قيم التقدم: مسؤولية المواطن

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: كثيرا ما نتحدث في مقالاتنا عن المسؤول الحكومي، ونركز على ضعف الاداء والخلل الذي يعتور دوره القيادي السياسي او الاداري، ونشير الى النتائج الوخيمة التي تتسبب بها الاخطاء القيادية للمسؤولين والموظفين في الدولة، وهذه المقالات الانتقادية جيدة بطبيعة الحال، فالعالم المتقدم لم يصل الى ما وصل إليه، لو لا عملية النقد والدور الذي تقوم به في التصحيح والتصويب وطرح البدائل وما شابه.

لكن هناك طرف آخر مهم جدا، يشترك في تقاسم المسؤولية مع الموظف او المسؤول، مهما كانت درجة مسؤوليته وأهميتها، ذلك هو المواطن الذي يشكل الطرف الآخر لتحمل المسؤولية، مع الحكومي او القيادي في الادارة والسياسة، وليس هناك مغالاة في الرأي عندما نقول ان مسؤولية الموطن تتساوى احيانا مع مسؤولية الموظف الحكومي، لاسيما في البناء المجتمعي، وكلما كان المواطن واعيا بهذه المسؤولية متحملا إياها على النحو المطلوب، كلما كان المجتمع أكثر تقدما وتطورا.

والدليل على صحة هذا القول أن المجتمعات الناجحة، لم تحقق درجة النجاح التي وصلت إليها، من خلال السلوك والتفكير الحكومي حصرا، بل هناك مواطن يعي مسؤوليته في بناء المجتمع، ويفهم دوره ازاء نفسه والآخرين ايضا، ويتصرف على أساس هذا الدور المهم الذي يتحمله بشجاعة واتقان، الامر الذي يصب في الصالح الفردي والعام بوقت واحد.

وثمة مسؤولية أكثر أهمية للمواطن من ادواره الاخرى، تلك هي احترامه لصوته الانتخابي، ومعرفته بأهمية هذا الصوت، لأن التجارب والوقائع ايضا، تؤكد ان هناك علاقة لا تقبل الخطأ بين التقدم المجتمعي من جهة، وبين معرفة المواطن لقيمة صوته الانتخابي.

في المجتمعات المتقدمة المواطن فاعل متحرك حيوي، يمتلك روح المبادرة والمشاركة والتأثير، ومن خلال هذا المنهج الذي تنتظم تحته حياة الافراد والمجتمع، يتحقق التقدم، ويكون المواطن ذا تأثير فعال في صنع القرارات السياسية والادارية عموما، من خلال منحه لصوته الى الشخصية او الجهة التي تستحقه فعلا، وبذلك سوف تتحقق مواطنة متكاملة تقوم على معرفة المواطن لقيمة صوته اولا، ومن ثم منحه هذا الصوت لمن يستحق، وهو بذلك يشارك في قيام حكومة جيدة ترسّخ من خلال ادائها لدورها، مفاهيم وقيم المواطنة والاخلاص وما شابه من قيم، تشترك في بناء الدولة والمجتمع.

المشكلة التي تعاني منها مجتمعاتنا ومنها المجتمع العراقي، أن المواطن هنا لا يعي قيمة صوته الانتخابي، ولذلك قد يمنحه لمن لا يستحق، وقد يتلكّأ بعضهم في الذهاب الى صناديق الانتخاب، وهم يعتقدون أنهم يقومون بخطوة ليست خاطئة، لكن النتائج التي ستحصل لاحقا، ستعود بأضرار جسيمة على الفرد والمجتمع في آن واحد.

ومن بين هذه النتائج السيئة، وصول قيادات فاشلة الى السلطة بسبب عدم كفاءتها، فضلا عن افتقادها للاخلاص في خدمة الوطن والمواطن، إذ غالبا (حينما يخطئ الناخبون) يصعد الى سدة الحكم اشخاص انتهازيون.. تتقدم مصالحهم ومنافعهم على مصالح المجتمع والدولة، وبهذا ستكون الحكومة فاشلة والنتائج وخيمة على المواطن الذي لا يعرف أنه هو المتسبب في مثل هذه النتائج، لأنه لم يع ولم يعرف قيمة صوته الانتخابي.

وهكذا لابد من ترسيخ هذه القيمة بين افراد المجتمع عموما، ونعني بها الشعور بالمسؤولية، واقتسامها وتحملها مع الطرف الحكومي، لأن القيادات من دون مواطن مسؤول، لا يمكن أن تنجح في بناء الدولة المدنية المطلوبة من لدن الجماهير والنخب والمجتمع عموما، أما كيف يتم ترسيخ هذه القيمة فإن الامر يتطلب وعيا فرديا وجماعيا، في تطوير الشعور بالمسؤولية لدى الجميع، من خلال نشر هذه القيمة بالوسائل المتاحة، على أن يتقدم الجهد الحكومي وجهد النخب على جهد الفرد، لتحقيق أفضل النتائج في هذا المجال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/نيسان/2013 - 6/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م