامل من خلاله مع الاحداث.

فقد تم اهمال المواطن على نحو شبه كامل، فيما ينصب اهتمام الساسة على تحصيل منافعهم ومضاعفة امتيازاتهم، وكأننا نعيش في بلد لا يحكمه قانون ولا تضبطه قيم أو اخلاق، ليتحول الى ساحة للنهب والفساد المالي والاداري وعقد الصفقات المشبوهة، الامر الذي جعل من هذه الانتخابات وما حدث فيها من مواقف ومؤشرات، تدل على ان ساسة وقادة الكتل والاحزاب يقودون البلد الى منحدر خطير، لا احد يعرف نتائجه الكارثية.

وهنا يتساءل كثيرون، ترى من المسؤول عن ضياع صوت المواطن، هل الاحزاب والساسة هم المسؤولون؟ أم هل المفوضية (اللامستقلة) للانتخابات هي المسؤولة؟ ثم كيف نصل الى معالجة هذه الاختلالات الخطيرة، ومن الذي يتصدى لها بشجاعة ويجعل الامور في نصابها الصحيح؟؟.

ان مفوضية الانتخابات الحالية فشلت فشلا ذريعا في الحفاظ على اصوات الناخبين، ومن الواضح ان هناك اجندات تتلاعب بهذه المفوضية التي باتت تدار من قبل الاحزاب الكبيرة، لهذا ثمة فساد وغياب للذمم يستشري في هذه المفوضية التي ضيعت على كثيرين امكانية التصويت فضلا عن اوضاع الفشل الاخرى.

لذلك فإن الحل الصحيح والاساس يكمن في اتخاذ بعض الخطوات والاجراءات العملية المهمة منها ما يتعلق بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إذ ينبغي الشروع الفوري باعادة هيكلة لهذه المفوضية وطرد العناصر الفاشلة التي تسللت لها، فضلا عن ابعاد العناصر التي لا تمتلك الكفاءة المطلوبة، وثمة شرط آخر ينبغي تحقيقه بدقة وعدالة تامة، وهو ابعاد تسلط الكتل والاحزاب الكبيرة على هذه المؤسسة الخطيرة التي ينبغي ان تكفل وصول صوت الناخب الى مكانه الصحيح، وليس كما حدث من ضياع لصوت الناخب في الانتخابات الاخيرة.

ولعل سبب ابتعاد كثير من الناخبين عن التصويت، يعود الى عدم ثقتهم بالسياسيين اولا وثانيا عدم ثقتهم بالمفوضية ايضا، فضلا عن الاسباب الاخرى المعروفة، والمشكلة الكبرى أن السياسيين لا يريدون الاعتراف بالخطأ الكبير والخطير الذي يقترفونه بحق المواطن، ولهذا فإن السنوات القادمة اذا لم يتم تصحيح الامور كما يجب، فإن الانتخابات القادمة ستفشل حتما، فضلا عن المضاعفات الخطيرة التي ستنتج عن هذا التلكؤ الواضح والكبير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/نيسان/2013 - 12/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م