المعارضة السورية... تسليح يزيد التشرذم ويفاقم العنف

 

شبكة النبأ: كلما طال أمد حرب سوريا زاد تشرذم وانقسام بين مكونات المعارضة المسلحة، التي منذ نشأتها استخدمت العنف والاسلاح للتحقيق اهدافها المشبوهة، سيما وأن الحسابات الإقليمية والدولية التي لا تزال تتحرك بصورة واضحة في الساحة السياسية وتترك تأثيراتها عليها بوضوح كبير، تدفع الأزمة خطوات باتجاه التدويل وذلك من خلال مواصلة الدعم اللوجستي والعسكري للجماعات المسلحة في سوريا من معظم الدول الإقليمية، فضلا عن استخدام سلوك الاستثناء الذي يقود إلى الاستثناء بشأن التسليح والاحتلال والانتهاكات الحقوقية.

فعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها الدول الخليجية والغربية في توحيد ودعم ما يسمى بالمعارضة السورية باتجاه وموقف واحد، يرى الكثير من المراقبين ان هناك انقسامات وتقاطعات حادة بين مكونات المعارضة، وبين الدول الداعمة لمشروع إسقاط النظام السوري من الدول الإقليمية والغريبة على حد سواء.

في حين رأى أغلب المحللين أن خطوة التسليح قد تأزم الأوضاع وتفاقم من حدة الازمة وتقلل من فرص التوصل إلى تسوية عبر التفاوض للنزاع المستمر منذ عاميين تقريبا، الذي اثار مخاوف من احتمال اندلاع حرب جديدة في الشرق الاوسط.

فيما شكلت خطوة دخول الاردن في خط التسليح وذلك من خلال فتح حدوده أمام حملة تقودها السعودية لنقل أسلحة إلى جنوب سورية، كما بينت الحقائق والدلائل باعترافات مباشرة من تنظيم القاعدة أن هذا التنظيم احد اهم فصائل القتال في سوريا التي تحولت ارضها الى ساحة قتال تشارك فيها الكثير من الفصائل والجماعات الجهادية المسلحة المدعومة من بعض الدول الاقليمية، عكست هذه الحقائق والدلائل مدى التنافس والغايات والأجندة التي تهدف اليها الدول الداعمة والمحرضة للمعارضة تحت غطاء الثورة المزعومة.

في حين راى الكثير من المحللين إن ما يجري حالياً في سوريا هو سباق بين تنظيم القاعدة والمتمردين، ولن يكون من مصلحة أحد أن يفوز الأول بهذا السباق، بينما يقول بعض المراقبين إن هذه الخطوة يمكن أن تشجع روسيا وإيران حليفتا الأسد على زيادة إمداداتهما من الأسلحة لحكومته مما يشعل سباق تسلح.

في الوقت نفسه اثار توجه بريطانيا وفرنسا لإمداد مقاتلي المعارضة السورية بالاسلحة، مخاوف اسرائيل من انتقال الحرب ضدها، لكن في ظل تسليح السعودية وقطر لمقاتلي المعارضة السورية علنا فإن بريطانيا وفرنسا - الملتزمتين مع واشنطن بتحقيق هدف رحيل الرئيس بشار الأسد - تريدان على الأقل ضمان وصول الأسلحة للجماعات المعنية والا تكون شديدة التقدم حتى لا تمثل تهديدا للغرب.

إذ تسعى كل من الإدارة الأمريكية وحلفاءها الى إيجاد أساليب واستراتيجيات جديدة لتمرير أجنداتها من خلال الأزمة السورية الحالية، خصوصا وان سوريا باتت مكانا مستهدفا قد يشكل محور الصراع بين القوى العالمية الكبرى، وعليه ففي ظل التداعيات الخطيرة على الصعيد الأمني والسياسي المتمثلة بالعوامل آنفة الذكر، يبقى مشهد الأزمة السورية بعيدا عن الحسم.

موقف الأردن الجديد

في سياق متصل قالت صحيفة (الغارديان)، إن الأردن وافق على فتح حدوده أمام حملة تقودها السعودية لتسليح المعارضة في جنوب سوريا، في إطار خطوة قالت إنها تتزامن مع حصوله على أكثر من مليار دولار من الرياض، وقالت الصحيفة إن هذا التطور يمثل تغيراً كبيراً في موقف الأردن من سياسة محاولة احتواء التهديد الناجم عن انتشار الحرب في سوريا عبر حدوده إلى العمل بنشاط لوضع حد لها قبل أن يغوص فيها، وجعله يبرز الآن كقناة لنقل الأسلحة في الشهرين الماضيين مع توجه السعودية وبعض دول الخليج العربية وبريطانيا والولايات المتحدة لزيادة دعم بعض جماعات المعارضة السورية في محاولة لوقف تزايد نفوذ الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة بين أوساطها. بحسب يونايتد برس.

