الكويت... سلطة براغماتية ومعارضة متنمرة

 

شبكة النبأ: بعدما شهدت الكويت صراع سياسي محموم، اثار حالة من الاحتقان السياسي والحراك الشعبي، أدخلها في دائرة الازمات خلال الفترة الاخيرة، نتيجة الصدامات السياسية المتتالية بين الحكومة والمعارضة، والتي أدت الى عرقلت النظام السياسي والتنمية الاقتصادية ايضا.

تسعى هذه الدولة اليوم لاحتضان موجة الأزمات آنفة الذكر، وذلك بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، من خلال عدة اجراءات تنموية بسن مجموعة من التشريعات والقوانين قد تسهم بترويض المعارضة ولو لوقت محدد، وأبرز هذه القرارات اسقاط قروض المواطنين، حيث كانت قضية اسقاط قروض المواطنين إحدى القضايا الخلافية الكبرى بين الحكومات المختلفة ونواب البرلمانات السابقة.

لكن مراقبين يرون أن حكومة الشيخ جابر المبارك الصباح أبدت مرونة كبيرة هذه المرة بغية وضع حد للجدل الثائر حولها وتجاوبا مع البرلمان الموالي بشكل كبير للسلطة لاسيما أن كثيرا من نوابه اعتبروا هذه القضية ضمن أهم أولوياتهم.

بينما يقول معارضون للقانون إنه لا يحقق العدالة بين المواطنين لأنه يكافيء غير الملتزمين بسداد أقساطهم ويعاقب الملتزمين كما أن المواطنين غير المقترضين لن يكون بإمكانهم الاستفادة منه رغم أنه يكلف الدولة مبالغ طائلة من المال العام.

في حين يأتي قرار تقليص اعداد الوافدين، ومشروع قانون لتجنيس 4 آلاف من البدون، من أهم القرارات والاجراءات التي من شأنها ان تقطع شوطا كبير في تحقيق الامن الاجتماعي والاقتصادي، ومما يساعد الكويت على توفير ذلك، أنها تعوم على عشر الاحتياطي النفطي العالمي وتضخ حاليا حوالى ثلاثة ملايين برميل من الخام يوميا، ويبلغ عدد مواطني الكويت حوالي 1,2 مليون نسمة.

بينما يحذر بعض المحللين من أن هذه الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، قد لا تشكل الفارق في إبعاد الكويت عن دائرة الأزمات ما لم ترفق تلك الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية إصلاحات سياسية.

إعفاء المواطنين من الديون الشخصية

في سياق متصل وافق برلمان الكويت على قانون تتحمل الحكومة بموجبه القروض الاستهلاكية التي حصل عليها المواطنون من البنوك وشركات الاستثمار قبل نهاية مارس آذار 2008 مع اعفائهم من فوائد هذه القروض وإعادة جدولة ما تبقى منها وفقا لأقساط مريحة.

وقال يوسف الزلزلة رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الأمة (البرلمان) إن عدد المواطنين الذين تنطبق عليهم شروط القانون الجديد ويمكنهم الاستفادة منه 74.4 ألف مواطن، وقال مصطفى الشمالي وزير المالية الكويتي يوم الثلاثاء إن إجمالي تكلفة إسقاط ديون المواطنين ستبلغ 744 مليون دينار (2.61 مليار دولار) وذلك للخطة التي تغطي قروض المواطنين التي حصلوا عليها من البنوك وشركات الاستثمار قبل مارس آذار 2008، ونال القانون موافقة 50 صوتا واعتراض أربعة وامتناع ثلاثة عن التصويت. بحسب رويترز.

وبموجب القانون سينشأ صندوق يسمى "صندوق الأسرة" تكون تبعيته لوزارة المالية لشراء الأرصدة المتبقية من القروض الاستهلاكية لمن يرغب من المواطنين والممنوحة لهم من البنوك وشركات الاستثمار قبل تاريخ 30 مارس آذار 2008، ويقوم صندوق الأسرة بإعادة تقسيط ما تبقى من هذه الديون على العميل بدون فوائد وعلى أقساط متساوية على أن يترك الخيار للمواطن لتحديد نسبة الاستقطاع الشهري من صافي دخله ولفترة لا تتجاوز 15 سنة، ويدخل تحت مظلة القانون أيضا القروض التي تمت إعادة جدولتها أو إعادة تمويلها بقرض جديد لدى هذه البنوك وشركات الاستثمار طبقا لما يعرف في الكويت بصندوق المتعثرين.

وكان صندوق المتعثرين الذي صدر به قانون في سنة 2010 يفرض شروطا دقيقة لتعريف المتعثرين منعا لاستفادة غيرهم منه وهو ما تفاداه التشريع الجديد، ويلزم القانون الجديد البنوك وشركات الاستثمار بأن تعيد للمواطنين أية أموال تكون قد حصلت عليها منهم تزيد عن نسبة أربعة في المئة فوق سعر الخصم المعلن من البنك المركزي وقت ابرام عقد القرض، ويسمح القانون الجديد للمواطنين المستفيدين منه بأن يحصلوا على قروض وتسهيلات جديدة وفقا للقواعد العامة التي وضعها بنك الكويت المركزي والتي تنص على ألا يزيد إجمالي الأقساط التي يدفعها العميل عن 40 في المئة من دخله الشهري، وهذا الشرط لم يكن موجودا في القوانين السابقة التي تصدت لموضوع قروض المواطنين في الكويت ومثل أحد الأعمدة الرئيسية للنقاش المجتمعي خلال الفترة الماضية.

