السياسة المتلونة للأسرة السعودية بجناحها السياسي وغطائها الديني،
وعبر وسائلها المتنوعة المسموعة والمقروءة والمرئية، والتي بها استقطبت
وتستقطب الجمهور وفق تأصيل شرعي وتأليب ديني، رغبة منها في البقاء
الابدي في الحكم، وفي ظل السحت الذي تأكله باسم الله، وباسم شعائر
الاسلام المقدسة، وباسم رعاية الحرمين الشريفين، اضافة الى الغطاء
الديني الذي وفرته الاتفاقيات السابقة بين الاسرة السعودية ومشايخ
الدعوة السلفية والذي يتجدد بين الحين والآخر.
وتحت هذا الغطاء الديني الممول والمسبوق الدفع، كانت الحملة
الشعواء لمحو وتدمير وازالة الاثار الاسلامية، بحجة البدع والخرافات
والزيارات والتبرك بالأضرحة. هذا الإجرام التاريخي تم تحت مباركة
السدنة والمشايخ، في حملة من أشنع وأقبح الحملات التخريبية لآثار
الرسالة المحمدية والاثار العربية والاسلامية في منطقة الجزيرة العربية.
تخريب لم يقم بمثله بنو صهيون في الاراضي الفلسطينية المقدسة، التي لم
تكن بأقل منها أو مثلها قداسة ومكانة وقدرا، بل هي أعظم. لأنها آثار
الرسالة الخاتمة لجميع الرسالات.
هذه الاسرة التي نشأت واقتات على الدس والفتنة داخل القبائل
العربية، ثم هربت الى الكويت لتكون موائد آل الصباح نقطة تحول في
تاريخها ثم التعاون والتنسيق مع البريطانيين ضد العرب، وبيع كرامتهم من
أجل دراهم معدودة. وعلى اشلاء وجثث أبناء الجزيرة العربية تأسست بعدها
المملكة على يد اللورد البريطاني باعتباره الداعم الرسمي والمؤسس الاول
للأسرة السعودية، لتكون العميل رقم واحد، والحصن المنيع الذي سيقف في
وجه الإمبراطورية العثمانية، وكل من كان له كرامة ولم يقبل بالتواجد أو
التدخل البريطاني على الأراضي العربية.
وعلى ذلك بُيعت العراق ثم اهديت فلسطين لليهود تحت ألوان من
العمالات الممولة وقد قال مؤسسها حينها وبخط يده (لن نستطيع أن نفعل
للفلسطينيين شيئا لأن بيننا وبين بريطانيا اتفاقيات ونحن ملزمون بها).
ولازال التأكيد لهذه الاتفاقيات يُجدد - شفويا وخطيا - مع تنصيب أي ملك
لمملكة آل سعود. لأنهم يعرفون أن من سيقرر بقاء هذه الاسرة وحمايتها
والمحافظة على استمرارها هي هذه الاتفاقيات. ولهذا لم يقم المشايخ
وأصحاب العمائم السلطانية البيضاء حينها بأي فتوى تدين الإجرام
البريطاني واليهودي بحق الفلسطينيين او العراقيين حينها رغم مناشدة
علماء العالم الاسلامي لعلماء الحرم بإصدار أي فتوى تجرم ذلك، الا انها
بائت بالفشل والرفض. لقد تقدمت مسائل الحيض والنفاس في المملكة - ودعمت
بقوة -، لتكون الأبرز والأهم من قضايا وحقوق المسلمين ودمائهم، ولم يعد
هناك فرق بينها وبين دماء الشهداء والجرحى لأنها بلون واحد هو اللون
الأحمر.
فالفتوى من أجل الاسرة، والتكفير من أجل الأسرة والمتاجرة بحقوق
العمال والبيع والشراء بقوتهم وقوت أطفالهم تحت رعاية الاسرة ومباركة
العترة، والحج والعمرة تستغل مواسمها لتجني أرباحها الاسرة، فما ارتاح
منها انسان، وما سلم منها حتى بيت الله الواحد الديان. وليكون واضحا
للعيان أن بيت الله الاعظم يحرسه حرامي، منه يقتات، وباسمه يجمع، ومنه
كثر ملكه وكبر كرشه وانتفخت اوداجه. |