وذكرت الصحيفة، نقلاً عن دبلوماسيين غربيين وعرب، أن الأردن يتعامل مع تزايد بروز تنظيم القاعدة لاعتقاده بأنه يشكل تهديداً على وجوده، في حين يخشى المسؤولون الأمنيون في عمّان أيضاً من تزايد نفوذ جماعة الأخوان المسلمين، والتي كانت على خلاف طويل مع النظام الملكي وقاطعت الانتخابات البرلمانية هذا العام.

وقالت إن الملك الأردني، عبد الله الثاني، كان متردداً حتى هذا العام في اتخاذ موقف مباشر حيال الأزمة في سوريا، واختار فتح حدود بلاده في وجه اللاجئين والمنشقين السوريين، لكنه لم يسمح لهم باستخدامها كقاعدة لشن الهجمات أو المحاولات الرامية للإطاحة بنظام الرئيس الأسد.

وكشفت أن “أسلحة خفيفة ومتوسطة وأموالاً جرى إرسالها مؤخراً عبر الحدود الأردنية إلى المتمردين في سوريا بعد فحصها من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي إيه)، التي تدير برنامج تدريب داخل الأردن منذ أوائل 2012، وكانت كرواتيا مصدر بعض هذه الأسلحة ونقلها من هناك سلاح الجو الأردني”.

وأشارت الغارديان إلى أن المتمردين السوريين حققوا مكاسب كبيرة في الأسابيع الستة الماضية بالقرب من مدينة درعا الواقعة جنوب البلاد وفي منطقة حوران، وقام الأردن على اثرها بإغلاق معبر القنيطرة مع سوريا القريب من مرتفعات الجولان ذات الأهمية الاستراتيجية.

وكانت الصحيفة نفسها كشفت الشهر الماضي أن دولاً غربية تدرب متمردين سوريين في الأردن، في محاولة لتقوية العناصر العلمانية في المعارضة السورية وجعلها حصناً في مواجهة التطرّف الإسلامي، والبدء في بناء قوات الأمن للحفاظ على الانضباط في حال سقوط نظام الرئيس الأسد، وقالت نقلاً عن مصادر أمنية أردنية إن “مدربين بريطانيين وفرنسيين يشاركون في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لتعزيز الفصائل العلمانية في المعارضة السورية”.

أمريكا تحدّث خططها لتدخل عسكري بسورية

من جهتها كشفت مصادر عسكرية مطلعة ان الولايات المتحدة تعمل على تحديث خططها العسكرية لتشمل تدخلاً مباشراً في سورية يشمل توجيه ضربات عسكرية .

وقالت المصادر لشبكة "سي إن إن" الأمريكية ان ضباط القيادة الأمريكية الوسطى وقيادة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع "البنتاغون"، عملوا بضغط من النواب الديمقراطيين والجمهوريين على تحديث خطط عسكرية تتضمن تدخلاً مباشراً في سورية، تتنوّع أشكاله بين توفير المساعدات الإنسانية وتوجيه الضربات العسكرية المباشرة.

وقالت المصادر ان الملامح الأولية للخطة التي تتضمن أدواراً واسعة للقوات الأمريكية قد تظهر خلال الأسبوع المقبل، مع الشهادة المرتقبة لوزير الدفاع تشاك هاغل، ورئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي، أمام الكونغرس، مع التشديد على ان الخيارات المطروحة تأتي في إطار تحديث الخطط العسكرية، وانها لا تدل بالتالي على ان البيت الأبيض على وشك توجيه أوامر بتنفيذها.

وعلق مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية طلب عدم كشف اسمه قائلاً إن الفريق الأمني في البيت الأبيض على علم بالخطط الجديدة، ولكنه شدد على انها لا تختلف كثيراً عن تلك التي سبق للرئاسة الأمريكية أن درستها، مضيفاً "نقول منذ فترة طويلة إننا ندرس كل الخيارات الممكنة من أجل إنهاء العنف وتسريع الانتقال السياسي في سورية."

وبحسب المصادر، فإن بين الخيارات المطروحة استخدام صواريخ "كروز" لضرب القدرات الجوية السورية، وكذلك استخدام الطائرات العسكرية الضخمة لنقل مساعدات إنسانية، وصولاً إلى إقامة منطقة عازلة داخل سورية، ولكنها كلها خيارات قد تعترضها تحديات كبيرة عند التطبيق.

وكانت "سي إن إن" قد كشفت قبل أيام ان واشنطن قررت تقديم حزمة جديدة من المساعدات غير الفتاكة إلى المعارضة السورية، يعتقد ان بينها سترات واقية ومناظير ليليّة، ولكنها تبقى أقل بكثير مما يطالب به عدد من النواب الأميركيين الذين كانوا قد دعوا الرئيس باراك أوباما إلى التفكير في "خيارات عسكرية محدودة" لا تتضمن إرسال جنود إلى سورية.