وعقب اقرار القانون أعرب رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك الصباح عن أمله في أن يكون إقرار القانون خطوة في طريق طي هذا الملف، وقال الشيخ جابر المبارك طبقا لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) "أرجو ان نكون قد طوينا هذا الملف ونتطلع إلى التعاون مع مجلس الأمة في هذا الأمر إلى أقصى حد."

وانتخب البرلمان الحالي في الأول من ديسمبر كانون الأول الماضي بعد أن قاطعت أطياف واسعة من المعارضة الانتخابات احتجاجا على تعديل نظام الدوائر الانتخابية من خلال مرسوم أميري وليس من خلال البرلمان، والكويت عضو منظمة أوبك وهي واحدة من أغنى الدول النفطية وتمتلك القدرة على انتاج أكثر من ثلاث ملايين برميل من النفط الخام يوميا، وهذه ليست هي المرة الأولى التي يتم تقديم تسهيلات مالية للمواطنين فقد أمر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في سنة 2011 بتقديم منحة ألف دينار وصرف مواد غذائية بالمجان لكل مواطن من مواطني دولته البالغين 1.2 مليون وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الكويت.

مشروع قانون لتجنيس 4 آلاف من البدون

صدق مجلس الأمة الكويتي "البرلمان" على مشروع قانون يقضي بمنح الجنسية لنحو 4 آلاف "أجنبي" في إشارة إلى فئة البدون في الكويت، وصوت كل نواب البرلمان عدا نائبين لصالح مشروع القانون الذي يتعين على أمير الكويت أن يوقع عليه حتى يصبح نافذا.

ومارس بعض وزراء الحكومة ضغوطا لتغيير صياغة مشروع القانون من 4 آلاف شخص "بلا جنسية" إلى 4 آلاف "أجنبي"، وقال الشيخ محمد عبد الله الصباح وزير الدولة الكويتي لشؤون مجلس الوزراء إنه يأمل أن يكون القانون الجديد " أساسا لحل مشكلة البدون".

ويطالب البدون في الكويت ويقدر عددهم بنحو 106 آلاف شخص بالحصول على الجنسية إلا أن الحكومة تقول إن معظمهم يعيشون بصورة غير قانونية ولا يحملون وثائق قانونية.

يذكر أن ما بين 10 آلاف و100 ألف من البدون يعيشون أيضا في دولة الامارات العربية المتحدة، وينحدر البدون أساسا من نسل البدو وبعض الذين ينتمون إلى مذاهب وأصول أخرى ممن فشلوا في الحصول على الجنسية أو أوراق ثبويتة بعد حصول الكويت على استقلالها عام 1961، وخلال فترة الستينيات والسبعينيات كان يحق للبدون الحصول على المزايا التي يتمتع بها المواطن الكويتي عدا حق الانتخاب. بحسب البي بي سي.

ولكن سياسة الحكومة تغيرت في فترة الثمانينيات والتسعينيات بسبب التقلبات السياسية التي شهدتها المنطقة التي أثرت بالسلب على البدون الذين اعتبروا " مواطنين غير شرعيين" وفقدوا كافة المزايا التي كانوا يتمتعون بها.

ومنذ ذلك الحين يواجه البدون مصاعب جمة فيما يتعلق بالحصول على الرعاية الصحية والتعليم ويعيش معظمهم في فقر شديد، وفي العامين الماضيين نظم البدون سلسلة من المظاهرات الحاشدة للمطالبة بالحصول على أبسط الحقوق التي يتمتع بها المواطن الكويتي، وتقول الحكومة الكويتية إن 34 ألفا من "البدون" يستحقون الجنسية الكويتية أما الباقون فهم مواطنون من بلدان أخرى، وعليهم اظهار وثائقهم الاصلية.

فائض مالي بقيمة 60 مليار دولار

فقد حققت الكويت فائضا في الميزانية بقيمة 17 مليار دينار (60,2 مليار دولار) في الاشهر العشرة الاولى من السنة المالية وفقا لارقام رسمية، وخلال الفترة التي انتهت اواخر كانون الثاني/يناير، ارتفعت العائدات الى 27 مليار دينار (94,7 مليار دولار) في حين لم تتجاوز النفقات مبلغ 9,8 مليار دينار (34,4 مليار دولار) بحسب الارقام التي يظهرها الموقع الالكتروني لوزارة المال، وازدادت العائدات بنسبة 11,6 في المئة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام السابق وتشكل ضعف العائدات المتوقعة لمجمل السنة المالية، وتبدأ السنة المالية في الكويت الاول من نيسان/ابريل وتنتهي في 31 اذار/مارس. بحسب فرانس برس.