أجندة الدعم البريطاني

في الوقت ذاته اعلن وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، أن بلاده ستزود المعارضة السورية بعربات مدرعة ودروع واقية من الرصاص، ودعا إلى فتح تحقيق عاجل حول استخدام أسلحة كيميائية في سوريا ومحاسبة الجناة.

وابلغ هيغ، مجلس العموم (البرلمان)، حسب صحيفة (ديلي ميل)، أن بريطانيا “ستمنح المعارضة السورية 34 عربة، بما في ذلك خمس عربات مصفحة رباعية الدفع، و20 مجموعة من الدروع الواقية من الرصاص”، واضاف وزير الخارجية البريطاني أنه “سيمارس ضغوطاً أيضاً على نظرائه الأجانب خلال الاجتماع الذي ستعقده مجموعة أصدقاء الشعب السوري بمدينة اسطنبول التركية".

وفيما اشار إلى أن حكومة بلاده “لم تتخذ أي قرار نهائي بشأن تسليح المتمردين السوريين”، شدد على أن الجماعات المعتدلة في المعارضة السورية “تفتقر إلى الأسلحة التي يحصل عليها النظام ومتطرفو تنظيم القاعدة بسهولة”.

ونسبت الصحيفة إلى مصادر في الحكومة البريطانية، قولها إن المملكة المتحدة وفرنسا “تريدان رفع حظر الأسلحة إلى سوريا من قبل الاتحاد الأوروبي للمساعدة في اقناع روسيا بوقف تسليح نظام الرئيس بشار الأسد”.

مخاوف اسرائيل

في سياق متصل يتوقع أن يطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، خلال لقائه مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون في لندن، منع تسرب أسلحة مخصصة للمتمردين في سورية إلى تنظيمات "الجهاد" العالمي، التي تحارب إلى جانب المعارضة المسلحة ضد النظام.

ونقلت صحيفة "هآرتس" عن موظف إسرائيلي رفيع المستوى، قوله إن نتنياهو سيحذر من أنه "بسبب وجود جهات من الجهاد العالمي بين المتمردين، فإنه ينبغي التدقيق بحرص في نوايا المتمردين قبل تزويدهم بالسلاح".

وقال الموظف الإسرائيلي إن حكومة إسرائيل "لا تعارض بالمطلق تسليح الدول الغربية المتمردين في سورية، لكن إسرائيل تتخوف من أن يتم تسليح المتمردين بشكل متسرع ومن دون التأكد من هوية الجهات التي ستحصل على السلاح". بحسب يونايتد برس.

وأشارت الصحيفة إلى أن "التخوف الإسرائيلي نابع أيضاً من أن السلاح الذي يطلبه المتمردون ليس ذخيرة وبنادق فقط، وإنما يطلبون سلاحاً متطوراً مثل قذائف مضادة للدبابات وصواريخ كتف مضادة للطائرات".

وأضافت الصحيفة إن "التخوف الإسرائيلي هو من وصول الأسلحة التي سيزودها الاتحاد الأوروبي للمتمردين إلى أيدي جماعات تنتمي إلى الجهاد العالمي، ويتم توجيهها في مرحلة لاحقة ضد قوات الجيش الإسرائيلي بهضبة الجولان أو ضد طائرات سلاح الجو الإسرائيلي".

فرنسا لم تحسم موقفها

الى ذلك صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن فرنسا لم تحسم بعد موقفها بشأن رفع الحظر على إرسال أسلحة إلى سوريا، مؤكدا انه يجب تحديد “ما اذا كان من الممكن أن نثق” في المعارضة السورية.

وقال فابيوس لمحطتي بي اف ام-تي في واذاعة مونتي كارلو ردا على سؤال عن الموقف الذي يمكن ان تتخذه فرنسا خلال مراجعة الحظر الاوروبي المفروض على الاسلحة “علينا ان نعطي ردا في نهاية ايار/مايو. حتى ذلك الوقت لا استطيع ان اقول اليوم نعم او لا”، واضاف “لن نسلم اسلحة اذا كانت هذه الالسحة ستذهب الى متطرفي المعارضة” السورية.

مخاطر رفع حظر الأسلحة

من جانب آخر حذّرت منظمة بريطانية، ناشطة في مجال الحد من حالات العنف المسلح وأثره على المدنيين في جميع أنحاء العالم، حكومة بلادها من أن تحركها لرفع الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على الأسلحة إلى سورية سيؤدي إلى قتل المزيد من المدنيين مع تفاقم حدة الصراع فيها، وقالت منظمة 'العمل ضد العنف المسلح' في تقرير اصدرته الجمعة "إن الحرب الأهلية في سورية أدت إلى زيادة عدد ضحايا التفجيرات بنسبة 25 بالمئة في العام الماضي، وقتلت القنابل وقذائف الهاون والصواريخ والقنابل اليدوية عدداً غير متناسب من المدنيين".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 21/نيسان/2013 - 10/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م