وكانت الكويت حققت فائضا حجمه 47 مليار دولار خلال العام المالي 2011-2012 عندما بلغت الودائع 107 مليار دولار، وبلغ حجم الفائض المالي خلال الاعوام ال 13 الاخيرة 250 مليار دولار، وينص القانون على اقتطاع نسبة عشرة في المئة من العائدات تخصص لشبان المستقبل يتم استثمارها في صندوق سيادي يبلغ حجمه ما لايقل عن 400 مليار دولار، وستخصص نسبة 25 في المئة من العائدات خلال السنة المالية الحالية للصندوق، ويبلغ عدد سكان الكويت 3,7 مليون نسمة بينهم 2,5 من الاجانب، وتنتج حوالى ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميا.

الكويت ستبني 174 الف منزل

من جهته قال وزير الاسكان الكويتي ان بلاده تنوي بناء حوالى 174 وحدة سكنية لمواطنيها في الفترة حتى العام 2020 بكلفة تقدر بمليارات الدولارات، وقال الوزير سالم الاذينة خلال نقاش خاص في مجلس الامة "حاليا، لدينا اكثر من مئة الف طلب لاسكان المواطنين. الرقم يزيد بمعدل ثمانية الاف سنويا ونتوقع ان نكون بحاجة الى حوالى 174 الف وحدة بحلول العام 2020". بحسب فرانس برس.

واضاف "نخطط لبناء ثلاث مدن جديدة تضم 108 الاف وحدة سكنية في الفترة حتى العام 2020 ... اضافة الى ذلك، نخطط لبناء عدة مناطق سكنية تضم حوالى 66 الف وحدة"، ومن المفترض ان يتم بناء احدى هذه المدن الجديدة في منطقة قريبة من الحدود السعودية، بينما سيتم بناء المدينتين الاخريين في منطقة قريبة من الحدود العراقية بحسب الوزير، ولم يعط الوزير تقديرا عن كلفة هذا المشروع، الا ان احد النواب قال ان اعمال البنية التحتية لمشاريع بناء هذه المنازل ستكلف اكثر من خمسة مليارات دولار، وقال الاذينة ان الحكومة ستدعو شركات القطاع الخاص للمشاركة في هذه المشاريع العملاقة.

ونظم هذا النقاش الخاص في البرلمان بطلب من نواب بهدف الاستفسار عن سبب تأخر الحكومة في تلبية طلبات الاسكان للمواطنين بالرغم من تكديس اكثر من 400 مليار دولار من الفوائض المتراكمة بفضل النفط، وبموجب نظام الرعاية الكويتي، يحق لكل مواطن تقديم طلب الى الحكومة بعد الزواج للحصول على منزل حكومي، الا ان فترة الانتظار طالت كثيرا في الفترة الاخيرة لتصل في بعض الحالات الى 15 سنة.

ويبدأ المواطن بعد استلامه المنزل بدفع قيمته عبر اقساط مخفضة ومريحة لمدة ثلاثين سنة، وقال الوزير وعدد من النواب ان التاخر في بناء المنازل الحكومية سببه شح الاراضي المخصصة للاسكان اذ ان معظم الاراضي مخصصة للمشاريع النفطية، اضافة الى تضخم اسعار الاراضي والمنازل، وقال النائب المستقل يوسف الزلزلة "لا احد في هذا البلد يمكنه ان يشتري منزله في السوق بسبب ارتفاع اسعار العقارات ... هناك بعض النافذين الذين يريدون ان تبقى هذه الاسعار مرتفعة".

تقليص مليون شخص من اعداد الوافدين

كما تعتزم الكويت حيث يمثل الاجانب 68 بالمئة من عدد السكان، خفض مليون شخص من اعداد المهاجرين خلال السنوات العشر المقبلة، كما اعلنت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، ونقلت وكالة الانباء الكويتية عن الوزيرة ذكرى الرشيدي تاكيدها "اتخاذ الوزارة للقرارات والاجراءات التي من شأنها تطبيق تصورها واستراتيجيتها الرامية الى تقليص عدد العمالة الوافدة في البلاد بواقع 100 ألف عامل سنويا وصولا الى تخفيضه لمليون عامل خلال عشر سنوات".

لكن الوزيرة لم توضح طبيعة الاجراءات المتوقعة، وقالت ان الوزارة "ماضية في سعيها الى تنظيم العمالة الوافدة في سوق العمل الكويتي ودراسة أوضاعهم من أجل معالجة الخلل في التركيبة السكانية وصولا الى وقف النمو في أعداد تلك العمالة والقضاء على ظاهرة العمالة الهامشية"، والكويت دولة نفطية في الخليج عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) تستقبل 2,6 مليون اجنبي بينهم 55 بالمئة من الاسيويين و40 بالمئة من العرب من اصل عدد سكان اصليين من 1,2 مليون نسمة، بحسب احصاءات رسمية، ويبلغ عدد اليد العاملة الاجنبية 1,8 مليون شخص في غالبيتهم من الاسيويين الذين يقومون باعمال ثانوية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 15/نيسان/2013 - 4/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م